تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

القراءة الحرة لدى الشباب..

حسن آل حمادة

القراءة الحرة لدى الشباب..

دراسة نظرية وميدانية

 

?الكتاب: واقع القراءة الحرة لدى الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي.. دراسة نظرية وميدانية

الكاتب: علي بن عبدالله الحاجي

الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج - الرياض

سنة النشر: ط1، 2003م

الصفحات: 537 صفحة من القطع الكبير

 

مقدمة تمهيدية

لا يخفى أن موضوع القراءة الحرة لدى الشباب يُعد من المواضيع الحيوية الجديرة بالدراسة والمناقشة، لما تمثله هذه الشريحة من قوةٍ في أي مجتمعٍ من المجتمعات؛ إذ إن الأمم القوية تقوم على سواعد شبابها الأكفاء.. أجل، السواعد المرتوية من نمير: العلم والمعرفة.

وثمة ضرورة ملحة تدفعنا للحديث عن واقع الشباب والقراءة الحرة، وهذه الضرورة تكمن في أن الشاب بلا قراءة = الفراغ الفكري والثقافي، مما يجعله عرضةً للارتواء من أي نبعٍ كان!! لذا نحن نميل للرأي القائل بضرورة الاحتماء بالقراءة/الوعي، لمواجهة أي عائق، ولتجاوز أي نوعٍ من السدود. ومن الأمور المسلَّم بها أن الشاب القارئ، هو شابٌ قادرٌ على أن يعيش عصره، ليبقى منتجاً فعَّالاً، وقبل ذلك نجده ذا شخصية قوية، فالقراءة وكما هو ملاحظ، تُساهم بدرجة كبيرة في صقل شخصية الإنسان، والارتقاء بطريقة تفكيره، ورسم واقعه الاجتماعي، كما أنها تساهم في تنمية الاتجاهات والقيم المرغوب فيها لدى الشباب.

وعندما نوَدُّ الحديث عن العلاقة المتبادلة بين الشباب والكتاب؛ فأظن أننا سنخلص إلى كونها علاقة سلبية، تتمثل في رفض الشاب للركون إلى الكتاب الذي عُدَّ يوماً ما خيرَ جليسٍ للإنسان. ومن أراد أن يتأكد من صحة هذا الادعاء؛ فليسأل أقرب طالبٍ إليه، من الطلبة الذين لا يزالون يدرسون في المرحلة الثانوية أو الجامعية؛ ليسمع الحقيقة المرة بنفسه.

شخصياً تحدثت عن هذه الفكرة في أكثر من إصدار، ومنذ أن وفقني الله لنشر عملي الموسوم بـ>أمة اقرأ... لا تقرأ<(1)، وأنا أتتبع -قدر الإمكان- الكتب والدراسات التي تُعنى بموضوع القراءة والكتاب؛ وقد لمست من خلال تجارب شخصية -مع شديد الأسف- أن الطالب ربما تخرّج من دراسته في المرحلة الثانوية، وهو بعد لم يُتِمَّ قراءة كتابٍ واحدٍ بطوعه واختياره! وهذا الأمر بطبيعة الحال يُحَمِّلنا جميعاً المسؤولية، من أجل المساهمة في وضع الخطط والمشاريع العملية؛ المبنية على الدراسات النظرية والميدانية؛ لنعمل سويةً على نشر عادة القراءة في أوسع نطاقٍ ممكن. فما دمنا نقول: إن العلاقة سلبية، فهذا الأمر، يُحتِّم علينا البحث في جذور المشكلة لوضع العلاج المناسب والملائم لها؛ علماً بأن مسألة العزوف عن القراءة ليست مشكلة فئة الشباب، بل هي مشكلة المجتمع بأسره، وربما كان تركيزنا على هذه الشريحة بالذات، كون الشباب هم الجهة المعَّول عليها من أجل المبادرة لتغيير واقعها والمجتمع معها، عبر احتمائها بالقراءة.

