تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

المؤتمرالدولي: أشكال الديمقراطية الإسلامية عند المذاهب الإسلامية

قسم التحرير

بالتعاون بين المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ومنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية.. نُظِّم في مدينة قم المقدسة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية مؤتمر: أشكال الديمقراطية الإسلامية عند المذاهب الإسلامية.. وذلك في 19/ 11/ 2011م.

شارك في المؤتمر عدد من المفكرين والباحثين من إيران والعالم العربي وأوروبا.

وقد ناقش المؤتمر مجموعة من المحاور:

الأسس الفلسفية والفكرية التي تنطلق منها الديمقراطية الإسلامية في دراسة مقارنة بين المذاهب:

أ- أدبيات الديمقراطية في الإسلام في دراسة مقارنة بين المذاهب.

ب- جوهر الديمقراطية في الإسلام في دراسة مقارنة بين المذاهب.

ج- ش?ل الديمقراطية في الإسلام في دراسة مقارنة بين المذاهب.

د- نقاط الاختلاف والاشتراك بين الديمقراطية الإسلامية والديمقراطية الغربية.

هـ- فقه الديمقراطية الإسلامية المقارن.

و- الأزمات التي تواجهها الديمقراطية غير الإسلامية.

شارك في الجلسة الافتتاحية عدد كبير من الشخصيات الإسلامية والسياسية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنهم آية الله السيد حسيني بوشهري عضو مجلس خبراء القيادة في إيران ونائب رئيس «جماعة المدرسين التابعة للحوزة العلمية الإسلامية»، والدكتور باقر خرمشاد رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، وحجة الإسلام الشيخ أحمد مبلغي رئيس مركز الدراسات التقريبية في المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية وأمين عام المؤتمر، وشخصيات إسلامية وأكاديمية عربية وإسلامية، والشيخ الدكتور عبد الناصر الجبري (عميد كلية الدعوة الإسلامية في لبنان)، والباحث السوداني الدكتور عبد الرحيم عمر محيي الدين، والأستاذ محمد تهامي (باحث وإعلامي من المغرب)، والأستاذ أنصار كارامان من البوسنة والهرسك.

وحشد غفير من الأساتذة والطلبة الجامعيين ومن الحوزات العلمية والإسلامية في محافظة قم المقدسة.

انطلقت أعمال المؤتمر بجلسة افتتاحية تُليت فيها كلمة ترحيبية لآية الله الشيخ محمد علي التسخيري الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، جاء فيها: «إني أتطلَّع إلى أن يأخذ هذا الملتقى الإسلامي الدولي الصدارة في الإسهام في تعزيز إمكانات الأمة على صعيد تحقيق الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية من خلال هذا التلاقح الفكري والثقافي بين أبنائها».

ثم أشار إلى أنواع الأنظمة السياسية كالثيوقراطية والأرستقراطية والديكتاتورية والديمقراطية الحديثة، «التي تدَّعي أن السيادة للشعب إن شاء منحها إلى شخص أو إلى هيئة عليا، وإن شاء منعها عنه»، كما أشار إلى أن البشرية ذاقت مرارة هذه الأنظمة عبر مراحل تاريخها الطويل، وشهدت تداعياتها بما يكفي، ومازالت أجيالها تتجرَّع الألم والمصائب التي حلَّت بها جراء تطبيق تلك الأنظمة».

ثم تطرَّق الشيخ التسخيري إلى الحكم الإسلامي الذي جاء في القرن السابع الميلادي وقال: إنه «منذ انطلاقه كان رائداً بفكرة الشورى والديمقراطية الحقيقية حيث نادى بالحرية والمساواة بين أفراد البشر وخاطب الناس بأن لا فضل بين عربي وأعجمي إلَّا بالتقوى، كما ساوى بين الأسود والأبيض والأحمر في الحقوق كأسنان المشط من دون أي تمييز بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المذهب أو الطائفة.

وفي الأخير أكد الشيخ التسخيري أن «الإسلام بهذه التعاليم لم يُبقِ مكاناً للبرجوازية والمتسلطين الديكتاتوريين، وإنما أعطى الحكم لمن سار وفق الشريعة، وأوجب طاعته شرط ألَّا يخرج عنها لأنه بذلك سوف يسقط عن نفسه وجوب الطاعته».

من جانبه ألقى السيد حسيني بوشهري نائب عضو مجلس خبراء القيادة ونائب رئيس جماعة المدرسين في الحوزة العلمية الإسلامية، كلمة تساءل فيها في البداية: هل يوجد في التشريع الإسلامي نص أو حكم يعطي حق السيادة من جانب إلى الشارع المقدس، ومن جانب آخر يعتمد آراء الشعوب في القرارات الحكومية؟ وهل يمكن تعريف نظام ديمقراطي إسلامي يستطيع أن يقود الوضع الراهن في العالم الذي يعيش ربيع الثورات والصحوة الإسلامية؟

وقد أجاب عن ذلك بتعريف الديمقراطية الحديثة الغربية ومفهوم الديمقراطية الإسلامية، مشيراً إلى ما قاله قائد الجمهورية الإسلامية آية الله الخامنئي، عندما حدد مفهوم الديمقراطية الإسلامية في كثير من المناسبات وخاصة مؤتمر الصحوة الإسلامية الأخير بأنها نظام يرتكز على حكم الشرع وسيادة الشعب.

كما تحدَّث عن نماذج للديمقراطية الغربية وجذورها التاريخية التي تعود إلى العصر الإغريقي عندما كان الشعب يتدخل بشكل مباشر في أخذ القرارات، مروراً بالنماذج الأخيرة التي بدأت من عصر النهضة حتى العصر الحاضر حيث يقوم الشعب بانتخاب نواب عنه ليمثلوه في مرحلة التشريع وأخذ القرارات الحكومية، مؤكداً «أن الديمقراطية الغربية شهدت تحولات كثيرة عبر التاريخ حتى وصلت إلى شكلها الحالي بضوضائها التي أطرشت مسامع الناس وزوبعتها الإعلامية من أجل مصادرة الحركات المناهضة لها على مستوى العالم، والتي تؤكد على ضرورة فصل الدين عن السياسة».

