شعار الموقع

اللغة العربية والهوية والتحديات الحضارية في مجتمعات

د. مصطفى محسن 2008-03-21
عدد القراءات « 877 »

 

العالم الإسلامي: أوضاع الراهن ورهانات المستقبل[1]

[2]

* على سبيل التمهيد

تحتل إشكالية العلاقة بين اللغة والهوية الثقافية والحضارية، ليس في كافة البحوث اللسانية فحسب، ولكن في كل المقاربات السوسيولوجية والأنثروبولوجية والسيكولوجية والأدبية والتاريخية... أي في كل مجالات البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية بشكل عام. ونظراً لهذا المعطى المنهجي الهام فإن معالجة علمية شمولية لهذه الإشكالية تتطلب لإنجازها مداخل نظرية ونهجية وتخصصية مختلفة متعددة ومتكاملة في آن. الأمر الذي يتجاوز حدود وأهداف هذه المداخلة، التي لا نرمي، من ورائها، سوى إلى إثارة بعض الأفكار والملاحظات المرتبطة، أساساً، ببعض جوانب «المسألة اللغوية والهوية الحضارية في العالم الإسلامي». وذلك في علاقة هذه المسألة ببعض تحديات وإكراهات ورهانات «العولمة والنظام العالمي الجديد» في أبعادها السياسية والثقافية والقيمية والاقتصادية والسوسيو حضارية الشاملة. ولذا فإننا نقترح، لمقاربة هذه المسألة، وكمجرد مداخل رئيسية فقط للنقاش والتحاور، المحاور التالية[3]:

* أولاً: أهمية اللغة العربية في العالم الإسلامي

خلفية الوجود وعوامل الانتشار والاستمرار

يستفاد من تاريخ اللغة العربية في مجتمعات العالم الإسلامي -غير العربية بالأساس- أن وجودها قد ترسخ فيها تحديداً مواكبةً لصعود المد الإسلامي وانتشاره وهيمنته، لا كمد ديني معتقدي وحسب، ولا كقوة عسكرية فاتحة، وإنما -وهذا هو الأهم في تقديرنا- باعتباره مشروعاً حضاريًّا متكاملاً في مختلف مكوناته القيمية والدينية والثقافية والاقتصادية والسياسية المتعددة...

وبما أن اللغة العربية كانت في صلب هذا المشروع، وإحدى أدوات تواصله انتقل إليها الإسلام: ديناً وثقافة وعلاقات اجتماعية وإنسانية. وكذلك في السياق العربي الإسلامي، منذ العهود الأولى للدولة الإسلامية، حيث انتقلت إلى المجتمع العربي الإسلامي إثنيات وأعراق وقوميات عديدة اعتنق جلها الإسلام عقيدة وثقافة وحضارة، وساهم بعضها في رفد وإغناء وتطوير اللغة العربية ذاتها، بل وفي إثراء مشروع النهوض الإسلامي برمته.

وإذا كان من أهم عوامل تقدير واستعمال اللغة العربية، في المجتمعات الإسلامية عموماً وفي غير العربية منها بشكل خاص، كونها لغة الكتاب المقدس لدى المسلمين: (القرآن الكريم)، فإن هذا لم يكن العامل الوحيد لتجذرها وانتشارها، وإنما بالتفاعل مع منظومة متداخلة من العوامل والشروط التي ترتبط مع مجمل مكونات المشروع الحضاري للمد الإسلامي الآنف[4].

غير أن هناك ملاحظة جدير إبداؤها، هنا، بالاهتمام البالغ، ألا وهي أن اللغة العربية، رغم كونها لغة القرآن الكريم، لم تكن أبداً في المنظور الإسلامي العقلاني -وعلى عكس ما يعتقد البعض- لغة مقدسة، بل إنها اكتسبت حرمتها ومكانتها وهيبتها من قداسة القرآن، ومن كونها اللغة التي يؤدي بها جل المسلمين شعائرهم الدينية. كما أنها، وفق هذا المنظور، قد كفت عن أن تظل لغة قبيلة أو قوم أو عرق... وإنما أصبحت دعامة مفصلية لمشروع سوسيو حضاري شمولي. وهكذا أمسى الانتماء إليها انخراطاً في هوية عقدية واجتماعية وثقافية منفتحة لا تسلب المنتمي إليها، بالضرورة، خصوصياته الذاتية المتميزة بقدر ما تمنحه قيمه انتساب ثقافي وحضاري أعم وأوسع من الانتماء إلى عرق أو لون أو رقعة جغرافية أو أي إطار ضيق محدود. ولعل في هذا مصداق ما جاء في الأثر النبوي الشريف: «ليست العربية من أحدكم بأبيه ولا بأمه، وإنما العربية لسان، فمن تكلم العربية فهو عربي»[5].

بهذا المعنى المنفتح يدعو كثيرون من مفكري المشروع القومي العربي، بحق، إلى فهم حواري واسع لمفاهيم وقضايا: «العروبة/ العالم، أو المجتمع، أو الوطن العربي/ القومية أو الهوية العربية... إلخ». مع التذكير بما بين هذه المفاهيم من تباينات سيمانتيكية ومضمونية يجب عدم إغفالها. وإذا كان «الوطن العربي» بالذات يضم تركيبة سكنية متعددة الإثنيات والأعراق والقوميات والألسن... -والتي تعرب مجملها كلية بفعل جاذبية الإسلام وقوة مشروعة الثقافي المؤثر... إلخ، كما هو شأن بلدان شمال إفريقيا، أي ما يسمى حاليًّا بالمغرب العربي- فإن هذه الإثنيات بالذات، كالأمازيغ والأكراد والأقباط... إلخ، قد ساهم الكثير من نخبها العلمية ورموزها الدينية والثقافية على اختلافها في خدمة اللغة والثقافة والحضارة العربية بشكل فريد غير مسبوق، بل إن انتماءها إلى «العروبة» في مدلولها المنفتح الآنف، قد غدا لديها جزءاً لا يتجزأ من «هويتها» السوسيو تاريخية في كافة أبعادها ودلالاتها ومكوناتها المتعددة.

وإذا كانت اللغة العربية قد أصبحت، في الوطن العربي تحديداً، أكثر تجذراً ورسوخاً، على الرغم مما تعانيه من مشكلات وتحديات، نظراً لظروف وعوامل عديدة متباينة ليس هذا مكاناً مناسباً لتفصيل الحديث عنها، فإن وضع العربية في المجتمعات الإسلامية غير العربية تنتظمه شروط ومعطيات خصوصية مختلفة، من المفيد أن نشير، بتركيز شديد، إلى بعض أبرزها في المحور اللاحق[6].

* ثانياً: وضعية اللغة العربية في المجتمعات الإسلامية

شروط، معطيات، وآثار...

يمكن اعتبار وضعية اللغة العربية في كل البلدان الناطقة بها جزئيًّا أو كليًّا وضعية إشكالية وغير مريحة على الإطلاق. وذلك لعدة عوامل ذاتية وموضوعية، تاريخية وراهنة، وذات أبعاد سياسية وثقافية وسوسيو تربوية معقدة ومتداخلة... مما حاولنا تحليل أبعاده ودلالاته ومستتبعاته وآثاره على مسارات التنمية والتحديث في مقام آخر غير هذه المساهمة[7].

