شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
الإنسان كائن زمني، في مداره الوجودي المحدود، وتتمثل زمنيته تلك في حركته المدركة واللاشعورية بخط الزمن ذي البعد الثلاثي لمفهوم الزمن (الماضي - الحاضر - المستقبل) الذي يحياه، ويضمن ماهية حركته الوجودية إحساسه المدرك بعبور الزمن في أيام حياته، ولا يمكن للإنسان أن يتصور أنه بلا معطى زمني حتى في أشد معاناته المرضية ذات الطابع الهذياني، أو في نظام المتخيل الأدبي والفني والجمالي وحتى الروحي المتصوف العرفاني والتعبدي، فهناك دائماً زمان يحد طاقته النفسية أو العقلية أو الروحية.
وما دام المعطى الزمني ملازماً للإنسان، ومؤكداً لحضوره في هذا العالم المحسوس والمدرك، فعليه لا بد للإنسان من أن يحيا في مدار الزمن الثلاثي بجدارة وعيه، ودليل إحساسه الطبيعي بمفارقة مرور الزمن في حياته؛ إذ كلما زاد وعي الإنسان لمفهوم الزمن بحسب مدركه العلمي والمعرفي والفني والأدبي وغير ذلك من تجليات الكشف الإنساني، وكلما تجلت حقيقة المفهوم الزمني في مدرك الإنسان وطبيعته الحسية، سعى الإنسان حثيثاً نحو مزيد من فهم ماضيه وحاضره ومستقبله، وأخذ على عاتق أرادته مزيداً من الحركة والتدفق لمواكبة خط سير الزمن المنطلق من الماضي المفارق والعابر للحاضر الذي نحيا والمنطلق بسرعة مذهلة نحو المستقبل الآتي، وتنصَّل مفارقاً للركود والتخلف ونبذ الفوات الحضاري، وسعى نحو مزيد من تقدمه وتطوره على نحو مرضٍ لاستحقاقات وجوده.
إذن كلما زاد وعي الإنسان بالزمن وحقائقه، زادت حركة معارفه باتجاه الإفادة الضمنية الشاملة لفعل الزمن في نظم الفعل الإنساني؛ فمنذ وعي الإنسان بالزمن الدائري والعود الأبدي، إلى مفارقة الزمن الخطي المتقدم نحو الأمام، الذي كان أولى معالم سريانه على يد فلكيي الثورة العلمية الأولى في الغرب، والذين رسموا تصورهم العلمي في دحض مهمات التصور الإنساني القديم من أن الأرض هي مركز الكون والذي كان يؤكد على تصورهم للزمن اللانهائي، إلى تصور جديد انقلابي يؤكد على أن الشمس هي مركز الكون، ولتتحول الأرض من مركزها الكوني، إلى مجرد جزء من منظومة شمسية شاسعة، لكل جزء من هذه المنظومة نظامها الزمني المحدود بمفارقة المكان، إي أن لكل كوكب بحسب موقعه الفلكي زمنية خاصة، وهنا بداية التحول حيث بدأ الإنسان يقبض على خيط زمنه الأرضي الخاص الذي يعنيه، وأخذ يتماهى معه في الحركة والبعد، ويجليه بالمزيد من الكشف العلمي الذي بات حاضراً في شتى المعارف الإنسانية، حتى وصلنا إلى نظام علمي جديد يطلق عليه (السنيرجيات) synergetics والذي يطلق عليه البعض (ديناميكا الفوضى) ويعني فيما يعني هذا النظام: أن التغير والتحول والتبدل هي سنة الحياة لكل الموجودات سواء أكانت أشياء مادية أم كائنات حية أم أوضاعاً زائلة لا تدوم طويلاً. ولا سبيل أمام تلك الموجودات، إن رغبت في الحفاظ على وجودها إلا الاندفاع نحو المستقبل لتتخذ أوضاعاً أكثر وهياكل أكثر تعقيداً. وهي في مسيرتها تلك لا تحركها إلا بواعث داخلية تنبع من إحساسها بذاتها، ومن وعيها بأهمية التغيير. إنه إذن التطور ولكنه ليس (التطور) العفوي الغشيم بل هو (التطور الواعي الخلاق) الذي يؤكد على أهمية قيمة (الإبداع) في شتى المجالات، كخيار وحيد للبقاء.
ولا تتبع الموجودات في مسيرة تطورها من حال لحال، طرقاً محددة سلفاً أو مقررة مسبقاً، بل تفسح أمامها عند كل لحظة تحول مسارات متعددة ليقع عليها عبء الانتقاء. وبهذا تتأكد حرية الاختيار (والمسؤولية الخلقية لاتخاذ القرار) وتصبح (الحتمية انهزامية ثقافية) عل حد قول وليام جولدنج الحائز على نوبل في الآداب سنة 1983م.
وهكذا تمنحنا العقلانية الجديدة، من خلال السنيرجيات، رؤى جديدة للمستقبل وللزمن تختلفان جوهرياً عن تلك التي قدمتها النظم العلمية التقليدية التي أفرزتها ثقافة القرن التاسع عشر. فالمستقبل، في عرفها، لا يمنح بل يخلق من وعي وإرادة. والزمن، من منظورها، ليس مرادفاً للهدم والفناء بل هو أداة لعمارة المستقبل وعملية مستمرة لبنائه. عملية تصبح معها مقولة لا جديد تحت الشمس، مقولة فاسدة المعنى تنطوي على انتقاص لقدر وقدرة الإنسان، وتهويناً من شأنه ومن دوره في صناعة التاريخ(1).
? المستقبل كمعرفة
المستقل كبعد زمني ثالث، يرتبط بوعي الإنسان كأمل رافد بالمعنى، وكمسوغ تعويضي لحاضر الإنسان الذي لم يحقق فيه كل طموحاته و آماله، الذي سعى جاهداً لكي ينالها كاملة غير منقوصة، وإذ لم تتحقق حاضراً، فلا بد له وأن يرمق آملاً بتحقيقها في الزمن الآتي، وهو المستقبل، الذي يزخر بالمزيد من الوقت الذي ربما كان كافياً لتحقيق المزيد من آماله وطموحاته، ولكن ما هو هذا المستقبل؟ هل هو فقط أسم للزمان الآتي..، أم هو الزمان الذي سوف يأتي بعد لحظة من حاضرنا..، أو هو أحد مكونات التزامن المتصل بديمومة الوجود؟
لكن كيف هو شكل هذا المستقبل، الذي نعنيه تعريفاً كمفهوم، وكيف هي مولداته الابتدائية في الذهن والحس الإنسانيين، أوكيف نتشاغل به كمعرفة دائمة تؤطر أنساقنا المعرفية، وكيف للمستقبل أن يتحول كهاجس فعلي لدافعيتنا نحو الإنجاز والتقدم..؟
إن شكل المستقبل يتكون من لحاظ الزمانية التي يحياها الإنسان بفعل الديمومة المستمرة لهذه الحياة الإنسانية، وقوانينها الطبيعية، وعلى رأسها تعاقب الليل والنهار، وإحساسه الطبيعي بجريان الزمن، فهو (أي الإنسان) كائن يعيش في الماضي إلى ما قبل قليل ماراً بحاضر يعيشه الآن ذاهباً بعد قليل إلى مستقبل، ومولد القدرة ابتداءً على معرفة صورة ما سيكون عليه الزمن الآتي (المستقل)، هو أحد ملكات الذهن البشري وهو (الخيال) بما هي قدرة الذهن على إحداث صور، وبأنها قوة اكتشاف المماثلة ـ على حد تعبير المفكر الحديث م. سيغون، وهو بذلك يؤكد على قدرة المخيلة على خلق تصور إبدالي لما عليه الواقع القائم الحقيقي من خلال المماثلة والمطابقة بوعي الحاضر، وإن كان هذا يفترض الوحدة التزامنية بين الرؤى الخيالية الذاتية والمظاهر الممكنة للواقع الذي يدركه الإنسان، إذن هو عملية تنتظم من خلالها الخبرات الماضية والقائمة على خلق صور جديدة لم تكن موجودة لا في الماضي ولا في الحاضر. ويقسم علم النفس الخيال إلى >خيال مولد: والذي هو القدرة على إعادة تنظيم الآثار الذاكرية المتعلقة بأحداث اكتملت، تحت شكل جديد. والخيال الخلاق: الذي يتجلى بتذكر أحداث محتملة، ولكنها لم تدرك أبداً من قبل الفرد. فالنشاط الخيالي يمكن أن يبقى عقلياً محضاً (حلم يقظة) أو يتجسد في أنتاج ملموس (اختراعات إبداعات فكرية أو فنية)<(2).