وتابع السيد حسيني بوشهري قائلاً: من سلبيات هذه الانظمة الديمقراطية (الغربية) هي أنها في الظاهر لا تعارض الدين لكنها لا تعير له أي اعتبار في اتخاذ القرارات السياسية بل وتقف أمامه في هذا الجانب».

كما شدَّد على أن هذا النوع من الحكم يتعارض ومبادئ العدل والحرية خلافاً لما يدعيه الغربيون، مستدلاً بالتجربة الجزائرية خلال التسعينات من القرن الماضي عندما فاز الإسلاميون في الانتخابات لكنهم واجهوا رفضاً عنيفاً من قبل السلطة آنذك التي أقدمت على انقلاب عسكري بالتعاون مع الاستعمار لقمع الحزب الإسلامي الفائز عبر ما يسمونه أنفسهم بالعملية الديمقراطية التشريعية.

وفي الأخير خلص السيد حسيني بوشهري إلى أن الإسلام يؤيد النظام السياسي الذي تكون أحكامه صادرة عن الشارع المقدس، ويمنح الشعوب حق تنفيذ هذه الأحكام وتطبيق القوانين، مشيراً إلى أن دستور الجمهورية الإسلامية، إذ يعتمد هذا النموذج من النظام السياسي، يؤكد على ضرورة أن يترأسه شخص عالم بدينه عارف بزمانه يتصف بالشجاعة والأمانة، وأكد أن هذه الصفات تتجسد في شخصية ولي الفقيه في إيران. مشيراً إلى إننا في إيران لا نصرّ على أن يكون لدى باقي المذاهب في البلدان الأخرى ولي فقيه، لكن ننصحهم بأن يختاروا من هو بوصف ولي الفقيه لإدراة شؤونهم السياسية والدفاع عن حق الإسلام في التشريع.

تابع المؤتمر فعالياته فعقدت جلستين صباحية ومسائية تحدَّث فيها بقية الضيوف والمشاركين.. فقد تحدَّث الدكتور باقر خرمشاد رئيس دائرة الثقافة والعلاقات الإسلامية عن: الديمقراطية الإسلامية: الضرورات والنصائح، كما قدَّم وحجة الإسلام الشيخ أحمد مبلغي (رئيس مركز الدراسات التقريبية وأمين عام المؤتمر) عن: الهيكلة الثقافية والثقافة الهيكلية في الديمقراطية الإسلامية.

الدكتور عبد الرحيم عمر محيي الدين من السودان قدَّم ورقة تحت عنوان: (الحرية والشورى والتعددية الحزبية في نظرية الحكم في الإسلام). ثم تحدَّث الشيخ الدكتور عبد الناصر الجبري عن: البعد الفلسفي للديمقراطية ونظام الحكم في الإسلام.

الشيخ خالد الغفوري من العراق تحدَّث عن: الديموقراطية والمرأة في ضوء مذهب أهل البيت (عليهم السلام).

الدكتور نعمتي من علماء أهل السنة تحدَّث عن: الدولة الإسلامية تتوافق مع جوهر الديمقراطية.

الأستاذ محمد تهامي دكير قدَّم ورقة بعنوان: مشاركة الإسلاميين في الانتخابات: خطوة باتجاه أسلمة النظام السياسي وشكل من أشكال الديمقراطية الإسلامية.

الدكتور مرندي من إيران تحدَّث عن: الديمقراطية الإسلامية وولاية الفقيه في آراء أهل السنة الفقهية.

أما الشيخ ماهر حمود فقد تحدَّث عن الإسلام والديمقراطية.

مؤتمر: تقييم مسيرة التقريب بين المذاهب الإسلامية خلال عشرين عاماً

بمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية وفي ذكرى ولادة نبي الرحمة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومولد حفيده الإمام محمد بن جعفر الصادق (عليه السلام)، نظم المجمع العالمي

للتقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران مؤتمره السنوي الدولي الخامس والعشرين للوحدة الإسلامية.

وذلك في طهران بين 15 - 17 ربيع الأول، الموافق لـ8-10 شباط (فبراير) 2012م.

شارك في فعاليات المؤتمر هذه السنة عدد كبير من المفكرين والكتاب والمهتمين بالتقريب من العالمين العربي والإسلامي، بالإضافة إلى ضيوف من أوروبا وأمريكا وآسيا.

وقد خُصِّص المؤتمر هذه السنة لتقييم مسيرة مجمع التقريب بالإضافة إلى تنظيم ندوة عن الصحوة الإسلامية بمناسبة الحراك الشعبي الذي يعرفه العالم العربي والمطالب بالتغيير السياسي والديمقراطية ورفض أنظمة الاستبداد السياسي.

وقد قدَّم خلال ثلاثة أيام قرابة (125) بحثاً وورقة في ثلاثين جلسة.

في الجلسة الافتتاحية تحدَّث في البداية الدكتور محمود أحمدي نجاد (رئيس الجمهورية الإسلامية)، فأشار إلى انتشار الظلم في ظل أنظمة الاستكبار العالمي، وأن المدارس السياسية التي صنعها الإنسان لم تخلصه من الذل؛ بدليل انهيار الليبرالية والماركسية اللتين جاءتا بهما، وأنه لا حل إلَّا بالدين الإلهي الذي أرسله للإنسانية جمعاء من أجل سعادتها وبلوغها الكمال.. ثم أشاد أحمدي نجاد بجهود المجمع ونشاطاته التقريبية قائلاً: إن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية قدَّم الكثير للأمة الإسلامية وعلينا السعي لإضاءة طريق المستقبل.