إلا أن أوضاع اللغة في المجتمعات التي تستعملها خارج الوطن العربي، مثل المجتمعات الإسلامية عموماً كما في العالم الآسيوي، تتسم، كما أسلفنا، ببعض الخصوصيات المتميزة. فهي، من جهة، ليست اللغة الوطنية الأولى المعتمَدة في التعليم والتكوين والتعامل وتدبير الشأن الاجتماعي العام. كما أنها، من جهة ثانية، تعيش زمناً راهناً تعرف فيه اللغة العربية، حتى في المجتمعات التي تعتبرها لغة وطنية أولى، الكثير من مظاهر ومشكلات التردي والتراجع في الموقع والدور والمكانة الاجتماعية. وذلك أمام اللغة/ اللغات الأجنبية، التي هي، في الأصل، لغة المستعمر الذي كرَّسها إبان هيمنته، ثم تواصل تدعيمها عبر آليات وتعزيزات سياسية وتربوية وسوسيو ثقافية فيما بعد[8].

ولكل هذه العوامل مجتمعة ظلت العربية في هذه المجتمعات الإسلامية لغة ثانوية أو حتى هامشية أو مهمشة. ولعل من بين ما يفاقم شروط إنتاج وموالاة إنتاج هذه الهامشية، يمكن أن نذكر، على سبيل الإشارة لا الحصر، العوامل والشروط الآتية:

1- ضعف استعمال وتداول العربية في هذه المجتمعات، واقتصار هذا الاستعمال على ميادين محدودة أو ضيقة، مثل بعض أنماط التعليم الديني وما يجاوره أو يرتبط به أساساً. وهذه قضية مفهومة نظراً لكون العربية ليست اللغة الوطنية (الأم أو الأصل) في هذه المجتمعات، وإنما وفودها إلى هذه البلدان قد كان تاريخيًّا مرتبطاً، بصفة خاصة، بدخول الإسلام إليها، كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق[9].

2- الهيمنة شبه الشاملة للغة/ اللغات الأجنبية، مثل الإنجليزية. وذلك على اعتبارها لغة العلم والمعرفة والتقانة الحديثة، على عكس اللغة/ اللغات الوطنية التي ظلت تحتل في هذه المجتمعات مرتبة دونية أو ثانوية. وهو وضع سوسيو لساني وثقافي امتد تأثيره السلبي ليشمل اللغة العربية كذلك، بل ليشمل أيضاً مجالات التربية والثقافة والاقتصاد والسياسة والمجتمع بشكل عام[10].

3- استلاب النخب المحلية المتنفذة في هذه البلدان، بل وحتى فئات وشرائح عريضة من المجتمع، إزاء اللغات الأجنبية واعتبارها أداة للتقدم والتحضر والعصرنة. وكان من نتائج ذلك أن وجهت السياسات التربوية والثقافية والاجتماعية إلى اعتماد اللغة الأجنبية، بدل الوطنية، في مجالات التعليم والتكوين، ولاسيما في جوانبهما العلمية والتقنية والمهنية. كما تم تكريس توظيف هذه اللغة الأجنبية في ميادين التجارة والمال والأعمال والاقتصاد عموماً، وفي مختلف المقاولات والمؤسسات الصناعية والخدماتية والتكوينية والإنتاجية، وأيضاً في مضمار التعاون والتبادل والتمثيل الدبلوماسي والعلاقات الدولية... إلخ. وقد كان للاستعمار، كما هو معروف، دور بارز وخطير في تعميق الاستلاب الآنف. وذلك من خلال سياساته التربوية والثقافية والاجتماعية التي مارسها على المستعمرَين من ذيول ومرتكزات وامتدادات وآثار سلبية ما تزال شروط إعادة إنتاجها تقزز حتى الآن، ولاسيما تحت إكراهات وتحديات ومفاعيل العولمة الضاغطة[11].

4- هشاشة -أو حتى غياب شبه تام- سياسات تربوية وثقافية مؤطرة وموجهة لتخطيط سوسيو لساني عقلاني يفترض أن يعمل على تنظيم أشكال التبادلات والعلاقات التي يجب أن تقوم بين اللغة/ اللغات الوطنية من جهة وبين اللغة/اللغات الأجنبية من جهة ثانية، وسواء تعلق ذلك بالمجتمعات العربية أو بالبلدان الإسلامية التي تستعمل اللغة العربية ضمن حدود معينة. هذا مع التذكير بأن نقد الاستلاب اللغوي المشار إليه أعلاه لا يجب أن يفهم منه الرفع التام للغات الأجنبية، التي هي بحق لغات علم ومعرفة وتكنولوجيا وثقافة كونية بحكم الواقع التاريخي، بل يجب أن يكون التحول وفق مخطط سليم وديموقراطي منفتح ومتوازن. وذلك في إطار فلسفة أو سياسة سوسيو لغوية وثقافية وتربوية هادفة واضحة المعالم، تحفظ، من جهة، للغة الوطنية -كمكون محوري من مكونات الهوية الوطنية أو القومية- مكانتها وقيمتها الاجتماعية والوظيفية، وتشكل، من جهة أخرى، مدخلاً ممنهجاً للانفتاح على اللغات الأجنبية واستعمالها، إلى جانب اللغة الوطنية وبالتكامل معها، لتكون إحدى دعامات التنمية والتحديث، والاستفادة من نتائج العلوم والتقنيات، ومن كل ما أصبح من الأفكار والقيم والمستجدات، من خصائص ومميزات المجتمع الحديث، سلوكيًّا ومؤسسيًّا وتنظيميًّا...، وفي الوضع الكوني الراهن بالذات، والموسوم بـ«ظاهرة العولمة» بكل عواملها وأبعادها ومحدثاتها المتسارعة المتعددة...[12]

5- وبالرغم من وجود هيئات ومنظمات وطنية ودولية وإقليمية ناشطة في مجال نشر وتعليم اللغة والثقافة والحضارة العربية، مثل الإيسيسكو، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والأليكسو، واليونيسكو، واتحادات جامعية، وجمعيات ومؤسسات حكومية وغير حكومية... إلخ مختصة أو معنية بهذا الشأن في المجتمعات الإسلامية عامة، فإن ما يلاحظ هو أن ما تقوم به هذه الهيئات والمنظمات من جهود ومبادرات مشكورة ووازنة بالفعل لا يتم ضمن رؤية شمولية منظمة ومتناغمة الأهداف والآليات، بل غالباً ما تظل هذه الجهود مشتتة أو معزولة أو ظرفية لا ينتظمها تنسيق تبادلي متكامل الجوانب والمكونات. علميًّا بات غياب هذا التنسيق هو نفسه الطابع المميز للتعامل مع «المسألة اللغوية» في العالم العربي وطنيًّا وقوميًّا، وأيضاً في المجتمعات الإسلامية، وأيضاً في إطار العلاقات القائمة بين هذه المجتمعات من ناحية، وبينها وبين بلدان الوطن العربي من ناحية ثانية[13].

