تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

التطور الدلالي لمصطلحات : الفكر الإسلامي المعاصر (1950-2010)

فاتح محمد سليمان

دراسة تطبيقية

- جامعة الجنان - كلية الآداب والعلوم الإنسانية

- قسم اللغة العربية - طرابلس - لبنان

- الرسالة: التطور الدلالي لمصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر (19502010) دراسة تطبيقية

- إعداد الطالب: فـاتـح محـمد سـليمان

- إشـــراف: الدكتــور ريــاض عـثـمان

- العام الجامعي: 2011م/ 1432هـ

 

لقد تعددت إسهامات العلماء والباحثين في موضوع التطور الدلالي بمظاهره المختلفة، وفي المقابل هناك كثير من العلماء من كتب وتعمق في معاني مصطلحات العلوم كافة، وكتب الكثير عنها في القديم والحديث ومنها مصطلحات الفكر الإسلامي، وذلك لأن المصطلحات قد تتطور وتتغيّر معانيها بحسب السياقات المختلفة الزمكانية أو اللغوية واللسانية، وتؤثر فيها الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها.

أسباب اختيار البحث وأهميته

إن تحديد المصطلحات ورصد التطور الدلالي لهما أمران في غاية الأهمية في مجالهما، ومن دون التعرّف على ذلك يتم الدوران في حلقة مفرغة، ولا نستطيع الانطلاق من مفاهيم واضحة متفق عليها، للوصول إلى الهدف وخاصة عند وجود كثرة من المصطلحات وتشعبها وتنوعها في الفكر الإسلامي قديماً وحديثاً، فذلك دليل الثراء لكن عدم التعرّف عليها قد يحوّل إلى إشكالات وعقد فكرية، وذلك لأن المصطلحات مؤشر للفكر ومضامينه ومعبر عن الواقع المعرفي في أي مجتمع، والمصطلحات قد تتطور من مصطلحات مجردة إلى مدارس ومذاهب وفرق، ويوجد مصداق ذلك في القديم والحديث، وبقي تأثيره حتى الآن، فهذا يزيد من أهمية التوجه إلى هذا المجال الحيوي، وبخاصة في الفكر الإسلامي المعاصر الذي ثبتت فعاليته على الواقع الاجتماعي والديني واللغوي.

التطور الدلالي من الموضوعات المهمة في علم الدلالة، واللسانيات الحديثة، والفكر الإسلامي أيضاً هو الموضوع الذي له أهمية كبيرة في واقعنا المعاصر لارتباطه بمفاصل حيوية ومهمة في حياتنا من الناحية العقدية والاجتماعية والسياسية وغيرها، إذ قد يتطور هذا الفكر على أصعدة متنوعة وتستعمل فيه مصطلحات ومفاهيم متنوعة ذات ارتباط وثيق باللغة والتطور اللغوي، والخلط الذي يحصل من خلال تداول هذه الألفاظ والمصطلحات، وهذا ما يجعل اختيار دراسة تلك المصطلحات وتطورها بحسب المتغيرات المتعددة أمراً مهمًّا للغاية، لمعرفة ما حصل وتغيّر في هذا الفكر الإسلامي المعاصر؛ الفكر الذي أنتج مصطلحات كثيرة وبخاصة في عصر العولمة الذي نعيشه في الوقت الراهن، فضلاً عن عدم تناول هذا الموضوع بالجدية التامة والتعامل معه كأنه لا يرتبط بما يحدث في العالم المعاصر مع أن الفكر واللغة متصلان بالعصر وما يدور فيه، كل هذه الأسباب تجعل الحاجة ملحة لمتابعة هذا الموضوع وإظهاره للباحثين والمتابعين له، ليسد ثغرة في هذا المجال، إضافة إلى ندرة الدراسات العلمية التي رصدت ظاهرة التطور الدلالي في مصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر، وافتقار المكتبة الإسلامية إلى هذا النوع من الدراسات، كل ذلك يبرز أهمية الموضوع أكثر فأكثر.

الخطوات المتبعة

كان للمناهج التي اتَّبعتها المعين الحقيقي في الوصول إلى أهدافي التي وضعتها نصب عيني، وبعد الاطلاع على كتب كثيرة في الفكر الإسلامي المعاصر، وجمع نماذج من مصطلحاتهم، ومن ثم دراسة معانيها اللغوية ودلالاتها في القرآن الكريم، والنظر في وجه التطور الذي لحق بها ورصده من حيث مظاهرها فكرت في كيفية تنظيمها وتصنيفها فتوصلت إلى نظرية الحقل الدلالي أو الحقل المعجمي أو ما يسمى (العائلة المصطلحية)، ولم أتبع ترتيب المصطلحات حسب الحروف الهجائية لعدم تناسبها مع البحث، ولأن التصنيف حسب الموضوعات أو الدلالات هو الأولى في مثل هذه البحوث، ولم أعتمد تصنيفها حسب مظاهر التطور الدلالي؛ لأن الغالبية من تلك المصطلحات قد تجتمع تحت مسمى واحد أو نوع من تلك المظاهر والأنواع، وهذا يفقد التوازن، وبعد ترجيح تقسيم المصطلحات حسب الحقل الدلالي والعائلة المصطلحية قسّمته إلى مصطلحات في الفكر السياسي الإسلامي ومصطلحات في التجديد المعرفي والبناء الحضاري، مع مراعاة الترتيب الألفبائي في تنظيم المصطلحات داخل الحقل الواحد.

وبعد تجميع وتصنيف المصطلحات وكيفية استخداماتها لدى الكتاب والمفكرين في حقل الفكر الإسلامي في الفصل الثاني، قام الباحث في الفصل الثالث بمراجعة كتب اللغة والمعاجم لمعرفة الدلالة الأصلية في اللغة، ومعرفة الاستخدامات القرآنية من خلال آراء المفسرين لمعانيها القرآنية، وقام الباحث بالإشارة في كثير من الأحيان إلى الدلالات المشتركة التي تكون بين المعنيين، ومن ثم الإشارة مرة أخرى إلى ملخص ما قاله الكتّاب الإسلاميون في حقل الفكر الإسلامي المعاصر، ليقارن المعنى السابق واللاحق، ولمعرفة تغيير المعنى والتطور الدلالي الحاصل في المصطلح كما استخدم في الفكر الإسلامي المعاصر.

والشيء الذي تجدر الإشارة إليه، هو أن هناك أسباباً فيما قمت به من انفصال بين فصلي (الثاني والثالث)، والذي من الأجدر أن يكون في فصل واحد، منها:

1- لم أجد معجماً لمصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر كي أعتمد عليه وأقوم بذكر المعاني المختلفة للمصطلح، ومن ثم أتابع التطور الدلالي للمصطلحات، ولهذا قمت في الفصل الثاني بإنشاء معجم صغير لمصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر من بين الكتب المختلفة المتعددة، واضطررت لمتابعة تلك المصطلحات في ثنايا الكتب.

2- في حالة الدمج بين الفصلين يكون الفصل الثالث طويلاً مملًّا وقد يفقد التوازن من حيث الحجم والمنهجية، بالإضافة إلى أن ما قمت به تسهيل للدارسين وتبيان للنتائج التي أردت الوصول إليها.

3- واستدراكاً للربط أوردت زُبدة مفهوم المصطلح كي لا يفقد التواصل بين ما آل إليه مفهوم المصطلح، وبين ما جاء في المعاجم وكتب التفسير، لإظهار التطور الدلالي الحاصل، وذلك في الصفحة الأخيرة التي تعد حكماً على المصطلح من هذه الناحية.

4- يعد الفصل الثالث الأهم من بين الفصول، وتركز فيه جهد الباحث، وتضمن نتائج البحث بصورة واضحة وهذا يقتضي الاستقلال والفصل.

وهناك شيء آخر من المهم ذكره وهو أن المصطلحات التي ذُكرت في هذه الرسالة ليست في مستوى واحد من حيث الشيوع والثبات والتناول والرصانة، لكن الباحث حاول إيراد نماذج منها وتناولها حسب أهمية المصطلح، وقد يكتفي في بعض الأحيان بإشارة سريعة، أو بذكره ضمن مصطلح آخر مستوعب له، لكن هذا قليل مقارنة بما تم العمل عليه، وفي جانب آخر لم يُتناول تاريخ نشوء المصطلح إلَّا نادراً؛ لأن هذا ليس في مقدور البحث ولا الباحث، ولأن تأصيل المصطلحات وتاريخ وضعها يحتاج إلى معجم تاريخي ووظيفي، وهذا غير موجود بصورة متكاملة في تراثنا.

أما تناول المصطلح لدى مستخدميه، فحاول الباحث الإشارة إلى مستخدميه حسب اطلاعه وليس شرطاً إيجاد كل من استخدمه.

وفي جانب آخر لم يخصص البحث لتناول مصطلحات لدى مفكر أو مفكرين معينين، وذلك لأن البحث بالدرجة الأولى يحاول أن يجد التطور الدلالي في المصطلحات، والتركيز منصبٌّ على الجانب اللغوي في المحصّلة النهائية وأخذ مصطلحات مفكر أو أكثر لا يفي بالغرض، لأن البحث ليس بحثاً فكريًّا بحتاً حتى يخصص لهكذا دراسة.