ثم تحدَّث بعده الشيخ محمد علي التسخيري الأمين العام للمجمع، فقدَّم تقريراً مقتضباً حول أهداف وبرنامج ومشاريع المجمع العالمي للتقريب. كما أشار إلى الصحوة الإسلامية وأن هناك شرقاً أوسطاً جديداً وُلِدَ بفضل هذه الصحوة. وتحدَّث بعده الشيخ مولوي محمد إسحاق مدني (رئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية)، كذلك عن الصحوة الإسلامية وأنها جاءت ثمرةً لتضحيات الآلاف من الشهداء.

ثم تُليت كلمة لرئيس مجلس النواب اللبناني الأستاذ نبيه بري من طرف عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل الأستاذ كمال خليل الحاج، فأشار إلى التأثير الكبير الذي أحدثته الثورة الإسلامية في العالم الإسلامي ودورها في نصرة المستضعفين، كما أكد «أن الصحوة الإسلامية نتاج عمل شاق وصعب كلف الكثير من الشهداء والاستعداد والتضحية..»، كما أشار الرئيس بري إلى مخاطر تهويد المقدسات في فلسطين وضرورة مواجهته، وكذلك مخاطر الإعلام العربي الذي يعمل على تهميش الصراع مع الصهاينة وإيجاد أعداء جدد للعالم العربي، كذلك ارتفعت موجة الهجوم على الجمهورية الإسلامية والمقاومة في لبنان وفلسطين.

بعد ذلك تحدَّث المفتي العام للجمهورية السورية الدكتور الشيخ بدر الدين حسون فقال: نحن أمة واحدة قبل أن نكون سنة أو شيعة، وربيعنا ربيع نبينا وفكر جعفرنا الإمام الصادق (عليه السلام)، وهنا تظهر الوحدة الإسلامية. كما أشار الشيخ حسون إلى اهتمام الجمهورية الإسلامية بالقدس ووحدة الأمة، قائلاً: «الإمام الخميني طرح فكرة التقريب لأنه عرف أن هناك قضية ضعف الأمة يتم العبث من خلالها؟. وأضاف الشيخ حسون: عندما صمدت إيران الإسلامية وسوريا ولبنان بكل أطيافه كان النصر حليفاً للأمة الإسلامية،.. إن أعداء الإسلام بدؤوا حرباً جديدة اسمها حرب الفضائيات، وقاموا بتقسيمنا وتفريقنا وتمزيقنا.

ثم بعد ذلك انطلقت فعاليات المؤتمر بالجلسة الأولى حيث اجتمعت اللجنة الثقافية لمناقشة مجموعة من التقارير ودراسة موضوع المجلات ومواقع مجمع التقريب.. كما ناقشت الجلسة الثانية موضوع المطبوعات والجهاز الإعلامي والفن وموضوع التعليم.

ثم تتابعت الجلسات للجان: العلاقات الدولية، والشؤون الإيرانية، بالإضافة إلى الاجتماع المشترك للمجلس الأعلى وهيئة رئاسة الجمعية العمومية واجتماع اللجان التخصصية للجمعية العمومية.

ثم عقدت جلسة مخصصة للصحوة الإسلامية. تلتها الجلسة الختامية، عرضت فيها تقارير اللجان الثلاث للمؤتمر ولجان الجمعية العمومية، ثم الكلمة الختامية والتوصيات.

فيما يلي عرض وقراءة مقتضبة لعدد من الأوراق التي قدَّمت في هذا المؤتمر. ونبدأ بالأوراق المتعلقة بنقد وتقويم مسيرة التقريب، ثم نستعرض بعض الأوراق التي تحدَّثت عن الصحوة الإسلامية.

تقييم مسيرة التقريب خلال عشرين عاماً

- الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري (المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو) قدّم ورقة بعنوان: «حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية: مراجعات وتأملات»، في البداية رأى د. التويجري أن ذكرى مرور 65 سنة على إنشاء جماعة التقريب في القاهرة ومرور 20 سنة على إنشاء المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران، ومرور 9 سنوات على اعتماد مؤتمر القمة الإسلامي (استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية)، تعتبر مناسبة للتأمل في مسيرة التقريب وانعكاساتها على أوضاع العالم الإسلامي طوال هذه العقود.

ثم شرع في تقييم هذه المسيرة، حيث استعرض ملابسات نشأة دار التقريب بالقاهرة سنة 1947م، وكيف أن المبادرة جاءت أولاً من الطرف الشيعي، ثم تلقَّفها الطرف السني مؤازراً لها، وأن اختيار الأزهر الشريف معقل ثقافة السنة منطلق لتلك المبادرة، كان اختياراً ذكيًّا.

ورغم الجهود التقريبية التي قامت بها هذه الدار إلَّا أن التحديات الكثيرة حالت دون نجاحها وتواصلها، فتوقف عملها إلى أن ظهرت ظروف جديدة، أدَّت إلى تجديد الاهتمام بفكرة التقريب مع مطلع القرن (15هـ)؛ حيث بادرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) التي تأسست عام 1982م إلى إدراج برنامج خاص عن التقريب بين المذاهب الإسلامية ضمن برامجها الثقافية.

وجاء تأسيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران سنة 1992، ليعطي دفعة قوية للعمل الإسلامي المشترك في هذا المجال وليُعزز الوحدة الإسلامية.

طبعاً كانت هناك عقبات وموانع كثيرة ضد مسيرة التقريب تحدَّث عنها ميثاق الوحدة الإسلامية مثل: التعصب والغلو والتكفير ونقل النزاع إلى مرحلة الكفر والإيمان وتغليب المصالح الطائفية أو العرقية أو السياسية العارضة على المصالح العليا.. إلخ.

وهذه الموانع -في نظر د. التويجري- أبطلت مفعول العمل التقريبي منذ بدئه في أواخر أربعينات القرن الماضي وإلى اليوم، وهي أسباب آخذة في التفاقم لدرجة باتت تعرقل الجهود المخلصة التي تبذلها الأطراف المهتمة بالتقريب بين المذاهب الإسلامية.

وفي الأخير دعا د. التويجري إلى ضرورة التفعيل الكامل لاستراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية التي صادق عليها مؤتمر القمة الإسلامي.

- الشيخ محمد مهدي نجف (مستشار الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية) تحدَّث عن: «دور المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في بناء وحدة الأمة»، في البداية أشار الشيخ نجف إلى أن مسألة الوحدة والتقريب بين المذاهب باتت من الآمال التي يتطلع إليها كل المصلحين، وهي أطروحة شاملة تعبر عن هدف أيديولوجي وزمني مقدس ذي أبعاد متعددة، إلَّا أن بعض الملابسات حوَّلت مفهوم هذه الوحدة إلى البعد المذهبي فقط، مع أن المساحات المشتركة بين المذاهب واسعة سواء في الأصول أو الفروع.

أما بالنسبة للمجمع العالمي للتقريب فقد تحدَّث الشيخ نجف عن نشاطاته وما أنتجه من ثروة علمية حيث صدر عنه إلى الآن أكثر من 150 كتاباً وعدد من المجلات والدوريات الصادرة بلغات متعددة، كلها تم تحويلها إلى أقراص ليزرية وزعت على آلاف الزائرين والمشاركين في مؤتمرات الوحدة والتقريب.. وكذلك نشاطاته في مجال تنشيط العلاقات بين علماء المذاهب الإسلامية من خلال مؤتمرات الوحدة التي تجاوزت العشرين مؤتمراً.

وفي الأخير طالب الشيخ نجف بضرورة العمل على نشر هذا التراث التقريبي وإيصالها لذوي الاختصاص في العالم الإسلامي للاطلاع عليه والاستفادة منه، وضرورة تفعيل ندوة الحج السنوية التي تقام في الأماكن المقدسة.

- «نقد مسيرة التقريب» عنوان الورقة التي قدَّمها الشيخ حسن البغدادي (عضو المجلس المركزي في حزب الله اللبناني)، في البداية اعتبر الشيخ البغدادي النقد بمثابة النصيحة المطلوبة والتي لها آثار إيجابية، ثم أشار إلى جهود رواد التقريب الأوائل الذين أسسوا دار التقريب في القاهرة، وكذلك جهود الجمهورية وقائدها في التقريب، كما أشار إلى أهم العقبات التي تقف في وجه التقريب كالاستغلال السياسي للمذاهب وجهل بعض أتباع المذاهب الذين يدفعهم إلى تكفير المخالف لهم أو قتله.

وفي إطار تقويم ونقد مسيرة التقريب دعا الشيخ البغدادي إلى ضرورة التركيز على مجموعة من النقاط:

أولاً دراسة تجربة دار التقريب في القاهرة وما نتج عنها.

ثانياً: العمل على تفعيل دور الفقه المقارن.

ثالثاً: اهتمام العلماء بقواعدهم ومقلدي المذاهب.

رابعاً: الاستفادة من ذكرى عاشوراء كمحطة جامعة مستنهضة لكافة المسلمين.

خامساً: ضرورة رصد مؤامرات الأعداء وكشفها وفضح مخططات الاستعمار المثيرة للفتن المذهبية.

سادساً: تفعيل التواصل الاجتماعي بين علماء وأتباع المذاهب الإسلامية.

- «نحو رؤية مستقبلية للوحدة الإسلامية المنشودة» عنوان الورقة التي قدَّمها الباحث والمفكر الإسلامي كامل أبو بكر شريف من أثيوبيا، في البداية تحدَّث الباحث عن المتغيرات التي تعصف بالعالم العربي والإسلامي والتي تصب جميعها في الدعوة إلى التغيير السياسي والعودة إلى الإسلام وتطبيق شريعته في الحياة.

وهذا ما يُخيف الاستعمار الغربي الذي بدأ يشعر بخيبة الأمل وخصوصاً بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وبروز الصحوة الإسلامية. مما دفعه لزيادة مؤامراته ومخططاته للحيلولة دون توحد المسلمين. من هنا يرى الباحث ضرورة العمل لأجل تحقيق الوحدة الإسلامية وإيجاد التقريب بين المذاهب الإسلامية وإدراك خطورة التفرّق والتمزّق الذي لا يخدم سوى مصلحة الغرب الاستعماري.

وهنا يبرز دور المنظمات الإسلامية التي يجب في نظر الباحث أن تدرك طبيعة العصر والتحدي القائم والعراقيل المصطنعة أمام مسيرة الوحدة الإسلامية والمنظمات والهيئات والجمعيات الإسلامية، مدعوة كما يقول الباحث لأن تتكاتف وتتوحّد من أجل حل الخلافات المذهبية والسياسية التي تقع بين المسلمين.

وبعد أن تحدَّث الباحث عن أهمية دور وسائل الإعلام في نشر ثقافة التقريب بين المسلمين، تحدَّث بالتفصيل عن العقبات التي تعترض مسيرة التقريب بين المذاهب ووحدة المسلمين.. وتتلخَّص في نظره في: المؤامرات الاستعمارية ووجود نزاعات قبلية وحدودية وإقليمية، والدور السلبي الذي تلعبه الأنظمة السياسية الفاسدة في العالم الإسلامي.. وأخيراً تهميش العلماء وحصر عملهم في زوايا ضيقة في مجال التعليم والإرشاد، بدل العمل على توحيد الأمة والعمل على التقريب بين مذاهبها.

