شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
نظم المجلس العالمي للغة العربية في بيروت بالتعاون مع بوابة الخط العربي الإلكترونية، المؤتمر السابع للغة العربية تحت عنوان: «اللغة العربية بين الازدهار والانحسار».
شارك في فعاليات المؤتمر عدد من المفكرين وأساتذة الجامعات وفقهاء في اللغة العربية وآدابها من ثلاث عشرة دولة عربية وإسلامية، وذلك في بيروت بين 21 - 22 أيار 2011م.
أما المحاور التي ناقشها المشاركون فهي:
1- عوامل ازدهار اللغة العربية وضرورة دعمها.
2- أسباب انحسار اللغة العربية وانعكاساتها.
3- دور القرآن الكريم في دعم اللغة العربية.
4- دور أهل اللغة في تدعيم اللغة العربية.
5- تجارب عملية عربية للحفاظ على اللغة العربية واستنهاضها.
وعلى هامش المؤتمر نُظِّم مؤتمرٌ للخط العربي لإبراز جماليات هذا الخط وإبداعات الخطاط العربي في رسم الحروف العربية والتفنن في كتابتها.
انطلقت أعمال المؤتمر بكلمة للدكتور محمد أمين خلادي من الجزائر ألقاها باسم المشاركين، ومما جاء فيها: دعوته للمشاركين في المؤتمر إلى تفصيل نتائج هذا المؤتمر لدعم جميع الجهود المخلصة لتوحيد الرؤى وتصويبها نحو الأهداف، والعمل على توصيل رسالة حفظ اللغة العربية والدفاع عنها للأجيال القادمة بالاستفادة من التقنية المعاصرة.
ثم ألقيت قصيدة للدكتور الشاعر أيمن القادري بعنوان (لغتي) أثنى فيها على اللغة العربية وأبرز مظاهر القوة والمتانة في أسلوبها وبنائها، وكيف استطاعت أن تحافظ على قوتها ورونقها على مدى هذه القرون.
تناول الكلمة بعد ذلك الدكتور الشيخ عبد الناصر جبري (عميد كلية الدعوة) مفتتحاً المؤتمر، ومما جاء في كلمته: «لا يخفى عليكم أن اللغة العربية ليست لغة الأحرف والألفاظ والجمال والإبداع والتواصل والخطاب فحسب، بل هي لغة المكونات الفكرية والثقافة والعملانية للأمة الواحدة التي صنعت حضورها التاريخي وحضارتها وتبني من خلالها مستقبلها، فجمعت ما بين المباني والمعاني، بعمقها المتعلق بخطاب السماء لأهل الأرض».
كما أكد الشيخ الجبري أن المحافظة على شخصية الأجيال القادمة واستكمال بناء الحضارة رهين بالاعتناء بلغتنا العربية.
وقد انطلقت فعاليات المؤتمر لمناقشة المحاور المعتمدة، حيث أكد المشاركون على مجموعة من القضايا والمسائل المتعلقة بواقع اللغة العربية والتحديات التي تواجهها وآفاق العمل من أجل استنهاضها والدفاع عنها وتطويرها لتواكب العصر وعلومه وتقانته.
فالدكتور محمد الأوراغي (أستاذ جامعي من المغرب) تحدث عن التحديات التي تواجه العربية اليوم مثل التحامل الغربي عليها؛ لأنها لغة القرآن الكريم، وقلة المنتصر لها والمختلفين عليها من أبنائها، كما أشار إلى تحدي اللهجات الذي ينافس اللغة الفصحى ويهمشها في الاستعمال اليومي، وكذلك ما تتعرض له اللغة العربية من مزاحمة اللغات الأجنبية لها في المدارس والجامعات وصفوف الدراسة والمؤسسات البحثية، بدعوى أن اللغة الغربية قاصرة على مواكبة العلوم أو استيعابها المعارف الحديثة.
محمد تلاسي (الأستاذ بجامعة الأزهر المصرية)، دعا إلى تيسير وإعادة النظر في مناهج تعليم اللغة العربية وتعديلها بما يتناسب مع التطور الحاصل في مناهج التلقين المعاصرة، ولخدمة اللغة نفسها؛ لأن الكثير من المناهج في كليات اللغة وأقسام العربية يحتاج –في نظره– إلى تطوير ووضع مناهج ميسرة وسهلة للطلبة.
كما طالب الباحث بضرورة حماية العربية باستخدامها والتمسك بها، وتفعيل القرارات السيادية التي أقرتها الدول العربية من أجل حماية اللغة والاهتمام بها.
وفي محور علاقة اللغة العربية بالقرآن، أشارت د. مليكة النوري (أستاذة جامعية من الجزائر) إلى ما أحدثه القرآن من تغييرات في الفكر الإنساني والعربي وتأثيره في اللغة العربية، خصوصاً بعد الفتوحات وإقبال الشعوب على تعلمها. كما أشارت د. النوري كذلك إلى متانة قواعد اللغة العربية وبعدها عن الخطأ وقوة بلاغتها.
كما أشار المشاركون إلى قضية الأمن اللغوي الذي يوازي الاهتمام بالتقدم العلمي والتقني، وحذروا من مشكل تفاقم الأمية في العالم العربي وتأثيره في واقع اللغة.
حفل تأبيني للسيد فضل اللَّـه
أقامت جمعية الثقافة الاجتماعية مجلساً تأبينيًّا بمناسبة مرور سنة على رحيل المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله، حضره النائب سيد عدنان عبدالصمد والنائب السابق أحمد لاري، والنائب الأسبق د. عبدالمحسن جمال، وعدد من رجال الدين والشخصيات والفعاليات من الرجال والنساء.
وشارك في البرنامج التأبيني الذي عقد بعنوان «الفقيه الإنسان» كل من السيد شفيق الموسوي رئيس المركز الإسلامي الثقافي، والشيخ محمد المحفوظ من المملكة العربية السعودية، وإيمان شمس الدين، وليلى المحميد من الكويت. وقدمت فقرات شعرية وبعض الفقرات حول حياة السيد الفقيد، ثم أوبريت إنشادي من تقديم كل من أسامة الهمداني ومحمد رمال.
عالم
خسرته النجف الأشرفبدأ الموسوي حديثه عن الفقيد فأكد أن السيد فضل الله كان عالماً متنوعاً في مجالات الفقه والأصول وغيرها، إضافة إلى تحدياته لكل العلوم المعاصرة التي تخالف المبادئ والشرائع، مضيفاً: يكفي القول بأن السيد الشهيد محمد باقر الصدر قال: إنه كل من خرج من النجف الأشرف خسر إلا السيد فضل الله فقد خسرته النجف الأشرف لعمق علمه وارتفاع مستوى ثقافته في الفقه والاجتهاد.
وأشار الموسوي إلى أن السيد فضل الله كان يقف أمام المسجد في الضاحية ببيروت وينتظر مرور الأطفال ويحاول إدخالهم إلى المسجد ليعلمهم الوضوء استعداداً للصلاة، مضيفاً أن السيد كان يحمل روحية عالية ولا يهتم بالحملة الظالمة عليه، وكان يتصل بمن كان ضده من أجل تفعيل محاضراته حول الترابط والتآلف، بالإضافة إلى حرصه على الدعاء بعد كل صلاة، كما كان كثير البكاء خاصة في ليلة إعلان مرجعيته بسبب المسؤولية الكبيرة التي حملها على عاتقه.
وتابع: كان من الفقهاء القلائل الذين حولوا خطبهم إلى أفعال، وكان أول المتواجدين في جامع الإمامين في الضاحية للصلاة وطيران العدو الإسرائيلي يحوم على المنطقة، كما كان من كبار الفلكيين.
مرجع
للإصلاح الشاملمن جهته أكد الشيخ محمد محفوظ أن المقومات الثقافية والفكرية هي مشروع أية أمة، مشيراً إلى أن علماء الاجتماع والتاريخ اتفقوا على أن الفكرة الدينية رافقت الحضارات والتي ترجمت الواقع الإنساني لبناء حضاري، وعليه برزت المفارقات بين ما هو كائن وما يكون، خاصة في المنهج الإسلامي كمبدأ والعقيدة كعمل مع بروز بعض المظاهر ضد الدين، وهذه المفارقات استدعت الحاجة لظهور العلماء والفلاسفة والمراجع حتى يقوموا بإبراز هذه العلوم بين الواقع والمبدأ.
وأشار الشيح المحفوظ إلى ظاهرتين في هذا المجال: الأولى ظاهرة المصلح الجزئي والثانية ظاهرة التجارب الإصلاحية الشاملة، أي أن المصلح أو المراجع يعمل على توثيق النهضة الشاملة، موضحاً أن السيد فضل الله كان نموذجاً معاصراً للإصلاح الشامل، حيث صاغ الرؤية الإسلامية الشاملة المتكاملة، بل حوَّل مشروعه النظري إلى واقع عملي، كما أحيا الدور العبادي وأجاد وأبدع في جعل المسجد مكاناً لتنمية الحس الإيماني، ونظر في شؤون الأمة والحياة السياسية عن طريق معالجة المشاكل السياسية والاختصاص في الرعاية الإسلامية وصياغة الأحداث السياسية وفق الحياة وظروفها.
دور
المرأةمن ناحيتها أوضحت إيمان شمس الدين في ورقة بعنوان «المرأة في فكر السيد فضل الله» أن السيد الفقيد كان عالماً في مجالات شتى، وكان حراكيًّا ونموذجاً أوصل مفهوم الإسلام إلى الجميع بصورة غير تقليدية، كما حقق الكثير من المبادئ التي كانت لدى السيد الشهيد محمد باقر الصدر، وعليه اعتمد السيد على آليات مختلفة حول المرأة بعد إشارته إلى أنها عاشت الكثير من التعقيدات في هذه الحياة.
وتابعت شمس الدين بقولها: تميز السيد بنظرته الواعية للمرأة حسب القرآن والتراث؛ حيث اعتمد على القرآن الكريم في مرجعيته كما اعتمد الدليل العقلي والنصي، إضافة إلى معطيات العلماء والفلاسفة.
وأضافت: إن السيد فضل الله انتقل من الفقه الفردي إلى الفقه الجماعي والتحقق من النصوص التي أحاطت المرأة في حياتها في اعتماده على المقاصد الشرعية في الاجتهاد، وكذلك الاعتماد على الدليل العيني والأدلة الدامغة.
وتطرقت شمس الدين إلى الفتاوى التي أصدرها السيد فضل الله لصالح المرأة، لأنه كان يتألم بسبب الخلط بين الدين والعادات والتي أدت إلى المزيد من العنف الأسري، كما كان مخالفاً لحبس المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة في تولي السلطة، مطالباً المسؤولين بإعادة النظر في دور المرأة بعد أن بلور دورها في الحياة وفق النصوص القرآنية، أي أنه حوَّل مرجعيته النظرية إلى مرجعية عملية.
«
إني أحبكم»ومن جهتها تناولت ليلى المحيميد موضوعاً حول شخصية الفقيه المثقف في حياة السيد فضل الله، حيث أشارت إلى أن السيد حمل من روح الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ورسالته ونسبه المبارك، ولهذا كان له حضور قوي في عقول ووجدان الجميع علاوة على استشاراته التي كانت متواجدة في كل مكان وزمان، مضيفة أنه لعب دور الأب الروحاني كما الفقهاء والمراجع الآخرين.
وأضافت المحيميد أن السيد الفقيد أخلص للرسالة العملية حيث أعطى كل وجوده، وبذل كل طاقاته، من أجل تحقيق الهدف الأسمى وتفعيل الرسالة على أرض الواقع، وعليه تجاوز عطاؤه للإسلام كل الحدود لكي يُستفاد منه في كل زمان ومكان، كما كان مثالاً حيًّا في الجهاد حيث كان مستمراً في عطائه، ولم يعرف طعم الراحة إلَّا في العبادة.
وقالت: إن السيد كان دائم الإرشاد والتوجيه والنصح للتصدي للصراعات وترك الخلافات مع التفاؤل بالأمل، وأعطى السيد مفاتيح البصيرة والطريق للوصول إليها إضافة إلى قواعد الفكر والأخلاق، كما أسس الحوار الناجح، ووضع مبادئ المحبة لصنع القوة واتخاذ الدين لتحقيق هذه المبادئ.
وبما أنه كان يهتم بالعدالة والمساواة، فكان همه الإنسان بغض النظر عن اللون او الجنس.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.