وهكذا تظل جهود التعاون والتبادل المعتمدة في إطار العلاقات المذكورة تلك -مثل إقامة المؤتمرات والندوات التربوية والعلمية، وإيفاد البعثات التعليمية وإبرام الاتفاقيات الثقافية وغيرها...- جهوداً، رغم قيمتها وأهميتها وأهدافها النبيلة، محدودة الفاعلية والآثار الإيجابية المنتظرة منها. وهو واقع لا يخلو من مستتبعات سلبية، ليس فقط على واقع اللغة العربية في هذه المجتمعات، وإنما يمتد ليطال بعض جوانب وأبعاد ومقومات الذاتية أو الشخصية أو الهوية الوطنية والقومية فيها. وهذا هو ما سنحاول، ببعض التركيز الدال، معالجة بعض ما يرتبط به فيما يلي:

* ثالثاً: اللغة والهوية الحضارية في مجتمعات العالم

الإسلامي: أفكار أولية للنقاش والتحاور

تؤدي اللغة، إلى جانب أشكال تعبيرية أخرى كالحركات والإشارات وغيرها، أدواراً هامة في حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات. فعن طريقها يتم التواصل وتناقل وتبادل المعلومات والأفكار والقيم والمبادئ والخبرات والمعتقدات والمعايير والرموز... أي كل عناصر «الثقافة» بمفهومها السوسيو أنثروبولوجي العام، وبما هي رؤية شمولية للعالم تشمل الذات والآخر والواقع الطبيعي والاجتماعي...[14]

«وهذه اللغة هي التي تختزن المشاعر الأولى، والأفكار الأولى، والتشكيلات الأولى للكون من حول الإنسان، وفيها ومن خلالها يتشكل معنى ولفظ البهجة والحزن والانتصار والانكسار والكراهية والألم والسرور، ومن منظورها تتحدد مفاهيم المباح والمحظور والملاطفة والخاشنة والرضا والإنكار، وانفتاح أبواب الفهم أو انغلاق مفاتيحه، وإلى هذه المفاهيم الأولى ترتد أية مفاهيم تالية يمكن للإنسان أن يحصلها من اللغات المكتسبة في مراحل تالية، من العمر..»[15].

وعن طريق آليات التربية والتنشئة والإعداد الاجتماعي للأجيال الناشئة في فضاء سوسيو ثقافي محدد في الزمان والمكان، يتم تعزيز ورفد «الرصيد اللغوي» ووظائفة النفسية والاجتماعية في تشكيل نمط التفكير أو الوعي أو الوجدان الفردي والجماعي، وكذلك الذاكرة الفردية والجماعية، قصيرة كانت أو طويلة الأمد... مما يسهم في إكساب الفرد في المجتمع قدرات وقابليات وإمكانات معينة للتفكير والإحساس والتعلم والفهم والتواصل... كما أسلفنا[16].

ولكل هذه الحيثيات، فقد درج علماء اللغة والنفس والاجتماع والأنثروبولوجيا والمنطق...، كما هو معروف، على الربط الجدلي والدينامي بين اللغة والفكر. فعن طريق اللغة، كأبرز سمة مميزة للكائن الإنساني عن الحيوان، يتمكن الإنسان من أن يفكر ويحسّ ويعي ويفهم ويعقل وجوده والعالم من حوله وعن طريقها يحلل ويركب ويعلل وينظم دلالات وأبعاد وعلاقات «الكلمات والأشياء»، وبفضلها يستخدم أنماطاً مختلفة من أساليب التفسير والتبرير والبرهنة والحجاج وإنتاج وإعادة إنتاج المعاني والتصورات والتمثلات والإدراكات والمواقف والأحكام..[17]

وهكذا ماهى بعض الباحثين بين اللغة والإنسان، فالإنسان لغة، واللغة إنسان، ولا يمكن الفصل بينهما مطلقاً. ومفاد ذلك أن الأوضاع الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية لمجموعة بشرية ما، وعلاقة ذلك بمستوى ونمط عيشها وأشكال علاقاتها وتدبيرها لشأنها السياسي والاجتماعي العام... كل ذلك يبرز لك حال ومستوى لغتها الوطنية. كما أن هذه اللغة، وخاصة في أساليب تعاملها مع مفاهيم ومتغيرات الواقع وفيما تعتمده من آليات ذاتية في التفكير والتخيل والمنهجة ومنطق توليد المعنى وعقل الذات والآخر - صورة واضحة، بقدر ما وضمن حدود معينة، عن المجموعة البشرية التي تتخذ من هذه اللغة أداة للتداول والاستعمال. يصدق هذا على اللغة العربية راهناً، كما يصدق على غيرها من مجمل لغات العالم[18].

من هنا، وهذا مقصدنا الأساسي، ترتبط اللغة -الوطنية تحديداً- بالهوية في كل أشكالها وأبعادها ومستوياتها النفسية والسوسيو ثقافية والحضارية الشاملة. والهوية التي نعني هنا هي التي تفهم، سوسيولوجيًّا، على أنها نسق أو منظومة متكاملة من الخصائص والسمات والمقومات الثقافية والاجتماعية والحضارية المميزة لجماعة أو مجتمع أو حتى عدة مجتمعات، مشكلة بذلك أهم القواسم المشتركة فيها بين الأفراد والجماعات والأجيال والفئات ومجمل العناصر المكونة لتركيبتها الاجتماعية على اختلافها وتعددها. واللغة، في أي مجتمع، هي الواجهة الحاملة والحاضنة للملامح الأساسية لهذه الهوية[19].

«ولعل هذا هو ما عبر عنه الفيلسوف الألماني هيدجر (ت 1889م) حين قال: (إن لغتي هي مسكني، هي موطني ومستقري، هي حدود عالمي الحميم ومعالمه وتضاريسه، ومن نوافذها ومن خلال عيونها أنظر إلى بقية أرجاء الكون الواسع)»[20].

غير أننا، ونحن نتحدث عن الهوية هنا في مفهومها السوسيو حضاري العام، يجدر بنا أن نسجل بصدد هذا المفهوم بعض الملاحظات النقدية السريعة، نجمل أهمها، بتركيز، فيما يلي:

1- إن الهوية، بهذا المدلول، ليست معطى جاهزاً، قارًّا، سكونيًّا وجامداً...، وإنما هي سيرورة ومواصلة اجتماعية متفاعلة جدليًّا مع شروط الزمان والمكان. ولذا فهي لا تكف عن التشكل والتحول أو التغير إن سلباً أو إيجاباً... متضمنة بذلك الكثير من عناصر الماضي والحاضر والمستقبل...

2- إن كل هوية -سواء بشكل علني أو ضمني، واعٍ أو غير واعٍ- متضمنة لعنصر الآخر، أي لمفهوم الاختلاف. فهي هوية متميزة إزاء أخرى مختلفة. إلا أن هذا الاختلاف ينبغي ألَّا يفهم على أنه مدعاة للصراع أو التناحر دائماً، بل قد يكون مدخلاً مفيداً للحوار والتكامل والتبادل على صعد ومستويات متعددة، وليس مبرراً معقولاً لنفي أو نبذ أو إقصاء أو استغلال أو معاداة الآخر المختلف...[21]

3- إن هذه الهوية -ونظراً لما عرفه المجتمع الحديث من أشكال المأسسة والتنظيم والتعقيد والتطور والتنوع في المكونات والبنى والعلاقات وأنساق المعارف والقيم الاجتماعية...- لم يعد ينظر إليها كهوية واحدة ووحيدة، بل إن العلوم الاجتماعية قد أصبحت تتحدث، في مقارباتها النظرية والتطبيقية، عن هويات متعددة فرعية، مثل: الهوية المهنية، والنفسية، والاجتماعية، والسياسية، واللغوية، والثقافية، والحضارية... إلخ. غير أن هذا العدد لا يلغي أبداً تلك القواسم المشتركة العامة المميزة لهوية سوسيو حضارية متعينة في الزمان والفضاء[22].

4- إن مفاهيم الهوية والوطنية والمواطنة والخصوصية... وما يرتبط بها أو يتداخل معها من مفاهيم مجاورة أو موازية قد غدت، نتيجة هيمنة ثقافة العولمة ومستجدات النظام العالمي الجديد، عرضةً للكثير من عناصر التأثر بقيم ومتغيرات هذه الثقافة. وهكذا أمست، سواء بشكل سليم أو مشوَّه أو غامض الملامح، تنحو باتجاه امتلاكها لمضامين ومدلولات ذات طابع كوني عام، كأن نتحدث، مثلاً، عن «مجتمع المواطنة العالمية» أو ما في معناه. ومن هنا فإنه يجدر بنا تجنب اعتماد أي منظور اختزالي أو سكوني لكل المفاهيم الآنفة، ومحاولة فهمها في ديناميكيتها وحركيتها الجدلية والتاريخية والحضارية المتغيرة...[23]

وانطلاقاً من هذه الاعتبارات الآنفة كلها تتجلى المكانة المركزية للغة الوطنية تحديداً. ففضلاً عن وظائفها السوسيو ثقافية في مجالات التبادل والتواصل ونقل القيم والمبادئ والمعايير الاجتماعية... إلخ، مما يساهم في تكون وتنشئة المواطن وتشكيل الهوية في مجتمع ما وفق نسقه الثقافي الخاص ورؤيته للعالم، فإنها، بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الأداة الفعالة، أكثر من أي لغة أخرى، في نشر وترويج مختلف المعارف والخبرات والتجارب والعلوم والتقنيات... وكذلك الأفكار والتصورات والاتجاهات الإيجابية... وخاصة عن طريق التربية والتعليم والتكوين الموجّه إلى المواطنين، وبلغتهم الوطنية. وذلك بهدف استثمارهم كرأسمال بشري نوعي هو أسّ كل تنمية بشرية واقتصادية واجتماعية شاملة مستدامة ومتكاملة، دون أن يعني ذلك أن اللغات الأجنبية غير قادرة على أن تساهم، بدورها، في هذه التنمية، وإنما هي أيضاً -إذا كانت غير معممة في المجتمع كما هي حال اللغة الوطنية السائدة- يمكن أن تستثمر في هذا التوجه التنموي، متى اندرجت في إطار مشروع إصلاح مجتمعي وتربوي وثقافي واضح الأهداف والمكونات... عقلاني حداثي منفتح على الذات والآخر، وعلى كافة متغيرات التحول الحضاري في أبعاده وجوانبه الخصوصية والكونية المتعددة...[24]

إلا أنه حينما يتعلق الأمر بوضعية اللغة العربية في بعض مجتمعات العالم الإسلامي التي تحتل فيها مكانة ثانوية إلى جانب اللغة الوطنية ثم الإنجليزية أو غيرها، مثل إندونيسيا أو ماليزيا... إلخ، فإننا نؤكد -بناء على تصورنا السوسيو أنثربولوجي والتربوي النقدي للمسألة اللغوية- ضرورة اعتناء هذه المجتمعات بلغاتها الوطنية لأنها، ولعدة عوامل لسانية وبيداغوجية ومعرفية واستراتيجية متداخلة، هي المؤهلة، موضوعيًّا، لتعميم المعارف والعلوم والتقنيات والقيم والاتجاهات المرجوة بين الغالبية العظمي من شرائح المجتمع، وبالتالي للمساهمة، عبر مختلف ميادين التربية والتعليم والتكوين وتدبير الشأن الاجتماعي العام، في تحقيق التنمية المنشودة الآنفة الذكر[25].

غير أن ما يبرر دعوتنا بعض مجتمعات العالم الإسلامي هذه إلى الاهتمام بتعليم وتعلم اللغة العربية هو أن ذلك يُعدُّ -في تقديرنا- مدخلاً أساسيًّا لمعرفة وفهم أحد أهم المقومات أو المكونات المحورية لهويتها الحضارية في مدلولها الديناميكي المنفتح السالف الذكر. ويتعلق ذلك بالبعد الديني الإسلامي لهذه الهوية، ممثلاً، بشكل خاص، في القرآن والسنة، ثم فيما يرتبط بهما من تراث عربي إسلامي، مما هو موضوع أصلاً باللغة العربية، ومما يعد الفهم العميق لمضامينه ودلالاته وأبعاده الفكرية والاجتماعية والحضارية شرطاً أساسيًّا لحماية وتحصين العقيدة والهوية، وأيضاً لامتلاك الاقتدار اللازم لتجديد الفكر الديني وتطويره بما يتواءم ويستجيب للحاجات والأحوال المتغيرة والمتجددة للأمة، ولما ينخرط فيه، بحكم كل هذه الظروف، من تحديات ورهانات ثقافية أو أساسية أو سوسيو حضارية متعددة. ولعل من أخطر ما أصبحت تطرحه على الإسلام والمسلمين هذه الشروط مجتمعة -مدعومة وموجهة في ذلك بأطروحات ودعاوى أيديولوجية غريبة متطرفة مثل: «نهاية التاريخ»، و «صراع الحضارات»...- لا مجرد تمتين المعتقد وإنضاج الهوية...، وإنما أيضاً ضرورة المشاركة، والمسلكيات المرتبطة بالتطرف أو الانغلاق أو الإرهاب أو العنف أو التعصب أو إقصاء أو كراهية الآخر... إلى غير ذلك من التوصيفات والتهم التي عادت الآن تطارد، ظلماً وبهتاناً، الإسلام والمسلمين في كل مكان وهما منها براء، اللهم إلا ما كان من بعض الحالات الجزئية المعزولة، التي لها عواملها وحيثياتها الخاصة، والتي لا يصح منطقيًّا الاستناد إليها في إصدار التهم والنعوت والأحكام على كل حضاري أصيل بأجمعه[26].

ولا ريب في أن العناية باللغة العربية في كل مجتمعات العالم الإسلامي، ولاسيما في مجالات التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، من شأنها أن تساهم في تجذير الإدراك السليم للمرجعية الإسلامية ولأصولها المعتقدية والعرفية، ولأطرها الاجتماعية والثقافية والحضارية، ولما كرسته هذه المرجعية من قيم ومبادئ ومسلكيات الانفتاح والجوار والسلم والتسامح وتقبل كافة عناصر التعدد والتنوع والاختلاف الإثنية منها والعرقية والدينية والسوسيو ثقافية المتباينة... وهو ما يتنافى تماماً مع تلك التصورات المغلوطة والنمطية الجاهزة السائدة في الغرب عن الإسلام والمسلمين، سواء كان ذلك عن جهل بحقيقه التعاليم الإسلامية السامية، أو عن قصدية أيديولوجية أو سياسية أو عقدية مبيتة، أو عن جهل بأبعادها ودلالاتها وعواملها السوسيو حضارية المتعددة.

كما أن اجتهاد المجتمعات الإسلامية في نشر وتعميق هذا الفهم أو الوعي السليم المطابق للمرجعية الإسلامية، داخلها وعبر العالم أجمع، وبكافة الوسائل التقنية والإعلامية والتوصلية المتداولة في «مجتمع المعرفة» الجديد، أمر ينتظر منه أن يُمكِّن الإسلام والمسلمين، شعوباً وثقافات ومجتمعات، من نيل أهلية المكانة الدولية المتميزة والحضور الوازن والدور الفاعل... والقدرة على فتح مجمل الآفاق الممكنة للحوار والتفاعل والتبادل الحضاري... وعلى استقطاب دعم ومساندة وتعاون كل القوى الحرة المؤثرة المتنفذة في عالم اليوم. وذلك سعياً وراء تحقيق فعلي لما تهدف إليه مجتمعاتنا، بل والإنسانية جمعاء، من مشاريع للتغيير والإصلاح والتنمية والديموقراطية والحداثة[27].

وإذا كانت هذه بعض الأفكار المركَّزة حول وضعية وأهمية تعليم اللغة العربية في مجتمعات العالم الإسلامي، فما هي أهم آفاق وإمكانات تطوير هذه الوضعية وتدعيم مكانة هذا التعليم؟ ذلك ما سنحاول، في المحور اللاحق، أن نعرض بشأنه بعض أهم الأفكار والتصورات... ولكن فقط على سبيل الاقتراح، ومن أجل جعلها أرضية أولية للنقاش والتحاور والتفكير في ممكنات التجاوز والآفاق البديلة المتاحة للتجديد والتطوير والإصلاح...

* رابعاً: تعقيب عام: مستقبل اللغة العربية

في مجتمعات العالم العربي والإسلامي

أفكار وآفاق للنظر والحوار

غير خاف على الباحث أو المهتم بقضايا الوطن العربي أن اللغة العربية قد أصبحت تعيش في مجتمعاتنا العربية أوضاعاً تربوية وثقافية وسوسيو اقتصادية... تتفاقم رداءتها باستمرار، وتزداد غربتها عن الكثير من مجالات الإنتاج والتداول وتدبير دواليب الشأن العام. وإذا كان هذا هو واقعها في بلدان تعد فيها اللغة الوطنية الرسمية، فإن العربية في مجتمعات العالم الإسلامي: التي هي محور تركيزنا في في هذا العرض، تعيش أوضاعاً أكثر تدهوراً وكارثية. وذلك لعدة عوامل واعتبارات ذكَّرنا ببعض أهمها فيما سبق. ولذا مستقبل اللغة العربية، في هذه السياقات كلها، سوف يظل، في تقديرنا، مرهوناً بمدى نجاحنا، عرباً ومسلمين، في مواجهة الكثير من التحديات وربح العديد من الرهانات الداخلية والخارجية التي تفرضها علينا شروط اللحظة الحضارية الراهنة. ولعل من أبرز الأفكار ومن أهم الآفاق التي يمكن فتحها للنقاش والتحاور، بل ولمحاولات الإصلاح والتجديد وتقديم بعض البدائل، نرى أهمية الإشارة، بتركيز دال، إلى ما يلي:

1- تكثيف التعاون الدولي العربي - الإسلامي: وخاصة في ميادين التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة... وهنا تبرز، بالذات أهمية إقامة أسواق ومشاريع مشتركة إقليمية أو جهوية، ولم لا سوق عربية أو إسلامية مشتركة؟!. ذلك أنه من شأن الاجتماعات التنموية أن تعمل على توفير مناخ بيئة اقتصادية ملائمة تنتعش في إطار حركيتها «سوق لغوية» تنتعش وتتنافس وتتدافع بل وتتصارع في تبادلاتها تلك اللغة المعتمدة في سياق مجتمعي معين، ويفترض أنه تحتل اللغة الوطنية في هذه السوق مكانة مركزية متصدرة، ولاعتبارات سبق التنوية ببعضها فيما سلف، ذلك أن اللغة لم تعد، في المنظورات السوسيولوجية والاقتصادية السائدة في المجتمعات المعاصرة، مجرد وسيلة اجتماعية للتواصل ونقل وتبادل المعلومات والأفكار والمشاعر والخيرات والتقنيات -على أهمية ذلك- وإنما غدت أيضاً أداة تداول اقتصادي للسلع والمنتجات والخدمات والرساميل... بل أصبحت هي نفسها >منتوجاً أو سلعة< قابلة للتقويم والتصدير والتوريد والبيع والشراء... عبر آليات تسويقية متعددة، متفاعلة مع ثقافة وقوانين السوق بما هي مجرد محوى لاقتصاد المجتمع الليبرالي المعاصر، وقطب جاذب لكل مكوناته وتوجهاته وتبادلاته المادية والرمزية...[28]

2- تشجيع تبادل البعثاث الدراسية والثقافية بين المجتمعات الإسلامية، من طلاب وأكاديميين ومثقفين... وذلك لتمتين أواصر التواصل والتفاعل بينها مع أهمية الحرص على توفير كل ما يضمن استمرارية هذا التبادل من اتفاقيات وشراكات وعلاقات ممأسسة وهادفة بين الجامعات والمعاهد ومراكز البحث العلمي، وخاصة في ميادين اللغة والثقافة والحضارة والتربية والتكوين... وإشراك كل الفاعلين المعنيين والمهتمين، أساساً، بهذه الميادين، من أجل بلورة مشاريع تشاركية متكاملة للإصلاح والتغيير والتجديد، واضحة التوجيهات والمضامين والأهداف...

3- الاهتمام بالاستفادة المتبادلة من الخبرات المتوافرة في مجتمعاتنا في مجال البيداغوجيا والبحث التربوي عموماً. ولا سيما في مضمار مناهج وتقنيات وأساليب تعليم وتعلم اللغة العربية، بل واللغات عموماً، وتحديداً لغير الناطقين بها كلغة أم، مثل وضعية العربية في بلدان العالم الإسلامي. وغير خافٍ أننا قد أصبحنا نتوافر في مجتمعاتنا العربية بالذات على مؤسسات وخبرات وكفاءات عالية مختصة في هذا الحقل. إلا أننا -ولعدة عوامل ذاتية وموضوعية متشابكة عالجنا بعضها في غير هذا المقام- لم نستثمر، بشكل إيجابي منتجٍ، كل تلك المعارف والخبرات، سواء على المستوى القطري الوطني، أو على المستوى العربي، أو على المستوى الإسلامي العام. كما لم نوفّق في توظيفها أيضاً، وعلى مستوى التطبيق لا على مستوى الخطاب، في تطوير وتجديد وتطويع لغتنا العربية نحواً وصرفاً وقاموساً وقواعد ميسَّرة وأساليب استعمال وتعامل مع مختلف المستجدات الثقافية والتقانية والعلمية والحضارية الشاملة. ولعل هذا من بين أعظم التحديات المطروحة أمام اللغة العربية اليوم، والتي هي أقدر على تخطيها بما تمتاز به من غنى وعراقة ومرونة وإمكانات للتطور وتجديد الذات. ولكن متى توافرت للناطقين بها من عرب أو مسلمين الإرادة القوية الهادفة، والمشروع السوسيو حضاري الوطني والقومي الواضح المعالم والتوجهات والمقاصد...[29]

4- ضرورة التعامل مع المسألة اللغوية في مجتمعاتنا انطلاقاً من «تخطيط لغوي/لساني» متكامل في أبعادة المعرفية والسوسيو تربوية والثقافية والسياسية... شرط أن يتم ذلك عموديًّا: أي على مستوى كل مجتمع عربي أو إسلامي، ثم أفقيًّا: أي على مستوى الوطن العربي، والعالم الإسلامي. هذا مع إمكانية نقله إلى ما هو أعم، أي إلى ما يشمل هذه المستويات كلها عربيًّا وإسلاميًّا، وفي إطار ما تمت الإشارة إليه أعلاه من مشاريع وأنماط تبادل وتشارك وعمل قومي عربي إسلامي مشترك. ففي هذا التخطيط يفترض أن تتحدد في المجتمع أو السياق المعنيّ مكانةُ ووظائف اللغة/اللغات الوطنية/ واللغات التي تحظى في مجتمع ما بوضع اعتباري خاص كالعربية في المجتمعات الإسلامية، وكذلك اللغات الأجنبية مثل: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها من اللغات التي لها على المستوى العالمي حضور وازن متميز، مع التذكير بأن من أهم مقومات المصداقية والنجاعة في هذا التخطيط اللغوي ضرورة قيامه على أسس علمية وتقنية ممنهجة، وعلى توافق ديموقراطي بين جميع الأطراف والجهات المعنية حول أهداف ومصالح وسياسة/ سياسات لغوية مشتركة تنبذ الإقصاء أو التهميش، وتكرس كافة أشكال التعدد والتنوع والاختلاف...[30]

5- وعلى المستوى السوسيو ثقافي ينبغي تنشيط الدبلوماسية الثقافية والاجتماعية، وكذلك السياحة الثقافية والعلمية والبيئية والرياضية...