- «التقريبيون وتحديات التقريب: خبرة (ledebat) الفرنكفونية نموذجاً»، ورقة قدمها الدكتور سمير سليمان (رئيس تحرير المجلة وأستاذ بالجامعة البنانية)، ففي البداية تحدَّث الكاتب عن تجربة دار التقريب بالقاهرة، وكيف أنها جاءت لتفتح كُوَّة في جدار التباعد وتهيئ بعض السبل الآيلة إلى تحقيق اختراق في الوسائل والآليات، فمكَّنت كما يقول- من ترشيد تلك الجهود لتنطلق من بعد مسيرة التقريب في الأزمنة الحديثة. واليوم -يضيف الكاتب- بتنا باليقين الذي أثبتته وثبّتته مصاديق الواقع بأن مسيرة التقريب لن تصلح إلَّا بما صلح به أولها، على مستوى الرؤية والمبادئ والقيم، ونماذج الرجال الذين انخرطوا فيها، وبعض الوسائل التي توفَّرت لها.. ثم أشار إلى تجربة المجمع العالمي للتقريب في طهران، الذي كان من البديهي أن يبدأ من حيث انتهت تجربة القاهرة، والذي استطاع -رغم التحديات السياسية والمادية الكبيرة والمتنوعة- أن يحقق الكثير من الإنجازات، حيث ارتقى من (محلية التأسيس إلى العالمية).

أما بخصوص تجربة مجلة الحجاج ledebat التي رعاها المجمع فقد كانت تجربة صعبة «فتأسيس مجلة علمية رسالية في اختصاص التقريب وباللغة الفرنسية كانت مغامرة من قبلي، لكننا اكتشفنا بعد هنيهة من التأسيس، أنها كانت مغامرة محسوبة، من قبل المجمع وراعيه آية الله التسخيري.. فقد بدأنا فإذا بالمجلة اليوم في مستوى المجلات العالمية التي توزع في أرجاء شتى من العالم الفرنكفوني.. بدأنا بقلة من الكتّاب بالفرنسية.. فإذا بنا الآن وأكثرية كتابنا يكتبون بالفرنسية.. بدأنا بعدد محدود من القرّاء، فإذا بنا نقرأ اليوم حيث نصل على نطاق واسع، فنحضر في كبرى المكتبات وفي العديد من الجامعات ومراكز الدراسات والمنابر الثقافية والعلمية الفرنكفونية. إنه إنجاز نادر ونوعي ما تحقق مع مجلة ناشئة.. لكن رساليتها ومستواها كانا عاملين أساسيين فيما اهتدت به وهدت إليه، وما كان لله ينمو.

بعد ذلك قدَّم الكاتب مجموعة من المقترحات تصب جميعها في نقد وتقويم وترشيد العمل التقريبي. فنهاك تباينات في النظرة إلى التقريب والمشروع التقريبي وأولويات برامجه بين التقريبيين. ولتكون الفاعلية الثقافية التقريبية حركية ودينامية، هي في حاجة دائمة إلى إدارة ثقافية متنوعة مذهبيًّا ومفتوحة ومنفتحة يقودها مثقفون استراتيجيون تنويريون عابرون لحدود الطوائف والمذاهب ويتميزون بصدقية ونزاهة تقريبيتين ويتحركون بعقل مؤسسي وفريق ورؤية منسقة...

كما أكد الكاتب على ضرورة المشاركة الشبابية في العمل التقريبي وضرورة الاستفادة من وسائل الاتصال والتقنية الحديثة، مقترحاً تأسيس شركة دولية متخصصة في توزيع الكتب والمطبوعات الإسلامية...

من الأوراق المقدمة كذلك في المؤتمر ورقة الشيخ أحمد هاشم موزادي (باحث ومفكر إسلامي من أندونيسيا) بعنوان: «تحقيق الوحدة الإسلامية في إطار تحقيق اتحاد العالم الإسلامي»، في البداية تحدَّث الباحث عن أسباب الاختلاف، وأن الاختلاف ضرورة من ضرورات الحياة، لكن مع ذلك فالاختلاف لا يمنع من الاتِّحاد والتعاون والعمل الجماعي كما دعا إلى ذلك القرآن.

أما بخصوص الصعوبات التي تواجه الأمة وتمنعها من الوحدة فقد ذكر الباحث مجموعة من التحديات تتمثل في:

أولاً: قلة الوعي وعدم التعرُّف على كيفية التعامل مع الاختلاف والتنوع داخل الأمة.

ثانياً: عدم التمييز بين الرخص والبدع والضلالات والكثير من العناوين التي يتم الاختلاف فيها وحولها.

ثالثاً: وجود جماعات وتيارات ناشئة عن هذا الاختلاف تعادي غيرها وترفض الحوار معه، وتدخل في نزاع مع من يختلف عنها.

رابعاً: الدور السلبي الذي تلعبه الأنظمة السياسية التي تسعى إلى تعميق الهوة بين أطراف النزاع والاختلاف داخل الأمة.

وغيرها من التحديات الكثيرة. وفي الأخير دعا الكاتب إلى ضرورة تشجيع قيم الأخوة بين المسلمين، وعدم استحضار وقائع الماضي التي وقع فيها الاختلاف والخلاف، واحترام خصوصيات واختيارات الآخرين ومقدساتهم، والتأكيد على أن جميع الفرق والتيارات هي تحت خيمة الإسلام، وأن الاختلاف بين الجميع هو في منهج فهم الدين وفي قراءة نصوصه.

وفي الأخير أشار الكاتب إلى جهود جمعية نهضة العلماء في أندونيسيا في مجال تحقيق الأخوة بين المسلمين بجميع اتجاهاتهم في إطار تحقيق اتحاد العالم الإسلامي.

وغيرها من الأوراق الأخرى التي قدَّم أصحابها عدة مقترحات لتطوير الجهود الخاصة بالتقريب والوحدة.

ندوة الصحوة الإسلامية

إلى جانب المؤتمر الخاص بتقييم جهود ونشاطات المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب عُقدت ندوة عن الصحوة الإسلامية، قُدِّمت فيها مجموعة من الأوراق، نستعرض بعضها فيما يلي:

- «الصحوة: أسبابها ومظاهرها ودوامها» عنوان الورقة التي قدَّمها الشيخ محمد علي التسخيري (الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب)، وقد تناول ظاهرة الصحوة من خلال ثلاث زوايا: الحقيقة، الأسباب، الاستدامة، تحقيقاً للترابط المقوم بين هذه الزوايا.

في البداية تحدَّث الشيخ التسخيري عن حقيقة الصحوة ومنطلقاتها العقائدية والمفاهيم الإسلامية التي تنطلق منها، ثم شرع في الحديث عن معالم الصحوة التي نجدها في: الاتجاه العام نحو تفهُّم الإسلام ومعرفة جوانبه الحياتية، واتجاه الشباب خصوصاً نحو تطبيق الإسلام في جميع مناحي الحياة، وتفهُّم الطاقات الضخمة التي تمتلكها الأمة المسلمة، وطبييعة المرحلة التي تعيشها، بالإضافة إلى الاتجاه الرائع نحو الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب، والسعي الحثيث لاستعادة المجد الإسلامي، وأخيراً من معالم الصحوة هذا الاتجاه الجماهيري نحوتعميم الأخلاق الإسلامية على المجتمع...

أما بالنسبة لأسباب الصحوة فقد أكد الشيخ التسخيري أن الصحوة هي لطف إلهي محض. أما العناصر التي أهَّلت الأمة لشمول هذا اللطف فهي:

أولاً: العمل الدؤوب للعلماء الذين أحسوا بداء هذه الأمة، وراحوا يخططون ويرسمون لها سبل العلاج.

ثانياً: الدور الرائع الذي قامت به الحركات الإسلامية في نشر التوعية والحماس الثوري بين أبناء الأمة.

ثالثاً: ردود الفعل التي أعقبت الهجوم الغربي الفاشل على العالم الإسلامي.

رابعاً: الأحداث الكبرى في العالم الإسلامي وفي مقدمتها نجاح الثورة الإسلامية المباركة في إيران.

هذه المعطيات وغيرها كثير أحدثت ثورة في كل مكان، وهزّت الجماهير هزًّا، وفتحت آفاق الأمل نحو الغد الإسلامي.

أما بالنسبة لديمومة الصحوة لابد من صيانة الصحوة وتجنيبها مظاهر وأمراض التطرف والغلو، سواء لجهة الإغراق والتركيز على نصوص الجهاد، أو الإفراط في الدعوة للتجديد. كذلك لابد من الحذر من مخططات الأعداء لجهة الوقوع في فخ التهم التي يُروِّجونها ضد الصحوة ورموزها.. بالإضافة إلى الحذر من مخططات الاحتواء، وهذه من أخطر المطبات التي يمكن أن تسقط فيها الصحوة، وفي الأخير يقول الشيخ التسخيري لمن يقففون في وجه الصحوة: «إن الله تعالى أذن لعصر العودة أن يبدأ، ولمسيرة الإسلام الحاكم أن تنطلق، ولن تستطيع كل أنماط التآمر والخذلان، والتهم والاحتواء، أن توقف الزحف الإسلامي المقدس».

- الصحوة الإسلامية مبادئها.. أولوياتها» هذه الورقة قدَّمها الشيخ طالب حسين الخزرجي (إمام المركز الإسلامي في البرازيل)، يرى الباحث أن الصحوة الإسلامية اليوم تستمد عزمها، وتُثبت هويتها وانتمائها الحقيقي؛ فتشق طريقها بين الشعوب، وتفتح العقول، وتنوّر الأفكار. ولابد من معرفة مقدماتها ومستلزماتها في هذا المجال، ومنها:

1- تأصيل المفاهيم الأساسية حتى لا يعيش الناس في حالة اضطراب وتأرجح، وأن تعيش الوضوح لتكون انطلاقتها ومسيرتها ونهجها ومواقفها تبعاً لذلك.

2- الوحدة الإسلامية ومحاربة الفرقة من الأولويات التي يجب أن يضعها الإسلاميون نصب أعينهم.

3- ضرورة التمسُّك بالقضية الفلسطينية التي تعتبر من القضايا المركزية والأساسية والمحورية التي تجتمع الأمة على أساسها.

4- محاربة الجهل والأمية والضعف الثقافي.

5- الاعتماد على الجماهير التي تعتبر الذخيرة الكبيرة والقوة المباركة والصرخة المدوية.

6- محاربة الفساد والانحراف الذي يعتبر من الآفات والأمراض المدمرة للصحوة ونهضتها.

7- محاربة الخرافات والبدع.

8- التسلح بسلاح العلم والوعي.

9- المبادرة والشجاعة من المقدمات الهامة للصحوة الإسلامية، لكسر حاجز الخوف والرهبة المصطنعة، والهالة الكاذبة التي وضعها الحاكم المنحرف والسلطان الجائر، والاستعداد للمواجهة بكل الإمكانات.

10- الالتزام بالنهج الإسلامي الوسطي.

هذه بعض المقدمات والمستلزمات التي يجب الاهتمام بها في إطار معالجة وتقويم مسيرة الصحوة في نظر الباحث. وفي الأخير نبَّه الكاتب من مخاطر التحدي الغربي والصهيوني الذي لن يترك الصحوة تسير باتجاه تحقيق أهدافها.

- «الصحوة الإسلامية والتمهيد للوحدة» عنوان الورقة التي قدَّمها المستشار توفيق علي وهبة (رئيس المركز العربي للدراسات والبحوث)، في البداية أكد الكاتب أن الوحدة الإسلامية تعتبر مقصداً هامًّا من مقاصد الإسلام الحنيف، وقد تضافرت النصوص الشرعية على وجوبها وجوباً قاطعاً وصريحاً. والوحدة لا تعني بحال من الأحوال التطابق والتماثل في كافة الرؤى والمواقف، أو إلغاء المدارس الفقهية أو التيارات المذهبية، وإنما الانطلاق والتوحُّد في إطار المساحات المشتركة مع المحافظة على التنوع لأنه مصدر ثراء.

أما بالنسبة للركائز والمعاني التي من خلالها تتحقَّق الوحدة فقد تحدَّث الباحث عن مجموعة من الركائز، منها: احترام أدب الاختلاف تصديقاً لقول الإمام الشافعي: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، إنصاف المخالف بل العدو كما فعل الإمام علي (رضي الله عنه) مع الخوارج، لقد حاربهم لكن لم يمنعه ذلك من إعطائهم حقوقهم. وقد استعرض الكاتب أيضاً نماذج من الإنصاف في علاقة العلماء بعضهم مع بعض مع اختلاف مذاهبهم.

المقوم الثالث في نظر الباحث، التحلق حول شخصية الإمام علي (كرم الله وجهه) لأنه محل تقدير ومحبة واحترام والكل يعترف بفضله وعلمه، أهل السنة والشيعة.

أما القسم الثاني من الورقة فخصصه الباحث للحديث عن الصحوة الإسلامية، فعرفها وتحدَّث مفصلاً عنها، مؤكداً أنها من أهم العوامل والركائز التي تمهّد للوحدة الإسلامية في الوقت الحاضر.

كما تحدَّث عن مرتكزات الصحوة ومعالمها، ودور العلماء والمؤسسات والمجامع العلمية في مجال تصحيح المفاهيم ودعم الصحوة الإسلامية، باعتبارها تمهيداً للوحدة الشاملة.

وفي الأخير تحدَّث الباحث عن العقبات التي تقف في طريق الوحدة الإسلامية، مثل: التعصب المذهبي الذي يؤدي إلى التكفير والفرقة، والنعرات الطائفية والتمييز العنصري والقبلي، وأخيراً مخططات القوى الاستعمارية وما تبثّه من دسائس وشائعات لتمزيق وحدة هذه الأمة.

- «الصحوة وأهمية العمل المؤسسي لإتمام النجاح» عنوان الورقة التي قدَّمها الدكتور علاء الدين زعتري (أمين الفتوى في وزارة الأوقاف السورية)، يرى الباحث أن الصحوة الإسلامية اليوم التي تريد أن تُعيد للأمة نهضتها وعزَّتها تجاهد على صعيدين وجبهتين:

1- التخلف الذاتي الموروث عن حقبة التراجع الحضاري.

2- التحديات الغربية التي تريد تهميش دور الأمة الإسلامية وإلحاقها بالتبعية للغرب، ليتأبَّد استغلال الغرب وهيمنته على عالم الإسلام.

ولمواجهة هذه التحديات يرى الباحث أن العمل الإسلامي والصحوة الإسلامية في حاجة إلى العمل المؤسسي. وقد أثبتت تجارب العمل الإسلامي أن الفردية في إدارة كثير من العمل الدعوي والتنموي هي السائدة، بل قد تستبد الفردية أحياناً بكامل المؤسسة فيصير أمرها إلى فرد واحد مستقل عن رأي الجماعة. وهذه الفردية تؤدي إلى التنازع والفشل في العمل الإسلامي؛ لذلك يرى أن العمل المؤسسي هو العاصم من تضخم الفردية والعشوائية والرتابة، لكن يجب مراعاة مجموعة من النقاط في العمل المؤسسي ليحقق النجاح المطلوب:

1- وضع هيكل تنظيمي محكم.

2- تحديد الواجبات والصلاحيات الإدارية والتنفيدية.

3- التدريب على العمل المؤسسي وإشاعة ثقافة العمل الجماعي.

4- إشاعة روح الحوار والتناصح والتقويم الدوري المستمر.

والعمل المؤسسي له أهمية كبيرة في ترشيد الصحوة الإسلامية؛ لذلك لا بد من تنمية الفكر الجماعي وتعميق الروح الجماعية ومراجعة أساليب الدعوة، والتأكيد على مزايا العمل المؤسسي وفوائده، وأن مبدأ التعاون هو من أسمى مقاصد الشريعة. وفي الأخير تحدَّث الباحث عن مقومات نجاح العمل المؤسسي وقواعد في أهداف العمل المؤسسي.

- «الصحوة الإسلامية والحقائق الداعمة للوحدة بين المسلمين» عنوان الورقة التي قدَّمها الدكتور محمد الدسوقي (أستاذ بجامعة القاهرة)، في البداية أكد الباحث أن الصحوة الإسلامية حقيقة واقعية واقتصادية وفكرية وشعورية يجمع بينها رباط واحد؛ إنه رباط العقيدة الإسلامية. وهذه الصحوة يقول د. الدسوقي إرهاص بأن الطريق إلى الوحدة أصبح ممهداً، لكن الصحوة تحتاج إلى دعم فكري لتحقق أهدافها تقوم على مجموعة من الحقائق تتمثل في نظر الباحث في: اهتمام العلماء بالكليات قبل الجزئيات، فهناك من الفروض والواجبات الكفائية كقضايا الحكم والعلم والاقتصاد والوحدة الإسلامية يحتاج فقهها إلى جهد عقلي يخضع لمنهج أصولي دقيق، ومن ينبغي أن يكون من دعائم الصحوة المعاصرة الإحاطة بتعاليم الإسلام إحاطة وافية دون أن تختل درجة منها من حيث الفرضية وعدمها. يجب على الصحوة أن تتعامل مع الواقع وتعايش الحاضر في معالجة شؤون الحياة، كذلك لا بد من توثيق العلاقة بتراث الأمة الماضي والاستفادة منه بما يُقوِّي الحاضر. ولكي تنهض الصحوة الإسلامية برسالتها في دعم الوحدة الإسلامية وجعلها حقيقة واقعية ينبغي عليها أن تبرأ من النزعات المذهبية والطائفية.

- «الصحوة الإسلامية المعاصرة، الجذور ومآلات المستقبل».

في البداية تحدَّث الباحث مفصلاً عن خلفيات الصحوة الإسلامية التي ظهر جزء من ترجمتها فيما عرف بالثورات التي يموج بها الواقع العربي اليوم، فهذه الثورات لم تنطلق من فراغ وإنما بدأ الإعداد لها منذ عقود مضت، وتراكمت معارفها منذ قرن من الزمان. وقد تتبع الكاتب جذور هذه الصحوة في كتابات ومواقف الأفغاني ومحمد عبده والكواكبي والشهيد عز الدين القسام، وصولاً للشيخ حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين، وأعلامها مثل السيد قطب، وكذلك مساهمة المفكر التركي نجم الدين أبركان وخصوصاً في المجال السياسي، ومفكري ومجاهدي الثورة الفلسطينية وعلى رأسهم الشهيد أحمد ياسين، كما أشار إلى دور الشيخ أبو الأعلى المودودي المفكر الباكستاني والشيخ أبو الحسن الندوي، والمفكر السوداني حسن الترابي والغنوشي التونسي وأخيراً الإمام الخميني والثورة الإسلامية في إيران والسيد حسن نصر الله والمقاومة في لبنان.. إلخ.

هذه هي روافد الصحوة وخلفياتها الفكرية ورموزها العلمية والجهادية، ومن خلالها يظهر تنوعها وأصالتها وشمولها لجميع المناطق العربية والإسلامية، وعمقها الحضاري.

أما بالنسبة للمآلات فقد تبيَّن من خلال التجارب الإسلامية المعاصرة وجود تجارب ونماذج متنوعة، من حيث الطبيعة والشعارات والنتائج التي تحقَّقت على أرض الواقع والاستمرارية، فالثورة الإسلامية تختلف عن تجربة طالبان في أفغانستان، وكذلك الأمر بالنسبة لتجربة الحركة الإسلامية في السودان وتركيا.. وفي الأخير قدَّم الكاتب مجموعة من النصائح والتنبيهات للثورات في كل من تونس وليبيا واليمن، لتحذيرهم من السقوط في أخطاء لا تخدم المشروع الإسلامي والصحوة الإسلامية.

هذه نماذج من الأوراق التي قُدِّمت في هذه الندوة. وفي نهاية فعاليات المؤتمر أصدر المشاركون مجموعة من التوصيات، نذكر منها:

أولاً: يؤكد المؤتمرون، انطلاقاً من مسلمات القرآن والسنة النبوية الشريفة، أن الإسلام جامع لأهل القبلة، ودليله الشهادتان اللتان تعصمان دم الناطق بهما وماله وعرضه. كما يرون أن التقريب بين المذاهب الإسلامية سبيل مهم لتحقيق وحدة الأمة في شتى المجالات، وأن المذاهب الإسلامية التي تؤمن بأركان الإسلام وأصول الإيمان، ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة، يؤلف المنتمون إليها بمجموعهم الأمة الواحدة.

ثانياً: يؤكد المؤتمرون على أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حققا للأمة الإسلامية أجواء إنسانية حضارية رائعة، وأشاعا العقلانية وروح الحوار البنَّاء، وحرية الاجتهاد بضوابطه الشرعية، وغرسا روح الأخوة والوحدة.

ثالثاً: يؤكد المؤتمرون أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات كبرى، تستهدف عقيدتها وشخصيتها وثقافتها ومقومات وجودها ودورها الحضاري المنشود، وتتعرض لمؤامرات لتمزيقها جغرافيًّا ولغويًّا وقوميًّا ومذهبيًّا بل تاريخيًّا.

رابعاً: يرى المؤتمرون أن الأهواء والنزعات السياسية، وشيوع حالات التعصب، وجهل بعض أتباع المذاهب بحقيقة المذاهب الأخرى انحرفت بالحالة السوية تلك إلى حالة طائفية ممزقة، سادتها ظاهرة الغلو والتكفير والتطرف والتنافر والتمزق، ونقل النزاع الفكري إلى الساحة العملية، مما ترك آثاراً سلبية خطيرةعلى قوة الأمة وتماسكها، وسهَّل السبل ليقوم أعداؤها بطعنها في صميم عقيدتها وتوجهاتها.

خامساً: تحقيقاً لهذه الوحدة بين أهل القبلة، وللتقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية، يدعو المؤتمرون إلى وجوب احترام كل طرف منهم الآخر، وإلى ترك البحث في هذه الأمور الخلافية للعلماء والخبراء في بحوثهم العلمية، وعدم الإساءة والتشهير بأحد.

سادساً: يدعو المؤتمرون إلى الابتكار والإبداع في مجال الفكر المؤدي إلى التقريب من خلال ما يلي:

1- مراعاة فقه الأولويات.

2- تعميق المنهج الوسطي في فهم الشريعة.

3- مراعاة مقاصد الشريعة، وخصائص الإسلام العامة.

4- إحياء علم المقارنات وعلم الخلاف.

5- الاهتمام بفقه النظريات الذي يختلف عن الاستنباط الجزئي.

6- الاهتمام بعملية الاجتهاد الصادرة عن المجامع الفقهية.

 

 

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة