شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
مؤتمر: مقاصد القرآن الكريم
في بناء الحضارة والعمران
تونس: عقد في 18-20 نيسان (أبريل) 2017م
محمد تهامي دكير
ﷺ من ضيق مقاصد الشريعة إلى رَحابة مقاصد القرآن الكريم
بعد الاهتمام الكبير بمقاصد الشريعة، الذي دفع بعض الفقهاء والمفكرين المعاصرين للدعوة إلى تطويره ليصبح علمًا قائمًا بذاته، شهدت العقود الأخيرة -أيضًا– توجُّهًا ملحوظًا للاهتمام بمقاصد القرآن الكريم، في محاولة للخروج من ضيق مباحث الأصول، إلى رحابة الآيات القرآنية الكريمة، وما تختزنه من مضامين ومعاني ودلالات وكنوز معرفية، ستتجاوز حتمًا –إذا ما تمّ اكتشافها واستنباطها من خلال منهج البحث المقاصدي– النتائج المعرفية المتواضعة التي كشفتها وقدّمتها مقاصد الشريعة في إطار مباحث أصول الفقه الاسلامي.
وقد ترافق هذا الاهتمام الجديد بمقاصد القرآن –كذلك- بالجهود التي بُذلت من أجل تجاوز التراث التفسيري القديم للقرآن ومناهجه التي كشف التطوّر الحضاري الحديث والمعاصر قصورها عن تقديم الرؤية القرآنية/ الإسلامية، الواضحة والمتكاملة للكثير من القضايا المعرفية، والاجتماعية والسياسية، وقضايا الحريات والحقوق والبناء الحضاري.. إلخ، رؤية يمكنها أن تأخذ مكانها في إطار السجال الفكري والصراع الأيديولوجي العالمي.
من هذا المنطلق، بدأت آمال بعض المفكرين الإسلاميين تُعقد على تطوير البحث في المقاصد القرآنية، بُغية سدّ هذا النقص، ولفتح آفاق منهجية/ تفسيرية، جديدة، تُمكّن العقل المسلم من سبر أغوار الكتاب المقدس (القرآن الكريم)، والغوص بعيدًا في دلالات آياته وأبعادها المتعدّدة، من خلال رؤية مقاصدية، تتجاوز الأحكام الجزئية، لتقدّم لنا رؤية مقاصدية كُلية، تساعد الأمة الإسلامية اليوم في حلِّ مشكلاتها الحياتية ومعضلاتها الحضارية.
من هنا، تظهر أهمية هذا المؤتمر العلمي الذي تهدف بحوثه ودراساته إلى المساهمة في بيان مفهوم المقاصد القرآنية وأوجه الاتّفاق والاختلاف مع مقاصد الشريعة، وما هي أنواع المقاصد القرآنية وأبعادها التعليلية، وأهمية أو الحاجة اليوم إلى التفسير المقاصدي للقرآن الكريم؟ بالإضافة إلى تقويم الدراسات المعاصرة التي اشتغلت على فهم النص القرآني فهمًا مقاصديًّا.
بالتعاون مع المعهد العالي للحضارة الإسلامية ووحدة بحث دراسات قرآنية معاصرة بجامعة الزيتونة في تونس، نظّم المعهد العالمي للفكر الإسلامي مؤتمرًا علميًّا دوليًّا بعنوان: «مقاصد القرآن الكريم في بناء الحضارة والعمران»، وذلك بين 22 - 24 رجب الخير 1438هـ، الموافق لـ 18- 20 نيسان(أبريل) 2017م، بالعاصمة التونسية.
شارك في أعمال المؤتمر عدد من الباحثين والمفكّرين وأساتذة جامعات ومعاهد متخصّصة من إحدى عشرة دولة هي: الأردن والإمارات وبلجيكا وتونس والجزائر والسعودية والسودان والعراق وفلسطين ومصر والمغرب. وقد عُقدت سبع جلسات علمية، على مدار ثلاثة أيام، إذ عُقدت في اليوم الأول الجلسة الافتتاحية وجلسة أولى، وعُقدت في اليومين التاليين ستُّ جلسات عمل، إضافة للجلسة الختامية، حيث نُوقش في كل جلسة محور من المحاور.
ﷺ الجلسة الافتتاحية
انطلقت أعمال المؤتمر بجلسة افتتاحية في قاعة ابن خلدون بجامعة الزيتونة، ترأّسها رئيس جامعة الزيتونة في تونس الدكتور هشام قريسة، وكانت البداية بكلمة اللجنة التحضيرية ألقاها الدكتور رائد جميل عكاشة (مدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي/الأردن)، تحدّث فيها عن أهداف المؤتمر، وأهميته في البناء المعرفي والحضاري، والجهود التي بذلت في اختيار الأوراق المشاركة في المؤتمر، والإجراءات العلمية والإدارية التي رافقت تحكيم البحوث والدراسات، كما ألقى الدكتور عبد اللطيف بوعزيزي (مدير المعهد العالي للحضارة الإسلامية) كلمة أشار فيها إلى خطوات الإعداد للمؤتمر وما بذل فيه من جهود وتعاون بين المنظمين لهذا المؤتمر.. كما تحدّث الدكتور جلال الدين علوش (رئيس وحدة بحث دراسات قرآنية معاصرة في جامعة الزيتونة)، الذي أشار إلى أهمية تنظيم مؤتمرات في الدراسات القرآنية المعاصرة، لما تقدّمه من إضافة علمية ومعرفية، تساهم في رفد الإنسانية بمبادئ وأسس بناء الحضارة والعمران. كما تحدّث الدكتور فتحي حسن الملكاوي (المدير الإقليمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي - الأردن) عن أهمية موضوع المؤتمر في السياق الحضاري للأمة، وبين أهدافه ومحاور جلساته، والاستفادة المرجوّة منه للباحثين، وتبادل الخبرة لمعرفة مقاصد القرآن في بناء الحضارة والعمران.
وأخيرًا، تحدّث الدكتور هشام قريسة (رئيس جامعة الزيتونة) كلمة بيّن فيها أهمية القرآن الكريم في بناء شخصية المسلم، بدءًا من عصر النزول، وما أحدثه من تغيير في صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كان له الأثر الكبير في البناء الحضاري والعمراني.
من هنا تأتي أهمية إعداد مثل هكذا مؤتمرات علمية عن مقاصد القرآن الكريم، لتشكّل منطلقًا للإنسانية في البناء الحضاري في العصر الحديث.
ﷺ الجلسة الأولى
انطلقت في اليوم الأول أعمال الجلسة الأولى لمناقشة محور «مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة: إشكالية الوصل والفصل»، وقد ترأسها الدكتور عبد اللطيف بوعزيزي (مدير المعهد الأعلى للحضارة الإسلامية في جامعة الزيتونة بتونس)، وتحدَّث فيها الدكتور حسن القصاب (أستاذ التعليم العالمي بكلية الشريعة – أكادير - المغرب) عن: «خطاب التكليف من ضيق مقاصد الشريعة إلى سعة مقاصد القرآن»، حيث دعا إلى إعادة النظر في خطاب التكليف كما هو في علم الأصول، لإخراجه من ضيق مقاصد الشريعة إلى سعة وأفق مقاصد القرآن الكريم، كما تناولت الورقة بالبحث شروط التكليف ومباحث الرخصة، وتعيين المكلّفين بالواجب الكفائي.
كما تحدَّث الدكتور عمار الحريري (أستاذ بجامعة العلوم الإسلامية العالمية – الأردن) عن: «مرجعية السنة في ظل مقاصد القرآن: قراءة تأصيلية نقدية»، وفيها حاول تقديم مقترح لمعالجة الاختلاف الحاصل في قبول السُّنة النبوية، وميزان تصحيحها، باقتراح الرجوع إلى مقاصد القرآن الكريم لضبط السُّنة وعرضها على القرآن، وهذا العرض سيؤدّي لا محالة إلى الدفاع عن السُّنة وصونها من التحريف، ويجنّبها دعوات الإهمال والتجاوز، بسبب تناقض الروايات ومشكل الوضع والانتحال.
بدوره قدَّم الدكتور محمد بدي إبنو من بلجيكا (أستاذ الفلسفة السياسية والاقتصادية بجامعة باريس - دوين) ورقة تحت عنوان: «نحو مساءلة إبستمولوجية وتفسيرية للعلاقة بين مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة»، وفيها حاول مساءلة المتن المعياري والتأويلي الإسلامي لدى المفكّرين القدامى، لاستشكاف المعنى المعياري لهذه الإبستمية التأويلية أولًا ثم إعادة تقويم مقاصدية ثانيًا، بُغية تحديد العلاقة بين مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة، في محاولة لفحص هذه المعيارية، وقد توقّف عند دلالة قوله تعالى: {اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}[1]، كمثال تطبيقي للعلاقة.
وقد قُدِّمت في هذه الجلسة كذلك ورقة للدكتور محمد الشتيوي من تونس: بعنوان: «خطاب الخلق والأمر في القرآن».
ﷺ أعمال اليوم الثاني: الجلسة الثانية
ولمناقشة محور «التفسير المقاصدي وآلياته» عقدت الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور فتحي ملكاوي (المدير الإقليمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي/ الأردن)، وقد قدَّم فيها الدكتور عبد الكريم الحامدي (أستاذ بجمعة باتنة – الجزائر)، ورقة بعنوان: «نحو رؤية منهجية في التفسير المقاصدي»، حاول فيها تعريف التفسير المقاصدي وخصائصه وأهميته وخطواته، بالمقارنة مع المناهج الأخرى التي ظهرت عبر التاريخ، كما تحدَّث بالتفصيل عن اهمية الاتّجاه المقاصدي في التفسير وقدرته على استشراف معاني القرآن بصبغة اجتماعية وسُننية يمكنها بناء رؤية شهودية وحضارية تحتاجها الأمة اليوم.
ثم قدّم الدكتور علي أسعد (أستاذ بجامعة العوم الإسلامية العالمية في الأردن) ورقة بعنوان: «التفسير المقاصدي للقرآن»، حاول فيها تقديم تأصيل للتفسير المقاصدي لتحقيق مجموعة من الأهداف من خلال بيان مفهوم التفسير المقاصدي ومشروعيته وأهميته في الفكر المعاصر، وبيان علاقته بالمناهج والاتّجاهات التفسيرية الأخرى، وكذلك للكشف عن آليات استنباط المقاصد القرآنية وبيان أهمية تحكيم المقصد في التفسير.
الدكتور محمد المجذوب (أستاذ مادة الفكر السياسي بجامعة النيلين - السودان) تحدَّث عن «مفهوم الحق وإعادة تأسيس علم المقاصد في الإسلام: رؤية نقدية لمفهوم المصالح الأصولي»، وفيها كشف الباحث عن الرؤية القرآنية التي اهتمّت بالحق كثيرًا، لدرجة أن منظومة المقصد الإنسانية تقوم على الحق، وبالتالي فإن مقاصد القرآن هي مقاصد الحق، كما أكّدت الورقة.
ومن الأوراق التي قُدِّمت في هذه الجلسة كذلك ورقة للدكتورة مُنْيَة العلمي من تونس عن: «مركزية الآلية السياقية في البناء الحضاري المقاصدي للقرآن الكريم».
ﷺ الجلسة الثالثة
وقد ناقشت محور: «مقاصد القرآن الكريم والفكر العمراني»، وترأسها الدكتور نور الدين الخادمي (من تونس)، وتحدَّث فيها في البداية الدكتور عبد المجيد النجار (رئيس تحرير مجلة المجلس الأوروبي للإفتاء و البحوث) عن «مقاصد القرآن الكريم في بناء الفكر العمراني»، مؤكّدًا أهمية البناء الفكري في السياق المعرفي، وكيف جاءت الإرشادات القرآنية عبر مجموعة من النماذج كقصص وأحداث لتكشف عن البناء الفكري، باعتباره مقصدًا مهمًّا من مقاصد القرآن الكريم، ودوره في بناء العمران والحضارة في الإسلام.
بدورها تحدّثت الدكتورة فريدة حايد (دكتوراه في الفقه من جامعة باتنة – الجزائر) عن «مقصد إصلاح العالم في القرآن»، حيث حاولت ومن خلال تتبع آيات الإصلاح في القرآن الكريم الكشف عن النموذج الذي يقدّمه القرآن للإصلاح الإنساني، وكيف يقوم هذا الإصلاح على أساس تحقيق الأصلح والأنفع للفرد وللمجتمع، مع مراعاة القيم التي تُعنى بالروح والمادة معًا.
ثم تحدّثت الدكتورة وسيلة خلفي (أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم بجامعة الجزائر 1) عن «مقصد إصلاح العقل في القرآن وتجلّيات العقلانية في العلوم الشرعية»، حيث سلّطت الضوء على أهمية مقصد العقل في القرآن الكريم، من خلال دعوته إلى حفظ العقل والتفكر والتدبّر في النفس والخلق، وقد تجلّى هذا الاهتمام بالعقل أيضًا فيما أنتجه العقل الإسلامي من علوم عقلية وتجريبية مهمّة عبر التاريخ. كما تجلّى الحفظ الوجودي لمقصد إصلاح العقل -كما ترى الباحثة- في جهود الأصوليين لتأسيس علم أصول الفقه، واضحًا على سبيل المثال.
وأخيرًا تحدث الدكتور مسعود بودوخة من الجزائر عن: «أهمية الوعي بمقاصد القرآن في التدبر».
ﷺ الجلسة الرابعة
ولمناقشة المحور الرابع عن «مقاصد القرآن والقيم العليا» عُقدت الجلسة الرابعة التي ترأسها الدكتور عبد المجيد النجار (من تونس)، وتحدَّث فيها الدكتور نور الدين الخادمي (أستاذ التعليم العالي بجامعة الزيتونة – تونس) عن موضوع: «موجز مقاصد القرآن في إحياء قيم الإنسان الحضارية»، حيث تحدّث بالتفصيل عن المقاصد القرآنية وعلاقتها بالقيم الحضارية باعتبارها قضية معرفية، وقد استعرضت الورقة مجموعة من المقاصد ودورها في إحياء قيم الإنسان الحضارية، مثل مقصد إنسانية الإنسان وفرادته الجنسية، ومقصد الانتظام البشري الجمعي ومقصد التآلف البيئي.
وتحدَّث الدكتور عبد السلام الأحمر (مدير مجلة تربيتنا - من المغرب) عن «استخلاف الإنسان في الأرض باعتباره مقصدًا عامًّا للقرآن والشريعة والحضارة»، وقد ناقش الباحث إشكالية تناول القضايا الإسلامية بطريقة تجزيئية، كما هو الأمر مع الكتابات القديمة والتراثية ما أفقدها الرؤية المتكاملة التي يمكنها بالاستعانة بمقاصد الخطاب القرآني من بناء منظومة مقاصدية قرآنية متكاملة بجميع القضايا. وقد ركّزت الورقة على مقصد الاستخلاف لتأطير المقاصد الإلهية الشاملة لدائرة الإسلام وخارجها.
كما قدَّمت الدكتورة بيَّة السلطاني (أستاذة محاضرة بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية بجامعة الزيتونة – تونس) ورقة بعنوان: «مقصد التزكية وأبعاده في ضبط السلوك الحضاري والعمران»، وقد حاولت فيها الكشف عن مقصد التزكية باعتباره مقصدًا ضابطًا للسلوك الحضاري والعمران، وذلك لمساهمته في تصحيح سلوك المسلم وفكره وعمله وتوجيهه التوجيه السليم نحو مهمّة الاستخلاف، وبالتالي فالتزكية في القرآن الكريم هي مدخل العمران ومقدّمته، وغياب التزكية يؤدّي إلى انحراف السلوك الحضاري وبالتالي انحسار العمران.
كما قدَّم الدكتور مسفر القحطاني من السعودية ورقة بعنوان: «التسخير الكوني للإنسان في القرآن، وسؤال المقصد العمراني».
ﷺ الجلسة الخامسة
ولمناقشة محور «مقاصد القرآن المجالات المعرفية» عُقدت الجلسة الخامسة، التي ترأسها الدكتور هشام الطالب من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تحدَّث فيها الدكتور بسام العموش (أستاذ جامعي من الأردن)، عن «الحرية في المقاصد القرآنية»، حيث حاول ربط موضوع الحرية بالمقاصد القرآنية، وقد توصَّل الباحث إلى أن من مظاهر تكريم الإنسان كونه مختارًا، وبالتالي لا يمكن أن يُجبر على اعتناق عقيدة أو دين؛ لذلك يجب إعادة النظر في بعض الروايات والأخبار التي تدعو لقتل المرتد.
الدكتور عبد الحليم مهورباشة (أستاذ بجامعة سطيف بالجزائر) قدَّم ورقة بعنوان: «دور مقاصد القرآن في التأسيس المعرفي لعلوم اجتماعية بديلة»، وفيها أكَّد الباحث أن الكشف عن هذا الدور يقتضي تحديد مفهوم مقاصد القرآن الكريم وكذلك مفهوم العلوم الاجتماعية، وتحديد طبيعة الأزمة المعرفية عالميًّا وفي مجال التداول العربي. من هنا ينطلق الباحث لتوظيف مقاصد القرآن الكريم للتأسيس المعرفي لعلوم اجتماعية بديلة، يمكن الاعتماد عليها لتحديد مفهوم العمران كقيمة مقاصدية، والوسائل والأدوات التي يمكن أن تسهم في البناء العمراني والحضاري لهذه الأمة.
واختتمت الجلسة بورقة الدكتور ياسين كرامتي (أستاذ جامعي وباحث بالمعهد الوطني للتراث بتونس) بعنوان: «التراث الأثري والمرجعية القرآنية: قراءة أنثروبولوجية لتوظيف مقاصد القرآن في مجال العمران»، وفيها حاول الباحث ومن خلال نموذج (التماثيل) ومن خلال تبنّي مقاربة أنثربولوجية، أن يكتشف حضوره في المرجعية القرآنية، وكيف أن بعض الآيات تقدّم مفاتيح لقراءة التراث الأثري وكيفية التعامل معه، وبالتالي دور المرجعية القرآنية في حماية التراث الإنساني ودعم الحضارة والعمران.
ﷺ أعمال اليوم الثالث: الجلسة السادسة
وقد عُقدت هذه الجلسة لمناقشة محور «مقاصد القرآن في المجالات المعرفية»، وترأسها الدكتور برهان النفاتي من تونس، وقد تحدَّث فيها الدكتور أحمد فراس العوران (أستاذ الاقتصاد والفكر الاقتصادي الإسلامي بالجامعة الأردنية) عن «المفهوم الاقتصادي للعمل في ضوء القرآن الكريم لبناء الحضارة والعمران»، حيث تناول بالتفصيل مفهوم العمل عمومًا والمفهوم الاقتصادي للعمل، ثم شرع الباحث في تحديد مفهوم العمل في الإسلام، ليتمَّ التعرف من خلاله على الموقف الإسلامي من الكثير من القضايا الاقتصادية، مثل اليد العاملة وعلاقة البطالة بالفقر، والنمو الاقتصادي، وقد خلصت الدراسة إلى أن مفهوم العمل في القرآن الكريم، يتضمَّن كل نشاط صالح جسدي أو ذهني، يُؤجر عليه الإنسان سواء في الدنيا او الآخرة.
بدوره الدكتور إبراهيم الجلبي من العراق (أستاذ بجامعة الموصل) تحدَّث عن «المقاصد الاقتصادية في القرآن مدخلًا لفهم بنية الاقتصاد الإسلامي»، وقد تحدَّث الباحث عن ماهية النظام الاقتصادي ونشأته والفرق بينه وبين باقي الأنظمة الاقتصادية، ثم شرع في الحديث عن المقاصد الاقتصادية في القرآن الكريم، وكيف تصنّف؟ وما هي مضامينها؟ وموقع المقاصد الاقتصادية وملامح النظام في الاقتصاد الإسلامي. وفي الأخير قدّم الباحث مجموعة من الآراء والاقتراحات لبلورة نظام اقتصادي إسلامي.
وقدّم الدكتور عامر جود الله من فلسطين ورقة بعنوان: «مقصد العدل في القرآن»، كشف فيها عن معالم العدل وأهميته كمقصد من مقاصد القرآن العليا في الحضارة والعمران، بعدها استعرض الباحث مجالات العدل وصوره، حيث تحدّث عن العدل في المجالات: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، العدل مع الآخر المخالف، العدل في المجال البيئي، وفي الأخير تحدّث الباحث عن آثار تحقيق العدل في جميع هذه المجالات وغيرها.
كما تحدّث في هذه الجلسة الدكتور عبد الملك بومنجل (أستاذ جامعي بمدينتي بجاية وسطيف في الجزائر) عن موضوع «المقاصد الجمالية في القرآن الكريم: نحو نظرية قرآنية في الفن والأدب».
ﷺ الجلسة السابعة
وعُقدت هذه الجلسة لمناقشة المحور الأخير في هذا المؤتمر «مقاصد القرآن: الأدبيات والتنظيرات (رؤية تقويمية)»، وقد ترأسها الدكتور جلال الدين علوش (من تونس)، وقُدِّمت فيها مجموعة من الأوراق.. الدكتور ماهر حسين حصوة (أستاذ في كلية القانون بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بالإمارات العربية المتحدة)، تحدَّث عن «مقاصد القرآن في بناء الحضارة والعمران عند المعاصرين»، حيث قدّم تعريفًا لمقاصد القرآن الكريم ثُمَّ كشف عن جهود عدد من الكتّاب المعاصرين في بيان هذه القاصد مثل: محمد رشيد رضا، وابن عاشور، وعلال الفاسي، ومحمد الغزالي... إلخ، كما أكّدت الورقة أهمية المقاصد القرآنية في المساهمة في البناء المعرفي والنهوض العمراني، وتحقيق الشهود الحضاري.
ثم قدّم الدكتور محمد العامري (أستاذ محاضر بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية بجامعة الزيتونة بتونس) دراسة بعنوان: «مقصد العمران بين التفاسير القديمة والحديثة»، وفيها سلّط الضوء على اهتمام مفكّري الإسلام المعاصرين بمقصد العمران، حيث تحدَّث صاحب المنار عن «التنازع الاجتماعي»، وعبد الكريم الخطيب عن «حب الاقتناء»، وابن عاشور عن «الصلاح العمراني»، وبالتالي فعلى الأمة الاهتمام بالتوسُّع العمراني واتّباع السنن الإلهية في ذلك.
أما الدكتور إدريس التركاوي (أستاذ في السلك الثانوي التأهيلي – المغرب) فقد تحدّث عن: «أصول مقاصد القرآن الكريم عند النورسي»، وقد سلّط الضوء فيها على ما قدّمه المفكّر الإسلامي التركي بديع الزمان النورسي، لبيان مركزية المقاصد في تشكيل الوحدة العلمية والتشريعية للقرآن الكريم، وما يترتّب عنها من مظاهر جمالية وتجلّيات حضارية وعمرانية.
ومن الأوراق التي قُدِّمت في هذه الجلسة كذلك، ورقة الدكتورة وفاء توفيق (من المغرب) عن «جهود المعاصرين في إعمال وتفعيل مقاصد القرآن: ابن عاشور نموذجًا».
ﷺ الجلسة الختامية
مع انتهاء فعاليات المؤتمر، عُقدت جلسة ختامية تُليت فيها مجموعة من التوصيات منها:
1. دعوة المؤسسات الحكومية والأهلية ومراكز البحث إلى تعزيز العمل الجماعي المشترك، الذي تتضافر فيه الجهود للكشف عن المقاصد القرآنية بكل مستوياتها، انطلاقًا من توجيهات الوحي.
2. حثّ المؤسسات الحكومية الأهلية ومراكز البحث والتكوين على الإفادة من تجربة العمل الجماعي، والإفادة من طلبة الدراسات العليا وإشراكهم في الملتقيات، وتعميمها مستقبلًا ضمن برامج المؤتمرات والملتقيات العلمية.
3. تفعيل الجانب العملي والتطبيقي في مقاصد القرآن في بحث القضايا المستجدة التي تهمّ الفرد والمجتمعات والأمة الإسلامية، لا سيما بما يتّصل بالعلوم الاجتماعية الإنسانية والطبيعية.
4. تفعيل التكامل المعرفي بين علوم الشريعة والعلوم الاجتماعية والإنسانية والطبيعية.
5. الاشتغال بتطوير علم المقاصد الذي يحتاج إلى مزيدِ تأصيلٍ وتأسيسٍ وبلورة، لإزالة اللبس في المفاهيم والمصطلحات.
6. الدعوة إلى تلمّس تمثّلات المقاصد في القرآن الكريم والسُّنة النبوية. بوصف القرآن الكريم النصَّ المؤسّس والمهيمن، والسُّنة النبوية النصّ المبيّن.
7. دعوة الباحثين في المؤسّسات الجامعية والبحثية، إلى إحداث التراكم المعرفي في مقاصد القرآن الكريم، وصولًا إلى تأسيس البرامج والمقرّرات الجامعية المتّصلة بمقاصد القرآن الكريم.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.