? علم المستقبل، والتنبؤ المستقبلي
علم المستقبل تسمية أطلقها الكاتب الألماني (أوسيب فلخينهايم) على عملية التنبؤ باستخدام النماذج الرياضية، وهذا العلم يعتمد أساسًا على مجموعة إحصائية هائلة، تمتدّ لعشرات السنين قبل إجراء الدراسة المستقبلية، وتشمل الإحصاءات كل المجالات التي تحاول الدراسة المستقبلية تحليلها، للوصول إلى تنبؤ علمي واضح في هذا المجال. وقد كانت معظم الدراسات المستقبلية تنتهي بنهاية القرن العشرين، فلما بدت تلك النهاية وشيكة امتدت الدراسات إلى عشرات الأعوام الأخرى التالية(3).
ويلعب التوقع (التنبؤ) الدور المركزي في آلية النظر باستفاضة إلى ما سيكون عليه الغد، والزمن القادم، من حيث الموضوع والمجال المراد الاشتغال عليه لاستكناه ماذا ستكون عليه متواليات التزامن الموضوعي، بين ماضي الموضوعات ومجالاتها الحيوية القابلة ببياناتها ومعلوماتها التي يمتلكها الأفراد القائمون على الدراسة المستقبلية، لتقويم احداثتها المتوقعة، سلباً أو إيجاباً، والقابلة لركائز محورية التدقيق والمعالجة بالأدوات المعرفية المتخصصة، والأداء النموذجي لعلم الإحصاء، ضمن قابلية التوقع والتقلب، وفي الإطار الزمني المحدد.
كما تتلازم عمليات النمذجة الرياضية لعلم المستقبل، مع ركائز الاستهداف الموضوعي لصيغ التخطيط والاستراتيجيا المقررة بزمنية محددة، وبحسب كمية المعلومات والوقائع المقدمة لذلك، على تسويغ مهمات ومرادات أنماط التصور المستقبلي، المستندة في دراستها على الاستقراء والاستنباط، لتصل إلى استخلاص المبادئ العامة، ووصولاً إلى مستويات متقدمة لإجراءات العمل الاستهدافي المتطور من الناحية العلمية والعملية، و للبحث عن أفضل السبل لعمليات التوقع والاستشراف.
إن السعي نحو التغيير والتطوير المستمر، صارت هي هاجس وجوهر حركة الثورات العلمية والتقنية المعاصرة، والتي تقف بكل خلفياتها المعرفية وبقوة في سعيٍ دائم نحو ترسيخ قيم التنمية والإصلاح والتطوير على كافة الأصعدة وجميع المستويات والقطاعات الإنسانية؛ ولا يكون هذا إلا بالسعي الدائم نحو رسم معالم تحديات الحاضر والمستقبل، ولتبدأ نشاطات التخطيط الإبدالي لاستشرافات المستقبل بصورة تكاملية المناهج والأساليب المستخدمة بصورة مرنة وموضوعية، تؤكد على شمولية النظر والتنوع الوظيفي لمسارات الاستشراف.
? المستقبلية كنشاط، والمستقبليات كعلوم
تشكلت المستقبلية في بداية تمظهرها كمفهوم، على أنها >نزعة نحو الجديد والمجهول والمستقبل أساسها الخروج على المألوف والرغبة في المغامرة. ويعتبر F.T.Marinettiع (1876 - 1944) أول المنادين بهذه النزعة، وقد كان يمجد الآلة والتكنولوجيا ولا يعير اهتماماً لعمل الإنسان وقوى الإبداع. كما يُقصد بالمستقبلية اتجاه في الفن متأثر بالنهضة الصناعية ويرمي إلى تصوير الحركة الدينامية بواسطة بعدين، وذلك بإبراز الشيء المتحرك في مراحل متتابعة من الحركة، كما هو الحال في الأفلام السينمائية<(3).
ثم أصبحت المستقبلية نشاطاً مبشراً بوضوح عناصر وأجزاء صور المستقبل في مداها القصير والبعيد، في شتى المجالات وعلى كل صعيد، نظرياً كان أو في المجال العلمي أو العملي، وصارت المستقبلية جزءاً من الثورة العلمية وحداثتها المعرفية، وتكونت داخل الأنساق الفكرية، حتى غدت كدافعية عمل دؤوب من أجل الوصول إلى أفضل قيمة لفاعلية تلك المعارف والعلوم الأنساق، في كل مجالات تحديات التقدم والتطور الإنساني في مجرى الزمن واستمرارية الوجود على نحو أفضل.
أما المستقبليات فهي تعبير تراكمي لمفهوم المستقبلية ونشاطها المتوغل داخل المجال الإنساني بشموليته، وأجزائه، ووصول مفهوم المستقبلية إلى تراكمات معرفية سجلت حضورها فيما بعد على نحو متقدم كمناهج أخذت مجالها التجريبي، بإجرائية طالت مختلف العلوم الطبيعة منها والإنسانية، وأكدت وثوقية حضورها بمنهجية باتت متداولة ومعرفة بسياقات منهجية، أبرزها:
>1ـ المنهج الحدسي القائم على الخبرة.
2ـ المنهج الاستكشافي والذي هو استطلاع مستقبل علاقات قامت في الماضي وعن طريق نموذج صريح للعلاقات والتشابكات.
3ـ المنهج الاستهدافي وهو يمثل التدخل الواعي المباشر لتغيير المسارات المستقبلية في ضوء أهداف وأحكام محددة.
4ـ المنهج الشمولي وهو كذلك يمثل التعبير الدقيق عن كل الظواهر والحركات، بحيث لا تهمل الأسباب والمضاعفات الموضوعية التي تفرض نفسها لتغيير المسارات المستقبلية. ويؤكد خبراء هذا الميدان أن كل المناهج والأساليب المعطاة تستخدم مع بعضها وبنسب متفاوتة اعتباراً لطبيعة الدراسة وأهدافها<(4).
كما تعنى المستقبليات ببضعة عوامل هي الأكثر تأثيرًا على نمو الكرة الأرضية، ومن بينها: السكان، الناتج الزراعي، الموارد الطبيعية، الناتج الصناعي، التلوث.. ولعل أهم ما يتضمّنه علم المستقبليات أنه يخطط للفترات القادمة، وللأعوام القادمة؛ فلا يفاجأ بما لم يكن يتوقّعه، ويضع لكل توقّع احتماله، وردود أفعاله، ويلجأ إلى الأرقام والإحصاءات والرسوم البيانية والتوقعات الرقمية، بحيث تُبيّن الصورة البانورامية للمستقبل عن ملامحها وألوانها وظلالها(5).
والمستقبليات لا تدرس بُعدًا دون بقية الأبعاد. بل إنها تنظر إلى المستقبل باعتباره كلاً مترابطًا يشمل المجالات المختلفة من اقتصادية وعلمية وثقافية وسياسية.. وإذا كان الإنسان قد عُرف بأنه مخلوق ناطق، أو أنه مخلوق مفكر، أو أنه مخلوق له تاريخ.. فإن الإنسان يتميز كذلك عن بقية المخلوقات بأنه مخلوق له مستقبل؛ بمعنى أنه يحاول مجاوزة الماضي والحاضر معًا سعيًا وراء غد أكثر تطورًا(6).
إن المستقبليات بما هي علومية كدراسة وتفحص، لتحديدات وإبدالات وخيارات، للمجالات الخاضعة للدراسة، فيجب أن تكون المستقبليات في حد ذاتها متجددة وذات تقدير عالٍ من حيث قيمتها العلمية، وتتابعية في متواليات تقديرها الاستقرائي، ومنطلقة من استعداد قيمة التبدل ومعدلات التسارع داخل بنيتها المنهجية والعلمية، ولموضعتها كقيمة اعتبارية مؤصلة في تراتبها الوظيفي وفي مجالات استخدامها.
? المستقبليات كاستعداد ثقافي
الثقافة كاشتغال على الأفكار، تكتسب أهميتها في مدى التماس مع الأفكار ذات الأهمية الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية، على حد تعبير المفكر الفرنسي (ادغار موران) وهو يتحدث في تعريفه لمعنى المثقف، وترتكز الثقافة في تمثيلاتها الواعية على تكوينات الصور الذهنية للأشياء وإدراكها، ليغدوا الفهم الإنساني لتلك الأشياء واضحاً وجلياً. ولكون الصور الذهنية تحمل في ماهيتها الماقبل والمابعد وكذلك الآن (الحاضر)، فإن ركائز الحركة التزامنية في الذهن تشكل أطاراً للبعد التصوري فيه، فيما يشكل المعطى الزمني كآلية ذهنية جوهر الوعي بمفارقة الأبعاد الثلاثة للزمن، وضرورة التفريق بين مجالات اتصالها أو انفصالها، تلازمها أو استقلالها، لكي يتمكن الوعي من الفرز الموضوعي بين الماضي (التاريخ) والحاضر (الواقع) والمستقبل (القادم) وطبيعة العلاقة فيما بينها على مستوى التلاقي والانقطاع.
كما أن ذاتية ثقافة الإنسان تسكن داخل ذاتية الزمن كديمومة متعالقة، وكمون محض ينشطر إلى مؤثر ومتأثر، تأثر الذات بالذات ـ على حد تعبير برغسون ـ ينفعل الإنسان بحركة الزمن الممتد بأبعاده الثلاثة بالاستبطان، ويمارس فعله الإنساني وتصوراته فيه، يتحرك، ويعيش، ويتبدل، فالإنسان يكابد حقيقته الذاتية والموضوعية داخل الزمانية المعاشة، ويوفر لنفسه شرط الحركة والفعل والتجدد بمقدار بطيء أو متسارع، بحسب كمون الإدراك والحس الزمني لديه، فكلما تدفق الزمن بجريانه في داخل الديمومة، وتدفقنا داخل الزمن باستدراك ماهيتنا الزمانية؛ تحركنا نحو الأمام الزماني، بالحركة والتجديد، وحداثة المعطى الإنساني في كل مجالاته المنتجة، وصار المستقبل الجديد هاجساً موضوعياً يثري دافعية الإنجاز لدينا، ويؤكد على أصالة الفاعلية المتجددة عندنا.
إن فعلاً ثقافياً متوجاً بالتجديد والحداثة، لا يكون إلا بتلازمه الموضوعي مع الإظهار المستمر لأنسنة الزمن المستقبلي، كحقيقة موضوعية يكافح من أجلها الإنسان، ويسعى من أجل ترسيخها كقيمة موضوعية اعتبارية حافلة بالمعنى على كل منحى وصعيد، وليكون التفكير المستقبلي ضرورة تاريخية للنهوض والتنمية، وكسر حاجز الانغلاق الحضاري، وتفتيت كآبة العيش بماضوية مجترة لتاريخية متضخمة، لا تعتبر للحاضر، ولا تستأنس بآمال تخطط لها لكي تكسب معركة المستقبل من خلال وعي الحاضر.
الهوامش:
?(1) إطلالات على الزمن الآتي، د.السيد نصر الدين السيد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، طبعة 1998م ص 61-62.
(2) موسوعة علم النفس، المجلد الثاني، دار عويدات للنشر والطباعة، بيروت ـ لبنان، ط1 عام 1997م، مادة خيال و تخيل، ص565.
(3) معجم العلوم الاجتماعية، تأليف الدكتور أحمد زكي بدوي، مكتبة لبنان، مادة مستقبلية، ص171.
(4) الموقع الاكتروني لمجلة الفكر العربي المعاصر، اتحاد الكتاب العرب بدمشق، العدد السابع عشر السنة الخامسة خريف شتاء 2002م، موضوع الفكر العربي المعاصر وإشكالية علم المستقبل، د.محمد فوزي الجبر.
(5، 6) موقع أسلام أون لاين.نت، مادة مستقبل ومستقبليات.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.