وفي هذا السياق جاء كتاب: >واقع القراءة الحرة لدى الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي...<، وهو دراسة جادة أعدها الدكتور علي عبدالله الحاجي، الأستاذ بقسم التربية، في كلية التربية، بجامعة الملك سعود، وبتكليفٍ من مكتب التربية العربي لدول الخليج بعد أن لاحظ -المكتب- قلة الدراسات التي تعالج موضوع القراءة الحرة لدى الشباب، وما يُلفت في هذه الدراسة الموسَّعة كونها: (نظرية ميدانية).

يقول المؤلف في مقدمته: >وتبرز أهمية القراءة الحرة كما يؤكد الباحثون، باعتبارها عملية متجذرة في أنشطة واسعة من البناء الاجتماعي. فمثلاً، يرى المؤرخون، والأنثروبولوجيون... أن القراءة تمكن الناس من المشاركة في الحوار السياسي، وفي المكتشفات العلمية، وفي ميادين العمل والأعمال والإنتاج. ويقرر علماء السياسة أن الأفراد الذين هم على صلة بممارسة القراءة، يكونون نشطين في المجتمعات والهيئات العلمية المتخصصة. ونتيجة لمثل هذه الأهمية، تبرز أهمية وضع تصور عن واقع القراءة الحرة في مجتمعاتنا الخليجية<. (ص 34-35).

ولا نحتاج بعد حديث الدكتور الحاجي هذا لمزيدٍ من التوضيح حول أهمية القراءة الحرة في حياة الأفراد والشعوب، علماً بأننا قررنا مسبقاً >أن الإنسان بغير الكتاب يبقى في الدرك الأسفل من الجهل<(2).

? فصول الدراسة/ الكتاب

الفصل الأول: مدخل الدراسة. الفصل الثاني: وصف تحليلي لمجتمع الدراسة. الفصل الثالث: التحليل الأولي لمتغيرات الدراسة. الفصل الرابع: القراءة الحرة عند الباحثين العرب. الفصل الخامس: وصف أولي لمحاور الدراسة ومتغيراتها. الفصل السادس: تحليل نتائج الدراسة. الفصل السابع: الخلاصة والنتائج والتوصيات.

أهداف الدراسة:

بُنيت هذه الدراسة -كما يشير الباحث- على مجموعة من الأهداف تمت صياغتها من قِبَل لجنة شكَّلها مكتب التربية العربي لدول الخليج، وهذه الأهداف هي:

1ـ تشخيص واقع القراءة الحرة لدى الشباب في الدول الأعضاء، واستعراض تجارب الدول الأعضاء في مجال تنشيط القراءة الحرة.

2ـ التعرف على معوقات القراءة الحرة وصعوباتها، وأسباب العزوف عنها.

3ـ استقصاء توجهات الشباب نحو المواد التي يفضلون قراءتها.

4ـ مقارنة هذا الواقع وتلك التوجهات مع نماذج مختارة من دول عربية وأجنبية.

5ـ العمل على توسيع مجالات نشر الثقافة بالوسائل المألوفة والمحببة.

6ـ الخروج بنتائج وتوصيات تساعد الجهات ذات الاختصاص في التعرف على هذا الواقع، وتسهم في رسم الخطط المستقبلية للارتقاء بمستوى القراءة الحرة في كل دولة. (ص 39-40).

مجتمع الدراسة:

هذه الدراسة موجهة إلى الشباب الذين أدركوا مرحلة المراهقة أو تجاوزوها... فالدراسة إذن موجهة إلى الشباب الذين تحددت ميولهم واتجاهاتهم وتمرسوا في مهارتي القراءة والكتابة، من الذكور والإناث وبالتحديد توجه الباحث إلى تطبيق دراسته الميدانية هذه على طلاب وطالبات السنة النهائية من المرحلة الثانوية في الدول المذكورة، ومجتمع الدراسة هذا سيكون فقط من أولئك الطلاب والطالبات الذين يدرسون في المدارس الثانوية الأكاديمية التي تفضي بهم إلى دخول الجامعات أو الكليات الجامعية؛ فالأنواع الأخرى من التعليم الثانوي، كالتعليم الفني مثلاً، لن يعتبر من مجتمع الدراسة. (ص 40-41).

