شعار الموقع

المضامين التربوية في المقاصد العامة للصلاة

زكية برغوث 2010-02-04
عدد القراءات « 7121 »

 

*

مقدمة

الصلاة من أركان الإسلام الكبرى، وهي أس ركين في حياة المسلم الفردية والاجتماعية. والمتأمل في طبيعتها وأهدافها وخصائصها ووظائفها الروحية والاجتماعة، والسلوكية، والتربوية، والمعرفية، والنفسية... سيجد أنها لا تكتفي فقط بربط صلة المسلم بالله سبحانه وتعالى، ولكن تتعدى ذلك إلى التأثير العميق في علاقة المسلم بغيره من المسلمين وغير المسلمين، وحتى بالمحيط الاجتماعي والكوني العام. فحينما يقول الحق تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[1]، فإن هذا التوجيه الإلهي يؤكد على الوظائف الاجتماعية الخاصة للصلاة. وهذا يعني أن للصلاة دوراً مهمًّا جدًّا في تربية الفرد والمجتمع، وتنمية الحس الإصلاحي والخيري لدى المسلم، وتشكيل ثقافة النهي عن الفحشاء والمنكر. وهذا البعد التربوي للصلاة يبين لنا امتداد التأثيرات العميقة للصلاة لتمس جوانب أساسية عديدة في حياة الإنسان الفردية والجماعية، وتعمل على تغييرها والسير بها قدماً في اتجاه الانسجام والتوازن والصلاح والخير، الذي ينشده الإسلام في حياة الإنسان المؤمن بصفة عامة[2].

فالبعد التربوي الذي يستهدف التأثير المستمر على تفكير الإنسان وسلوكه وعلاقاته الاجتماعية، من خلال عمليات التكييف النفسي والاجتماعي اليومية، التي يتعرض لها في محيطه الأسري والمدرسي والاجتماعي العام، يشكل مقصداً أساسيًّا للصلاة في الإسلام[3]. فهي تعمل على تزويد الإنسان بالمثيرات النفسية والروحية والفكرية والعقدية القوية المتجددة، التي تؤثر في سلوكه ومواقفه وعلاقاته؛ مع ربه ونفسه ومحيطه الاجتماعي العام، من خلال جعله يعيش تحت التأثيرات الروحية القوية لقاعدة الإحسان التي ترفع مستوى يقظته الروحية وتحافظ على استمراريتها[4]، كما جاءت الإشارة إلى ذلك في قول الرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو يحدد معنى الإحسان ووظيفته التربوية الروحية في حياة المسلم: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»[5].

وهذه الشمولية التربوية في مقاصد الصلاة، ليست ميزة خاصة بالصلاة وحدها، بل هي ميزة تشترك فيها كل الشعائر العبادية الإسلامية الأخرى[6]، التي تستهدف جميعها، تنمية الخير والصلاح والنفع الشخصي والاجتماعي في حياة الإنسان، وإن بنسب متفاوتة بين هذه الشعائر العبادية الرئيسية، التي اعتبرها الإسلام بناء تربويًّا يكمل بعضه بعضاً، في عملية التزكية والتنمية الشاملة لحياة الإنسان، كما يشير إلى ذلك الحديث النبوي الشهير، الذي تحدث عن الأركان الخمسة التي يقوم عليها بناء الإسلام: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان»[7].

والصلاة كما سنرى في هذه الدراسة، وكما يشير إلى ذلك الحديث السابق، تأتي في مقدمة الشعائر العبادية العملية الرئيسية، التي تؤثر في الحياة الفكرية والعقدية والنفسية والسلوكية والاجتماعية للإنسان المسلم بقوة، بفضل قوة الإيحاءات بل والتأثيرات التربوية المباشرة التي تحدثها في حياته.

وسنحاول تناول الموضوع من خلال مبحثين أساسيين هما:

- الصلاة وموقعها من منظومة الشعائر العبادية في الإسلام.

- الصلاة ومقاصدها العامة في الإسلام.

المبحث الأول
الصلاة وموقعها من منظومة الشعائر التعبدية في الإسلام

المطلب الأول: تمهيد في مفهوم الصلاة

والصلاة على ما يذكر بعض المؤرخين، جاءت من اللغة الآرامية، ومادتها (ص. ل. ا) (صلا)[8]. ومعناها ركع وانحنى. ثم استعملت في التعبير عن الصلاة بالمعنى الديني المعروف. ثم استعملها اليهود فأصبحت آرامية عبرانية. ودخلت اللغة العربية قبل الإسلام عن طريق أهل الكتاب[9]. كما تعني في اللغة كذلك الصلة، والدعاء والاستغفار[10]، والرحمة وحسن الثناء[11]. وفي هذا المعنى جاء قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[12]. وبمعنى الصلاة على النبي جاء قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[13]. وبمعنى الدعاء جاء قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[14].

هذا من حيث اللغة، أما من حيث الاصطلاح الشرعي لها في الإسلام، فهي تعني الشعيرة العبادية المفروضة، التي يؤديها المسلم من خلال نظام مخصوص، قوامه نية قاصدة إلى العبادة، وأقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم[15]، تستهدف تحقيق التقرب إلى الله، وإعلان الطاعة له والامتثال لأوامره[16]، وفق النظام الشرعي المحدد الذي وضعه لأداء هذه الشعيرة العبادية.

فالصلاة إذا هي ذلك النظام العبادي الشرعي الخاص، الذي فرضه الله على الإنسان المسلم بشكل توقيفي كامل، لا تأثير لإرادة الإنسان ورغبته فيه، كما جاء في الحديث النبوي: «... وصلوا كما رأيتموني أصلي»[17]. أي أن الإنسان المسلم لا دخل له في الوضع التشريعي لنظام الصلاة، وكل ما عليه هو تلقي وفهم هذا النظام العبادي التشريعي، وتطبيقه والالتزام به في حياته، كما شرعه الله ورسوله، من غير زيادة فيه، أو نقصان منه.

المطلب الثاني: موقع الصلاة من منظومة الشعائر التعبدية في الإسلام

وأما موقع الصلاة من منظومة الشعائر التعبدية في الإسلام فهو مركزي وحاسم. وكما أُشير إليه في مبحث سابق، فإن الصلاة تقع أو تتصنَّف ضمن دائرة أو إطار منظومة الشعائر التعبدية في الإسلام، التي تتكون بصفة أساسية؛ من الصلاة والزكاة والصيام والحج، وهو ما يعرف بأركان الإسلام، التي يأتي في مقدمتها ركن الشهادتين، باعتبارهما قاعدة الدين كله[18]، بل وقاعدة الحياة كلها، التي تؤكد الدور الأساسي لقضية العقيدة في الدين بصفة عامة، التي تسبق المسائل الأخرى السلوكية والاجتماعية وغيرها.

والحديث النبوي الذي يبين أركان الإسلام الخمسة، وموقع الصلاة منها، هو قوله (صلى الله عليه وسلم): «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان»[19].

والملاحظ في الحديث أن الصلاة تأتي في المرتبة الثانية في منظومة الشعائر العبادية في الإسلام، من حيث المكانة والأهمية، بعد الشهادتين مباشرة. لتأثيرها العميق والشامل في حياة الفرد والمجتمع، كما رأينا سابقاً، نرى ذلك لاحقاً أيضاً، في المبحث الثاني من هذا الفصل.

فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، عندما نأخذ بعين الاعتبار الأساس العقائدي للإسلام ممثلاً في الشهادتين كما أسلفنا. ولكنها تعتبر الركن الأول في المنظومة العبادية العملية؛ ممثلة في الصلاة والزكاة والصيام والحج، كما مرَّ في الحديث. فالصلاة هي أول أركان الإسلام العملية افتراضاً في الإسلام، لأنها فرضت في السنة الثامنة من البعثة المحمدية، أي قبل الهجرة إلى المدينة بخمس سنوات تقريباً[20]، بينما فرضت بقية الأركان الأخرى في المدينة بعد الهجرة.

والتأمل في مجموع الآيات والأحاديث التي وردت في شأن الصلاة، وكذلك التأمل في السيرة العملية للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، يؤكد المقولة المأثورة التي تقول بأن الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين[21]. ويكفي هنا أن نستشهد ببعض الآيات القرآنية والأحاديث والأحوال النبوية، لنرى فعلاً كيف تشكّل الصلاة ركناً رئيساً في الإسلام عامة، وفي منظومة شعائره التعبدية خاصة.

وفي القرآن نقرأ على سبيل المثال، قوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[22]. وكما هو واضح من الآية فإن الصلاة تشكّل مؤشراً عمليًّا أساسيًّا عن عبودية الإنسان لله. كما نقرأ كذلك قوله: {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[23]. أي مكتوبة ومفروضة ومحددة الأوقات والكيفيات. وقوله كذلك: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}[24]. وإقامة الصلاة معناه أداؤها بكل همة وجدية، في أوقاتها المعينة، وبكيفياتها المفروضة[25].

وجاء في الحديث النبوي: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد»[26]. كما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول: «جعلت قرة عيني في الصلاة»[27]. وبالإضافة إلى هذه الأوامر المؤكِّدة على وجوب الصلاة، وعلى مكانتها الخاصة في الدين، فإن التحذيرات الشديدة من التفريط فيها، هي كذلك مظهر آخر من مظاهر التأكيد على أهميتها وموقعها في الإسلام عامة، وفي منظومة شعائره التعبدية خاصة.

ويكفي أن نذكر هنا أن آيات وأحاديث كثيرة، تحدثت عن فسق واهتزاز، بل واختلال علاقة تارك الصلاة -كسلاً وتهاوناً- بالإسلام. بل ونصَّت آيات وأحاديث أخرى كثيرة عن كفره، إذا كان تركُه لها جحوداً بوجوبها، واستهانة بفرضيتها[28]. ويكفي أن نذكر هنا ما جاء في القرآن: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}[29]. {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ}[30]. وجاء في الحديث النبوي: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة»[31].

والمظهر الثالث المؤكد للمكانة الخاصة للصلاة في الإسلام عامة، وفي منظومة شعائره العبادية خاصة، هو بيان كون الصلاة لا تسقط عن المسلم في أي حال من الأحوال التي يمر بها في حياته؛ في صحته أو مرضه، وفي إقامته أو سفره، وفي يسره أو عسره. فمن لا يستطيع الوضوء تيمم. ومن أتعبته مشقة السفر قصَّر وجمع في صلاته. ومن لم يستطع الصلاة قائماً صلاها جالساً، فإن لم يستطع صلّاها متكئاً، فإن لم يستطع صلّاها إيماء[32]. وفي الحديث عن أحد الصحابة قال: «كانت بي بواسير، فسألت النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الصلاة، فقال: صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب»[33].

والصلاة في الإسلام ذات شأن كبير جدًّا، كما رأينا، فهي ترتقي إلى مستوى الفريضة العملية الأولى في الدين أولاً، ثم الفريضة العملية الأولى الملازمة لحياة الإنسان المسلم والمهيمنة عليها بشكل شامل ودائم كذلك، كما أسلفنا، إذ ترافقه في نهاره وليله. وسيتبين لنا لاحقاً لماذا احتلت الصلاة كل هذه المكانة في الدين وفي حياة المسلم الفردية والاجتماعية.

المطلب الثالث: أنواع الصلوات وأحكامها الشرعية

وإذا كانت شعيرة الصلاة تحتل هذه المكانة الأساسية في الدين، وتهيمن على حياة المسلم بهذا الشكل، فما هي طبيعة هذه الصلاة؟ من حيث أنواعُها وأحكامُها أو مراتبُها الشرعية؟

والنظرة العامة لطبيعة الصلاة في الإسلام، تبين أن الصلاة ذات طبيعة شاملة، من حيث أحكامُها ومراتبها الشرعية أو الفقهية. ومن حيث توزُّعها على غالب وقت المسلم. ومن حيث علاقتها بالفرد والمجتمع. وهو ما سيُتناول بالتحليل في هذا المطلب من البحث، لما لذلك من علاقة كبيرة بالمباحث الأساسية التالية، التي ستُركز على المقاصد والأبعاد الاجتماعية لشعيرة الصلاة.

المطلب الرابع: شمول الصلاة من حيث أحكامها ومراتبها الشرعية[34]

وهنا نرى أن الصلاة تتوزَّع على ثلاثة محاور أساسية، هي:

أ- محور الصلوات المفروضة أو الواجبة، التي تهم كل شخص بشكل فردي أو شخصي. وهو ما يسميه علماء الأصول والفقه بفروض العين[35]، وهي الواجبات المتعينة على كل مسلم بصفته الشخصية التي لا يمكن أن ينوب عنه غيره فيها. وهذا النوع من الصلوات يشمل الصلوات الخمس المفروضة. وهي:

صلاة الصبح: التي تؤدَّى قبل طلوع الشمس بحوالي ساعة ونصف. وهي أول ما يستقبل به المسلم يومه الجديد.

وصلاة الظهر: التي تؤدى في منتصف النهار، ويمتد وقتها إلى ما قبل دخول صلاة العصر.

وصلاة العصر: وتؤدى في منتصف الوقت بين المغرب والعصر والمغرب، ويمتد وقتها إلى ما قبل صلاة المغرب.

والمغرب: وتؤدى بعد غروب الشمس، ويمتد وقتها حتى ما قبل صلاة العشاء.

والعشاء: وتؤدى بعد صلاة المغرب بحوالي ساعة ونصف. ويمتد وقتها إلى ما قبل طلوع الفجر[36].

ب- محور الصلوات المندوبة أو المسنونة: وهي التي لا ترقى إلى مستوى الفرائض العينية الملزمة، ولكن تعتبر صلوات مستحبة ومرَغَّباً فيها ومؤكداً عليها، يُثاب عليها فاعلها. وعادة ما يطلق عليها الصلوات المسنونة أي التي سنّها رسول الله عليه الصلاة والسلام ورغّب فيها بأقواله وأفعاله. وهي كثيرة ومتنوعة جدًّا، وفيها الفردي وفيها الجماعي، والمؤكد وغير المؤكد. ويمكن أن نذكر هنا السنن الراتبة التي تسبق أو تلحق صلاة الفريضة. وصلاة العيدين، والكسوف والخسوف، والاستخارة، والاستسقاء، وقيام الليل، وصلاة الضحى.. إلى غير ذلك من الصلوات المسنونة أو المندوبة[37].

ج- محور الصلوات المباحة: وهي صلوات تطوعية يؤديها المسلم بحسب رغبته واستعداده.

شمول الصلاة من حيث أبعادها الفردية والجماعية: وكما كانت الصلاة شاملة للفرض والمندوب والمباح في حياة المسلم، فإنها جاءت شاملة كذلك لحياة الإنسان الفردية والجماعية. حيث إن هناك صلوات فردية يمكن أداؤها بشكل فردي، وهي غالب السنن الراتبة أو الصلوات التطوعية الكثيرة. وأخرى جماعية يجب أداؤها مع الجماعة. ويمكن أن نذكر هنا كأمثلة للصلوات الجماعية؛ صلاة الجماعة، والجمعة، والعيدين، والجنائز، والتراويح، والاستسقاء، والكسوف والخسوف..

شمول الصلاة من حيث تغطيتُها للزمن: والشمول في الصلاة لا يقتصر على البعدين السابقين فحسب، بل يمتد ليشمل بعد الزمن في حياة المسلم. حيث يُلاحظ أن الصلوات وُزِّعت بشكل متوازن يستوعب كل وقت المسلم حال كونه يقظاً، وهو غالب وقت الإنسان. ونرى هذا التوزيع بشكل أساسي، في الصلوات الخمس المفروضة، التي تبدأ من وقت مبكر في صباح كل يوم، عبر صلاة الصبح التي تقام قبل طلوع الشمس بحوالي ساعة ونصف. ثم تأتي بعدها صلاة الظهر في منتصف النهار، ثم تعقبها صلاة العصر في منتصف الوقت[38] بين العصر والمغرب تقريباً. ثم تأتي صلاة المغرب مع غروب الشمس وإيذان النهار بالانصراف، وتنتهي بصلاة العشاء بعد حوالي ساعة ونصف من المغرب[39].

وهذا الشمول في الصلاة، يُعَد مؤشراً مهمًّا من مؤشرات أهمية الصلاة في حياة الفرد والمجتمع، وهو ما سيزداد وضوحاً وتأكُّداً من خلال فقرات المبحث الأساسي التالي الذي يتناول المقاصد العامة للصلاة في الإسلام.

المبحث الثاني
الصلاة ومقاصدها العامة في الإسلام

يتناول هذا المبحث بالدراسة المقاصد العامة لشعيرة الصلاة، وذلك من أجل تعميق الحديث عن تجليات هذه الشمولية المُشار إليها في المبحث السابق، وخاصة فيما يتعلق منها بالبعد المقاصدي الوظيفي للصلاة بصفة عامة، والأبعاد الاجتماعية في هذه المقاصد الوظيفية بصفة خاصة.

والمقصود بالمقاصد هنا[40]، الغايات والأهداف الكلية التي تستهدف الصلاة تحقيقها في حياة الإنسان وحركة المجتمع، بغية تكييف واقعهما المعيش مع الغايات والأهداف العامة التي جاء من أجلها الإسلام.

وتكتسي الإحاطة بالمقاصد الكلية للصلاة أهمية كبيرة في تحقيق غاياتها وأهدافها في الحياة، ومن ثم تحقيق غايات وأهداف الإسلام بصفة عامة، باعتبار الصلاة ما هي إلا وسيلة من وسائل تحقيق غايات وأهداف الإسلام الكلية في الحياة. وهذا أمر منطقي فإن من لا يعرف أو لا يدرك مقاصد الشيء جيداً، فإنه من غير الممكن أن يعرف قيمته أولاً، ثم من غير الممكن، بالتالي، أن يحقق غاياته وأهدافه المرجوة منه ثانياً، وكما قيل فإن «فاقد الشيء لا يعطيه»!

والإحاطة الشاملة والمعمقة بالمقاصد الكلية للصلاة، المرتبطة بالمقاصد الكلية للإسلام، شرط ضروري لتحقيق مقاصد الصلاة ومقاصد الإسلام في الحياة، وضعف أو انعدام هذه الإحاطة، يؤثر بشكل سلبي في علاقة المسلم بالإسلام والحياة معاً. من هنا تأتي الأهمية الكبيرة لهذا المطلب الأساسي من مطالب البحث، الذي يساعد كثيراً في تفسير بعض ظواهر اختلال العلاقة بين مقاصد الشعائر العبادية في الإسلام، وفي مقدمتها شعيرة الصلاة، وبين الحياة السلوكية والاجتماعية للمسلم، التي شرعت الصلاة وبقية الشعائر التعبدية لإصلاحها وترقيتها.

ومن أجل الإحاطة بهذا الإطار العام للمقاصد الكلية للصلاة، الذي يبرز لنا مدى أهمية الأبعاد الاجتماعية في شعيرة الصلاة، فإنني سأحاول تناول ذلك من خلال المطالب الرئيسية التالية:

المطلب الأول: المقاصد العقدية للصلاة

المطلب الثاني: المقاصد الروحية للصلاة

المطلب الثالث: المقاصد النفسية للصلاة

المطلب الرابع: المقاصد التربوية للصلاة.

