شعار الموقع

اللغة العربية وثقافتها خارج الوطن العربي

قسم التحرير 2004-10-14
عدد القراءات « 616 »

تعاني اللغة العربية اليوم من تحديات كثيرة في ظل عولمة ثقافية وإعلامية تُسوق للغات وثقافات متعددة ومختلفة. بالإضافة إلى تراجعها عن مواكبة التطور العلمي والفكري المذهل الذي يبتكر ويبتدع يومياً العشرات من المصطلحات العلمية والنظريات والمفاهيم الجديدة. وليس العيب في اللغة العربية التي استوعبت في الماضي مفاهيم الوحي الإلهي وتراث الحضارات السابقة العلمي والفلسفي، ولكن المشكل يكمن في تخلف العرب والمسلمين عن مواكبة الركب الحضاري.

 

هذه التحديات التي تواجهها اللغة العربية وثقافتها خارج أوطانها كانت موضوع الندوة التي نظمها المجمع الثقافي العربي في بيروت تحت عنوان: (اللغة العربية وثقافتها خارج الوطن العربي) وعلى مدى يومين 25 و26 أيلول سبتمبر 2003م.

 

شارك في الندوة علماء من الصين والهند وفرنسا وإيطاليا وألمانيا ورومانيا وإيران وإندونيسيا بالإضافة إلى مفكرين من عدد من الدول العربية.

 

في الجلسة الافتتاحية التي حضرها لفيف من الشخصيات السياسية والثقافية والتربوية اللبنانية والعربية. تحدث في البداية أمين سر المجمع الثقافي العربي البروفسور فيكتور الكك، فأشار إلى أن تقارير اليونسكو تؤكد بأن اللغة العربية في تراجع حتى داخل الدول العربية، لذلك طالب الكل بضرورة العمل على اعتماد اللغة العربية كلغة تدريس في جميع المواد والاهتمام بآدابها وتراثها، ثم تحدث بعده الأمين العام للمجمع الثقافي العربي الدكتور عبد الرؤوف فضل الله. فأكد على أن (الثقافة هي الوسيلة الوحيدة للتوصل إلى ما نبتغيه في عصرنا، عصر الثقافة)، كما انتقد المروجين لفكرة صراع الحضارات وطالب بتشجيع حوار الحضارات، بدل صراعها.

 

ثم ألقى د. جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في مصر كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية، التي أشار فيها إلى الجهود التي تبذلها الجامعة للاهتمام بالثقافة العربية ونشرها، كما أكد أن انتشار اللغة العربية في الدول الإفريقية والآسيوية كان بفضل الإسلام الذي أصبح الجامع وصلة الوصل بين المسلمين العرب والمسلمين غير العرب، كما دعا إلى ضرورة تنقية الثقافة العربية من الشوائب التي علقت بها نتيجة الصراعات السياسية والمذهبية وغياب الحريات السياسية والفكرية.

 

تحدث كذلك في هذه الجلسة وزير الثقافة الأردني حيدر محمود الذي أكد على أن اللغة العربية الفصحى هي (هوية الأمة ومفتاح حضارتها)، وأشار إلى أن (اللغة العربية غنية جداً بمفرداتها فمهما أخذت منها لا تنقص والمطلوب إعادة الاعتبار لها لأنها لغة الماضي والحاضر والمستقبل).

 

وأخيراً ألقى الوزير كرم كرم كلمة الرئيس اللبناني التي أشاد فيها باللغة العربية معتبراً إياها عنوان الذات والشخصية والحضارة العربية، كما أشار إلى عوائق عدم توطين اللغة خارج الوطن العربي، متمثلة في اقتصار التأليف والنشر على العرب فقط واقتصار الترجمة على نقل الشيء القليل من الثقافة والفكر العربي، والاهتمام المحدود للمستشرقين باللغة والثقافة العربية، وقد اقترح كرم استخدام مصطلح (العربيانية) على وزن الفرنكفونية، لنشر الثقافة العربية وترسيخها في الفكر الغربي.

 

انطلقت أعمال الندوة بجلسة أولى ترأسها وزير الشؤون الاجتماعية أسعد دياب وتحدث فيها في البداية كوشاوهوا من الصين، الذي قدم عرضاً تاريخياً لتعليم اللغة العربية في الصين، ثم تحدث بعده من الصين كذلك شريف شي سيتونغ عن: دراسات الثقافة العربية: واقعها وتنميتها فاستعرض المراحل التي عرفتها ومرت بها الثقافة العربية والإسلامية في الصين، وتحدث عن ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الصينية، وكذلك أشار إلى حركة الترجمة من العربية إلى الصينية والدراسات الصينية المهتمة بقضايا الشرق الأوسط.

 

تناول الكلمة كذلك في هذه الجلسة فلوريال سانا غوستان من المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق، فتحدث عن واقع اللغة العربية وثقافتها في فرنسا والدور الذي لعبه الاستشراق الفرنسي في مجال التعريف بالعربية وثقافتها وكذلك دور باقي المؤسسات العلمية الفرنسية.

 

ومن إيران تحدث الباحث خليل برويني عن واقع اللغة العربية بين المناهج والتراث المخطوط في الماضي والحاضر، كما تحدث عن واقع أقسام اللغة العربية وآدابها في إيران. تحدثت الباحثة بتول مشكين فام من إيران كذلك عن انتشار اللغة العربية في إيران منذ العهود الأولى لانتشار الإسلام وأشارت إلى أن اللغة العربية قد استعادت مكانتها المرموقة بعد انتصار الثورة الإسلامية، ثم تحدث بعدها الباحث أنطونينو بيليتري من إيطاليا عن تجربة المصلح محمد عبده المصري في باليرمو من خلال ما كتبه عنها تلميذة محمد رشيد رضا.

 

ترأس الجلسة الثانية وزير التعليم العالي في سوريا د. هاني مرتضى وتحدث فيها كل من شتيغان ليدر من ألمانيا عن المعتقدات والمفاهيم وعلاقتها بالواقع ودور الخبر في التاريخ والأدب. وأ. س رحمن من الهند عن العربية بين التقليد الطويل والواقع الراهن.

 

كذلك تحدثت ناديا أنغلسو من رومانيا عن واقع الباحث الإندونيسي أحمد درديري فقدم لمحة تاريخية عن مراحل تعلم اللغة العربية في إندونيسيا.

 

الجلسة الختامية ترأسها د. محمد العربي ولد خليفة من الجزائر، وقد عقدت تحت عنوان: وجهة نظر مثقف عربي يعيش في الغرب. وقد تحدث فيها خليل سمعان من الولايات المتحدة الأمريكية وسماحة خوري من فرنسا، كما قدم نجيب زكا تعقيباً في آخر الجلسة.

 

* وفي السياق نفسه أي مواجهة التحديات التي تواجهها اللغة العربية في العصر الراهن عقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المؤتمر السنوي الدولي العاشر لجمعية لسان العرب تحت عنوان (اللغة العربية في عصر العولمة) وذلك في القاهرة بين 17 ـ 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2003م.

 

من أهم المحاور التي عالجها المشاركون في هذا المؤتمر، وضع اللغة العربية من خلال وسائل الإعلام والفضائيات المفتوحة، وأبعاد قضية الترجمة والتقريب في تقريب مفهوم العولمة، وأهمية اللغة العربية كعامل أساسي في تقريب حوار الحضارات، بالإضافة إلى رصد تأثيرات العولمة على واقع اللغة العربية ومستقبلها.