وإشراك كل الفاعلين والفعاليات المعنية بذلك، من مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص... وذلك بهدف خلق الشروط الاقتصادية والاجتماعية للتثاقف والتبادل القيمي والفكري والحضاري واللغوي... وكل ما يعمل على رفد اللغة العربية وإغنائها وتداولها وجعلها أكثر تنافسية وفاعلية[31].

6- تشجيع عمليات ومشاريع الترجمة في المجتمعات العربية والإسلامية من وإلى اللغة العربية، مع دعم مقنن وممنهج لكل الهيئات والمؤسسات الوطنية والدولية العاملة أو المهتمة بهذا المجال. وعلى أن يتم ذلك وفق سياسة ثقافية وعلمية وتربوية متكاملة تتحدد فيها أهم التوجهات والأهداف الفكرية والاجتماعية لهذه الترجمة. وذلك حتى نضمن نجاعتها وإفادتها للغة العربية بالأساس، والمساهمة في تطوير وتجديد قاموسها وقواعدها ومضامينها وأساليب اشتغالها وآفاق تفاعلها مع مفاهيم وتقنيات ومستجدات العصر، وفي إطار ما أسميناه آنفا بـ: «تخطيط لغوي» متناغم وهادف ومستقل عن أي تبعية أو استلاب[32].

7- التأكيد على أهمية الدور المحوري للبلدان العربية في دعم وجود وتداول اللغة العربية في المجتمعات الإسلامية، ولاسيما في ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي. فرغم تدني أحوال اللغة العربية في هذه البلدان التي تعد فيها اللغة الوطنية الأولى، فإنها، بحكم هذا الوضع، يجب أن تتحمل مسؤولياتها كاملة فيما يتعلق بحماية ونشر وتحسين أوضاع اللغة العربية سواء على المستوى القطري، أو القومي العربي، أو الإسلامي، أو حتى على المستوى الكوني الشامل.

وإذا كنا نثمِّن غالياً ما تقوم به منظمات وهيئات دولية وإقليمية، مثل: (منظمة المؤتمر الإسلامي، والإيسيسكو، والأليكسو، واليونيسكو...)، من جهود ومبادرات مشكورة في هذا المجال، فإن المنظمات ما تزال، في تقديرنا، في حاجة ماسة أكيدة إلى الكثير من التنسيق المعقلن في المشاريع والبرامج والتدخلات، وأيضاً في الرؤى والمرجعيات والمفاهيم... وتجاوز كل ما ينتظم ذلك من تشتت أو تضارب أو تناقض أحياناً.

ولعل في هذه الحيثيات كلها ما يدفع إلى التفكير في مشروع تأسيس منظمة عربية من مثيل «الفرانكوفونية» تُعنى بقضايا اللغة العربية تعليماً وبحثاً ونشراً وإشعاعاً ثقافيًّا وحضاريًّا، ليس فقط في المجتمعات العربية والإسلامية، وإنما في المجتمعات الغربية أيضاً.

وهنا بالذات تبرز أهمية الاستفادة من التعاون الدولي عبر ما يمكن أن يوفره من خبرات بيداغوجية وعلمية وتقنية وإمكانات لوجيستيكية ومادية... فضلاً عن المناخ السوسيو سياسي والثقافي المتيح للتفاعل والحوار والانفتاح والتنافس... شريطة أن تكون هذه الاستفادة واعية بغاياتها ورهاناتها الفكرية والحضارية، ووفق خطة ممنهجة هادفة، وإصلاح تربوي وثقافي ومجتمعي متكامل واضح الرؤى والمعالم والمقاصد...[33]

8- نستنتج من كل ما سبق أن دور اللغة العربية في دعم الهوية الحضارية في مجتمعاتنا العربية خاصة والإسلامية عامة -بالمفهوم الحواري المنفتح والدينامي للهوية، وليس بالمعنى الضيق المنغلق والشوفيني التعصبي، كما أكدنا على ذلك سابقاً- لا يقف عند حدود هذا المعطى السوسيو حضاري والثقافي الهام، وإنما يمتد أيضا ليستهدف إنضاج الوعي، في مجتمعاتنا هذه، بخصوصيات الظرفية الحضارية التي نعيشها وبتحدياتها ورهاناتها... الأمر الذي أصبح يستلزم علينا، بل وعلى كافة المجتمعات، المزيد من التكتل والتعاون تحصيناً للذات وتقوية للموقع والدور والقدرة على التأثير في مجريات صنع وتنفيذ القرار على المستوى الدولي العام، وعلى صعد ومستويات متباينة متعددة.

غير أنه لا ينبغي أن يفهم من هذا التكتل أنه تخندق صراعي إقصائي، وإنما هو تحالف ضد ما يعتمل في مجتمعاتنا من عوامل ومظاهر وظواهر نمو الفقر والأمية والتخلف والتبعية والتجزئة والتطرف والعنف والحروب...

كما أنه، على مستوى مقصدية الوجهة، تحالف نابذ لأفكار وممارسات وطروحات «صراع الحضارات والثقافات والأديان...»، مكرّس لحوارها وتفاعلها وتبادلها الإيجابي المنتج[34].

ولعل في الثقافة العربية الإسلامية -التي ركّزنا في هذا العرض على دور اللغة العربية في تأصيلها وتجذيرها والمساهمة في نشرها في العالم أجمع- من المبادئ والمفاهيم والقيم الحضارية والخلقية والإنسانية النبيلة... ما يمكنه -ضمن «حوار الثقافات والحضارات»- أن يشكِّل سنداً داعماً لأنسنة العولمة، والاتجاه بالإنجازات المادية والرمزية للبشر، وبأهدافهم وقيمهم ومعتقداتهم وجهودهم وإراداتهم نحو «تخليق العالم» وبناء المستقبل المشترك المحتضن للتعدد والاختلاف والتنوع البشري المبدع الخلَّاق، مستقبل الحداثة والحرية والتقدم والديموقراطية وصيانة واحترام حقوق وكرامة الإنسان.

 



[1] يشكل نص هذا العرض صيغة معدلة وموثقة ومركزة للمحاور الكبرى لعدة محاضرات وعروض ألقيناها ببعض الجامعات والمعاهد الإسلامية الحكومية وغير الحكومية بأندونيسيا. وذلك خلال رحلة ثقافية لوفد مغربي تمت بدعوة من وزارة الشؤون الدينية بهذا البلد: وامتدت من : (03 إلى 21 أغسطس 2007). لذا وجب التذكير والتنويه، حتى تُقرأ وتفهم هذه المساهمة في إطار الشروط التربوية والثقافية لسياقها ولأهدافها المتحاورية والتواصلية بشكل عام.

 

[2] عالم اجتماع/ باحث في قضايا التربية والثقافة والتنمية.

 

[3] مجموعة مؤلفين: العالم الإسلامي والنظام الدولي: الخلفية التاريخية والمتغيرات المعاصرة، منشورات «مركز دراسات العالم الإسلامي»، فاليتا-مالطا، سلسلة الدراسات السياسية والاستراتيجية، رقم 8 ، الطبعة الأولى، 1992.

 

[4] د. محيي الدين صابر: قضايا الثقافة العربية المعاصرة، الدار العربية للكتاب، تونس، 1983، ص ص: (119 - 149/ 169 - 187).

 

[5] د. أحد درويش: إنقاذ اللغة إنقاذ للهوية، تطور اللغة العربية، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 2006، ص 23، ثم ص ص: (13-40).

 

[6] للاطلاع على بعض أهم التحديات التي تواجه اللغة العربية، انظر:

+ مصطفى محسن: التعريب والتنمية، منشورات «وكالة شراع لخدمات الإعلام والاتصال»، طنجة، المغرب، سلسلة «شراع» عدد 56، يونيو 1999.

+ د. طالب عبد الرحمن: العربية تواجه التحديات، كتاب الأمة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، العدد 116، السنة 26، الطبعة الأولى، ذو القعدة 1427هـ/ تشرين الثاني (نوفمبر)، كانون أول (ديسمبر) 2006.

[7] مصطفى محسن: التعريب والتنمية، مرجع سابق الذكر.

 

[8] حول قضية اللغة والاستعمار في المغرب، كنموذج، ارجع إلى:

+ د.عبد العلي الودغيري (ترجمة وتقديم وتعليق): الفرانكوفونية والسياسة اللغوية والتعليمية الفرنسية بالمغرب، الشركة المغربية للطباعة والنشر، الرباط، سلسلة كتاب (العلم)، السلسلة الجديدة، رقم 7، الطبعة الأولى، 1993.

+ Collectif : Maghreb et Francophonie, Ed. Economica, Paris, 1988.

[9] تشكل بعض البلدان الآسيوية أمثلة حية على هذا الوضع، كأندونيسيا وماليزيا وباكستان...إلخ.

 

[10] لقد أصبحنا نلاحظ الآن في هذه البلدان اهتماماً متزايداً باللغة الوطنية وأيضاً باللغة العربية نظراً لارتباطهما بالهوية أو الخصوصية الوطنية أو الحضارية. وذلك في مجابهة منها لإكراهات وتحديات العولمة على مختلف الصعد والمستويات.

 

[11] مصطفى محسن: التعريب والتنمية، مرجع سابق، ص ص: (24 -34).

+ cf.collectif : indépendance et interdépendance au Maghreb, Ed. CRESM-CNRS, Paris, 1974.

+ S.Takdir Alisjahbana :Language Planing and

[12] mdernizations: The case of Indomesian and Malaysian, The Hague: Mouton, Paris 1976.

+ of. Robert L.Cooper : Languge Planing and social change, Canbridage- New york, Canbridge University press, 1989.

 

[13] انظر، بشأن أدوار وسياسيات ورهانات هذه المنظمات:

+ د. حسن نافعة: العرب واليونسكو، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، سلسلة «عالم المعرفة» العدد 135، مارس/ آذار، 1989، ص ص : (85 - 137)، و ص ص : (229 - 254).

+ مجموعة مؤلفين: التكامل بين التعليم النظامي وغير النظامي، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة: إيسيسكو، الرباط، 1419هـ - 1998م.

+ مجموعة مؤلفين: التعليم في الدول الإسلامية ومتطلبات التنمية، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة: إيسيسكو، الرباط، 1419هـ - 1989م.

[14] فيما يتعلق بالمفهوم السوسيو أنثروبولوجي للثقافة، عد إلى:

+ جلال مدبولي: الاجتماع الثقافي، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة 1979، ص ص: (9 - 45).

- PH. CHombart de Lauvve : Image de la culture, Ed. Payot, Paris, 1970.

 

[15] د. أحمد درويش: إنقاذ اللغة إنقاذ الهوية...، مرجع سابق الذكر، ص 17.

 

[16] cf.J.A.Fishman (Ed): Readings in The socialgy of Language, The Hague: Mouton, Paris, 1968. cf.André Martinet : Langue et fonction : une Théorie fonctionnelle de langage, Ed. Dénoël, Paris, 1975.

+ cf. F. Colmas (Ed) : Language Adaptation, CombridgeNew York, Combridge University press, 1989.

+ cf. john E. Joseph: Language and Edentity: National, Ethmie, Religions, Palgrave Macmilan, New York, 2004.

[17] cf. D. Dennette: The rol of language in intelligence, Ed:(CCS): Center for cognitive stadies, Tufls University,  Mass, Boston, 1992.

 

[18] عبد الله محمد الغدامي: الإنسان بوصفه لغة: «سؤال المشكل الحضاري العربي»، المجلة العربية للثقافة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو)، تونس، السنة 12، العدد 22، مارس/ آذار 1992، ص ص: (71 - 81).

 

[19] cf. M.Zavaloni et al : Identité sociale et conscience, Presses Universitaires de Montréal, Privat, 1984.

+ cf. M. CHebel : La formation de lidentité politique, Ed.  P.U.F., Paris, 1986.

 

[20] د. أحمد درويش: إنقاذ اللغة إنقاذ الهوية...، مرجع سابق الذكر، ص 18، وص ص: (13-40).

 

[21] جان فرانسوا بايار: أوهام الهوية، ترجمة سليم طوسون، كتاب العالم الثالث، دار العالم الثالث، القاهرة، الطبعة الأولى، 1998.

+ cf. A. Touraine : Pourrons-Nous Vivre ensemble, égaux et différents ? Ed. Fayard, Paris, 1997.

 

[22] C. Dubar :La Socialisation : Construction des identités Sociales et Professionnelles, Ed. A. Colin, Paris, 1991.

+ C. Dubar : Formes identitaires et Socialisation Professionnelle, Revue Française de Sociologie, N° 33(4), 1992, pp :( 505-529).

 

[23] أولريش بك: هذا العالم الجديد: رؤية مجتمع المواطنة العالمية، ترجمة د. أبو العيد دودو، منشورات الجمل، كولونيا، 2001.

 + علي حرب: فتوحات العولمة أو أزمة الهوية في عصر المعلومة والشبكة، في: مجموعة مؤلفين: الكتاب الثقافي السنوي 1، موسم جامعة البحرين الثقافي، 1999/ 2000، ص ص: (107 - 116)

 + مجموعة مؤلفين : العولمة والهوية (أعمال ندوة)، أكاديمية المملكة المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 1997.

[24] مصطفى محسن: التعريب والتنمية، مرجع سابق الذكر.

+ د. كريم أبو حلاوة: الآثار الثقافية للعولمة: حظوظ الخصوصيات الثقافية في بناء عولمة بديلة، مجلة «عالم الفكر» الكويت، العدد 3، المجلد 29، يناير/ مارس 2001، ص ص: (171 - 202).

 

[25] مصطفى محسن: نفس المرجع السابق.

