شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
«الأساليب الفكرية والعملية
لتحقيق الوحدة بين المذاهب الإسلامية»
«ما أحوج المسلمين اليوم لرص الصف، ورأب الصدع، وترك الخلافات، وأن يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، وأن نركز على المتفقات والمشتركات».
الشيخ عبد الكريم الخصاونة - المفتي العام للأردن
بمناسبة مولد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وحفيده الإمام الصادق (عليه السلام)، وبمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية، نظَّم المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران، المؤتمر الدولي الرابع والعشرين للوحدة الإسلامية تحت عنوان: «الأساليب الفكرية والعملية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسيلامية»، وذلك بين 15 - 17 ربيع الأول الموافق 19 - 21 شباط (فبراير) 2011م.
شارك في فعاليات المؤتمر عدد كبير من العلماء والفقهاء والمفكرين والكُتَّاب والأكاديميين ورجال السياسة والإعلام، من إيران والعالمين العربي والإسلامي، وأوروبا وأمريكا وآسيا.
قُدِّم في المؤتمر أكثر من 70 ورقةً وبحثاً، ناقشت مجموعة من المحاور، نذكر منها:
- تعميق المنهج الوسطي في فهم الشريعة.
- مراعاة فقه الأولويات، ومعرفة المآلات، ومراعاة الظروف العملية عند اتخاذ المواقف الشرعية.
- مراعاة مقاصد الشريعة القطعية، وخصائص الإسلام العامة.
- إحياء علم المقارنات أو علم الخلاف.
- الاهتمام بعملية الاجتهاد المجمعي.
- الاهتمام بفقه النظريات الذي يختلف عن الاستنباط الجزئي.
- الاهتمام بالتعمّق في أسس حركة التقريب وقيمها في مختلف البحوث والدراسات ولا سيما الفقهية منها. بالإضافة إلى عدد من المقترحات العملية مثل:
- تعميم منطق الحوار بين المسلمين على الأسس القرآنية.
- تشجيع إيجاد المؤسسات الوحدوية والتقريبية على جميع الأصعدة.
- تشجيع الدراسات التقريبية الجامعية عبر فتح الأقسام الجامعية وتشجيع الرسائل العلمية وتقوية التبادل التخصصي.
- ترحيل الخلافات الفرعية والتخصصية إلى الجلسات الأكاديمية وعدم طرحها في وسائل الإعلام العامة.
فيما يلي جولة في فعاليات المؤتمر وقراءة سريعة في عدد من الأوراق والبحوث المقدمة في جلساته.
الجلسة الافتتاحية
انطلقت أعمال المؤتمر بالجلسة الافتتاحية التي تحدّث فيها في البداية، الأمين العام للمجمع آية الله الشيخ محمد علي التسخيري، الذي أشار في كلمته إلى أهمية الصحوة التي يعرفها العالم العربي، والتي تطالب بالتغيير والتأسيس لشرق أوسط إسلامي تصنعه الشعوب بعيداً عن إرادة الاستعمار الغربي والصهيوني، شرق تتحقَّق فيه آمال الشعوب المسلمة في الوحدة والنهضة.
ثم أشار الشيخ التسخيري إلى جهود المجمع العالمي للتقريب، والتي تتلخص في:
1-إحياء التراث والثقافة الإسلامية.
2- نشر ثقافة التقريب بين النخب وترجمته عمليًّا بين القاعدة الشعبية.
3- تأسيس جبهة إسلامية موحدة مقابل غطرسة الاستكبار.
4- إزالة الشبهات والتصورات الخاطئة بين المذاهب الإسلامية.
تحدَّث بعده الدكتور علي لاريجاني (رئيس مجلس الشورى الإسلامي)، فأكد على ضرورة وأهمية وجود رؤية جديدة ومتطورة للوحدة الإسلامية، تُمكِّن المسلمين من استعادة مكانتهم الحضارية بين الأمم. وأضاف لاريجاني قائلاً: إن الإنسان اليوم بحاجة إلى رؤية ونظرية جديدة للعلاقات الفردية والمجتمعية ليتخلص من الرؤية المادية والأحادية والأنانية في هذه العلاقات.
كما أشار إلى خطأ التصور الذي يرى أن نهضة الغرب ارتبطت ببُعده عن الدين، مؤكداً أن العالم الإسلامي تأخَّر عندما ابتعد عن دينه وقيمه، فأصابه القنوط واليأس.لذلك جاءت ثورة الإمام الخميني لتُخرج الشعوب المسلمة من هذه الحالة وتبعث فيها الأمل في التغيير والتحرُّر من الهيمنة الاستعمارية. كما أشار لاريجاني إلى حالات التشابه بين بدايات الثورة الإسلامية وما يقع الآن مع الثورات الشعبية في كل من تونس ومصر لإجهاضها أو احتوائها.
وفي الأخير أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني: أن الصحوة الجديدة في العالم الإسلامي أرهبت الغرب وزلزلت معادلاته في المنطقة، ولهذا فنحن اليوم وأكثر من أي وقت آخر بحاجة إلى وحدة المسلمين، مذهبيًّا وسياسيًّا...
الجلسات والأوراق
«تعميم وتعميق منطق الحوار بين المسلمين على الأسس الإسلامية» هو عنوان الورقة التي قدمها الدكتور عبد الرزاق قسوم (أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي بجامعة الجزائر)، في البداية أشار الباحث إلى الواقع الذي تعيشه الأمة، وخصوصاً حالة الشتات والفرقة والطائفية، مما يُؤكِّد الحاجة الماسة إلى فتح الحوار لمعالجة هذه القضايا.
بعدها تحدَّث الباحث عن منطق الحوار بين المسلمين ن مؤكداً على أهمية الحوار، وأنه قبل أن يكون أسلوباً إسلاميًّا هو أسلوب إنساني، ينطلق من قاعدة أن الاختلاف هو قاعدة للوجود الإنساني، لكن لابد من التمييز بين الاختلاف والخلاف؛ فالاختلاف هو أن يكون الطريق مختلفاً والمقصود واحد، وأما الخلاف فهو أن يكون كلاهما
–أي الطريق والمقصود– مختلفاً، لذلك فالقرآن –حسب الباحث– يُنبِّهنا إلى إمكانية حدوث الاختلاف، لكنه يدلنا على طريق تجاوز هذا الاختلاف مثل قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}. وفي سياق هذا الاختلاف، يدعو القرآن إلى أدب الحوار مع المخالفين سواء داخل الملة الواحدة أو خارجها.وفي الأخير تحدَّث الباحث بالتفصيل عن الأسس القرآنية للحوار بين المسلمين التي يمكن إجمالها في الحقائق التالية:
1- التنوع داخل الوحدة.
2- الكلمة الطيبة كجسر بين مكونات التنوع.
3- العلاج الناجع لأسباب الفرقة والاختلاف...
أما بالنسبة لتعميم وتعميق الحوار، فلابد
–في نظر الباحث- من إعداد القائمين على هذا الحوار، باكتساب الفهم الجيد للنصوص، والتحلي بفقه الدين وفقه التدين، والاتفاق على أساس المرجعية الدينية الكفيلة بضمان تعميم الحوار وتعميقه.«تعميق منطق الحوار بين المسلمين على الأسس القرآنية» هذه الورقة قدَّمها الشيخ عبد الكريم الخواصنة (المفتي العام للمملكة الأردنية الهاشمية)، في البداية تحدَّث الباحث عن أهمية الحوار الإسلامي
– الإسلامي، ودور الحوار في تحقيق التعارف بين المسلمين، ثم بعدها تحدَّث مفصلاً عن مفهوم الحوار لغةً واصطلاحاً، لينتقل بعدها إلى استعراض الآيات القرآنية التي تُؤصِّل للحوار، مؤكداً على أهمية الحوار، وأنه قادر على تقليص مساحة الاختلاف بين المسلمين، وهي ضيقة إذا ما قارناها بمساحة المشتركات، خصوصاً إذا سلكنا منهج السلف الذين كانوا يقولون: «نجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه».أما بالنسبة لأهمية الحوار، فقد تحدَّث الباحث عن عدة نقاط مهمة، هي:
1- الحوار بين المسلمين فرصة عظيمة لتبليغ حقائق الدين الإسلامي للآخرين.
2-الحوار يؤدي إلى تقوية الشخصية الإسلامية المحاورة.
3- الحوار يؤدي إلى تحرير الشخصية المسلمة من الانغلاق والانعزالية.
4- الحوار هو الطريق الأفضل للتواصل بين العلماء والفقهاء وأهل السياسة والاقتصاد.
أما بالنسبة لأصول وأسس الحوار فقد تحدَّث الباحث عن مجموعة نذكر منها:
1- استحضار المحاور حسن النية والإخلاص لله تعالى.
2- اعتماد الحجة والبرهان وإيراد الأدلة، كما ورد في القرآن الكريم: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
3- الاهتمام بآداب الحوار.
4- الموضوعية والتجرد في الحوار.
5- الاتفاق على الأصول والمعتقدات والأحكام الثابتة.
6- الإيمان الصادق والجاد بأن كل شيء قابل للحوار.
وفي الأخيراستعرض الكاتب مجموعة من الضوابط لهذا الحوار، مثل: ضرورة تقبُّل الآخر والاعتراف بحقه في التعبير عن رأيه، وألَّا يُقصَد من الحوار الجدل والمباهاة، بل تحرِّي الحق والانصياع له عندما يكشفه الحوار العلمي.
«فقهنة التقريب» عنوان الورقة التي قدَّمها الشيخ أحمد مبلغي (باحث ومفكر إسلامي
– إيران)، يرى الباحث أن تحقيق الوحدة الإسلامية من جديد يحتاج اليوم إلى عملية استنهاضية شاملة تفتح الآفاق أمام الاجتهاد الفقهي كي يتناول موضوع الوحدة عن عمق وأبعاد واسعة، والسعي لأن يستقيم ويتأطر عمل الناس على أساس فقه التقريب، ويحتل هذا الفقه مكانة في الواقع المعاش للمجتمع الإسلامي.وقد عالج هذا التناول لفقه التقريب، من خلال أربعة محاور هي:
1- إمكانية عملية فقهنة التقريب.
2- مكانة وأهمية تناول التقريب فقهيًّا.
3-إمكانيات فقه التقريب.
4- تعريف بكل من الاجتهاد الفتوائي والاجتهاد التنظيري حول التقريب.
بالنسبة للمحور الأول أكَّد الباحث أن إضافة كلمة الفقه إلى التقريب، وإيجاد فقه تخصصي تحت عنوان: فقه التقريب؛ وإدراجه في قائمة الفروع التخصصية للفقه هو أمر معقول ومقبول وله مصداقية أيضاً.
أما بالنسبة لمكانة وأهمية تناول موضوع التقريب فقهيًّا، فإن إدخال التقريب في الفقه هو أمر ضروري وعاجل ولابد من السعي لتحقيقه.
أما بالنسبة لإمكانيات فقه التقريب، فقد ناقش الباحث بالتفصيل شبهة كون الفقه هو منشأ الخلاف، لأن صدى التحركات الفقهية في المجال الاجتماعي يؤدي إلى الاختلافات والتشظي الديني. مؤكداً أن منشأ الخلاف يكمن في قصور الفقيه الذي لم يستطع الوصول إلى الحكم الفقهي الحقيقي.
أما الإمكانيات فهي في نظره تكمن في: القرآن والسنة النبوية، ومعهما روايات أهل البيت النبوي، حيث نجد النصوص المقدسة متعالية على الزمان والمكان والقوميات، وتدعو إلى الانضواء تحت الهوية الإسلامية.
هناك نماذج وحدوية تحققت في التاريخ وكان فيها التواصل بين المذاهب في أفضل صورة، وأخيراً ما يتوفر في ناحية موضوع الحكم. وقد ناقش الباحث هنا مطولاً مسألة التفريق بين الإسلام والإيمان، ليخلص إلى أن الوحدة المطلوبة تقوم على أساس الإسلام، وأن المقصود منها ليس إلغاء المذاهب أو دمجها وإنما تشكيل الوحدة في الأمة، في إطار هذا التعدد المذهبي، وهنا لا بد للفقه من أن يقول كلمته بخصوص وجوب الوحدة وطبيعتها ومداها.
«مفتاح وحدة الأمة في مواجهة تحدياتها» عنوان الورقة التي قدَّمها الأستاذ عثمان محمد جاه (رئيس المركز الإسلامي للتقريب بين المذاهب في غامبيا)، يرى الباحث أن مشروع الوحدة الإسلامية تعترضه عقبات وتحديات داخلية وخارجية، أما بالنسبة للداخلية فتتركز في اختلاف الآراء وتعدد المذاهب، وهذه الاختلافات لم تصبح عقبة في سبيل الوحدة إلَّا بعد أن دخلها التعصب في الرأي والجمود الفكري، الذي تحوَّل إلى فتاوى رخيصة تُكفِّر وتُبدِّع الآخر المخالف، بل وتُحوِّل الاختلاف إلى إصدار فتاوى القتل وتدمير المساجد والمزارات، كما حدث في العراق وباكستان، لذلك دعا الباحث الأمة إلى الاستيقاظ من نومها العميق وتعيد النظر في أساليب العنف والتشدد والتعصب والانغلاق ونشر الفوضى باسم الدين أو السنة النبوية.
أما العوامل الخارجية فتكمن في التحالف الاستعماري الغربي والصهيوني، الذي ينهب الثروات ويعمل على تمزيق وحدة هذه الأمة. لكن نجاح جهود العامل الخارجي هو بسبب العوامل الداخلية. وفي الأخير قدَّم الباحث مجموعة من التوصيات لمواجهة هذه العوامل، والتي تنطلق من النقد البناء للذات، ومن بينها: إنشاء مجامع تقريبية محلية في باقي الدول الإسلامية، إيجاد رابطة بين المؤسسات التقريبية المحلية في باقي الدول الإسلامية، أن يقتنع جميع أتباع المذاهب بأن الحق مشاع بينهم، وأنه ضالة لكل من يجده، وعليه لا ينبغي حمل الناس على رأي اجتهادي، أو تبديع المخالف أو تفسيقه أو تكفيره إلَّا بدليل شرعي معتبر.
«الوسائل العملية لتقريب وتعزيز الأخوة بين أتباع المذاهب الإسلامية»، هذه الورقة قدمها الأستاذ عبد الغني شمس الدين (عضو التجمع الآسيوي لاتحاد علماء المسلمين في ماليزيا)، في البداية تحدَّث الباحث عن خطورة النزاع بين المذاهب الإسلامية، والآثار السلبية للتنازع مثل: الفشل وذهاب القوة، زعزعة الثقة بالعلماء والحكام والأمة، بل بالإسلام ومناهج العاملين والداعين إليه. الافتراق والتعادي يحرم الأمة من محاسن الاختلاف، التنازع والتفرق يشغل الأمة عن همومها العظام وتحدياتها الجسام.
أما الأسس الفكرية والمبادئ الخلقية لتعزيز التقريب والتقارب، فذكر الباحث عشرة من المبادئ، نذكر منها:
- حسن التعرُّف إلى حقيقة موقف الطرف الآخر.
- التركيز على نقاط الاتفاق.
- التحاور في القضايا المختلف فيها.
- تجنب الاستفزاز، واجتناب تكفير كل من قال: (لا إله إلا الله).
- البعد عن شطط الغلاة، والحذر من دسائس الأعداء.
أما بالنسبة للوسائل العملية للتقريب فقد أعاد الباحث التذكير بما ذكره الدكتور محمد عبد الرحمن في كتابه: (الشيعة والسنة: دراسة مقارنة)، حيث استعرض مجموعة من الوسائل، نذكر منها:
- المواقف السياسية تؤثر في التقريب بين الجماهير المسلمة، لذلك على رعاة التقريب أن يتصلوا بالسياسيين ويطالبوهم بمراعاة المقاصد العليا للحركة، وهي مفيدة للتقريب كما هي مفيدة للسياسة.
- الأبحاث العلمية هي الأساس المتين لكل أنشطة التقريب، لذلك لا بد من تدعيم مراكز البحوث للقيام بواجباتها على أكمل وجه.
- لابد من صياغة علمية وشرعية للمناهج الدراسية، لأنها من أهم أدوات نشر فكر التقريب.
- تدشين مشاريع اقتصادية مشتركة يقوم بإنجازها أتباع المذاهب المختلفة حتى يتسنى لهم التفاعل وتحمل المسؤوليات المشتركة للوصول إلى الأهداف الموضوعة.
>التثقيف وسيلة فكرية وعملية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية: مشاريع عملية ثقافية تقريبية نموذجاً» هذه الورقة قدَّمها الدكتور محمد علي آذر شب (أستاذ بجامعة طهران)، في البداية تحدَّث الباحث معرفاً مصطلحات مثل: الثقافة، الحضارة، الإحياء، التقريب، ليؤكد العلاقة بين حركة الإحياء والنهضة وبين الدعوة إلى التقريب، من هنا يقول د. آذرشب: نرى الإحيائي تقريبي أيضاً، وهذا ما ثبت لدينا من خلال دراستنا لمسيرة التقريب في القرن الماضي.
أما بالنسبة للمشاريع العلمية المهتمة بنشر ثقافة التقريب، فقد تحدَّث الباحث عن تجربة مجلة «ثقافة التقريب» مستعرضاً أهدافها وأسلوبها الذي تميَّز بالاختصار والبعد عن التعقيد، بالإضافة إلى معالجة قضايا الأمة وكل ما من شأنه خدمة مشروع الوحدة والنهضة وتجاوز واقع الاختلاف والتجزئة، وكذلك الحديث عن الشخصيات التقريبية والتجارب التقريبية.
تحدَّث كذلك عن مركز الدراسات الثقافية الإيرانية العربية، وأهداف تأسيسه ومجالات نشاطه، والذي تجاوز اهتمامه التقريب المذهبي إلى التقريب القومي.
كما تحدَّث مفصلاً عن أدبيات المركز وإنتاجه الفكري والقضايا الفكرية والسياسية التي عالجتها البحوث والدراسات الصادرة عن هذا المركز.
وفي الأخير تحدَّث د. آذرشب عن مجالات التعاون المستقبلي، من خلال بلورة خطاب مشترك، والاهتمام الكبير في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتعليم اللغة العربية، ورصد تأثير الأدب العربي على الأدب الفارسي، والاهتمام بالفكر الأصيل المعاصر.
كما تحدَّث عن مركز أبحاث وحدة العالم الإسلامي ونظامه الأساسي وأهدافه في تعميق مفاهيم الوحدة الإسلامية.
«التقريب بين المذاهب: بين الواقع والمأمول» هو عنوان الورقة التي قدمها الدكتور جعفر عبد السلام (الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية)، وقد تحدَّث فيها عن الأساليب الفكرية والعملية لتحقيق التقارب بين المذاهب الإسلامية، مُلخِّصاً إياها في ستة نقاط:
أولاً: اللقاءت العلمية بين العلماء في إطار المؤتمرات أو المؤسسات العلمية والجامعية، وأن يسود هذه اللقاءات الحوار الجاد للتعارف والتقارب.
ثانياً: إنشاء مؤسسات للتقريب على غرار المجمع العالمي للتقريب في طهران، كما أشار الباحث إلى المحاولات الجادة لعودة دار التقريب بالقاهرة.
ثالثاً: البعد عن النشاط الدعوي بين المذاهب الإسلامية، لأن هذا التوجه إذا كان مقصوداً وممنهجاً يثير الكثير من الحساسيات المذهبيّة والطائفية، لذلك يرى الباحث: إذا كنا نؤمن بوحدة الدين نتبعه، وهو الإسلام، فلماذا نفترق ويريد كل منا أن يفرض مذهبه على الآخر.
رابعاً: على أصحاب كل مذهب دراسة أصول المذهب الآخر، وهذه من أهم وسائل التقريب، لأن هذه الدراسة ستؤدي إلى التعارف الحقيقي بين المذاهب، وهذا التعارف يزيل الكثير من الشبهات والأخطاء والمواقف الناجمة عن الجهل بالآخر.
خامساً: تنقية كتب كل مذهب من الكتابات التي تهاجم المذاهب الأخرى. وقد طالب الباحث بالعمل من أجل إنجاز موسوعة لأعلام الفقه الإسلامي من السنة والشيعة، وتشجيع الكتابات الموضوعية.
سادساً: استخدام الإعلام وسيلةً رئيسةً للتقريب، على أن تتوفر في مضمون الرسالة الإعلامية العناصر التالية: الوسطية، العالمية، الموضوعية، الوضوح، التنوع.
وفي الأخير دعا الباحث إلى التكامل بين السنة والشيعة، فالفريقان تجمعهما الأصول الإسلامية، ولا يجوز أن تُفرِّق بينهما القضايا الفرعية والاختلافات الجزئية.
«ثقافة التقريب: خطوات عملية لتحقيق هذه الثقافة» هو عنوان الورقة التي قدَّمها د. محمد بن علي الهرفي (كاتب ومفكر من السعودية)، في البداية تحدَّث الكاتب عن الإسلام وحرصه على الوحدة بين أتباعه، وأن السلف الصالح على اختلاف مذاهبهم كانوا يعملون يداً واحدة، يجمعهم حب الله ورسوله وأهل بيته الكرام.
أما المذاهب الإسلامية فيرى الكاتب أنها متقاربة، وأن الفقهاء السنة والشيعة مجمعون على أن أصول مذهبيهما متقاربة إلى حد بعيد، كما يثبت التاريخ أن هناك علاقات علمية قوية بين فقهاء كلا المذهبين، وأن بعضهم تتلمذ على البعض الآخر في الفقه والعقائد والسلوك وسائر العلوم.
وقد استعرض الكاتب مجموعة من الأقوال والكلمات لعدد من العلماء والكُتَّاب كلها تصبُّ في دعم مشروع التقريب بين المذاهب الإسلامية، وأهمية الوحدة الإسلامية، مثل الرسالة التي بعث بها السيد موسى الصدر في لبنان إلى مفتي الجمهورية اللبنانية السني الشيخ حسن خالد سنة 1969م، وقد اقترح السيد الصدر فيها خطوات عملية للتقريب بين المذاهب مثل: توحيد الفقه، والاهتمام بالفقه المقارن لتحقيق هذه الوحدة، والعمل على توحيد الأعياد والشعائر الدينية وصيغ بعض العبادات كالأذان والجماعة وغيرها.
بعد ذلك عرض الباحث مجموعة من المقترحات العملية اعتبرها تُقلِّل من حجم الاختلاف، نذكر منها:
- مواجهة الفضائيات التي تبث الكراهية بين الطوائف.
- وكذلك محاصرة الكتب والمواقع الإلكترونية التي تُحرِّض على الفتن الطائفية وتُكفِّر المسلمين.
- توسيع الاهتمام والحديث عن المساحات المشتركة والتقليل من القضايا المختلف فيها.
- كذلك طالب الباحث بالإكثار من التواصل الاجتماعي بين طلبة العلم والعلماء من الطرفين، لأن ذلك يؤدي للتعارف الحقيقي، ما يزيل الكثير من المغالطات والشبهات التي يُروِّج لها البعض تجاه الآخر المخالف المذهبي.
«الفقه المقارن أحد العناوين الأساسية في تحقيق الوحدة الإسلامية» عنوان الورقة التي قدمها الشيخ حسن البغدادي (عضو المجلس المركزي في حزب الله
– لبنان)، في البداية تحدَّث الكاتب مطولاً عن تجربة عالمين من كبار علماء الشيعة هما الشهيدين الأول محمد بن مكي الجزيني والشهيد الثاني الشيخ زين الدين الجبعي، فكلاهما اهتمَّا بالفقه المقارن ودرساه وكتبا فيه، وآمنا بأن الانفتاح على المذاهب السنية هو طريق نحو فهم أفضل للإسلام وللنصوص النبوية وروايات أهل البيت (عليهم السلام)، بالإضافة إلى توحيد المسلمين على المستوى الإجتماعي والسياسي. واهتمام الشهيدين بالفقه المقارن لم يكن نظريًّا فقط بل تجسَّد في الواقع العملي، فقد عاشا داخل الأوساط الاجتماعية السنية ودرسا على علماء سنة ودرسا الفقه السني، وتأثرا به في فتاواهم، على سبيل المثال كما يذكر الكاتب، فإن الشهيد الأول هو أول من أفتى بوجوب صلاة الجمعة عيناً في غيبة المعصوم (عليه السلام).كما كانت لهما فتاوى لعبت دوراً مهمًّا في التقارب بين المذاهب الإسلامية، علماءَ وعامةً.
ثم بعد ذلك استعرض الكاتب بعض الثمار الإيجابية للفقه المقارن، منها:
1- اطِّلاع العلماء على آراء بعضهم بعضاً، وهذا يقطع الطريق أمام الافتراءات الكاذبة.
2- دراسة فقه الآخر تُخفِّف من الضغائن والأحقاد الناجمة عن الجهل والكراهية المتراكمة تاريخيًّا.
3- الانفتاح على المذاهب الأخرى والاستفادة والأخذ منها.
4- الفقه المقارن يمكنه معالجة الكثير من القضايا الخلافية خصوصاً ما يتعلق بالعبادات الجماعية كالحج والصوم.
«مفهوم التقريب بين المذاهب الإسلامية: التجربة، التطور والمعنى» هذه الورقة قدمها الأستاذ زكي الميلاد (رئيس تحرير مجلة الكلمة
– السعودية)، في البداية تحدَّث الكاتب عن التشكيك لدى البعض في مفهوم التقريب، والمطالبة بالبحث عن مفهوم آخر يكون أكثر انسجاماً مع المتغيرات المعاصرة، مثل مفهوم التآخي بين المسلمين أو مفهوم التعايش.بعد ذلك شرع الكاتب في الحديث عن مفهوم التقريب: الخبرة والتجربة، ليخلص إلى إلى أن مفهوم التقريب يستند إلى تراكمات وتجربة ثرية وغنية، تلاقحت فيها وتبلورت العديد من الأفكار والمفاهيم، والعديد من المناهج والنظريات، والعديد من الخبرات والممارسات، بحيث يمكن القول: إن مفهوم التقريب بات يُعبِّر عن خبرة نظرية وتطبيقية ممتدة في المكان والزمان، وعبرت إلى العديد من البيئات والمجتمعات التي تواصلت مع دار التقريب.
وبعد المقارنة بين مفهوم الجامعة الإسلامية والتقريب، خلص الكاتب إلى أن مفهوم التقريب جاء امتداداً لمفهوم الجامعة واستمراراً للنهج الفكري والإصلاحي، وأن فكرة التقريب حافظت على بقائها وديمومتها، رغم ما تعرَّضت إليه من صعوبات وتحديات.
أما بالنسبة لاستراتيجية التقريب فقد تحدَّث الكاتب عن استراتيجية كل من المنظمة الإسلامية للعلوم والثقافة (الإيسيسكو) والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران، مؤكداً أن كليهما يكشفان عن التطور الذي عرفه مفهوم التقريب من حيث المقاصد والغايات والأسس والمرتكزات والوسائل والأساليب، تجعل من فكرة التقريب واضحة المعالم. وبعد المقارنة بين الاستراتيجيتين خلص الكاتب إلى أن: المفهوم العملي للتقريب لا يعني بأي حال إلغاء المذاهب، أو إلغاء الاختلاف، كما لا يعني إدماج بعضها في بعض، أو الترجيح الكلي، وإنما يعني العمل على تكوين جوامع مشتركة، والعمل بالدليل الصحيح بغرض المزيد من التلاحم والتكامل الوثيق، والتفاهم العميق، وترك الغلو، وإزالة اللبس، ومحو الريب.
«البث الإعلامي الطائفي وطرق مواجهته» هذه الورقة قدَّمها الأستاذ ميسر سهيل (خبير إعلامي سوري)، في البداية أشار الباحث إلى أن العالم يعيش الآن عصر الإعلام وثورة اتصالات حوَّلت العالم إلى قرية واحدة في عصر العولمة، لكن الإعلام اليوم أصبح أداة بطش جديدة تبطش بالعقول وتُجرِّدها من كل ما يحفظ لها مقومات وجودها، خصوصاً مع الإعلام الظلامي والطائفي، الذي تحوَّل من خدمة التنمية والسلم الاجتماعي وتحقيق التقارب والتفاهم بين الناس إلى إعلام مُخرِّب ومُضلِّل، وهذا النوع من الإعلام يقول الكاتب: هو صورة من الصور الشاذة في العمل الإعلامي، مخالفة لمنطق الإعلام وقواعده العلمية التي يمكن تلخيصها بأنها: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة، بطريقة صادقة دون تحريف، لتكون أكبر درجة لدى الجماهير.
وبعد الحديث عن سلبيات الإعلام الطائفي والآثار المدمرة له والخلفيات الصهيونية والاستعمارية التي تقف وراءه من أجل تفتيت وحدة هذه الأمة؛ قدَّم الباحث مجموعة من المقترحات لمواجهة هذا الإعلام الطائفي، نذكر منها:
أولاً: أن يقوم العلماء العلماء من كافة المذاهب والطوائف بالتحذير من محطات البث الطائفي، واعتبارها عملاً مُخرِّباً ينبغي عدم الالتفات إليه، بل ويجب التوهين من شأن الأشخاص الذين يظهرون من خلاله، واعتبارهم مأجورين وجهلاء لا وزن لأفكارهم.
ثانياً: عدم الغلو في الخطاب الديني، لأن نتائجه سلبية تُفرِّق ولا تجمع وتُؤجِّج العداوات والتخاصم بدل الأخوة والوحدة.
ثالثاً: ضرورة بث الوعي الإعلامي لإدراك أهمية الكلمة وخطرها في وسائل الإعلام الجماهيري سلباً أو إيجاباً.
«المناهج والآليات النظرية والميدانية لحركة التقريب في العالم الإسلامي» هذه الورقة قدَّمها الشيخ محمد مهدي الآصفي (عالم ومفكر إسلامي من العراق)، في البداية أكد الكاتب أن انتصار الأمة اليوم في المعترك السياسي والحضاري والثقافي والعسكري يتوقف على مكافحة الفتن الطائفية، والسعي للتقريب والتفاهم والتضامن والتعاون بين المسلمين. ولتحقيق ذلك يرى الكاتب ضرورة الوعي بمجموعة من النقاط هي:
1- وعي الأمة الواحدة.
2- الصراع الحضاري الذي تخوضه هذه الأمة.
3- وعي ضرورة الترادف الثقافي والعلمي في حياة هذه الأمة.
وقد تحدَّث الكاتب مُطوَّلاً شارحاً هذه النقاط، قائلاً: هذا الصراع شرس، وخصومنا فيه جبهة واحدة، مهما تعدَّدت توجهاتهم؛ لذلك إذا واجهنا خصومنا منقسمين على أنفسنا، متقاطعين في مواقفنا وإرادتنا، متخالفين في توجهاتنا، فلن نكسب هذا المعترك الحضاري الصعب.
لذلك لابد من تحقيق الوعي على جميع المستويات السياسي وعلى مستوى الجمهور، وربط هذا الوعي بالتقوى؛ لأن أفضل علاج لداء الفتن يكمن في المعرفة والوعي، فإن النور، يكسح الظلمة، والمعرفة والوعي نور يزيل ظلمات الفتن. كما طالب الكاتب بضرورة إيجاد خطاب اسلامي واعٍ، لأن الخطاب الطائفي يعتمد على الحالة الوجدانية والعاطفية، وهذا يؤدي إلى حالة من الانغلاق والرفض للآخر، وإذا كان الجمهور الذي يثقف من خلال الخطاب العقلاني أكثر ثباتاً وصلابة في الموقف، فإننا نجد الجمهور الذي يتلقى خطاباً عاطفيًّا شعاريًّا سيكون متقلباً في الرأي لا يثبت على موقف. كما أن الخطاب الإسلامي يجب أن يتحلى بالصدق والنصح والشجاعة، لأنه من دون هذه القيم لن يتمكن هذا الخطاب من مواجهة الفتن الطائفية التي تعصف بواقع الأمة اليوم.
تحدَّث الكاتب كذلك بالتفصيل عن أهمية اللقاءات والجماعة، وضرورة توسيع مساحات الحوار، وتحصين الحوار بالمبادئ والقيم القرآنية كي يؤدي وظيفته في التعارف والتقارب.
وفي الأخير تحدَّث الكاتب عن أهمية قيام مشروع سياسي إسلامي وحدوي ومتطلباته.
«الدراسات التقريبية ودورها في التقريب بين المذاهب الإسلامية» هذه الورقة قدَّمها محمد دكير (إعلامي وعضو تحرير مجلة الكلمة)، في البداية تحدَّث الكاتب عن أهمية المنهج المقارن وخصوصاً في الدراسات الاجتماعية والقانونية والسياسية، حيث يعتبر هذا المنهج بمثابة التجربة في الدراسات العلمية؛ لأنه يستطيع أن يُحدِّد بدقة علمية وموضوعية أوجه الشبه والاختلاف وحجم الفوارق بين النظم الاجتماعية، كما باستطاعته اكتشاف المحاسن والعيوب والسلبيات والإيجابيات في الظواهر الاجتماعية.
بعد ذلك تحدَّث الكاتب مفصلاً عن المنهج المقارن في التراث الفقهي الإسلامي، وأسباب ظهور ما يُسمَّى بعلم الخلاف أو علم الخلافيات، وأهداف التأليف في هذا المجال العلمي، أي (بيان مآخذ الأئمة، ومثار اختلافهم، ومواقع اجتهاداتهم) كما يرى ابن خلدون في مقدمته.
وبعد استعراض حركة التأليف في علم الخلاف والمقارنة بين كتابين مشهورين في هذا المجال، أي كتاب الخلاف للطوسي الإمامي وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد المالكي، تحدَّث الكاتب عن المنهج المقارن في الدراسات الفقهية المعاصرة، حيث استعرض عدداً من الموسوعات الفقهية المقارنة وما تميَّزت به على مستوى المنهج.
بعد ذلك تحدَّث الكاتب عن دور المنهج المقارن في التقريب بين المذاهب من خلال مجموعة من العناوين، هي:
1-المنهج المقارن ودوره في التعارف المذهبي.
2- التعرف على التراث الفقهي الإسلامي.
3-المنهج المقارن ومعرفة مساحات الاتفاق والاختلاف بين المذاهب.
4-كتب الفقه المقارن وأهميتها للمفتي.
5-الفقه المقارن وعلاقته بالاجتهاد.
6- الاجتهاد يكشف أسباب اختلاف الفقهاء.
7- الفقه المقارن وإعادة النظر في فتاوى القدامى.
8- المنهج المقارن والتخفيف من حدة التعصب المذهبي.
9-المنهج المقارن ودعم جهود تقنين الشريعة.
10- المنهج المقارن ورفع الحرج عن المكلف.
11- المنهج المقارن وبناء النظريات الإسلامية في جميع المجالات...
التوصيات
هذه قراءة سريعة في مجموعة من الأوراق كشفت عن الأجواء الفكرية والحوارية التي سادت المؤتمر، لأنه ليس بمقدورنا في هذه المقالة استعراض كل الأوراق لكثرتها.
وقد انتهت فعاليات المؤتمر بعد ثلاثة أيام عُقدت خلالها ثلاثون جلسة، بجلسة عامة أعقبها تلاوة التوصيات، وقد جاءت على الشكل التالي:
أولاً: يؤكد المؤتمرون انطلاقاً من مسلمات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، أن الإسلام جامع لأهل القبلة، ودليله الشهادتان اللتان تعصمان دم الناطق بهما وماله وعرضه، كما يرون أن التقريب بين المذاهب الإسلامية سبيل لتحقيق وحدة الأمة في شتى المجالات.
ثانياً: يؤكد المؤتمرون على أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حقَّقا للأمة الإسلامية أجواء إنسانية حضارية رائعة، وأشاعا العقلانية وروح البناء، وحرية الاجتهاد بضوابطه الشرعية، وغرسا روح الأخوة والوحدة.
ثالثاً: يرى المؤتمرون أن الأهواء والنزعات السياسية، وشيوع حالات التعصب، وجهل بعض أتباع المذاهب بحقيقة المذاهب الأخرى، انحرفت بالحالة السوية تلك إلى حالة طائفية ممزقة سادتها ظاهرة الغلو والتكفير والتطرف والتنافر والتمزق ونقل النزاع الفكري إلى الساحة العملية مما ترك آثاراً سلبية خطيرة علت قوة الأمة وتماسكها وسهَّلت السبل ليقوم أعداؤها بطعنها في صميم عقيدتها.
رابعاً: تحقيقاً لهذه الوحدة بين أهل القبلة، ولهذا التقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية، يدعو المؤتمرون إلى وجوب احترام كل طرف منهم للآخر، وإلى ترك البحث في الأمور الخلافية للعلماء والخبراء في بحوثهم العلمية، وعدم الإساءة والتشهير بأحد. كما يؤكد المؤتمرون على عدم جواز توجيه ما يعد انتقاصاً أو إهانة لما يحترمه أي طرف.
خامساً: يرى المؤتمرون أن هناك حاجة ماسة لوضع خطط تفصيلية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية في المجالات المتعددة...
وغيرها من التوصيات.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.