المطلب الأول: المقاصد العقدية للصلاة

إن العقيدة -بوصفها إيماناً بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر- تعتبر أساس كل عبادة في الإسلام، ولا يمكن لأية عبادة أن تخرج عن مقتضيات العقيدة[41]، وإلا تحولت في نظر الإسلام إلى نوع من الشرك والتمرد عن أمر الله تعالى. وهو ما جاء التأكيد عليه في القرآن في أكثر من موطن. كما يتضح ذلك في قوله تعالى على سبيل المثال: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[42].

والعبادة التي تعني تحقيق الطاعة والامتثال لمنهج الله في الحياة، هي غاية ومقصد كل شعيرة عبادية في الإسلام. فهي ما وجدت إلا لتساعد الإنسان على تحقيق عبوديته لله، فإذا لم تحقق الغاية منها فإنها تفقد شرعيتها ووظيفتها. كما يؤكد ذلك القرآن نفسه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ}[43]. فكل شيء في حياة المسلم يجب أن يصطبغ بالعبادة وحسن الطاعة والامتثال لمنهج الله الذي رسمه في الإسلام. والصلاة كما سبق ذكره في المبحث السابق، تأتي في مقدمة الشعائر العبادية في الإسلام، لأنها أكثر هذه الشعائر تجسيدا لحقيقة العبادة لله تعالى وروحها، في كل جزئية من جزئياتها، من خلال كثافة وقوة سريان المعاني العقدية في كل أقوالها وأفعالها وأحوالها.

والمقصد العقدي في الصلاة مقصد جوهري، بل هو مقصدها الأكبر والأساس. كما تؤكد ذلك هذه الآية القرآنية الصريحة على سبيل المثال: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[44]. والصلاة كما هو واضح من النص القرآني السابق، تستهدف تحقيق حالة الذكر المستمر لله، وما يعنيه ذلك من تجسيد لمقتضيات العقيدة في حياته بشكل دائم، يبتعد به عن الغفلة وضعف الإرادة والتسيب، والانجراف في متاهات الشرك والضلال كما يسميها القرآن، ويحقق له الاطمئنان والسكينة والتوازن في حياته، كما جاءت الإشارة إلى ذلك في القرآن: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ}[45]. وقمة مراحل الذكر تتحقق في الصلاة، عندما ينخلع الإنسان من الدنيا وينقطع لمناجاة ربه لبعض الوقت. على اعتبار أن الصلاة في جوهرها هي مناجاة ينفرد فيها الإنسان مع ربه ليحمده ويرجوه ويطلب مغفرته وعونه، كما جاء في الحديث النبوي: «إن المؤمن إذا كان في الصلاة، فإنما يناجي ربه»[46].

ومن ثم فإن الصلاة من هذه الناحية، شُرعت لتكون مذكراً دائماً للمسلم بحقائق العقيدة ومقتضياتها العملية، كما نلمس ذلك من هذا التوجيه القرآني كذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[47]. وتحقيق الذكر الدائم لله، ومقاومة الغفلة عن عبادته وامتثال أمره، هو الذي يجعل حقائق العقيدة ومقتضياتها حية في حياة الفرد والمجتمع معاً، وهما يرتقيان في مستويات الكمال البشري المطلوب[48]. لذلك فهو يعتبر المقصد الأساسي الأول من مقاصد الصلاة في الإسلام.

المطلب الثاني: المقاصد الروحية للصلاة

وهذا المقصد العقدي للصلاة مرتبط بمقاصدها الروحية بشكل وثيق. ولهذا فالمقصد الأساسي الثاني من مقاصد الصلاة في الإسلام هو المقصد الروحي. ويعني هنا تقوية صلة المسلم الذاتية بالله، بحيث ترتقي علاقته الروحية بربه إلى مستوى عالٍ من اليقظة الروحية الدائمة، التي تمكِّنه من أن يعبده فيها كأنه يراه ويستشعر حضوره القوي المستمر في حياته[49]. كما جاء ذلك في الحديث الذي وصف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) مرتبة الإحسان في سلم العبادة بقوله: «الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»[50].

ولا يخفى ما لهذا البعد الروحي من أهمية كبيرة في حياة الإنسان. فهو يشكل نقطة ارتكاز أساسية في الكيان الإنساني، كما يقول محمد قطب: «إن الطاقة الروحية في الإنسان هي أكبر طاقاته، وأعظمها، وأشدها اتصالاً بحقائق الوجود. طاقة الجسم محدودة بكيانه المادي وبما تدركه الحواس. وطاقة العقل أكثر طلاقة، ولكنها محدودة بما يعقل. محدودة بالزمان والمكان، بالبدء والنهاية، ومحكومة بالفناء. وطاقة الروح وحدها، في كيان الإنسان، هي التي لا تعرف الحدود والقيود. هي وحدها التي تملك الاتصال بما لا يدركه الحس ولا يدركه العقل.. تملك الاتصال بالله»[51]. والصلاة حين تنمّي الجانب الروحي في الإنسان، فإنما تساهم مباشرة في تقوية الإيمان وتعزيزه.

وهذا الأخير هو مصدر الطاقة والدفع التي تتيح للإنسان القيام بأعماله بصورة متوافقة مع مراد الشارع. «وكل أفعال الصلاة وأقوالها تدعم الجانب الإيماني عند المصلي وترعاه، ليتقوى ويزداد... وخاصة المواظبة على العبادة، والإكثار من الذكر، يليّن القلب، ويهيئ الجوارح لاستقبال نفحات الإيمان»[52].

وما لم تتحقق النظرة الشاملة للشخصية الإنسانية، التي تغطي فيها كل أبعادها المادية والعقلية والروحية والاجتماعية، وتنميها بشكل متكامل ومتوازن، فإن هذه الشخصية تتعرض للانفصام والاضطراب. لأنها تتحرك في الحياة ببعد واحد أو ببعدين فقط، في الوقت الذي كان عليها أن تتحرك بكل أبعادها الأساسية المشار إليها.

وفي تأكيد هذه القضية الحيوية، يقول عثمان نجاتي: «إننا لا نستطيع أن نفهم شخصية الإنسان فهماً واضحاً، بدون أن نفهم جميع العوامل المحددة للشخصية، سواء كانت مادية أو روحية، أو اجتماعية وثقافية. أما الاقتصار على دراسة العوامل الجسمية البيولوجية، والعوامل الاجتماعية والثقافية فقط، وإهمال أثر الجانب الروحي في الإنسان، فإن من شأن ذلك أن يعطينا صورة غير واضحة وغير دقيقة للشخصية»[53].

ومن هذا المنطلق، فإن الإسلام في نظرته الشمولية المتكاملة للإنسان، جاء مغطياً ومنمِّياً لكل هذه الأبعاد في الشخصية الإنسانية، بشكل متوازن ومتكامل. ولعل شعيرة الصلاة تقدم لنا خير مثال على هذه الشمولية المتوازنة في النظرة إلى الإنسان؛ من خلال عنايتها بخدمة الجوانب المادية في حياته، وتنمية الجوانب العقلية والروحية والاجتماعية كذلك، إلى أبعد الحدود.

ونظراً للدور الكبير الذي تؤديه الطاقة الروحية في الشخصية الإنسانية، فقد احتل في الصلاة مكانة بارزة جدًّا[54]، بحيث إنه يأتي في المقصد الثاني من مقاصد الصلاة الكلية، بعد المقصد العقدي مباشرة، ليقوي إيمان الإنسان بالله، ويرفع درجة رقابته له، وصلته به، وطاعته له. ولعل في الحديث التالي ما يشير إلى قوة خدمة الصلاة لهذا البعد الروحي في الشخصية الإنسانية، ورفع درجة الإيمان، وقوة الروح إلى مستويات عالية جدًّا، فقد جاء في الحديث القدسي[55]: «من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه»[56].

والصلاة التي يتوفر فيها التركيز والخشوع، تؤدي بالضرورة إلى رفع درجة الإيمان لدى الإنسان، التي ترفع بدورها درجات المراقبة والمحاسبة والخوف من الله، والمحبة له، والإقبال على الطاعة والامتثال لأمر الدين، وهو ما يعمل على رفع درجة الصلاح الذاتي لدى الإنسان أولاً، ثم رفع درجة إيجابيته الاجتماعية ثانياً. كما يشير إلى ذلك الحديث السابق.

ومن أهم ما تهتم به الصلاة بوصفها عبادة إسلامية «العناية بالجانب الروحي في الإنسان فتملؤه إيماناً وسكينة، وتوثّق صلته بربه، فيسعد في حياته، ويطمئن على مصيره، ويطمح إلى حياة أخرى أسعد، وأحسن في جوار ربه»[57]. ويمكن تلخيص أهمية المقصد الروحي للصلاة في نقاط عامة على النحو الآتي:

- تنمية الطاقة الروحية لدى الفرد،

- ربط صلته بالله سبحانه وتعالى،

- تعزيز التدين،

- تحقيق التوازن في شخصيته،

- الارتقاء بالفرد في مراتب العبودية لله،

- تنمية روح السكينة والطمأنينة عنده،

- وتوظيف طاقته الروحية لمواجهة صعوبات الحياة،

- الاستمتاع بحلاوة الإيمان والصلاة،

- تأثير كل ذلك في استقامة الفرد وفي علاقاته الاجتماعية وفي فعاليته وصلاحه لنفسه ولمجتمعه. لأن العبادة عامة والصلاة خاصة «في جانب مهم منها دعوة إلى خدمات اجتماعية تنفع الفرد وتنفع الأمة»[58].

المطلب الثالث: المقاصد النفسية للصلاة

إذا كانت المقاصد العقائدية والروحية للصلاة في الإسلام تستهدف بناء العلاقة المتينة بالله؛ عبر تحقيق مقتضيات التقوى في حياة الإنسان. بحيث يعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن هو يرى الله فإن الله يراه. فإن مقاصدها النفسية تستهدف العناية بتنمية الجوانب الوجدانية والعاطفية المتصلة بتنمية مشاعر الحب والرحمة والرأفة والخير والجمال، وتحقيق حالة الاسترخاء والتوازن النفسي الذاتي في حياة الإنسان، وتخليصه من مشاعر الكراهية والقسوة والشر والقلق والاكتئاب والصراع النفسي المدمر للتوازن[59].

والتزكية النفسية للإنسان على هذا المعنى، تعتبر مقصداً أساسيًّا من مقاصد الإسلام عامة، ومن ثم مقصداً أساسيًّا من مقاصد الصلاة خاصة، كما جاء التأكيد على ذلك في القرآن في أكثر من آية، من مثل قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}[60].

وتحقيق حالة الاستقامة والتوازن الذاتي للإنسان، التي تبدأ بتزكية عواطفه ومشاعره الداخلية، والسير بها قدماً باتجاه المزيد من الإحساس بالجمال والنزوع إلى الخير والصلاح[61]، كما تشير إليه الآية السابقة، هو هدف كل العبادات الإسلامية، وفي مقدمتها الصلاة، التي تؤدي فعلاً دوراً كبيراً في هذا المجال؛ من خلال توفيرها للأساس العقدي والروحي والنفسي المتين، المساعد على تهذيب النفس، وصقل ملكاتها، والحيلولة دونها ودون سيطرة المشاعر السلبية أو الشريرة عليها.

وفي هذا المعنى جاءت الإشارة في القرآن إلى الدور الحيوي للصلاة في تهذيب النفس، وصقل ملكاتها الفطرية، وتحقيق توازنها، وتخليصها من كل ما يؤثر سلباً في استقامتها، كما في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[62]. وقوله كذلك: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[63]. وقوله أيضا: {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا. إِلَّا المُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}[64].

والصلاة في الإسلام، تشكّل فعلاً دعامة أساسية من دعامات التهذيب النفسي، وتخليص الإنسان من كثير من أمراضه النفسية، إذا ما استطاع أن يستفيد من الإمكانات العقدية والروحية والنفسية المتنوعة، التي تتيحها له شعيرة الصلاة[65].

كما أن الصلاة بوصفها نظاماً متكاملاً للنظافة الخارجية عامة والجسمية خاصة، ونظاماً للتنمية الفكرية، والتزكية النفسية، تعمل على دفع الإنسان إلى تغيير واقعه السلبي ليقترب أو يتطابق مع المُثل أو النماذج الأخلاقية والسلوكية العليا التي يرسمها الإسلام للإنسان فرداً ومجتمعاً.

والمسلم وهو يلتقي بربه خمس مرات يوميًّا بشكل إجباري منتظم، في لقاءات خاصة؛ ذات طابع علمي وفكري وروحي وأخلاقي رفيع، يناجي فيها ربه مباشرة، ويتلقى منه الوحي مباشرة؛ عبر ما يتلوه من قرآن في صلاته، وما يقوم به من أذكار تتخلل كل مراحل الصلاة وحركاتها وأوضاعها، يجدد بها إيمانه به، وطاعته ومحبته له. وما يقوم به من أدعية يبث بها شكواه إلى ربه، ويستمد بها القوة والعون والتأييد منه.

إن كل هذه العمليات الفكرية والروحية والنفسية والعاطفية المتكررة خمس مرات في اليوم، وعلى أوقات متوازنة، لا شك في أنها تعمل على تقوية إيمان المسلم، وعلى حفز إرادته، وتدفع به قدماً لتغيير ما بنفسه من النزعات الشريرة والأخلاق السيئة، وإحلال النزعات الخيِّرة والأخلاق الحسنة محلها. ولا يخفى ما للتكرار المنتظم، من أهمية وقدرة كبير جدًّا على تقرير الأفكار والمعارف، وتثبيت السلوكيات وترسيخها في حياة الإنسان، وتحويلها إلى أحوال نفسية وعادات فكرية أو سلوكية مستقرة، تمارس دوراً تأثيريًّا كبيراً وحاسماً على سلوكيات الإنسان المختلفة، وفي مختلف مناشط الحياة. وهي كذلك راحة نفسية وروحية للإنسان كما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: «أرحنا بها يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها»[66].

ونأخذ هنا على سبيل المثال سورة واحدة من سور القرآن التي لا تصح الصلاة دون قراءتها، وهي سورة الفاتحة، التي يقرؤها المسلم إجباريًّا سبع عشرة مرة في اليوم[67]، واثنين وعشرين مرة في اليوم؛ إذا أخذنا بعين الاعتبار ركعتي سنة الفجر، وركعتي سنة الشفع، وركعة سنة الوتر التي عادة ما يواظب عليها كل مصلٍّ. ونحلل محتواها العقدي والفكري والروحي والنفسي. لندرك مدى الإمكانية الكبيرة التي تتوفر في الصلاة للتأثير القوي في حياة الإنسان فعلاً.

والفاتحة تنقسم إلى أربعة محاور كبرى هي:

محور العقيدة: الذي تمثله الآيات الأربع الأولى من السورة: {الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[68]. والتي ترسِّخ في النفس الإيمان بأصول العقدية الكلية وهي الإيمان بالله خالقاً وحيداً للكون، وبصفات الرحمة التي تحكم علاقته بالمخلوقات، وباليوم الآخر الذي لا يملك فيه أحد شيئاً مع الله، الذي ينفرد بالملك والحكم فيه[69].

محور العبادة: الذي تمثله الآية الخامسة من السورة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[70]، والتي ترسخ في النفس عبودية الإنسان لله، وحاجته إليه، وهما أساس خلافة الإنسان في الأرض، وقوام مهمته فيها.

محور منهج العبادة: الذي تمثله الآية السادسة من السورة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ}[71]، التي ترسخ في النفس حاجة الإنسان إلى هداية الله له عبر الرسالات السماوية التي خُتمت بالإسلام كما نعتقد نحن المسلمين.

محور حركة الانحراف عن منهج العبادة: الذي تمثله الآية السابعة من السورة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[72]، التي تعمق في النفس أهمية الانتباه إلى الانحراف عن المنهج الصحيح للعبادة، وما له من أثر في استقامة الحياة الفردية والجماعية.

هذه القضايا الأربعة الأساسية الكبرى، التي تحتوي عليها سورة الفاتحة بشكل مباشر وصريح، والتي تأتي بقية الآيات القرآنية الأخرى، التي يقرؤها المصلي عقب الفاتحة، كشروح تفصيلية وتأكيدية لهذه الكليات التي قررتها الفاتحة، لا شك في أنها تحدث مفعولها العقدي والروحي والنفسي والسلوكي القوي في حياة الإنسان مع مرور الوقت، وازدياد تراكم تأثيرات تكرارها الدائم، وطرْقها المستمر على عقله ونفسه ومشاعره[73]. وهو ما ستتضح بعض صوره في المطلب التالي من البحث.

المطلب الرابع: المقاصد التربوية للصلاة

المقصد الأساسي الثالث من مقاصد الصلاة في الإسلام، هو المقصد التربوي. ويُقصد به هنا التنمية الشمولية المتوازنة والمتكاملة والدائمة للشخصية الإنسانية، حتى تصل إلى كمالها الإنساني المتاح، شيئاً فشيئاً. على اعتبار أن التربية في تعريفها العام هي: «تنمية الوظائف الجسمية والعقلية والخلقية كي تبلغ كمالها عن طريق التدريب والتثقيف»[74]. تقول ربيت الولد إذا قويت ملكاته، ونمَّيت قدراته، وهذبت سلوكه، كي يصبح صالحاً ونافعاً للحياة في بيئة معينة[75].

وكما هو واضح من التعريف فإن التربية تنزع إلى كل ما هو عملي ومؤثر في حياة الإنسان وعلاقات المجتمع، بخلاف مفهوم العلم الذي يستهدف عادة تزويد الإنسان بالمعلومات والمعارف العلمية الصحيحة[76]، التي تتولى العملية التربوية تحويلها إلى واقع نفسي وسلوكي واجتماعي وثقافي. وهو ما ينسجم تماماً مع المنطق العملي الإيجابي الذي يتميز به الإسلام، ويؤكده في كل تشريعاته. حتى ذهب المحققون من العلماء إلى القول بأن كل علم لا يفيد عملاً فليس في الشريعة ما يدل على استحسانه[77]. بل ووَرَد في القرآن التشنيع الشديد بظاهرة التناقض بين العلم والعمل، ومخالفة القول للفعل، كما نرى ذلك في قوله تعالى على سبيل المثال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[78].

ومن هنا يتجلى القصد التربوي في كل الشعائر العبادية في الإسلام، بكل قوة. وفي مقدمة هذه الشعائر العبادية شعيرة الصلاة طبعاً، بوصفها الشعيرة العبادية العملية الأولى في منظومة الشعائر العبادية الإسلامية كما ذُكر سابقاً. وهذا ما يُلمس على سبيل المثال في عدة آيات في القرآن، منها قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[79]. فالصلاة المستوفية الشروط، المتقنّةُ الأداء، مُعين كبير على تقوية صبر الإنسان وإرادته في مقاومة المغريات والانحرافات في حياته، وامتلاك القدرة على المحافظة على توازنه واستقامته. وهو ما تؤكده آية أخرى جاء فيها: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ}[80].

والتأكيد نفسه على الدور التربوي الكبير للصلاة في المحافظة على توازن حياة الإنسان، ودعم استقامته، جاء في الحديث النبوي، أن رجلاً جاءه وقال له: إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق! فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: «ينهاه ما يقول»[81]. أي أن صلاته ستدفعه مع مرور الوقت إلى الإقلاع عن ذلك، وهو ما حدث له فعلاً.

وفي مثال آخر أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكر ذلك له، فأنزلت عليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[82]. فدعا الرسول الرجل وتلا عليه الآية، قال الرجل: ألي هذه ؟ فأخبره بأن ذلك «لمن عمل بها من أمتي»[83].

والصلاة بأرضيتها العقدية المتماسكة، وبأنظمتها الشعائرية العبادية العملية المتكاملة، تمارس تأثيراً فكريًّا ونفسيًّا وروحيًّا وسلوكيًّا كبيراً على حياة الإنسان، وتعمل على المحافظة على توازنه، واستمرارية استقامته. كما تؤكد ذلك توجيهات كثيرة في القرآن والسنة، ووقائع سلوكية لا حصر لها في حياة كثير من المسلمين، الذين استوعبوا حقيقة الصلاة ومقاصدها، وجاهدوا أنفسهم في الالتزام العملي بها.

وقد يكفي هنا الاستشهاد بحديث نبوي، يشير إلى كيفية تأثير الصلاة في حياة المسلم، من خلال التجديد المستمر للشروط الفكرية والنفسية والروحية التي تعينه على المحافظة على توازنه الذاتي، وإذا ما اختل هذا التوازن فإنها تمكنه من استعادته بسرعة. وهكذا دواليك. يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «تحترقون تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها. ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها. ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها. ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها. ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها. ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا»[84].

والمقصود بالاحتراق هنا، التأثير السلبي للأخطاء والانحرافات والمعاصي والضغوطات الاجتماعية، على التوازن الفكري والنفسي والروحي والسلوكي للمسلم، وما يترتب على ذلك من ممارسات غير سوية في حياته. والمقصود بـ(غسَلتها) هنا، أي التأثير الإيجابي للصلاة في استعادة حالة التوازن الذاتي، والمحافظة على استمرارية الاستقامة الفاعلة في حياته؛ من خلال ما تزوده به كل صلاة من الصلوات الخمس، من طاقة روحية، ووعي فكري أو معرفي، يعززان قوة إيمانه، وصلابة إرادته، ويجددان قدرته على مراجعة نفسه وتصحيح أخطائه، واستعادة حالة توازنه واستقامته.

هذا هو المقصد التربوي للصلاة، وهو من أقوى مقاصدها، لأنه يتعلق بالجانب العملي أو السلوكي في حياة المسلم، وهو الجانب المعول عليه في الحياة، كما جاء في الحديث النبوي: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم. ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»[85].

فطهارة القلب، وإيجابية العمل، واتساع نطاق منفعته الاجتماعية، هو ما تستهدفه كل المناهج التربوية في العالم[86]. وهو ما تتمحور حوله مقاصد الصلاة في الإسلام أساساً، وكل ما لا يؤثر إيجاباً في تغيير التفكير والسلوك الإنساني، فهو يؤشر إلى خلل ما في أداء الشعائر العبادية وفي مقدمتها شعيرة الصلاة، كما يشير إلى ذلك هذا الحديث النبوي على سبيل المثال: «رب قائم حظه من القيام السهر، ورب صائم حظه من الصيام الجوع والعطش»[87].

* الخاتمة

والخلاصة التي ننتهي إليها في هذا الموضوع، هي تأكيد كون الصلاة لها تأثيرات تربوية شاملة في حياة الإنسان المسلم، تمتد لتستوعب بالتغيير والإصلاح والترقية، حياته الفكرية والعقدية والنفسية والروحية والجسمية والسلوكية والاجتماعية معاً.

وهذا التأثير التربوي الشامل للصلاة، يمتد مع الإنسان المسلم طيلة حياته، ولا يقتصر على فترة من فترات عمره، ويزداد مع مرور الزمن، وتقدم السن به، وزيادة نضجه الفكري والروحي، خاصة وأن الصلاة شعيرة لا يسقط أداؤها عن الإنسان في أي حال من الأحوال التي يمر بها في حياته بخلاف بقية الشعائر العبادية الأساسية الأخرى.

وكل هذا يعطي قيمة تربوية كبيرة للصلاة في حياة المسلم فرداً أو مجتمعاً، وهو ما يقوّي حرص المسلمين على العناية الشديدة بإقامة شعيرة الصلاة، والاستفادة من القوة الروحية والاجتماعية الذاتية التي أودعها الله فيها، من أجل إصلاح حياتهم وحفظ توازنها.

فالصلاة ثروة أساسية لا تقدر بثمن، لمن وعى مقاصدها، وأدرك دورها في تحقيق التزكية الروحية والسلوكية، والتنمية الاجتماعية في حياة المسلمين، وعمل على إدخالها ضمن الثروات الكبيرة التي يمتلكها المجتمع من أجل النهوض بأوضاعه، ولم ينظر إليها نظرة جزئية بسيطة كما هو واقع المسلمين في نظرتهم للصلاة اليوم.

فالصلاة بإمكانها أن تحدث تغييرات كبيرة وعميقة ومتجددة في حياة المسلمين، إن هم صححوا نظرتهم إليها، وحققوا مقاصدها عبر أنظمتهم التربوية، وبيئاتهم الأسرية، ومؤسساتهم المسجدية التي لا تخلو منها أية قرية من قراهم، أو حي من أحيائهم.

 

 



[1]* باحثة من الجزائر.

 العنكبوت: 45.

[2] رشيد رضا، تفسير المنار، تعليق سمير مصطفى رباب، دار إحياء التراث العربي، بيروت 2002. ج4، ص: 25.

 

[3] الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، دون، ج20، ص: 258.

 

[4] عبد المنعم صالح العي، تهذيب مدارج السالكين لابن القيم، ط6، مؤسسة الرسالة، بيرت 2000. ج2، ص: 763.

 

[5] رواه البخاري برقم: 4777.

 

[6] محمد قطب، منهج التربية الإسلامية، ط2، دار الشروق، بيروت، د.ت. ص: 19.

 

[7] صحيح البخاري، باب بني الإسلام على خمس، حديث رقم 8.

 

[8] راجع مادة (صلا) في: الراغب الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: نديم مرعشلي، طبعة دار الفكر، د.ت.

 

[9] جواد علي، تاريخ الصلاة في الإسلام، مطبعة ضياء، بغداد، ص: 7.

 

[10] ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، لبنان. ج14، ص: 464.

 

[11] صلال الموحى، المرجع السابق. ص:.235

 

[12] الأحزاب: 43.

 

[13] الأحزاب: 56.

 

[14] التوبة: 103.

 

[15] وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج1، ص:501.

 

[16] ابن تيمية عبد الحليم، العبودية، المكتبة السلفية، القاهرة، 1987. ص: 10.

 

[17] صحيح البخاري، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، حديث رقم 7247.

 

[18] محمد نعيم ياسين، الإيمان. أركانه حقيقته نواقضه، ط5، دار الفرقان، عمان، الأردن 1989، ص: 11.

 

[19] صحيح البخاري، باب بُني الإسلام على خمس، حديث رقم 8.

 

[20] صحيح البخاري، نفسـه، حديث رقم 3342.

 

[21] أبو حامد الغزالي، أسرار الصلاة، تحقيق: سعد كريم الفقي، (د.ت)، ص: 7.

 

[22] طه: 14.

 

[23] النساء: 103.

 

[24] هود: 114.

 

[25] عفيف طبارة، روح الدين الإسلامي، ط21، دار القلم، بيروت، لبنان (د.ت)، ص:250.

 

[26] سيد سابق، فقه السنة، ج1، ص: 101.

 

[27] ابن القيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، ج4، ص: 308.

 

[28] سيد سابق، المرجع السابق. ص: 103.

 

[29] الماعون: 4 - 5.

 

[30] المدَّثر: 42 - 43.

 

[31] سنن الترمذي، حديث رقم 2620.

 

[32] يوسف القرضاوي، العبادة في الإسلام، ط24، مكتبة وهبة، القاهرة 1995، ص: 205.

 

[33] صحيح البخاري، باب إذا لم يطق قائماً فقاعداً، حديث رقم 1117.

 

[34] راجع: حسن أبو غدة، قطوف من فقه العبادات، ط1، مكتبة العبيكان، الرياض 1997م، ص: 12 وما بعدها.

 

[35] عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه، ط8، مكتبة الدعوة الإسلامية، القاهرة، د.ت، ص: 108

 

[36] الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج1، ص: 506.

 

[37] شهاب الدين القرافي، الذخيرة، تحقيق سعيد أعراب، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان 1994، ج2، ص: 402.

 

[38] انظر: حسين العوايشة، الصلاة وأثرها في زيادة الإيمان وتهذيب النفس، ط2، المكتبة الإسلامية، عمان 1992م، ص: 24 وما بعدها.

 

[39] انظر: وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، مبحث الصلاة الطويل جدًّا.

 

[40] راجع: مجموعة رسائل في الصلاة، الإدارة العامة للطبع والترجمة، الرياض 1405هـ، ص: 177 وما بعدها.

 

[41] سيد قطب، المستقبل لهذا الدين، الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية 1988. ص: 12.

 

[42] الذاريات: 56.

 

[43] الأنعام: 163 - 162.

 

[44] طه: 14.

 

[45] الرعد: 28.

 

[46] صحيح البخاري، باب المصلي يناجي ربه عز وجل، حديث رقم/ 413، ح2، 260.

 

[47] الجمعة: 9 - 10.

 

[48] محمد الغزالي، فن الذكر والدعاء، ط4، دار الشروق، القاهرة 2006، ص: 7.

 

[49]  محمد الغزالي، المحاور الخمسة في القرآن، ط4، دار القلم، دمشق 2005. ص: 71.

 

[50] صحيح البخاري، باب سؤال جبريل للنبي حديث رقم 4777، ج1، 78.

 

[51] محمد قطب، منهج التربية الإسلامية، ط2، دار الشروق، بيروت (د. ت)، ص: 47.

 

[52] أحمد العامري، الأبعاد التربوية للصلاة، ص: 48.

 

[53] محمد عثمان نجاتي، القرآن وعلم النفس، ط4، دار الشروق، القاهرة 1989، ص: 208.

 

[54] يوسف القرضاوي، العبادة في الإسلام، ص: 227.

 

[55] يختلف الحديث القدسي عن الحديث النبوي؛ في كون الحديث القدسي معناه من الله ولفظه من الرسول، بينما الحديث النبوي معناه ولفظه من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

[56] صحيح البخاري، باب التواضع، حديث رقم/ 6502، ج20، ص: 158.

 

[57] أحمد العامري، الأبعاد التربوية للصلاة، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط 1997م، ص: 26.

 

[58] عفيف الشرقاوي، الفكر الديني في مواجهة العصر، نقلاً عن: أحمد العامري، الأبعاد التربوية للصلاة، مرجع سابق، ص: 26.

 

[59]  عثمان نجاتي، مرجع سابق، ص: 264.

 

[60] الشمس: 7-10.

 

[61] الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ج 30، ص: 370.

 

[62] المؤمنون: 1 - 2.

 

[63] هود: 114.

 

[64] المعارج: 19-23.

 

[65] سيد قطب، في ظلال القرآن، ط15، دار الشروق بيروت 1988، ج5، ص: 2738.

 

[66]  صحيح أبي داود للألباني رقم الحديث: 4 9 8 5.

 

[67] وهبة الزحيلي، التفسير المنير، ط2، دار الفكر المعاصر، دمشق 1418هـ. ج1/64.

 

[68] الفاتحة: 1 - 3.

 

[69] انظر سعيد حوى، الأساس في التفسير. ج1، ص: 39.

 

[70] الفاتحة: 5.

 

[71] الفاتحة: 6.

 

[72] الفاتحة: 7.

 

[73] سيد قطب، في ظلال القرآن، ط15، دار الشروق، القاهرة 1988. ج1/21.

 

[74] مجمع اللغة العربية، المعجم الفلسفي، الهيئة العامة للنشر والمطابع، القاهرة 1983، ص: 49.

 

[75] جميل صليبا، المعجم الفلسفي، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1982م، ج1، مادة تربية.

 

[76] انظر: مالك بن نبي، ميلاد مجتمع، مرجع سابق، ص: 69 وما بعدها.

 

[77] أبو إسحاق الشاطبي، الموافقات، ج1، ص: 73.

 

[78] الصَّف: 3 - 2.

 

[79] العنكبوت: 45.

 

[80] البقرة: 45.

 

[81] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مؤسسة المعارف، الرياضة 1406. ج2/261

 

[82] هود: 114.

 

[83] صحيح البخاري، باب قوله: {وأقم الصلاة طرفي النهار}، حديث رقم/4687، ج14، ص: 70 2.

 

[84] المنذري الحافظ عبد القوي، الترغيب والترهيب في القرآن الكريم، تحقيق: محمد نصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، دمشق - بيروت 1982م، ج1، ص: 183.

 

[85] صحيح مسلم، باب تحريم ظلم المسلم وخذله، حديث رقم/4651، ج12، 227.

 

[86] مالك بن نبي، ميلاد مجتمع، ترجمة: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، دمشق 1986، ص: 88.

 

[87] المنذري، الترغيب والترهيب، مرجع سابق، ص: 183.