+ مصطفى محسن: التربية وتحولات عصر العولمة: مداخل للنقد والاستشراف، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء - بيروت، الطبعة الأولى، 2005، ص ص : (137 - 168).

 

[26] انظر حول مناقشة أطروحة صراع الحضارات:

+ د. فخري لبيب (تحرير): صراع الحضارات أم حوار الثقافات؟، أوراق ومداخلات المؤتمر الدولي حول: صراع الحضارات أم حوار الثقافات؟ القاهرة، (10 - 12 مارس 1997)، مطبوعات التضامن، 172، القاهرة، 1997.

+ cf.CHristian Compaz : De Peste, de la Peste et du Reste, La Fin  de Lhumanisme est-elle inivitable ? Ed. R. Lafont, Paris, 1994.

[27] فريتس شتيبات: الإسلام شريكاً: دراسات عن الإسلام والمسلمين، ترجمة د. عبد الغفار مكاوي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، سلسلة «عالم المعرفة» العدد 302، أبريل 2004، ص ص: (63 - 78).

+ إدريس هاني: الإسلام والحداثة: إحراجات العصر وضرورات تجديد الخطاب، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 2005، ص ص: (13 - 133).

 

[28] فلوريان كولماس: اللغة والاقتصاد، ترجمة د. أحمد عوض، مراجعة عبد السلام رضوان، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، سلسلة «عالم المعرفة» العدد 263، نوفمبر 2000، ص ص : (35 - 118) و ص ص (197 - 324).

+ cf. Pierre Burdieu : Ce que parler veut dir : Léconomie des échanges linguistiques, E. Fayard, Paris, 1982, pp : (13-95).

+ cf. Florian Colmas (Ed) : The Economy of Language in The Asion pacific, Jurnal of Asion Pacific communication, vol.2, 1991

[29] د. عبد الرحمن بودرع وآخرون: اللغة وبناء الذات، كتاب الأمة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، العدد 101، الطبعة الأولى، جمادى الأولى 1425هـ/ يونيو - يوليو 2004، ص ص: (97 - 141).

+ د. حسام الخطيب: اللغة العربية والمشكل اللغوي، «المجلة العربية للثقافة»، مرجع سابق الذكر، ص ص : (49-70).

+ د. عقلة محمود الصمادي ود. فوار محمد العبد الحق: نظريات تعلم اللغة واكتسابها: تضمينات لتعلم العربية وتعليمها، «المجلة العربية للتربية» المنظمة العربية للثقافة والعلوم (أليكسو)، تونس، المجلد 16، العدد الأول، يونيو 1996، ص ص: (9 - 30).

+ مجلة «فكر ونقد»: اللغة العربية والتكنولوجيا (ملف)، الرباط السنة 9، العدد 82، أكتوبر 2006، ص ص : (25- 94).

[30] ارجع، إضافة إلى المراجع المذكورة في الهامش الآنف، إلى:

+ cf. C.Fétouri : Biculturalisme, Bilinguisme et Eductation, Ed. Delachaux et Niestlé, Neuchâtel –Paris, 1983.

+ cf. CHris Kennedy (Ed.) : Language Planning and Englich Language Teaching, Ed. Prentice-Hall. London, 1989.

[31] انظر بشأن هذه المسألة:

+ فلوريان كولماس: اللغة والاقتصاد، مرجع سابق الذكر.

+ عبد القادر الفاسي الفهري: اللغة البيعة، «منشورات الزمن»، الرباط، كتاب الجيب، العدد 38، 2003، ص ص : (69 - 83).

- cf. Louis-Jean Calvet : Troc, Marché et Echange Linguistique, In : Langage et société, 27, 1984, pp : (55-81).

[32] عد، فيما يتعلق بأهمية وأبعاد ورهانات الترجمة، إلى:

+ ثيوهرمانز: جوهر الترجمة: عبور الحدود الثقافية، ترجمة بيومي قنديل، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، (858)، القاهرة، الطبعة الأولى، 2005، ص ص : (307 - 324).

+ محمد الديداوي: الترجمة والتواصل...، المركز الثقافي العربي، الدارالبيضاء - بيروت، الطبعة الأولى 2000.

+ حنفي بن عيسى: دور الترجمة في إغناء الثقافة العربية، «المجلة العربية للثقافة»، مرجع سابق الذكر، ص ص: (144 - 169).

+ عبد السلام بنعبد العالي: في الترجمة، منشورات «وكالة شراع...»، طنجة سلسلة «شراع»، عدد 40، أكتوبر 1998، ص ص: (30 - 36).

+ مجلة «فكر ونقد»: في الترجمة (ملف)، الرباط، السنة 3، العدد 22، أكتوبر 1999، ص ص: (43 - 76).

ملحوظة: يجد بنا أن ننوه هنا بالجهود الكبيرة التي تبذلها بعض المنظمات الدولية في هذا المجال، مثل، الإيسيسكو والألسكو واليونيسكو... وكذلك بعض الهيئات المتخصصة أو المهتمة، مثل: المنظمة العربية للترجمة بيروت، والمجلس الأعلى للثقافة بمصر في (المشروع القومي للترجمة)... مما يجب دعمه وتشجيعه.

 

[33] انظر بشأن هذه الرهانات والآفاق:

+ «الجامعة»، مجلة اتحاد جامعات العالم الإسلامي، الإيسيسكو، الرباط، عدد توثيقي عن ندوة: «الجامعة وقضايا الأمة الإسلامية»، المنعقدة على هامش المؤتمر العام الأول لاتحاد جامعات العالم الإسلامي، (الرباط: 24 - 26 فبراير 1998)، العدد الأول، السنة الأولى، 1998.

+ «الجامعة»، مجلة اتحاد جامعات العالم الإسلامي، الإيسيسكو، الرباط، عدد توثيقي عن ندوة: «تفعيل التعليم العالي في خدمة الأمة»، (أكادير - المغرب : 9 - 10 أبريل 2001)، العدد الثالث، 2002.

- وعن رهانات الفرانكوفونية وتنافسية وصراع اللغات، انظر:

+ cf. Xavier Deniau : La Francophonie, Ed. P.U.F., Paris, 1983.

+ cf. Ramald Wardhaugh : Linguagesin competition, Ed. Blachwell, Oxford, 1987.

+ cf. Louis-Jean Calvet: La guerre des langues et les politiques Linguistiques, Ed. Payot, Paris, 1987.

[34] عد، فيما يتعلق بهذه التحديات والمراهنات...، إلى:

+ مجموعة مؤلفين (إشراف د. جابر عصفور): مستقبل الثقافة العربية، أبحاث مؤثمر «مستقبل الثقافة العربية»، (من 11 إلى 14 مايو 1997)، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2001، ص ص : (17 - 205).

+ د. فخري لبيب (تحرير): صراع الحضارات أم حوار الثقافات؟ مرجع سابق الذكر.

+ د. غازي بن عبد الرحمن القصيبي: العولمة والهوية الوطنية، مكبتة العبيكان، الرياض، الطبعة الثالثة، 2002، ص ص: (133 - 159).

+ محمود المنير (إعداد) : العولمة وعالم بلا هوية، دار الكلمة للنشر والتوزيع، مصر، المنصورة، الطبعة الأولى، 2000، ص ص: (111 - 131).

+ مجموعة مؤلفين: الحوار الإسلامي - الإسلامي: من أجل بناء مستقبلنا المشترك، كتاب الكلمة 3، منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث، بيروت، الطبعة الأولى، 2004.