شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
الترجمة والمعرفة والأبعاد التواصلية
إعداد وتقديم: الدكتور العربي ميلود*
* أستاذ بجامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم، عضو مخبر الأنساق، البنيات، النماذج والممارسات، جامعة وهران 2، الجزائر.
لماذا الترجمة؟ وما الغاية من ورائها؟ ألا يمكن اعتبار تعدّد اللسان عائقًا أمام حلول الفعل التواصلي بكل مراميه؟ أم أن هذا الاختلاف يؤسّس لجسور الفهم والحوار والتواصل؟
هذه الأسئلة وغيرها هي ما سيحاول المشاركون في هذا الملف الإجابة عنها متوخين البحث فيما يعرف بالترجمة والمشكلة الثقافية، لنجعل من الترجمة وسيلة إبداعية وحيوية لنقل كل أشكال المعرفة والإبداع الإنساني، وأن تتحقّق إنسانية الإنسان من خلال التفاعل والتحاور والإنصات للآخر المختلف لسانًا وفكرًا ومذهبًا وعقيدةً وغيره..
أولى المقاربات المطروحة في هذا الملف هي للدكتور العربي ميلود من جامعة مستغانم، الجزائر، وهي حول ميلاد الفلسفة الإسلامية الذي أعقب حركة ترجمة النصوص اليونانية، والغريب في هذه البداية القيصرية للفلسفة في بلاد المسلمين أنها جاءت على أثر حلم رآه المأمون واستحضر فيه أرسطو العقل. وعليه سيحاول صاحب المقال البحث في دلالات هذا الحلم متلمِّسًا سؤالًا مركزيًّا: لماذا أرسطو وليس غيره؟ وكيف أسّس هذا الحلم لبدء حركة واسعة من الترجمة اللغوية أولًا، لتمتد إلى إرساء دعائم الفهم والتأويل لتلك النصوص المترجمة، ما تولد عنه لاحقًا فلسفة إسلامية خالصة؟.
ثاني مقاربة بهذا الملف هي للأستاذ شاشو محمد، وهو باحث من جامعة مستغانم، الجزائر، وقد اختار الباحث معالجة قضية الترجمة والثقافة من خلال مشروعي مفكرين عربي وغربي، زكي الميلاد صاحب مشروع التعارف الحضاري من خلال مجموعة مفاهيم مؤسسة هي التجديد والتواصل، وعلاقة كل ذلك بالمفهوم المحوري ألا وهو الترجمة لما لها من فعالية في ترسيخ أسس هذا التعارف والتواصل بين الثقافات والشعوب.
أما المشروع الثاني فهو للمفكر الكندي فرناند ديمون الذي جعل من الثقافة المحور الرئيس لكل تطور إنساني وازدهار حضاري، من خلال التجديد والتواصل كعمليتين أساسيتين في مسالة الثقافة، ومدى حضور الترجمة كأداة تواصلية بامتياز في مد جسور التواصل الإنساني، وعليه يطرح الباحث قضية المعنى في الترجمة من خلال المشروعين المذكورين.
المقاربة الثالثة بهذا الملف هي للدكتور عيساني محمد من المركز الجامعي بتسمسيلت الجزائر، وقد اختار الباحث معالجة موضوع الترجمة من خلال أحد أبرز المتخصصين في علاقة الفلسفة بالترجمة في الوطن العربي، ألا وهو المفكر العربي طه عبدالرحمن صاحب كتاب فقه الفلسفة، الذي دعا من خلاله إلى ضرورة الابتعاد عن كل تقليد للآخر، وأن ننحت مفاهيمنا بعيدًا عن هيمنة المفاهيم الغربية التي فرضتها علينا الترجمة. فطه عبدالرحمن يرى أن التقليد دخل الفلسفة الإسلامية من باب الترجمة، فقد كانت أكثر تأثيرًا واقترانًا بالفلسفة عن غيرها من المعارف الأخرى، فلا فلسفة نعترف بها في عالمنا العربي من دون ترجمة.
المقاربة الرابعة لموضوع الملف هي للدكتور مرقومة منصور من جامعة مستغانم الجزائر، وهي حول إشكالية تعريب المصطلحات في علم الأنثروبولوجيا، وما يعرفه هذا الإشكال من التباس في حفاظ المصطلحات الأصلية على معانيها حين ترجمتها إلى النص المضيف. فعلى سبيل المثال يطرح الباحث مثال ترجمة مصطلح الأنثروبولوجيا إلى العربية بـ: علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا أو الإناسة أو النياسة باعتبارها مرادفًا للإثنولوجيا، والتي هي في حقيقة الأمر جزء من الأنثروبولوجيا. فهذه مصطلحات عديدة لمفهوم واحد، وعليه ستطرح ها هنا قضية الضيافة اللغوية ومدى قابلية ثبات المعنى الأصلي حين ترجمته إلى لغة مختلفة.
خامس مقاربة في ملفنا هذا هي للأستاذ واضح عبد الحميد من جامعة مستغانم الجزائر، وقد تعرّض لثنائية الترجمة والهوية، باعتبار أن الهوية هي السؤال البارز في مسألة الترجمة، فعندما نترجم نصًّا فنحن نستحضر هوية أخرى مغايرة لهويتنا، ومع ذلك ففعل الترجمة سيعمل على تبيئة النص المترجم وجعله متلائمًا مع الهوية الثقافية والفكرية والاجتماعية للبيئة النصية المستقبلة.
وفي آخر المقالة يدعو الباحث إلى ضرورة تعزيز فعل الترجمة بمجتمعاتنا العربية والإسلامية حتى تتعزّز هويتنا وتبرز قيمنا ومبادئنا ضمن هذه الحركة الدائرية بين النصوص.
المقاربة الأخيرة في هذا الملف هي للأستاذة ماني سعادة نادية من المركز الجامعي بغليزان، الجزائر، وتمثّلت في: ما مدى تأثير حركة الترجمة في إثراء وتطوير الطب العربي خصوصًا في عهد الترجمة العباسي؟، أين يظهر جليًّا مدى تقدّم وتطور حركة الطب العربي تزامنًا مع تطور حركة الترجمة واتّساعها لجميع المعارف؟، هذا ما سنح للأطباء العرب اكتشاف الطب اليوناني والصيني والهندي وغيره، الأمر الذي شجّع على أن يستقيم الطب العربي ويبرز أطباء عرب مشاهير مثل الرازي وابن سينا تمكّنا من أن ينظرا بشكل وافٍ للأعراض المرضية ويشخّصان العلل، وقد عملت الباحثة في مقالتها على التأريخ لحركة الترجمة مبرزة أهم الأسماء التي ذاع صيتها في مجالي الترجمة والطب أثناء العصر الذهبي للترجمة.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.