عينة الدراسة ومحاور الاستبانة:

عمل الباحث على اختيار عينة عشوائية من الطلاب والطالبات تتراوح بين 1-5% لتمثل مجتمع الدراسة، ولجمع البيانات الميدانية المطلوبة صممت استبانة متخصصة في هذا الموضوع، وتم تطبيقها على هذه العينة في العام الدراسي 1418/1419هـ، الموافق العام الميلادي 1997/1998م. وتضمنت هذه الاستبانة المحاور والمتغيرات التالية:

* محور العوامل المؤثرة في القراءة الحرة، ومتغيراته على النحو التالي:

- عامل الدوافع الذاتية أو الشخصية.

- عامل المؤثرات الأسرية والعائلية.

- عامل المؤثرات الاجتماعية.

- عامل المؤثرات التربوية والمدرسية.

* محور معوقات القراءة الحرة، ومتغيراته على النحو التالي:

- المعوقات الذاتية أو الشخصية.

- المعوقات الأسرية والعائلية.

- المعوقات الاجتماعية.

- المعوقات التربوية والمدرسية.

* محور اتجاهات الطلاب والطالبات نحو القراءة الحرة، ومتغيراته على النحو التالي:

- الاتجاهات الذاتية أو الشخصية.

- الاتجاهات الأسرية والعائلية.

- الاتجاهات الاجتماعية.

- الاتجاهات التربوية والمدرسية.

وقد بلغ مجموع طلاب وطالبات السنة النهائية من المدارس الثانوية في دول مجلس التعاون في العام الدراسي المشار إليه (231933) طالباً وطالبة. كما بلغ حجم العينة الفعلية (4909) طالباً وطالبة. والجدول الآتي يوضح حجم مجتمع الدراسة لكل دولة، وحجم عينتها، والنسبة المئوية لتلك العينة:

الدولة  حجم مجتمع الدراسة  حجم العينة    النسبة المئوية

الإمارات العربية المتحدة     15733      787  5 %

البحرين       4856 242  5 %

عمان  21247      1065 5 %

قطر   4519 227  5 %

الكويت 11674      584  5 %

المملكة العربية السعودية     173904    1742 1 %

المجموع      231933    4647 ـــــ

 

ويلاحظ في الجدول أن هناك فرقاً بين حجم العينة الفعلي، والحجم المحدد في الجدول. والسبب هو أن عدد طلبة بعض الفصول التي طبقت عليها الدراسة هو أكثر من العدد المطلوب، أو أن هناك فصولاً إضافية تم تطبيق الدراسة عليها.

خلاصة الدراسة ونتائجها بلغة الأرقام:

العوامل المؤثرة في القراءة الحرة:

يتبين من التحليل الإحصائي أن عامل الدوافع الذاتية أو الشخصية له أثر بارز في دفع أفراد العينة لتقرير مدى ممارستهم للقراءة الحرة. فهو ذو مردود ثقافي طيب بالنسبة لهم، وأنهم يستمتعون بالقراءة الحرة، إذ إنها توفر لهم الكثير من الخبرات، وتسهم في تحسين مستوى لغتهم، وتجعل منهم أفراداً متميزين بين أقرانهم.

كما أوضح التحليل الإحصائي أثر عامل المؤثرات الأسرية والعائلية: إذ يبدو أن هناك تفاوتاً واضحاً في آراء أفراد العينة حيال تصرفات وممارسات أسرهم فيما يتعلق بموضوع القراءة الحرة. فلا تبدو القراءة الحرة من أولويات الأنشطة اليومية الاعتيادية لأسرهم. فقد أشار معظم أفراد العينة (79%) إلى أنهم لم يتمكنوا من مصاحبة آبائهم إلى زيارة المكتبات العامة للقراءة فيها. >وهذا يعني أن هناك شعوراً بأهمية القراءة الحرة<. (ص242).

وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة (60%) من أفراد العينة أفادت بوجود مكتبات خاصة في بيوتهم، إلا أن محور حديثهم لدى اجتماعهم كأسرة ليس عن آخر شيء قرؤوه، بل عن شؤونهم العائلية الأخرى، أو اهتماماتهم الخاصة، كما يشير (66%) منهم. وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة كبيرة منهم (50%) أفادت بأن أسرهم تشجعهم على ممارسة القراءة الحرة وتخصيص الوقت لذلك. وقد يكون هذا الأمر صحيحاً من الناحية النظرية، ولكنه من الناحية العملية غير ذلك. حيث أفاد عدد كبير منهم (62%) بأنهم لا يصرفون أموالاً كثيرة على شراء الكتب. كما لم يحسم أفراد العينة الأمر بوضوح لدى سؤالهم عن مدى ممارسة أولياء أمورهم للقراءة الحرة، فبعضهم (49%) أفاد بأنهم كانوا يرون آباءهم يمارسون القراءة عندما كانوا صغاراً، وبعضهم الآخر (48%) لم يؤيد ذلك، وبنسبة متقاربة كما هو واضح.

أما عامل المؤثرات التربوية والمدرسية: فيبدو أن له أثراً في تعزيز ممارسة القراءة الحرة لدى أفراد العينة. فهم يبتهجون، وبنسبة كبيرة منهم (88%)، حينما يسمعون مدرسهم يتحدث في أمور سبق لهم قراءتها. كما أجمعت نسبة كبيرة منهم (87%) على أن القراءة الحرة تفيدهم في تحسين مستواهم الدراسي. غير أن معظمهم (74%) يرى عدم توفر الآليات التربوية المناسبة التي تعينهم على ممارسة القراءة الحرة، فليس هناك من وقت مخصص لممارسة القراءة الحرة في الجداول المدرسية، وليست هناك برامج محددة في مدارسهم، رغم أن نسبة كبيرة منهم (64%) أقرت بوجود مكتبة كبيرة في مدارسهم، إلا أن معظمهم (63%) لم يفد بوجود مكتبة في فصولهم الدراسية. كما أفاد أفراد العينة، وبنسبة كبيرة منهم (62%) بأن القراءة الحرة تدفعهم إلى الاشتراك في الأنشطة العلمية والثقافية. ومع ذلك فإن نسبة لا بأس بها منهم (52%) ترى أن المدرسة لا تشجع على ممارسة القراءة الحرة ولا ترصد لها الجوائز. كما أفادت العينة وبنسبة كبيرة (59%) بأن مدرسيهم لا يشاركونهم في نشاط ممارسة القراءة الحرة لكنهم يشجعونهم عليها، ويتابعونهم في ممارستها، وبنسبة تصل إلى (52%). ويقف أفراد العينة موقفاً غير حاسم (49%) حيال تنظيم المدرسة مسابقات ثقافية مبنية على مبدأ تشجيع ممارسة القراءة الحرة، غير أن ما نسبته (49%) منهم ترى غير ذلك.

معوقات القراءة الحرة:

تتمثل هذه المعوقات في أمور من شأنها إعاقة ممارسة القراءة الحرة. وهي أمور شخصية تم طرحها أمام أفراد العينة وكان موقفهم منها يتسم بالتأني أو الحذر، أو الرفض، فهم وبنسبة تتراوح من (82% إلى 76%)(3) لا يقرون بأن سبب عدم ممارستهم القراءة الحرة هو ضعف الذاكرة أو الإدراك، أو ضعف البصر، أو البطء الشديد في القراءة، أو آلام الرأس المتكررة. في حين أن نسبة لا بأس بها (22%) منهم يقرون بذلك. كما لا يقر أغلب أفراد العينة (74%)، بأن ما يمنعهم من ممارسة القراءة الحرة هو شغل أوقات فراغهم في متابعة المباريات والأنشطة الرياضية. كما لا يقر الجزء الأكبر منهم (65%) بأن سبب عدم ممارستهم القراءة الحرة هو عدم حصولهم على كتب تمثل اهتماماتهم وميولهم، في حين يقر بذلك جزء لا بأس به منهم (32%). ويتقارب أفراد العينة في اعتبار وجود وسائل عِدّة تغنيهم عن ممارسة القراءة الحرة كالفيديو والتلفزيون (58%) على الرغم من أن ما يزيد عن (40%) يقرون بذلك.

أما المعوقات الأسرية والعائلية: فهي ليست من الأمور المؤثرة كثيراً في ممارسة القراءة الحرة. فالخصام المستمر -إن كان موجوداً- بين أفراد الأسرة لا يعيق ممارسة القراءة الحرة كما أشار إلى ذلك معظمهم (85%). كما يرفض معظمهم (81%) كونهم لم يتعودوا رؤية أحد من أفراد أسرهم وهو يقرأ كتاباً، أو مجلة، أو جريدة. كما لم يقر الجزء الأكبر منهم (74%) بأن دخل الأسرة يقف عائقاً أمامهم في شراء الكتب، وأن معظمهم (79%) يفيد كذلك بأنهم يتمتعون بوجود غرف خاصة بهم في منازلهم وبذلك لا تعتبر الأوضاع السكنية والمالية والعملية من معوقات القراءة الحرة الرئيسة. كما لم يقر الجزء الأكبر منهم (70%) بأن أسرهم لا تشجعهم على ممارسة القراءة الحرة، ويقر بذلك (27%)، وهي نسبة تدعو إلى التأمل، (ص258). كما لوحظ أن أكثر من (60%) لم يقروا بأن مستوى أسرهم الثقافي ليس عالياً، في حين أن نسبة لافتة للنظر (37%) منهم أقروا بذلك.

أما المعوقات الاجتماعية: فإنها ليست بذات تأثير كبير كذلك على إعاقة ممارسة القراءة الحرة. حيث لا يوافق أفراد العينة، في معظمهم (84%) بأن أسرهم معزولة اجتماعياً، كما لا يقبل جزء كبير منهم (71%) أن أفراد أسرهم لا يشاركون في المنافسات العلمية والفكرية التي تدور في المجتمع. ولم يقر جزء كبير منهم (70%) بأن سبب عدم ممارستهم القراءة الحرة هو انشغالهم مع أسرهم في الكثير من المناسبات الاجتماعية. فهم من جانب يرفضون أن أسرهم معزولة اجتماعياً، وهم من جانب آخر يرفضون قبول عدم ممارسة القراءة الحرة بسبب انشغالهم مع أسرهم بالمناسبات الاجتماعية! كما أفاد جزء كبير منهم (67%) بأن عدم ممارستهم للقراءة الحرة هي ليست بسبب صرفهم معظم أوقاتهم مع الأصدقاء، على الرغم من أن جزءاً كبيراً آخر (31%) منهم يؤكد ذلك. كما رفض جزء كبير منهم (63%) القول بأن المجتمع الذي يعيشون فيه لا يهتم بالقراءة الحرة، في حين أقر بذلك (35%) منهم.

أما المعوقات التربوية والمدرسية: فهي كذلك لها علاقة بموضوع ممارسة القراءة الحرة. فهناك غالبية كبيرة (75%) من أفراد العينة لا ترى أن هناك وقتاً محدداً للقراءة الحرة خلال اليوم الدراسي، كما أفاد قسم كبير منهم (69%) بعدم وجود نشاط تربوي للاستفادة من القراءة الحرة في الفصل الدراسي. وأقر ما يقارب من (67%) منهم بأن طول المنهج الدراسي لا يتيح لهم وقتاً لممارسة القراءة الحرة، سواء كان ذلك داخل المدرسة أو خارجها. كما يرى أكثر من (62%) أنه ليس هناك من تعاون بين البيت والمدرسة لتعزيز عادة القراءة الحرة. وقد يكون السبب في ذلك هو أن القراءة الحرة ليست من ضمن النشاط التعليمي في المدرسة كما أقر بذلك أكثر من (60%) منهم. وأفاد غالبية لا بأس بها منهم (59%) بأن المدرسين لا يشجعونهم على ممارسة القراءة الحرة لكثرة أعبائهم التدريسية، وأن المكتبات المدرسية في رأي نسبة كبيرة منهم (58%) ليست متطورة ولا تؤدي عملها بكفاءة، وأن النشاط الثقافي المدرسي في رأي نسبة أخرى منهم (57%) يخلو من القراءة الحرة، وأن معظمهم (54%) أفاد بأن المعلمين لا يطلبون من الطلاب قراءات إضافية إلى جانب القراءات المقررة(4). وأفاد معظمهم (51%) بأن الكتب المتوفرة في مكتبة المدرسة لا تمثل اهتماماتهم أو ميولهم.

اتجاهات الطلبة نحو القراءة الحرة:

يتضمن هذا المحور تحديد اتجاهات أفراد العينة حيال العوامل ذات الصلة بموضوع القراءة الحرة. فمن ناحية الاتجاهات الذاتية أو الشخصية فإن ميول أفراد العينة تميل لصالح القراءة الحرة. فهي تعتبر حسب اتجاهات الأغلبية (83%) أهم وسيلة للاطلاع على كل جديد وابتكار يحدث في هذا العالم. وأنها حسب رأي معظمهم (83%) وسيلة مناسبة لتوسيع الاهتمامات الفكرية والذاتية. كما لا يوافق أكثرهم (80%) على القول بأنه لا يحبذ قراءة الكتب والمجلات مهما كانت مسلية، أو أنها نشاط ممل، ويدعو إلى الكسل، كما يؤكد ذلك (78%) منهم، بل ترى الأغلبية (77%)(5) أن القراءة الحرة أفضل شيء يمكن أن يشغل وقت الفراغ، وأفضل شيء يمكن أن يستمتع به الإنسان كما يرى ذلك (72%) منهم، وأنهم يفضلونها أكثر من اللعب أو مشاهدة البرامج التلفزيونية، وأنها تعتبر جزءاً من اهتماماتهم التي لا يمكن الاستغناء عنها حسب رأي (65%) منهم، ويرى (31%) عكس ذلك.

أما بالنسبة للاتجاهات الأسرية والعائلية: فإن أفراد العينة في مجملهم (73%) يعتقدون أن أسرهم تعتبر القراءة الحرة ذات منفعة مباشرة وأنهم يهتمون بها، وأنها حسب رأي أكثرهم (79%) تبدأ من البيت، حيث إن الأسرة التي يهتم ولي أمرها بالقراءة الحرة يهتم أبناؤها بها كذلك، حسب ما يرى (73%) منهم، كما لا يعتقد ما يقارب من (57%) منهم بأن أسرهم ترى أن المقررات الدراسية تغني عن القراءة الحرة.

أما الاتجاهات الاجتماعية: فإن أفراد العينة في مجملهم (72%) لا يقرون بأن بعض أصدقائهم يعتقدون أن القراءة هي للعاجزين والكسالى، والعاطلين عن العمل، أو أنها كما لا يعتقد (62%) منهم مضيعة للوقت(6)، أو أنها تعزل الفرد عن مجتمعه. ولكن يرى جزء كبير منهم (53%) أن أصدقاء العائلة لا يتحدثون عن أمور تتعلق بالقراءة الحرة، في حين لا ترى نسبة كبيرة منهم (52%) أن الكثير من أصدقائهم يهزأ بمن يهتم بالقراءة الحرة أو يتكلم عنها، في حين يرى غير ذلك ما يقارب من (44%) منهم.

أما الاتجاهات التربوية والمدرسية: فإن أفراد العينة تعتبر في واقعها أن القراءة الحرة ذات أثر في الأمور التربوية والمدرسية، فمعظمهم (81%) يرى أن المدرسين الذين يهتمون بالقراءة الحرة على قدر كبير من الثقافة والمعرفة، وأن القراءة الحرة حسب رأي ما يقارب من (81%) منهم كذلك مهمة جداً للعملية التربوية في المدرسة، كما يؤيد معظمهم (74%) أن الطلاب عادةً يتأثرون بزملائهم المهتمين بالقراءة الحرة، بل ويعتقد ما يقارب من (72%) منهم أن المنتظمين من زملائهم في ممارسة القراءة الحرة أكثر تقدماً في الدراسة من غيرهم. غير أن نسبة (64%) منهم ترى أن طلاب المدرسة الثانوية هم أكثر وعياً من غيرهم بأهمية القراءة الحرة، وأنها المرحلة التي يبدأ فيها الطلاب بممارسة القراءة الحرة والتفاعل معها حسب رأي (51%) منهم، في حين يرى ما يقارب من (46%) غير ذلك.

توصيات المؤلف:

اعتدنا أن نقرأ جملة من التوصيات في خاتمة الأبحاث الأكاديمية، وقد سطر لنا الباحث جملة من التوصيات ذات العلاقة بموضوع الدراسة، وجملة أخرى تتعلق باقتراح موضوعات ذات علاقة يمكن أن تدرس مستقبلاً، وسنقتبس بعضها على سبيل الإيجاز:

توصيات ذات علاقة بموضوع الدراسة:

استخلصها الباحث من العوامل والمتغيرات التي تم بحثها في هذه الدراسة، مع الاستفادة من دراسات قام بها آخرون، ومن هذه التوصيات:

- تقديم برامج تحث الأسرة لجعل القراءة الحرة ضمن نشاطها اليومي، مع الحديث عن آخر شيء قرؤوه.

- يلزم الوالدين تخصيص ميزانية لشراء الكتب، باعتبار أنهما أقل المصادر إسهاماً في توفيرها.

- طرح المدرسة لآليات تشجع الطلبة على القراءة الحرة، مثل: تخصيص حصة للقراءة في الجدول الدراسي، وتأسيس المكتبات الفصلية، وطرح برامج القراءة المشتركة (الطلبة والمدرسون وأولياء الأمور)، وتنظيم المسابقات الثقافية.

- محاولة تذليل المعوقات: الذاتية أو الشخصية أو...إلخ، بـ: توفير الكتب التي تمثل اهتمامات ورغبات وميول الطلبة. تكوين مكتبة خاصة بالأسرة. تفعيل دور المكتبة المتنقلة. فتح المكتبات المدرسية في الإجازات بمشاركة أولياء الأمور. تخفيف أعباء هيئة التدريس ليتمكنوا من القراءة الحرة. تطوير المكتبات المدرسية بصورة عصرية.

- محاولة تحسين اتجاهات الشباب وتطوير مواقفهم من ممارسة القراءة الحرة.

- طرح برامج لجعل المكتبات أكثر جاذبية لأبناء المجتمع. وطرح البرامج التحفيزية باستخدام الحاسب والكتابة الصحفية وغيرها.

- تعيين مدرسين متخصصين في ميدان القراءة بأنواعها المختلفة.

- تأسيس نوادٍ للقراءة الحرة في كل مدرسة، مع وضع الجوائز والمحفزات المادية والمعنوية، كما يحصل في مجال المباريات الرياضية.

- الدعوة لتكوين منظمة إقليمية مركزية يتبناها مكتب التربية العربي، ويكون هدفها تعزيز ومتابعة القراءة الحرة، مع تأسيس فروع متعددة لها.

- طرح برنامج الرجل القدوة في القراءة، والذي يكون أنموذجاً يحتذي به الطلبة.

توصيات بموضوعات يمكن أن تدرس مستقبلاً:

- دراسة المردود الثقافي الذي يمكن أن تفرز ممارسة القراءة الحرة.

- دراسة علاقة الدوافع الذاتية بتحديد طبيعة ميول واتجاهات الشباب نحو القراءة الحرة.

- دراسة محتوى أحاديث الأسرة عند اجتماعاتها الاعتيادية لمعرفة نسبة الحديث المتعلق بالقراءة الحرة، من بقية الموضوعات المطروحة للحديث.

- دراسة أثر القراءة الحرة على تحسين مستوى الطلبة الدراسي، ومعرفة ما إذا كان هناك علاقة بين ذلك وبين درجات الطلبة التي يحصلون عليها في الاختبارات.

- دراسة مدى تأثير الآباء وأولياء الأمور في تحديد الموضوعات التي يمكن أن تقرأ من قبل أبنائهم.

- دراسة جنس الفرد (ذكر، أو أنثى) في تحديد طبيعة ومحتوى قراءته الحرة.

- دراسة حجم المنهج الدراسي، وأثره على ممارسة القراءة الحرة.

? جوانب مضيئة في هذه الدراسة

نسجل هنا بعض الجوانب المضيئة في هذه الدراسة، وهي على النحو الآتي:

- اعتمدت هذه الدراسة من أجل قراءة >واقع القراءة الحرة لدى الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي<، على دراسة نظرية -وميدانية- موسعة؛ يلحظها القارئ تحديداً عند قراءته لفصل: القراءة الحرة عند الباحثين والدارسين، وهو بحث جدير بأن يطبع ككتابٍ مستقل؛ إذ إنه تضمن -فيما تضمنه- تجارب دولية عديدة ومتميزة، دفعت الكثيرين نحو ممارسة عادة القراءة!

- تُعد هذه الدراسة أضخم عمل ميداني ريادي في موضوعها؛ إذ شملت في تغطيتها جميع دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا جهد كبير، لم تكن له سابقة، بل لا يطيق إنجازه إلاَّ باحثٌ صلد!

 - يكفي لبيان أهمية هذه الدراسة أن نعلم، بأن مكتب التربية لدول الخليج جعلها من أولويات برامجه الثقافية.

- بلغ عدد الأساتذة الذين اشتركوا في تحكيم استبانة الدراسة -وجميعهم من جامعة الملك سعود- أحد عشر أستاذاً، وهذا الأمر بطبيعة الحال يقترب بالعمل من الكمال!

- وضوح لغة الباحث، إضافة لاعتماده على التركيز، بعيداً عن الإسهاب المُمِلّ الذي يقع فيه بعض الباحثين.

- الدراسة منظمة ومبوبة بصورة رائعة، كما أن مصادر الباحث منتقاة بعناية.

- الموضوعية والحيادية جلية في الدراسة؛ فمثلاً يؤكد الباحث على أن سلطنة عمان تنفرد في تفضيل عينتها للقراءات الدينية أولاً، ثم الصحف اليومية والمجلات ثانياً.

ختاماً.. إذا كانت القراءة الحرة تساعد على تنمية الميول الإيجابية (...) في نفوس الشباب؛ فماذا تنتظر وزارات التربية والتعليم؟ هل ستأخذ بنتائج هذه الدراسة -وغيرها- لتجعل من توصياتها برامج عملٍ؛ لترويج عادة القراءة؟ أم ستكتفي بتلقين الطلاب: كنتم خير أمة أخرجت للناس؟!

 

الهوامش:

?(1) صدر الكتاب عن دار الراوي في الدمام عام 1417هـ

(2) حسن آل حمادة. العلاج بالقراءة.. كيف نصنع مجتمعاً قارئاً؟، ط1، (بيروت: دار المحجة البيضاء، 1424هـ)، ص16.

(3) للتفصيل انظر الكتاب، (ص254).

(4) في سؤال قمت بتوجيهه لمجموعة من طلبة المرحلة الثانوية. مفاده: ماذا تقرأ من كتبٍ غير مدرسية؟ أجابني معظمهم: وهل نحن نقرأ الكتب المدرسية حتى يتسنى لنا الوقت لقراءة غيرها.. انظر: حسن آل حمادة. العلاج بالقراءة، مصدر سابق، (ص22).

(5) أشار الباحث (ص460)، خطأً إلى العكس، وقال: إن الأغلبية لا ترى أن القراءة أفضل شيء يشغل وقت الفراغ! في حين أن الصحيح هو ما دوناه في متن الصفحة، انظر الكتاب (ص269).

(6) في الفصل الخامس من الكتاب، (ص275) أشار الباحث إلى أن ما يقارب (62%) من الطلبة لا يشعرون بأن أصدقاءهم ينظرون للقراءة الحرة مضيعة للوقت، في حين أشار (ص461) إلى أن النسبة المذكورة ترى العكس، والصحيح الإشارة الأولى؛ فمن يرى أن القراءة مضيعة للوقت نسبتهم (34%). والعجيب في الأمر أن بعضهم يقول مفتخراً: إنني أضيِّع وقتي في القراءة، بدلاً من قوله: أستثمر وقتي في القراءة، وفرق كبير بين النظرتين!! 

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة