شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
منهجية مجلة «الكلمة»
في تناول قضايا الفكر الإسلامي
قراءة في كتابات «زكي الميلاد»
الدكتور حسان عبداللَّـه حسان*
* باحث وأكاديمي من مصر. البريد الإلكتروني: hasnnaser@hotmail.com
حدود الدراسة وإطار المعالجة
في البدء كانت «العروة الوثقى» (5 جمادى الأولى 1301هـ - 3 مارس 1884) والتي أعلنت أنها في خدمة الشرقيين، تُبيِّن لهم الواجبات التى يجب عليهم القيام بها والتي كان التفريط فيها سبباً في تدهورهم، وتوضِّح الطرق التي يجب اتِّباعها لتدارك الأخطاء الماضية، وتجنُّب الصعاب والأخطاء في المستقبل. وفي ضوء هذا الهدف الاستراتيجي فإن الصحافة الإسلامية من بعد العروة الوثقى أخذت تنحو هذا المنحى، الذي يقوم على إيقاظ الهمم الإسلامية نحو تحقيق تطلعات الأمة.
وتأتي مجلة «الكلمة» (1993م – حتى الآن) لتدخل في ظلال «العروة الوثقى» وما تلاها من مجلات حملت مقولات في تطوير حركة الفكر الإسلامي، وأعلنت عن انشغالها الفكري منذ البداية بأنها «مجلة فصلية تُعنى بشؤون الفكر الإسلامي وقضايا العصر والتجدُّد الحضاري»، هذا الانشغال الذي حدَّدته المجلة بصورة أكثر تحديداً في العام الخامس لها تحت عنوان «إحياء كل ما هو جامع في الأمة»[1]. وهو يترادف أيضاً مع مرتكزات «العروة الوثقى» التى حملت لواء «الجامعة الإسلامية».
يذكر « زكي الميلاد» أن المجلة حاولت أن تجعل «إحياء كل ما هو جامع في الأمة «مبدأ أساسيًّا في خطاب المجلة الثقافي، المبدأ الذي هو حاضر في كل ما نكتب، وفي كل ما نراقب من المواد التي تصلنا للنشر»، وهذا المبدأ يتطلب –كما يذكر– إعادة النظر في الأولويات وتراتبها، بحيث تتقدَّم «الأمة الجامعة» بمضامينها ومكوناتها وكل ما يُعبِّر عنها ويُجسِّد حقيقتها، على أي مفهوم أو قضية أخرى».
وهذا ما جعل تحديدات صدور المجلة ثلاثة محاور أساسية، تجمع عليها الأمة في حاضرها: حالة الفكر الإسلامي، وقضايا العصر ومستجداته، والتجدُّد الحضاري.
وهذا ينقلنا مباشرة إلى البحث في عقل رئيس التحرير لهذه الفصلية الفكرية، وهو الباحث والمفكر «زكي الميلاد» (1965 م– 1385هـ)، الذي عكف منذ فترة باكرة من حياته الزمنية إلى تأسيس لمشروع ثقافي إسلامي، أو بصيغة أخرى الانخراط في المشروع الفكري الإسلامي الذي بدأت إرهاصاته منذ القرن التاسع عشر. وتتحدّد أبعاد المشروع الثقافي لـ«زكي الميلاد» ومكوناته كما بيَّنها فيما يلي[2]:
أولاً: التأكيد على قيمة الثقافة والإعلاء من شأنها، وإعطائها درجة عالية من الأولوية، والاستلهام منها، والتخلق بها، واعتمادها كمنظور في التحليل والنقد والاستشراف.
ثانياً: الدرس المعرفي للفكر الإسلامي، قضاياه ومسائله ومقولاته، وتطوراته وتحوُّلاته ومساراته ومسلكياته.
ثالثاً: العناية بالمسألة الحضارية، التي تُعنى النظر إلى القضايا والظواهر والمشكلات على أساس منهج التحليل الحضاري، الذي يأخذ بعين الاعتبار مشكلات التخلُّف من جهة، وضرورات التقدُّم من جهة أخرى.
ومن الملاحظ للباحث أن تأسيس مجلة الكلمة جاء للإعلان عن هذا المشروع الثقافي، وإجراء النقاشات الفكرية حوله، وفتح منبر جديد لآفاق العمل الفكري الإسلامي المعاصر، يتواصل معرفيًّا وحضاريًّا مع أفكار المشروع الإسلامي الذي بدأ بالأفغاني ومحمد عبده، وما زالت شجرته المعرفية تنبت فروعاً تستمد موادها من الجذور الراسخة لحركة الفكر الإسلامي. ومن هنا جاء الاهتمام بقراءة أفكار «زكي الميلاد» المتصلة بأفكار الإصلاح الأولى.
وتهدف هذه القراءة الحالية إلى الوقوف على منهجية مجلة «الكلمة» في تناولها لقضايا الفكر الإسلامي، من خلال قراءة تحليلية لكتابات زكي الميلاد –رئيس تحرير المجلة– باستخدام المنهج الوصفي، وأداته تحليل المضمون في جانبها الكيفي، وذلك للوقوف على اتجاهات وأفكار مضامين مادة التحليل، المنشورة للميلاد في مجلة «الكلمة» في الفترة من (1993 – 2013).
ومن خلال التحليل توصلت القراءة إلى أن الميلاد طرح أفكاره في خمس قضايا أساسية هي:
القضية الأولى: الإشكالية الثقافية.
القضية الثانية: الإصلاح المعرفي.
القضية الثالثة: نقد الاستشراق.
القضية الرابعة:المسألة الحضارية.
القضية الخامسة: الحوار.
القضية السادسة: قضايا الإصلاح والتجديد.
قضايا الفكر الإسلامي عند «زكي الميلاد»
أولاً: الإشكالية الثقافية
الثقافة مرتكز أساس للمشروع الفكري لزكي الميلاد، وبُعد أولي في المشروع الحضاري الإسلامي بحث فيه مالك بن نبي في نظرية الثقافة منذ عدة عقود، وواصل «الميلاد» متفاعلاً بما قدَّمه مالك، محاولاً استلهام أبعاد نظريته في الثقافة، كما حاول «الميلاد» طرح شبكة مفاهيمية لكل علاقات «نظرية الثقافة»، مثل: التنمية، الفقيه المثقف، المجتمع، الدين، الحضارة، الأنثروبولوجيا، السياسة. ثم طرح رؤيته لبناء نظرية للثقافة تقوم على إدراك مجموعة من العلاقات المعرفية[3]:
1- منطق الاجتهاد وفكرة الثقافة.
2- القرآن وفكرة الثقافة.
3- اللغة العربية وفكرة الثقافة.
4- علم العمران وفكرة الثقافة
5- الفقه وفكرة الثقافة.
ويدعو «زكي الميلاد» إلى تبنِّي صياغة جديدة للحركة الثقافية داخل «المشروع الإسلامي»، تقوم على فكرة التجديد الثقافي، والتي يعتبرها «مخرجاً من حالة الجمود الثقافي إلى الإبداع والتجديد والاجتهاد في مناهج التغيير الإسلامي في فهم الواقع وإصلاحه وإدارته»، ويشير إلى أهم اتجاهات «التجديد الثقافي» التي ظهرت في برامج الإصلاح الإسلامي خلال القرنين الماضيين فيما يلي[4]:
1- التجديد الثقافي في اتِّجاه أفكار الإصلاح والنهضة التي دشَّنها الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا.
2- التجديد الثقافي في اتِّجاه فكر الإصلاح من خلال: تعميق وتنضيج فكر الإصلاح والنهضة، وإضافة مفاهيم وحركة أفكار جديدة تتكامل والمفاهيم التي بشَّرت بها حركة الإصلاح الإسلامي.
3- التجديد في اتِّجاه مفاهيم العمل والتغيير التي أرساها رواد الحركة الإسلامية: حسن البنا، المودودي، سيد قطب، استجابةً للمعطيات والمتغيرات الجديدة.
4- التجديد الثقافي في اتِّجاه المشروع السياسي الإسلامي.
5- التجديد الثقافي في اتِّجاه إسلامية المعرفة وإصلاح الفكر الإسلامي.
أما عن أولويات التجديد الثقافي في المرحلة الراهنة، فيُشير «الميلاد» إلى عدد من الأولويات أهمها:
1- بلورة وصياغة البدائل الإسلامية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية ونُظم الحكم والدولة.
2- مسألة الحريات والحقوق.
3- التعدُّدية والحوار.
4- الديمقراطية والعلاقة بالآخر.
5- العلاقة بالغرب.
ومن ناحية أخرى فإنه لا يمكن للمشروع الإسلامي أن يُهمل معالجة «المسألة الثقافية» فيما يتعلَّق بعناصرها: المفهوم والأهداف، والإشكالات المرتبطة بها: التبعية والاستقلال، والجمود والتجديد؛ لأن الثقافة هي قلب مشروع التغيير الحضاري المنشود، وما تتضمنه من أبعاد فكرية وقيمية واجتماعية تمثل مستهدفات هذا التغيير الحضري.
والقضايا التي طرحها «زكي الميلاد» تُعدُّ مرتكزاً أساسيًّا يمكن من خلاله إثارة الذهن الإصلاحي للتفكير فيه، لا سيما ما يتعلَّق بالبدائل والبحث عن صياغات إسلامية جديدة في الاجتماع والاقتصاد ونظم الحكم. وهو ما يعني أيضاً العناية بالتراكم الإصلاحي في هذه القضية المحورية التي مثَّلت العمود الفقري لأفكار الإصلاح منذ ما يقرب من قرنين لدى الأفغاني ومحمد عبده وشريعتي وباقر الصدر وغيرهم، وذلك في سبيل استنباط أو تأسيس لمرحلة ثقافية جديدة، تجعل الأمة تنفض عنها لباس الجوع الحضاري، والمرض القيمي، الذي وقعت فيه منذ ما يزيد على قرنين من الزمان.
ثانياً: الإصلاح المعرفي
تناول «الميلاد» قضية الإصلاح المعرفي من خلال ما يتعلَّق بمنحى «أسلمة المعرفة»، تلك القضية التي باتت تشغل أفكار عدد من الفلاسفة والعلماء والمفكرين في العالم الإسلامي منذ السبعينات في القرن الماضي، في محاولة لمعالجة أزمة الازدواجية المعرفية التي وقع فيها العقل المسلم بعد صعود المنهج التجريبي في أوروبا، وجمود المنهج العلمي الإسلامي وغياب حركة الاجتهاد.
وفي هذا الإطار ناقش «الميلاد» قضية الإصلاح المعرفي من خلال طرحه لمسألة «أسلمة العلوم الاجتماعية»[5] التي انتقد فيها كلا الإطاريين الفكريين الغربي الذي أعلى من خصائص: الدنيوية، والعقلانية المفرطة، والبرجماتية المطلقة، والمركزية الغربية، والإطار الفكري العربي الذي نشأت فيه هذه العلوم تحت وطأة الوضعية الاستعمارية الغربية.
ويُؤكِّد الميلاد في هذا الصدد أن البحث في نظام المعرفة الإسلامي هو أهم أولويات التجديد الثقافي، لأنها منطقة فراغ في الفكر الإسلامي، ويدعو إلى ضرورة التحوُّل النوعي في حركة الاجتهاد باتِّجاه العلوم الاجتماعية؛ حيث إن الفقه الإسلامي بمفاهيمه ونظرياته، والقرآن الكريم بفلسفته ومبادئه الاجتماعية، والتراث بكنوزه المعرفية كلها، تُعدُّ ركائز في اتِّجاه الأسلمة للعلوم الاجتماعية.
كما تطرَّق الميلاد لمفهوم «التكامل المعرفي»[6] الذي ظهر في العقود الأخير على الساحة الفكرية باعتباره أهم غايات مشروع إسلامية المعرفة، الذي دشَّنه الفاروقي في نهاية السبعينات هو وعدد من زملائه. ويطرح مجموعة من الملاحظات بشأن هذا المفهوم، مستدعياً بعض الأفكار الغربية الحديثة كما ظهرت عند (روبرت أجروس) في كتابة (العلم في منظوره الجديد)، وإدوارد ويلسون في دراسته (وحدة وتناسق المعرفة).
ويرى «الميلاد» عدة ملاحظات بشأن مفهوم «التكامل المعرفي» أهمها:
1- أنه لا يمكن الحديث عن «التكامل المعرفي» في ظل تدهور حركة العلم في معاهدنا وجامعاتنا العربية والإسلامية.
2- ضرورة استحضار وجهات النظر المغايرة والمعارضة، والتعامل معها بوصفها تمثل جزءاً من عملية النظر والتفكير في هذه القضية.
3- الالتفات إلى الأبعاد التجريبية والتطبيقية الكاشفة والمبرهنة في تاريخ العلم في الحضارة الإسلامية.
إن مفهوم «التكامل المعرفي» يشغل القلب من مشروع إسلامية المعرفة، حيث تبلور لمواجهة الازدواجية المعرفية في النظام التربوي المسؤول عن تشكيل العقل المسلم، ولمعالجة أزمة المنهجية الغربية أحادية النظرة، وجوهر عمل النموذج المعرفي التوحيدي يكمن في معالجة الاضطراب والخلل الكائن في النظام المعرفي القائم في الفكر التربوي العربي - الإسلامي منذ ما يقرب من قرنين، والذي يتراوح بين نظامين معرفيين هما: النظام المعرفي النابع من الفكر الإسلامي التقليدي بما أصابه من جمود وثبات، والذي أصاب الفكر التربوي بالتوقف والسكون.
والثاني: النظام المعرفي الغربي ومخاطره الثقافية والحضارية والتربوية، وهذا التراوح في الفكر التربوي العربي - الإسلامي أوجد حالة من الازدواجية التعليمية والمعرفية كان لها تأثيرها في الشخصية العربية والإسلامية، بل والمجتمع كله «لذا فإن منظري مشروع إسلامية المعرفة رأوا أن تجاوز هذه الأزمة بشعبتيها يُعدُّ شرطاً لتوفير البديل المعرفي الإسلامي، وهو ما لا يمكن أن يتم –وفقاً لأطروحة إسلامية المعرفة- إلَّا بعد إعادة صياغة فكرية لكلا الفكرين اعتماداً على جهاز مفاهيمي مغاير، يراعي مبادئ الإسلام ومفاهيمه التأسيسية، وهذه هي العملية عينها المقصودة في مفهوم التكامل المعرفي»[7].
ومن الجدير بالذكر أنه كانت هناك محاولة تطبيقية للنموذج المعرفي التوحيدي قام بها الدكتور عبدالحميد أبوسليمان -أحد رواد مشروع إسلامية المعرفة ومؤسسيه- في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، من خلال تأسيسه لكلية معارف الوحي الإسلامي والعلوم الإنسانية (1988-1999)، وهو ما لخصه في دراسة له بعنوان «إسلامية الجامعة وتفعيل التعليم العالي بين النظرية والتطبيق»[8]، ثم قام الباحث السوداني أبو بكر محمد أحمد بدراسة موسعة عن هذه التجربة بعنوان: «التكامل المعرفي وتطبيقاته في المناهج الجامعية، دراسة في تجربة كلية معارف الوحي الإسلامي والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا»[9].
ثالثاً: نقد الاستشراق
اهتم الميلاد بحركة الاستشراق وإظهار تأثيراتها على تكوين العقل المسلم، والاختراقات المنهجية التي ساهمت في تدشينها هذه الحركة خلال القرنين الماضيين؛ ففي دراسته بعنوان: «هاملتون جيب والاتجاهات الحديثة في الإسلام»[10] انتقد «الميلاد» موقف «مالك بن نبي» الذي أشاد بالكتاب في مؤلفه (وجهة العالم الإسلامي)، رغم موقف مالك الواضح من الاستعمار والاستشراق لا سيما في كتابه (إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث)، وهو ما لم يجد «الميلاد» تفسيراً له، إلا أنه أكد تباين الموقفين لـ«مالك» و«جيب» في حركة وتطور الفكر الإسلامي المعاصر.
ويؤكد «الميلاد» أن كتاب «الاتجاهات الحديثة في الإسلام، هو كتاب استشراقي بامتياز، ويقدم معرفة استشراقية، نابعة من خبرة استشراقية، ويصدق عليه كل ما يصدق من أحكام وتقديرات على المعرفة الاستشراقية، وأن «جيب» كان محكوماً في رؤيته بذهنية الاستشراق، وتسري في داخله روح الاستشراق، بينما «مالك» –كما يذكر «الميلاد»- كان محكوماً بذهنية المفكر الذي يسعى لخلاص أمته من سيطرة المستعمر، وتسري في داخله روح الممانعة والمقاومة.
وبعيداً عن نقد موقف «مالك» من «جيب»، يرى الميلاد أن هناك عدة ملاحظات على كتاب (الاتجاهات الحديثة في الإسلام) أهمها: أن جيب لم يأتِ قط على ذكر الاستعمار الأوروبي مع أنه تحدَّث عن التاريخ الفكري للمسلمين، وبالذات في الفترة التي كان الاستعمار مهيمناً على العالم الإٍسلامي، ومع ذلك لم يتطرَّق «جيب» لهذا العامل «الاستعمار»، وأشدها تحريضاً على حركية الفكر الإسلامي الحديث.
وفي المقابل حاول «جيب» إبراز عامل التحدي الديني المسيحي الذي كرَّر الإشارة إليه لا سيما عند الإشارة إلى البرنامج التجديدي للشيخ محمد عبده، والتي حدَّدها بقوله: «الدفاع عن الإسلام ضد التأثيرات الأوروبية والهجمات المسيحية».
ويخلص «الميلاد» إلى نتيجة مؤداها: أننا لا نُسلِّم بما وصلت إليه الرؤية الاستشراقية «لهاملتون جيب» من أن الاتجاهات الحديثة قد فشلت في الإسلام، فالإسلام ما زال منبعاً صافياً لاتجاهات التجديد الإسلامي.
ثم تناول «الميلاد» رؤية استشراقية أخرى لـ«هنري كوربان»، و«كوربان» يشغل مساحة فكرية إيجابية النظرة عند الفكر الإمامي المعاصر، نظراً لما تناوله في كتاباته من إظهار للفلسفة الشيعية في بُعدها التاريخي، حيث قدم أربعة كتب عن التشيُّع، بالإضافة إلى ترجمة الكثير من الميراث المكتوب باللغة الفارسية إلى الفرنسية في إطار مشروعه عن المكتبة الإيرانية[11].
وقد انتقد «الميلاد» المواقف الإمامية المعاصرة نحو «هنري كوربان» في دراسته «هنري كوربان ومنهج دراسة تاريخ الفلسفة الإسلامية»[12]، وانتقد خاصة مواقف: السيد موسى الصدر، غلام رضا أمواني، وحبيب فياض وغيرهم.
والمقولة النقدية الأساسية لـ«لميلاد» منهجية بامتياز، لم تخضع للهوى المذهبي أو الانحياز الفكري كما ذهب آخرون، ونصّ هذه المقولة هي أن كوربان «قدَّم الفلسفة الإسلامية والفلسفة عند المسلمين الشيعة بطريقة لا نتفق معه فيها، ليس هذا فحسب؛ بل إنه قدَّم تاريخاً للفلسفة الإسلامية بطريقة وجدتُ فيها أن ضررها أكثر من نفعها، وليته ما كتب لنا هذا التاريخ المشوَّه والمزعج والضار».
وتفصيلاً يرى «الميلاد» أن «كوربان» كان كل همِّه في كتابه «تاريخ الفلسفة الإسلامية» أن يظهر تارة علاقة الإسلام بالغنوصية، وتارة علاقة التشيع بالهرمسية، وتارة علاقة التشيع بالتصوف، أو علاقة التشيع بالنزعة الباطنية، وكتابه في روحه وأطروحته وبنيته قائم على هذا المنحى وداعٍ إليه، ومعرِّف به، ومدافع عنه، ومنتقد لمعارضيه، وهذا ما كان يهواه لنفسه فعلاً، وما هو بحاجة إليه في بيئته ومجتمعه».
لم يستسلم الميلاد لما استسلم إليه آخرون في التمجيد بهذين الموقفين البارزين في حركة الاستشراق الحديثة، والتي حاولت إعادة بناء وتشكيل الخارطة المعرفية للفكر الإسلامي في منهجية واضحة يمكن أن يصفها بـ«التحايلية» أو منهجية التحايل، وإلباس المواقف والتراث، بأحكام مضطربة لإعادة تشكيل رؤية العقل المسلم لتاريخه، وحركة فكره الإسلامي دون الحقيقة، ودون منهجية طالما ادَّعى الغرب أنها موضوعية.
يؤكد الميلاد –أيضاً– على التوافق الشعوري واللاشعوري للنهج الاستشراقي الذي نشأ في ظل الاستعمار، من أجل إحداث تهيئة فكرية وثقافية عبر الاختراقات للعقل المسلم لأهداف الاستعمار العالمي، وتغيير هوية الشعوب عبر الفكر والثقافة، وتغيير نظرتها إلى التاريخ الخاص والهوية الجمعية، والثقافة الذاتية.
رابعاً: المسألة الحضارية
في إطار انشغال «الميلاد» بالمسألة الحضارية، يُقدِّم لنا رؤيته حول بعض «المقدمات في صياغة المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر»[13] والتي يؤكِّد فيها على:
1- ضرورة أدراك قيمة الفكرة والأفكار في التغيير الحضاري المنشود، باعتبار أن الأفكار هي الأكثر تأثيراً في حركة التاريخ وتطوُّر الحضارات، فالأفكار والثقافات حاضرة في كل أمة، وفي كل عصر، وفي كل موقف من مواقف التاريخ، وبأشكال مختلفة من الفهم والنوع الكم والتأثير.
2- إدراك البعد التاريخي لتطوُّر الأفكار في المشروع الحضاري الإسلامي، الذي بدأ بحركة الجامعة الإسلامية، وصولاً إلى مشروع «الجمهورية الإسلامية في إيران 1979».
وفي إطار هذين المنطلقين يرى الميلاد أن المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر هو «مشروع بناء حضارة جديدة، يستعيد فيها الإنسان حريته وكرامته وسعادته وإنسانيته»، وهو ما يدفع إلى البحث في الجوانب الحضارية الشاملة في فكرنا وثقافتنا لاستكشاف أعمق لأصول هذا المشروع وبنيته من فكرنا وتراثنا وتاريخنا، الذي يختزل الكثير، وينتظر من يستكشفه لنا في إطار تجربة حضارية من أرقى تجارب الحضارات الإنسانية، في إعلاء القيم الإنسانية، وهي الحضارة الإسلامية.
ويشير «الميلاد» في هذه «المقدمات» إلى أهم مقاصد المشروع الحضاري الإسلامي، التي تُعبِّر عن القيم الأساسية التي على أساسها تشخص مصالح الأمة، ومن خلالها تحدّد مناطات الأحكام على مستوى الأمة، وهي كما يُحدِّدها:
1- التوحيد: أي أن تصبح الأمة أمة مؤمنة عابدة مُوحِّدة في كل شؤونها وأبعاد حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي كل الميادين الأخرى، وأن تقام شعائر الله وأحكامه وحدوده بمقاصدها وقيمها الفردية والاجتماعية.
2- الكرامة الإنسانية: فالإنسان محور الحضارة، وغايتها، والحضارة هي لإتمام مكارم الأخلاق، ومن هذه الكرامة تحقيق الأمة في داخلها المساواة والعدل والإحسان والتراحم والشورى.
3- العمران: فالمشروع الحضاري الإسلامي عليه أن يُعيد للإنسان المسلم رؤيته حول الإنماء والإعمار، وتصحيح الصورة السلبية عن هذه العلاقة المتمثلة في «ترك الدنيا» والزهد فيها أو «النفور منها»، وهي أفكار لا تتفق مع روح الإسلام ومقاصده.
4- العدل: والذي عليه تُبنى الحضارات والأمم والمجتمعات، وهو ضد الظلم المحرم في هذه الشريعة على أتباعها، وعلى ربها وخالقها.
5- وحدة الأمة: وتنطلق هذه الدعوة في المشروع الحضاري من الإيمان بـ«التعدُّدية» و«التنوُّع»، أي إنها وحدة في إطار «التكامل»، وهو ضد الاختلاف والتفرُّق المذموم، الذي يُعدُّ أبرز معوقات تطور أمتنا.
6- الحرية: وهي ضد الاستبداد الفكري، وضد القمع، وكل مشروع حضاري عليه أن يُحدِّد رؤيته وفلسفته للحرية باعتبارها من القضايا الأساسية التي ترتبط بالنظام الاجتماعي ككل داخل الأمة.
ويصل «الميلاد» إلى مجموعة من المحدِّدات الضرورية للمشروع الحضاري الإسلامي، التي يجب أن ينشغل بها المفكرون وفلاسفة هذه المشروع معرفيًّا، وقد أسماها «متطلبات المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر» وهي:
- تحديد الموقف المعرفي من التراث.
- تحديد الموقف المعرفي من الغرب.
- إبراز الدور العلمي والحضاري في تاريخ الإسلام.
- التركيز على قيمة العقل والعلم في الإسلام.
- العناية بمشكلة التخلُّف العلمي والحضاري في الأمة.
-الاهتمام بإصلاح وتطوير النظام التعليمي في العالم الإسلامي.
- تبنى مشروع «إسلامية المعرفة».
خامساً: الحوار
انشغل «الميلاد» بإشكالية العلاقات، وقيم الحوار والتعايش الإنساني، باعتبارها الإشكالية الأكثر تعقيداً بعد حربين عالميتين شهدهما القرن العشرين، ومسار اهتمام الميلاد بهذه القضية كان على مستويين: الأول (الحوار الذاتي – الداخلي) بين المسلمين أنفسهم، والثاني (الحوار الخارجي – الإنساني) بين المسلمين وغيرهم.
وفيما يتعلق بـ«الحوار الذاتي – الداخلي»، رصد «الميلاد» أوجه أزمة الحوار الإسلامي – الإسلامي، «وإشكالية القطيعة والتصادم بين الإسلاميين ومستقبل العلاقة»[14]، في محاولة لإدراك أهم عوائق العلاقات الإٍسلامية – الإسلامية، وممَّا أرَّق «الميلاد» هو حالة «التصادم» و«القطيعة» بين اتجاهات الحركة الإسلامية، وهو ما يؤثِّر سلباً في نمو المشروع الإسلامي لهذه الحركات وللأمة، حيث تستنفذ «الخلافات» و«التصادمات» جهداً كبيراً أولى أن ننفقه في العمل الإيجابي لخدمة الأمة.
ويرصد «الميلاد» عدداً من الأسباب والعوامل التي دفعت إلى الخلافات و«القطيعة» بين الإسلاميين أهمها:
1- ضعف القدرة على تحليل الواقع والتعاطي الذي يفتقد الخبرة.
2- تكريس مفاهيم التميز والمفاضلة في البرامج التربوية لهذه الحركات.
3- القطعية الفكرية بين الحركات الإسلامية وضعف التواصل والتعارف الفكري فيما بينها.
4- طبيعة التكوين الحزبي الذي أضعف التواصل الاجتماعي.
5- عدم تقدير قيمة «التعددية» و«التعايش».
6- الانجرار وراء خطوط الانقسام: المذهبي، الفرقي، المرجعي، الجغرافي، السياسي.
7- التعثُّر في إدارة الحوار البيني.
وفي ضوء أسباب التعثُّر في الحوار والتواصل بين الإسلاميين، يطرح «الميلاد» رؤية مكونة من أربعة عناصر من أجل تجاوز هذا الواقع والانتقال إلى واقع مغاير آخر:
1- المراجعة الذاتية والتقويم الداخلي، وضرورة الانتقال والتغيير.
2- تأسيس قاعدة الإجماع العام، حول القضايا الأساسية والمقاصد الكبرى، وأهمها:
* الدفاع عن مقدسات الإسلام وحماية العقيدة والقيم والأخلاق.
* الدفاع عن حقوق الإنسان، وحقوق المسلمين، وحقوق الأقليات في العالم.
* رفض كل أشكال التجزئة وعوامل التقسيم في الأمة.
* رفض كل أنماط التبعية، وكل ما ينقض الاستقلال والسيادة الكاملة.
* قضية فلسطين مركزية في حياة المسلمين.
* الدفاع عن قضايا: الحريات والعدالة والمساواة.
* الوقوف في وجه المؤامرات ومخططات القوى الكبرى المعادية للإسلام والعالم الإسلامية.
3- تأصيل ثلاث منظومات من المفاهيم:
أ- منظومة مفاهيم تؤسس لوجود الآخر والاعتراف بوجوده، كمفاهيم الحرية والتعددية وحق الاختلاف والاجتهاد.
ب- منظومة مفاهيم تؤسس للعلاقة مع الآخر والتواصل معه، كمفاهيم التعارف والتعايش والتسامح.
ج- منظومة مفاهيم تؤسس للتلاقي مع الآخر والشراكة معه، كمفاهيم العدالة والشورى والحريات العامة وحقوق الإنسان والإنماء والتقدم.
4- الارتقاء بمستويات النمو الحضاري، وتنمية العلاقات الإنسانية وتفعيل قيم: التعاون، والعمل الجمعي، والبناء والإنماء، والتعدُّدية، والتنوُّع.
كما اهتم الميلاد بقضية التقريب بين المذاهب الإسلامية، باعتبارها من القضايا المحورية في العلاقات الإسلامية – الإسلامية، وكتب عنها موضوعات مثل «الدفاع عن فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية في زمن المحنة»[15]، و«التقريب رسالة العقلاء في الأمة»[16].
واستعرض الميلاد في هاتين المقالتين نشأة فكرة التقريب بين المذاهب في صورتها المعاصرة، والمقولات التأسيسية الأولى لشيوخ هذه الفكرة محمد تقي القمي والشيخ شلتوت، كما يذكر التحديات التي تواجه هذه الفكرة في العقود الأخيرة مطالباً بالدفاع عن فكرة التقريب التي هي بالأساس فكرة «الوحدة الإسلامية»، مؤكداً أن هذا الدفاع ينبغي أن يتشكَّل على أساس علمي ركيزته المنطق والبرهان –متجاوزاً النطاق النفسي– بشكل يستجيب للتحديات والمشكلات المعاصرة، التي أفرزتها المحن الراهنة للعلاقات السنية – الشيعية، ومستفيداً من التراكمات الفكرية والمعرفية المتواصلة في هذا المجال.
ويقترح «الميلاد» في هذا الإطار المؤسسي لبناء فكرة التقريب وإحيائها في الوجود الإسلامي المعاصر، ما يلي[17]:
1- التجديد العلمي والفكري لخطاب التقريب.
2- تجديد قناعة الأمة بمسألة التقريب، وترسيخ هذه القناعة، وتطوير وعي الأمة بهذه المسألة، وجعلها من قضاياها الرئيسية.
3- إحياء تراث التقريب في الأمة.
4- الالتزام بروح التقريب في الكتابة والتأليف والنشر، والأعمال الفكرية التي ينتجها الباحثون الإسلاميون.
وفيما يتعلَّق بالحوار العالمي أو العلاقة بين الحضارات، دعا «الميلاد» إلى ضرورة تجاوز تلك العلاقة من «الحوار» إلى «التعارف»، وكتب تحت عنوان «من حوار الحضارات إلى تعارف الحضارات»[18] أن مقولة «تعارف الحضارات» لا تعني مجرَّد الاعتراف بتعدُّد الحضارات وتنوُّعها، وإنما تستند إلى ضرورة بناء وتقدم الحضارات في العالم، وتأسيس الشراكة الحضارية فيما بينها، وتبادل المعرفة والخبرة. فالعالم ليس بحاجة إلى حضارة واحدة وإنما إلى استنهاض الحضارات كافة.
سادساً: قضايا الإصلاح والتجديد
جاء اهتمام «الميلاد» بقضايا «الإصلاح والتجديد» في الفكر الإسلامي متميزاً بجهد فكري وبحثي كبير، و جاءت معالجته المعرفية لهذا القضايا على النحو التالي:
1- نشر الوعي بأفكار الإصلاح، من خلال العناية بإعادة تقديم أفكار رواد الإصلاح، من خلال العناية بإعادة تقديم أفكار رواد الإصلاح، فتناول أفكار: جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، ومحمد باقر الصدر، ومرتضى مطهري، ومحمد إقبال ومالك بن نبي وغيرهم من رواد الفكر الإسلامي فيما يقرب من عشرين مقالة[19]، ربط فيها بين فكر هؤلاء الرواد وقضايا الفكر الإسلامي المعاصر في ضوء الرؤية المعرفية الإصلاحية التي أنتجوها، التي حملت ثلاثة مسارات معرفية أساسية: التجديد والإصلاح، والإحياء والبعث. وتناولت موضوعات متعددة مثل: التراث، والاجتهاد، والفقه، والمرأة، والاستعمار، والمناهج.
2- تناوُل موقف الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر من القضايا الراهنة والملحة، التي طرأت على المجال الفكري للأمة في القرنين الماضيين، ومنها: قضايا الحكم والسياسة والاستبداد، قضايا المرأة، والفقه، والعولمة، والديمقراطية، كما تطرَّق الميلاد إلى قضايا المستقبل الإسلامي في تحفيز للعقل المسلم لرسم خارطة معرفية للمستقبل الذي يريد.
ومثَّلت قضية «المرأة» أهمية محورية في كشف المنهج الإصلاحي والتجديدي الذي حاول «الميلاد» تتبعه وتحليله ونقده، وسار «الميلاد» في معالجة هذه القضية على النحو التالي:
- نقد الأدبيات التقليدية التي تناولت موضوع «المرأة» سواء بمهاجمة النظرة الإسلامية التراثية للمرأة أو المدافعة عنها. ودعا الميلاد إلى «ضرورة الانطلاق من الأصول والقواعد الإسلامية في بلورة الرؤية المعرفية والعملية لقضايا المرأة»[20].
- نقد واقع «المرأة» في الحركة الإسلامية، وذلك باعتبار أن الحركة الإسلامية تُمثِّل تجديداً للمشروع الحضاري الإسلامي في مفاهيمه وأفكاره وحركته، وأهم جوانب هذا النقد هي:
* غياب المرأة عن مركز صناعة القرار.
* الهيمنة الذكورية على النساء داخل الحركة.
* حصر عمل المرأة واهتماماتها داخل الحركة بالقضايا النسوية وعالمها الخاص.
* ضعف البرنامج التربوي لإعداد المرأة وتأهيلها.
- إبراز أدبيات التجديد الفكري: بدءاً من «رشيد رضا» في «حقوق النساء في الإسلام» مروراً بـ«تحرير المرأة في عصر الرسالة» لعبد الحليم أبو شقة، ومحمد مهدي شمس الدين في «أهلية المرأة لتولي السلطة»[21]، ووصولاً إلى التجديد في المشروع الفكري والحضاري عند الإمامية في إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية عام 1979 م، الذي ظهر فيه بصورة واضحة «محاولات التحرُّر من آراء السابقين، وتجديد النظرة للمرأة في ضوء المستجدات التي طرأت، والحاجة إلى تلبية احتياجات المجتمع الجديد من الدين، وهو ما كان دافعاً لتفعيل الاجتهاد في كافة المجالات لا سيما ما يتعلق بدور المرأة ووظائفها في المجتمع الجديد».
ويُحدِّد «الميلاد» أن هذه الرؤية الاجتهادية الجديدة في المجتمع الإيراني تستند إلى عدة محاور أبرزها[22]:
1- المرجعية القرآنية.
2- التفكيك بين الشريعة وأقوال الفقهاء.
3- الربط بين حركة الفقه وروح العصر.
كذلك –أيضاً– تناول الميلاد موقف الفكر الإسلامي من «الديمقراطية»، وناقش عدة مفاهيم تجديدية في هذا المجال منها «الديمقراطية الدينية»[23]، وهو المفهوم الذي وجد له مجالاً تداوليًّا كبيراً في الواقع الإيراني بعد الثورة، والذي يُعنى بالبعد القيمي للديمقراطية عند نقله للواقع الإسلامي. وهذا المفهوم بالتأكيد يفتح آفاقاً جديدة للتعامل مع عديد من المفاهيم سواء بالنقد أو الإضافة، أو البيئة أو حتى الرفض، في ضوء ما تمتلكه الأمة من مخزون حضاري عظيم.
وفيما يتعلَّق بمفهوم «العولمة» قدَّم «الميلاد» طرحاً يفيد الإنتاج المعرفي وطريقة النظر إلى العولمة باعتبارها شكلاً متطوّراً للحداثة الغربية، وهذا يتطلِّب مراعاة ما يلي في النظر إليها:
* إن الفكر الإسلامي المعاصر بحاجة لأن يُجدِّد في منهج النظر إلى العولمة، ويُطوِّر ويُوازن في موقفه منها، ويتجاوز قراءته الأولى التي يغلب عليها موقف الخوف والشك والرفض، إلى موقف يتصف بالقراءة العلمية والتحليل العلمي.
* ينبغي أن نُفرِّق بين العولمة، وأيديولوجيا العولمة، أو بين الذي يتَّصل بجانب العلم والتقنية في العولمة، والجانب الذي يتَّصل بتوظيفات العولمة، أو التفسيرات الأيديولوجية للعولمة.
* علينا أن نُوازن بين سلبيات العولمة وإيجابياتها وتهديداتها، فلا نرفض العولمة بشكل مطلق، ولا نقبلها بشكل مطلق، وإنما بشكل نسبي ومعياري.
* إن مفهوم العولمة لا يكتمل دون تكوين المعرفة العلمية بالعولمة الاقتصادية، وهذا ما ينقص الفكر الإسلامي المعاصر في موقفه من العولمة.
* تُعبِّر العولمة عن مرحلة مُتقدِّمة في تطوُّر الاجتماع الإنساني، وتفرض علينا شروط التقدُّم، ونظرتنا إلى العولمة سوف تتأثر وطبيعة المستوى الحضاري الذي نحن عليه.
* إن فهم العولمة يتطلَّب مراقبتها بشكل دائم ومستمر؛ لأنها في حالة تغيُّر وتطوُّر دائم ومستمر. وإننا بحاجة إلى تأسيس مراكز ومعاهد دراسات تكون متخصصة في دراسة العولمة، كما نحتاج إلى كليات ومعاهد.
3- إدراك محورية البعد المفاهيمي في التشكيل المعرفي لخارطة الفكر الإسلامي والعقل المسلم، ومن أبرز المفاهيم التي تناولها «الميلاد»: «التراث، الاجتهاد، الحداثة»[24]، ووضع هذه الثلاثة في شكلٍ خطيٍّ بدءاً بالتراث ثم الاجتهاد، ثم الحداثة، مُبيِّناً أن الاجتهاد يقف موقفاً وسطاً بين مسالب التراث «الجمود» والحداثة «الاستلاب»، جامعاً بين إيجابيات التراث كتأسيس لحركة النظر العقلي في الإسلام «والحداثة كانفتاح على العالم المعاصر وفقاً للسياقات الحضارية بكل أمة».
فيرى «الميلاد» أن مفهوم «الحداثة» الذي ابتكره الغرب قد عبَّرت عنه كل التجارب الحضارية التي مرَّت على التاريخ الإنساني... «فكل تجربة حضارية ينبثق عنها مفهوم يُعبِّر عن تلك التجربة، وإن كان يختلف في تركيبه اللغوي والبياني واللساني عن تركيب لفظ الحداثة عند الغرب؛ لأن كل حضارة في زمن صعودها وتقدُّمها تبتكر لها بكفاءة عالية، منظومة من المفاهيم تكون على درجة من الفاعلية والدينامية لارتباطها الشديد بالروح العامة لتلك الحضارة في انبعاثها ونهوضها».
ويضيف الميلاد: «إن مفهوم «الاجتهاد» هو أحد أهم المفاهيم التي ابتكرتها المنظومة الإسلامية، وانفردت به الحضارة الإسلامية، ونشأ وتطور في الإطار الزمني والتاريخي لهذه الحضارة، وترك تأثيراً مهمًّا في منظومة الثقافة الإسلامية، وفي تكويناتها وتشكيلاتها، وعلى حركتها ومساراتها».
ويدعو «الميلاد» إلى إحياء مفهوم الاجتهاد، والبحث عن مدلولاته الحضارية والفكرية والثقافية، وإعادته إلى المدلول العام لحركة العقل المسلم، بعد أن اختزل في المدلول الخاص بـ«دور الفقه» و«الأحكام» التشريعية.
ويرى «الميلاد» أن مفهوم الاجتهاد في ضوء علاقته بالتراث ينبغي أن يحتكم إلى منطق «التجاوز» و«النقد» الذي يتشكَّل به منطق الاجتهاد في مقابل منطق «التراث» الذي يماثل في بعض جوانبه: الانقطاع، الاستغراق، الانغلاق، فالاجتهاد بهذا المعنى «يقوم بالوظائف النقدية والمعرفية والتجديدية»[25] لحركة الفكر الإسلامي التي تقف مقاومة للجمود والسكون من جانب، والاغتراب والاستلاب من جانب آخر.
الدرس المعرفي المستفاد من القراءة الفكرية لأعمال «زكي الميلاد»
يمكن أن نخلص إلى مجموعة من عناوين للدرس المعرفي المستفاد من فكر «زكي الميلاد» أهمها:
1- الوعي بأفكار الإصلاح الحديث والمعاصر، اهتم الميلاد بالفكر الإصلاحي الذي نشأ في ظل المقاومة لحالتي: الاستلاب والتغريب، والجمود والسكون، وسعى إلى بلورة رؤية فكرية من أجل توظيف هذه الأفكار لتقديم حلول للتحديات المعاصرة التي تواجه أمتنا، ومن أجل إحداث التراكم المعرفي المطلوب لمشروعنا الحضاري.
2- الوعي المنهجي، سعى الميلاد إلى بلورة رؤية معرفية لمراجعة مناهج التجديد الثقافي في حركات الإصلاح، لا سيما في العقود الأخيرة، من جهة الاندماج مع المجتمع سواء من خلال العمل الاجتماعي المباشر أو العمل السياسي، وهو من شأنه إجراء تقويم مستمر ونقد ومراجعة لمناهج العمل التغييري الذي تتبعه هذه الحركات منذ ما يقرب من قرن.
3- الوعي بقيمة الأفكار في التغيير الحضاري، وهو استمرار لرؤية مالك بن نبي الحضارية الذي ابتكر عالم الأفكار وجعله محوراً لأي بناء حضاري منشود. والميلاد أيضاً، أكَّد أن الذي يقف وراء حركة التاريخ ليس الاقتصاد أو المادة ولا رأس المال، وإنما يقف وراء حركة التاريخ جملة من الأفكار التي تتحكَّم في سير التاريخ.
4- الوعي بالانتماء إلى الأمة، استطاع مالك بن نبي أن يتجاوز العقدة المذهبية التي ابتُلي بها العالم الإسلامي، وانتقل منذ دخوله إلى الساحة الفكرية في فترة باكرة من حياته إلى رحابة الإسلام والفكرة الإسلامية الواسعة، وهو بذلك يستحق وصف «المفكر المنتمي إلى الأمة»، وكانت أفكاره جسراً لإحياء التعارف والتواصل الفكري بين أفكار الإصلاح في الأمة على اختلاف مذاهبها وروافدها.
ملحق: تصنيف لقضايا الفكر الإسلامي
عند «زكي الميلاد» (1993 – 2013)
القضية: الإصلاح والتجديد (حركة - تاريخ - مفاهيم – إشكاليات)
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
الفكر الإسلامي.. تحوُّلات في المسار ومراجعات في المنهج |
س1/ع5/ت1994 |
تطورات الفكر الإسلامي ومساراته المعاصرة |
س5/ع20/ت 1998 |
الفكر الإسلامي الجديد.. ملامح وقضايا |
س6/ع23/ت1999 |
الفكر الإسلامي في العصر الوسيط من الغزالي إلى ابن تيمية |
س8/ع31/ت2001 |
الإسلام والمدنية.. تقدم وتراجع فكرة المدنية في مرحلتي الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر |
س16/ع65/ت2009 |
الفكر الإسلامي المعاصر وتجدد النقاش حول الديمقراطية |
س17/66/ت2010 |
الإسلام، العالم الإسلامي والمستقبل.. أي مستقبل نبحث عنه؟ |
س4/ع15/ت1997 |
الفكر الإسلامي وقضايا العولمة |
س5 /ع20/ت1998 |
الفكر الإسلامي المعاصر وتجديد منهج النظر في العولمة |
س13/ع53/ت2006 |
القضية: الإصلاح والتجديد - رواد
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
السيد جمال الدين الأفغاني وتطور الفكر الإسلامي الحديث |
س6/ع22/ت1999 |
الشيخ محمد رشيد رضا وتحولات الفكر الإسلامي المعاصر |
س6/ع24/ت1999 |
السيد محمد باقر الصدر وتجديدات الفكر الإسلامي المعاصر |
س7/ع27/ت2000 |
الشيخ مرتضى مطهري وإحياء الفكر الديني |
س8/ع33/ت2001 |
عبد الرحمن الكواكبي والإصلاح الإسلامي |
س9 /ع 37 /ت 2002 |
الشيخ محمد عبده وإصلاح الفكر الديني |
س10/ع38/ت2003 |
الشيخ محمد مهدى شمس الدين وتجديد الفكر الديني |
س10/ع39/ت2003 |
السيد موسى الصدر والمشروع الإصلاحي |
س12 /ع48 /ت 2005 |
محمد إقبال وتجديد التفكير الديني في الإسلام |
س12 /ع49 /ت 2005 |
محمد البهي والفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي |
س14/ع 56/ ت2007 |
أمين الخولى والمجددون في الإسلام |
س14/ع57/ت2007 |
محمد إقبال من ما وراء الطبيعة إلى تجديد الفكر الديني |
س15/ع59/ت2009 |
مصطفى عبد الرازق وتاريخ الفلسفة الإسلامية |
س17/ع68/ت2010 |
إبراهيم مدكور ومنهج دراسة تاريخ الفلسفة الإسلامية |
س18/ع71/ت2001 |
الشيخ محمد مهدى شمس الدين والنقد المنهجي لأصول الفقه |
س19/ع74/ت2012 |
السيد محمد باقر الصدر وتطور الفكر العلمي لأصول الفقه |
س19/ع75/ت2012 |
السيد محمد باقر الصدر والتجديد المنهجي لأصول الفقه |
س19/ع76/ت2012 |
أصول الفقه والفلسفة.. قراءة في نظرية السيد محمد باقر الصدر |
س20/ع79/ت2013 |
القضية: المرأة
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
المرأة في المشروع الإسلامي المعاصر من منظور نقدي |
س2/ع9/ت1995 |
الفكر الإسلامي وقضايا المرأة |
س5 / ع21/ت 1998 |
الفكر العربي المعاصر وتجديد النظر في قضايا المرأة |
س7 / ع29/ت 2000 |
الفكر الديني وتجديد النظر في قضايا المرأة |
س8/ع30/ت2001 |
المنحنى الجديد في الفقه الشيعي في مجال المرأة |
س14/ع57/ت2007 |
القضية: الإشكالية الثقافية
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
نظرية الثقافة عند مالك بن نبي.. نحو قراءة معرفية جديدة |
س10/ع41/ت2003 |
الثقافة والحضارة قراءة في نظرية علي عزت بيجوفيتش |
س11/ع42/ت2004 |
الثقافة والدين.. قراءة في نظرية توماس إليوت |
س11/ع43/ت2004 |
الثقافة والأثروبولوجيا.. قراءة في نظريات الأنثروبولوجين |
س11/ع44/ت2004 |
الثقافة والسياسة... تجليات العلاقة وأنماطها |
س11/ع45/ت2005 |
في سبيل بناء نظرية للثقافة |
س12/ع46/ت2005 |
الثقافة والمجتمع.. نظريات وأبعاد |
س12 /ع 47/ت2005 |
القضية: التراث والاجتهاد والحداثة
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
الحداثة والفكر الإسلامي من منظور نقدي |
س3/ ع11/ت 1996 |
الفكر الإسلامي المعاصر وإشكالية التراث.. مشكلة تراث أم مشكلة منهج |
س6/ع25/ت1999 |
الفكر الإسلامي المعاصر بين الحداثة والاجتهاد |
س7/ع26/ت2000 |
من التراث إلى الاجتهاد.. نحو نقله فكرية تمنع الإرهاب |
س13/ع51/ت2006 |
القضية: الإشكالية الثقافية
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
حفريات في جدليات الثقافية |
س1/ ع1/ت 1993 |
التجديد الثقافي في مناهج التغير الإسلامي |
س1/ ع3/ت 1994 |
الفقيه المثقف والمثقف الفقيه |
س1/ ع4/ت 1994 |
التنمية الثقافية من منظور إسلامي محاولة للاستكشاف |
س3/ ع10/ت1996 |
هل توجد لدينا نظرية للثقافة؟ |
س10/ع40/ ت2003 |
القضية: الحوار البيني- الداخلي
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
التعددية الحزبية في الفكر الإسلامي.. التأصيل، الأنماط، التحول |
س1/ ع2/ت 1994 |
أزمة الحوار الإسلامي – الإسلامي |
س2 / ع8/ ت1995 |
إشكالية القطعية والتصادم بين الإسلاميين ومستقبل العلاقة |
س5/ ع18/ت 1998 |
التقريب رسالة العقلاء في الأمة |
س8 / ع32 /ت 2001 |
الدفاع عن فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية في زمن المحنة |
س15/ع58/ت 2008 |
جدلية الجماعة والأمة في المجال الإسلامي الشيعي الحديث والمعاصر |
س20/ع81/ت 2013 |
القضية: الحوار الخارجي- الإنساني
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
انبعاث الحضارات بين خيار التصادم والتعايش |
س3 /ع12 /ت 1996 |
تعارف الحضارات |
س4 / ع16 /ت 1997 |
من أجل بناء نظرية لحوار الحضارات |
س9 /ع35 /ت 2002 |
من حوار الحضارات إلى تعارف الحضارات |
س9/ع36/ت2002 |
القضية: المسألة الحضارية
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
نحو تقويم حضاري جديد لعالمنا المعاصر |
س2/ع6/ت 1995 |
مقدمات في صياغة المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر |
س2/ع7 /ت 1995 |
الفكر الإسلامي المعاصر والمسألة الحضارية |
س7 /28/ ت2000 |
القضية: الاستشراق
عنوان المقالة |
السنة، العدد، التاريخ |
هاملتون جيب والاتجاهات الحديثة في الإسلام |
س13/ ع50/ت 2006 |
هنري كوربان ومنهج دراسة تاريخ الفلسفة الإسلامية |
س17/ ع9/ت 2010 |
[1] الميلاد، زكي. «الكلمة الأولى، الكلمة في عامها الخامس إحياء كل ما هو جامع في الأمة»، مجلة الكلمة، العدد 18، السنة الخامسة، 1998، ص 3.
[2] موقع الأستاذ زكي الميلاد www.almilad.org
[3] الميلاد، زكي. «في سبيل بناء نظرية للثقافة»، مجلة الكلمة، العدد 46، السنة 12، 2005 ، ص 24 - 46.
[4] الميلاد، زكي. «التجديد الثقافي في مناهج التغيير الإسلامي المعاصر»، مجلة الكلمة، العدد 3، السنة الأولى، 1994، ص 9-20 .
[5] الميلاد، زكي: «نحو منهجية علمية إسلامية في أسلمة العلوم الاجتماعية»، مجلة الكلمة، العدد الأول، السنة الأولى، 1993، ص9-58 .
[6] الميلاد، زكي. «التكامل المعرفي بين العلوم في رؤية علماء الطبيعيات المسلمين المعاصرين، مجلة الكلمة، العدد 65، السنة 16، 2009، ص22 - 44.
[7] محمد إبراهيم، أبوبكر. «مفهوم التكامل المعرفي وعلاقته بحركة إسلامية المعرفة»، إسلامية المعرفة، بيروت، السنة الحادية عشر، العدد 42-43، 2005. ص14.
[8] أبو سليمان، عبدالحميد. «إسلامية الجامعة وتفعيل التعليم العالي بين النظرية والتطبيق»، إسلامية المعرفة، بيروت، السنة السابعة، العدد السادس والعشرون (2001)، ص 115-151.
[9] محمد، أبو بكر. «التكامل المعرفي وتطبيقاته في المناهج الجامعية دراسة في تجربة كلية معارف الوحي الإسلامي والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية في ماليزيا»، فرجينيا، المعهد العالمي للفكر الإسلامي 2007.
[10] الميلاد، زكي. «هاملتون جيب والاتجاهات الحديثة في الإسلام»، مجلة الكلمة، العدد 50، السنة 13، 2006، ص 13 – 40.
[11] انظر : الطباطبائي، محمد حسين. رسالة التشيع في العالم المعاصر، ترجمة جواد على كسار، مؤسسة طهران أم القرى للتحقيق النشر وهو كتاب حافل بالاحتفاء بموقف كوريان من التشيُّع.
[12] الميلاد، زكي. «هنري كوربان ومنهج دراسة تاريخ الفلسفة الإسلامية»، مجلة الكلمة – السنة 17، العدد 69، 2010، ص111 – 143.
[13] الميلاد، زكي. «مقدمات في صياغة المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر»، مجلة الكلمة، السنة الثانية، العدد 7، 1995، ص10 - 40.
[14] الميلاد، زكي. «إشكالية القطعية والتصادم بين الإسلاميين ومستقبل العلاقة»، مجلة الكلمة، السنة الخامسة، العدد 18، 1998، ص113 – 134 .
[15] الميلاد، زكي. «التقريب بين المذاهب الإسلامية في زمن المحنة»، مجلة الكلمة، العدد 55، السنة 15، 2008، ص45 – 50.
[16] الميلاد، زكي. «التقريب رسالة العقلاء في الأمة»، مجلة الكلمة، مجلة الكلمة، العدد 32، السنة الثامنة، 2001، ص23 - 27.
[17] الميلاد، زكي. «من حوار الحضارات إلى تعارف الحضارات»، مجلة الكلمة، العدد 36، السنة التاسعة، 2002 ص30 - 33.
[18] الميلاد، زكي. «من حوار الحضارات إلى تعارف الحضارات»، مجلة الكلمة، العدد 36 ، السنة التاسعة، 2002، ص18 - 33.
[19] انظر ملحق المقالة.
[20] الميلاد، زكي. «المرأة في المشروع الإسلامي المعاصر من منظور نقدي»، مجلة الكلمة، العدد 9، السنة الثانية، 1995، ص2010.
[21]الميلاد، زكي. «الفكر الإسلامي وقضايا المرأة»، مجلة الكلمة، العدد 21، السنة الخامسة، 1998، ص9-24.
[22] الميلاد، زكي. «المنحى الجديد في الفقه الشيعي في مجال المرأة»، مجلة الكلمة، العدد 57، السنة 14، 2007، ص26 - 52.
[23]الميلاد، زكي. «الفكر الإسلامي المعاصر وتجدُّد النقاش حول الديمقراطية»، مجلة الكلمة، العدد 66، السنة 17، 2010، ص5-18.
[24] الميلاد، زكي. «الفكر الإسلامي المعاصر بين الحداثة والاجتهاد»، مجلة الكلمة، العدد 26، السنة السابعة، 2000، ص39 – 40.
[25] الميلاد، زكي. «من التراث إلى الاجتهاد»، مجلة الكلمة، العدد 51، السنة 13، 2006، ص63.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.