ولكيفية الاستفادة من المصادر وكتابة الهوامش وترتيب المصادر راعيت (دليل الباحث، الإصدار رقم 1، لمركز البحوث في جامعة الجنان)، ولم أخرج منه إلَّا قليلاً...

وبالنسبة لحجم الرسالة وعدد الصفحات التي تجاوز حدها المقرر، فهذا يعود إلى أن موضوع الرسالة في الأصل متكون من موضوعين مستقلين، أو بالأحرى ثلاثة مواضيع مختلفة (التطور الدلالي ضمن علم الدلالة، وعلم المصطلح، والفكر الإسلامي المعاصر)، إضافة إلى تضمنها ما يشبه معجماً في مصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر.

حدود البحث

نظراً للأهمية التي لاحظتها في الفترة الزمنية التي أخذت منها المصطلحات والتي تنحصر في الغالب المطرد ما بين (1950 إلى 2010م)، في الفكر الإسلامي المعاصر، وكثرة النتاجات والتأليفات وظهور المصطلحات الجديدة تم تحديد مصطلحات هذه الفترة، ودون الاقتصار على مجموعة محددة من مفكرين وكُتَّاب هذه المدة الزمنية، وإن كان البعض قد حظي باهتمام كبير لبروز دورهم وكثرة تأليفاتهم في هذا المجال، أمثال المودودي وسيد قطب وفتحي يكن والقرضاوي ومحمد عمارة وشحرور، مع عدم تهميش غيرهم قدر الاستطاعة ما دام أشار إلى المصطلح واطّلعنا على وجهة نظره.

وكل ما أخذنا مصطلحه لا يعني صحة ما قال به، ومهمة هذه الدراسة ضمن هذه الفترة، ليس الصواب والخطأ من حيث الحكم على المصطلحات، بل وجود المصطلح والتطور الدلالي فيه.

الخاتمة بالنتائج

بعد جولة من البحث في مصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر توصّلتُ إلى طائفة من النتائج لعل أهمها:

1- التعرّف على موضوعي التطور الدلالي ومصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر.

2- تحديد الدلالة الأصلية اللغوية للمصطلحات التي تستخدم اليوم من قبل دارسي الفكر الإسلامي المعاصر.

3- تبين أن التطور الدلالي حصل في تلك المصطلحات المتداولة في مظاهرها المختلفة من التخصيص والتعميم والانتقال، والإنشاء، فهناك مصطلحات تخصصت بعد التعميم أو تعممت بعد التخصيص أو انتقلت دلالتها، وبنوعيه الارتقاء والانحطاط، وكذلك الانتقال من الحسي إلى المجرد والذهني أو بقي في دائرتي الحسي والمجرد، وأوضحت ذلك بأمثلة داخل الرسالة ونماذج ذكرتها في الخاتمة.

والملفت للنظر أن أغلب المصطلحات في هذه الدراسة من نوع النشأة والاستحداث واعتبارنا (النشأة والاستحداث) تطوراً دلاليًّا مبني على قناعة علي عبد الواحد وافي كما جاء في كتابه علم اللغة.

4- ومما توصلنا إليه أن بعض هذه المصطلحات إذا نظرنا إليها من زوايا مختلفة يوجد فيها التوسيع من جانب والتضييق من جانب آخر وانتقال من جهة ثالثة، ويمكن إدراجها تحت مسميات مختلفة ضمن التطور الدلالي، وأشرنا إلى أمثلة لذلك.

5- توصل الباحث إلى أن هناك علاقة بين الأصل اللغوي والمعنى القرآني مع الدلالة الاصطلاحية، ويوجد هذا في أغلب المصطلحات، ولا يمكن تجريدها من تلك العلاقات والروابط إلَّا نادراً.

6- أن للسياق دوراً رئيسيًّا في فهم المصطلح ومدلوله.

7- استعارة ألفاظ غير عربية لصياغة مصطلحات في الفكر الإسلامي المعاصر.

8- أن للتطور أسباباً عديدة ذكرها الدارسون، وتم تثبيتها في هذه الدراسة أيضاً.

وأخيراً فقد استفدت من تجربتي البحثية هذه في فتح آفاق وإضاءات أكثر وخاصة ضمن موضوع البحث (التطور الدلالي وقضايا المصطلح ومصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر)، وأرجو أن التوفيق لازمني في عملي هذا، لتقديم جهد متواضع في هذا المجال المهم والخطير.

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة