تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

الخطاب الاسلامي المعاصر والمسالة الاعلامية

عبدالله أحمد اليوسف

يتعاظم دور الإعلام الحديث يوماً‏بعد آخر في حياتنا المعاصرة، حيث أصبح يمتلك من التأثير، والقدرة على التغيير في مختلف الأبعاد والحقول أكثر ـ‏ربما ـ من أي وسيلة حديثة أخرى. فالإعلام المعاصر بمختلف أوعيته ووسائله أصبح قادراً‏على صناعة الرأي العام وتوجيهه،‏وتحريك مجريات الأحداث، وتشكيل ثقافة عامة،‏وخلق سلوكيات جديدة عند الأفراد والمجتمعات.. وهذا كله يعطي للإعلام أهمية قصوى وخطيرة في الوقت نفسه، وتنبع الأهمية من القدرة الفائقة على التأثير والتغيير،‏أما الخطورة فتنشأ من قدرة الإعلام الحديث على تزييف الحقائق، وتزيين الباطل، وقلب الأمور رأساً على عقب.
ونتيجة لأهمية الإعلام في عالم اليوم،‏فإن الخطاب الإسلامي المعاصر بحاجة ماسة وضرورية لتوظيف وسائل الإعلام الحديثة في نشر الرسالة والقيم والأخلاق، ومخاطبة الناس، كل الناس، على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وأفكارهم. ومما يؤسف له أن الخطاب الإسلامي المعاصر مازال قاصراً‏وفي أحيان أخرى مقصراً‏في امتلاك أوعية إعلامية مؤثرة في الرأي العام،‏رغم بعض التطور والتقدم هنا أو هناك،‏ولكن المسألة تبقى أكبر من ذلك بكثير. والمطلوب هو امتلاك إعلام إسلامي فعال ومؤثر، ويجب الاستفادة من كل التقنيات الإعلامية الحديثة،‏مع تقديم خطاب إسلامي قادر على التأثير والتغيير في مختلف الأبعاد والجوانب.. وهذه مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، إذا ما توافرت الهمة العالية والإرادة القوية والتخطيط الدقيق لتحقيق ذلك.
ومن المهم للغاية أن يرتقي الخطاب الإسلامي المعاصر إلى مستوى التحديات الجديدة التي تواجهها الأمة الإسلامية، وذلك من خلال فهم لغة العصر وثقافته، وتجديد الخطاب الإسلامي بما يتلاءم مع روح العصر ومنجزاته العلمية،‏وتجاوز الاستغراق في قضايا الماضي وموروثاته،‏إلى الانفتاح على قضايا الحاضر،‏واستشراف المستقبل.
وإذا كان لكل إعلام أهداف،‏وفلسفة،‏واستراتيجية، فإن الخطاب الإعلامي الإسلامي المعاصر ينبغي أن يُبنى على فلسفة واضحة،‏واستراتيجية محددة المعالم،‏وأهداف محددة بدقة يسعى من أجل تحقيقها، وعدم الاكتفاء بتقديم خطاب إسلامي بأية لغة كانت. فنحن في عصر بات العلم سمة من سماته الأساسية،‏ومن ثم لابد أن يُقدم للأمة خطاب‏مرتكز‏على العلم والمعرفة،‏كما كان الخطاب الإسلامي الأول، مع تجديد ما يقبل التجديد في الجانب المتغير من الفكر الإسلامي، والمحافظة على الثوابت التي لا تقبل التغيير والتبدل مهما تبدل الزمان وتغير.


مراجعات في الخطاب الإعلامي الإسلامي.

لكي نقوم بعملية تقويم ومراجعة دقيقة للخطاب الإعلامي الإسلامي يجب أن نبحث في العنصرين الرئيسين المكونين للخطاب.. وهما:
أولاً: المحتوى والمضمون.
الخطاب الإعلامي المعاصر وليد ثمرة من العلوم الإنسانية والإجتماعية، ومن ثم لا يمكن أن يكون الخطاب الإعلامي مؤثراً‏إلا إذا كان ناتجاً‏عن عملية إعلامية متكاملة العناصر والأركان. والمحتوى والمضمون في الخطاب الإعلامي هو جوهر الخطاب، أي خطاب، فما لم يحتوِ الخطاب على مضمون حقيقي ينبع من تحديد الرؤى، والمنطلقات، والمفاهيم،‏والفلسفات التي على أساسها يُبنى الخطاب، فلن يكون هناك خطاب قوي ومؤثر وفعال. والخطاب الإعلامي الإسلامي المعاصر غلب عليه في بداياته الشعارات الجميلة،‏والحماس الجياش.. وغابت الرؤية العلمية،‏والبصيرة الثاقبة،‏والمنهجية الصحيحة في محتوى الخطاب، مما جعله يفقد مع مرور الزمن فاعليته المطلوبة، وتأثيره الحقيقي في كل شرائح المجتمع.
وإذا كان الحماس والشعارات شيئاً مهماً‏في المنعطفات الحاسمة من حياة الأمة،‏إلا أنه يجب ألا يكون بديلاً‏عن تقديم رؤية واقعية وفلسفة علمية لمختلف الأشياء والأمور.
وفي ظل العولمة، وثورة المعلومات،‏وانتشار القنوات الفضائية.. اصبح الخطاب الإعلامي الإسلامي مطالب بالارتقاء إلى مستوى المنافسة. وتقديم محتوى ومضمون متقدم قادر على الإقناع والتأثير في عقول وقلوب الجيل المعاصر.
ومما لا شك فيه أن بعض الوسائل الإعلامية الإسلامية أخذت تتجه نحو التطور والتقدم والارتقاء بالخطاب الإسلامي، إلا أن الطريق مازال طويلاً أمام وصول الخطاب الإسلامي إلى مرحلة التأثير والتغيير والاقناع في كل فئات المجتمع المسلم فضلاً‏عن غيره من المجتمعات غير المسلمة. فالخطاب الإعلامي الإسلامي مازال في معظمه خطاباً داخلياً، ولم يستطع أن يصل إلى مرحلة الخطاب العام فضلاً‏عن الخطاب العالمي.
فالصحافة الإسلامية ـ‏وهي أهم وسائل الإعلام الإسلامي ـ أشبه ما تكون بنشرات داخلية تخاطب وتحاور وتناقش نفسها،‏ولم تستطع أن تتجاوز ذلك لتدرك أن مهمتها الرئيسة هي التأثير في صياغة وصناعة رأي عام مؤثر وفعال،‏وتوجيه المجتمع نحو أهدافها وقيمها ومنطلقاتها الفكرية والثقافية.
ومن جهة أخرى فقد انشغل الخطاب الإسلامي في جوهره ومضمونه بمشاكل وهموم الماضي،‏ولم يتجاوز ذلك إلى الحاضر،‏فضلاً‏عن استشراف المستقبل. كما أن الاستغراق في المهاترات الكلامية، والخلافات الجانبية قد استهلك جزءاً مهماً من محتوى ومضمون الخطاب الإسلامي.
والسبيل للخروج من تلك الرؤية الضيقة هو الانشغال بقضايا الحاضر مع الاستفادة من دروس الماضي، واستشراف آفاق المستقبل برؤية معرفية وحضارية. كما يجب أن يتميز الخطاب الإسلامي بالرؤية العلمية والواقعية والموضوعية، والقدرة على التحاور والتناقش والتدارس مع الآخر بدلاً من الهجوم والمواجهة والتصادم معه. فليكن خطابنا خطاب حوار والمناقشة، خطاب علم وحكمة، خطاب فكر وثقافة،‏وليس خطاب شعارات وحماس، خطاب حرب ومواجهة.. فالأصل هو الحوار والجدال بالتي هي أحسن وما عداه استثناء.
ومن الضروري للغاية أن يعالج الخطاب الإسلامي القضايا المعاصر برؤية تأصيلية كقضية الديمقراطية،‏وحقوق الإنسان ومسألة التجديد، ومسألة العولمة.. إلى غير ذلك من القضايا المهمة. كما يجب أن يركز الخطاب الإسلامي على قيم الحرية والعدل والمساواة باعتبارها تمثل القيم الرئيسة في بناء المجتمع المدني.
ثانياً: الأسلوب والأداء.
إن أميز ما يميز الإعلام المعاصر هو مسألة التخصص الدقيق في كل فرع من فروعه،‏وهو ما يعطيه القدرة الفائقة على رسم استراتيجية واضحة. والإعلام الناجح إنما يكون نتيجة لتخطيط دقيق، وتفكير صائب، وسياسة مرسومة، إضافة إلى وجود كوادر إعلامية مدربة.‏وعندما نستقرأ واقع الخطاب الإعلامي الإسلامي نجد أنه يفتقد ـ في الأغلب الأعم ـ العناصر المهمة في تكوين الإعلام الناجح. فنجد من يمارس الإعلام وهو ليس متخصصاً فيه،‏بتوهم أن المسلم المعاصر يمكن أن يكون أديباً‏ومفكراً ورساماً‏وكاتباً‏وعالماً‏ومخرجاً وصحفياً‏وواعظاً في الوقت نفسه، فهو يدعي العلم في كل شيء.. وهذا ما أدى إلى تخلف الخطاب الإسلامي لعدم الاهتمام بقضية التخصص، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بتصور أن أي رجل يمكن أن يكون في أي مكان!

ومن يراجع الإنتاج الإعلامي الإسلامي سيجد تخلف وتأخر الخطاب الإعلامي الإسلامي في وسائله وأساليبه وأدواته وآلياته إذا ما قورن بالإعلام المعاصر. وقد أدى هذا إلى التأثير السلبي على مسار الدعوة الصحوة الإسلامية.
ومما ضاعف في حالة ضعف الخطاب الإسلامي المعاصر هو الأساليب والوسائل والأدوات المتبعة في كيفية عرض الأفكار والأخلاق، حيث تغلب الرتابة والروتين والتكرار سواء في الأسلوب والأداء أو في المحتوى والمضمون. كما أن الأوعية الإعلامية في الخطاب الإسلامي لم تستفد من التقنيات الحديثة في العمل الإعلامي. وقد يكون له بعض العذر في هذا بسبب ضعف الإمكانات المادية، ولكن يمكن حل ذلك من خلال الاستثمار المالي، وإيجاد أوقاف للعمل الإعلامي، ودمج الأوعية الإعلامية في بعضها كي تتحول إلىوسائل إعلامية تملك إمكانات قوية.
وثمة حقيقة في هذا الإطار وهي أن الخطاب الإسلامي المعاصر لم يخترق كل الوسائل الإعلامية المؤثرة، فاقتصر ـ تقريباً‏ـ على الصحافة المقروءة، ولم يستطع اقتحام مجالات مهمة في الإعلام المعاصر من سينما ومسرح وتليفزيون،‏ولم تُدرَك أهمية هذه المجالات إلا في الآونة الأخيرة. وإذا ما أراد الخطاب الإسلامي المعاصر أن يستوعب ويؤثر في الناس، كل الناس، فعليه اقتحام كل الوسائل الإعلامية المؤثرة في عصرنا بدلاً‏من الاقتصار على الصحافة التي لم تعد في المرتبة الأولى من التأثير والفاعلية.
كما أن من الضروري للخطاب الإسلامي أن يتكيف ويتلاءم ويتطور في وسائله وأساليبه وأدواته بما يتناسب مع لغة العصر وثقافته. كما‎أن من المهم التمييز بين الخطاب الموجه للمسلمين،‏وبين الخطاب الموجه إلى غيرهم. فلكل مجتمع خصائصه النفسية والعقدية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ومن ثم ينبغي أن يكون الأسلوب والأداء كما المضمون والمحتوى يتناسب والجهة الموجه إليها الخطاب..
ومما يثير الدهشة والاستغراب هو أننا نرى تغير العالم من حولنا، كما نرى تطور أساليب ووسائل الخطاب المعاصر،‏في حين أن الخطاب الإسلامي لا زال على حاله‏ـ في كثير من الأحيان‏ـ سواء في المحتوى والمضمون أو في الوسائل والأساليب، وكأن الوسائل والأساليب من الثوابت غير القابلة للتغيير والتطوير.. وبالرغم من هذه الحقيقة المقلقة إلا أنه يوجد تطور وتقدم ملحوظ في بعض وسائل الإعلام الإسلامي. ولكن تبقى المسافة طويلة للتمكن من إيجاد إعلام إسلامي قادر على توجيه المجتمع، وصناعة الرأي العام والعالمي، واستيعاب مختلف شرائح المجتمع..‏فهذا يتطلب المزيد من العمل والإرادة وامتلاك الامكانات الأولية في العمل الإعلامي.
كما أن الإعلام لا يمكن أن يتطور ويكون فاعلاً إلا في مناخ الحرية،‏والديمقراطية،‏وسيادة القانون،‏واحترام حقوق الإنسان الأساسية.. فهذه هي مكونات الأرضية الخصبة لنمو الإعلام الحر.


الموقف من الإعلام المعاصر.

للخطاب الإسلامي موقفان من وسائل الإعلام الحديثة وهما:
1ـ موقف الرفض والمقاطعة.
اتخذ البعض من منظري الخطاب الإسلامي وبالذات في بداية ظهور وسائل الإعلام الحديثة من تلفاز ومذياع موقف الرفض والتحريم،‏باعتبار أن هذه الوسائل تمثل وسائل شيطانية نتيجة لما تعرضه وتبثه من برامج منحرفة، تتنافى مع تعاليم الإسلام وأحكامه.
وموقف الرفض والتحريم عند هؤلاء يكاد يكون هو السمة البارزة تجاه كل منجز جديد، فمع بداية تأسيس المدارس النسائية أفتى البعض من العلماء بحرمة الدراسة فيها مطلقاً!، والأمر كذلك في بداية ظهور المذياع والتلفاز. والأمر ينطبق كذلك على المنجزات الجديدة كالقنوات الفضائية،‏وشبكة المعلومات العالمية (الإنترنت). والسبب في الرفض والتحريم هو ما تسببه هذه الوسائل من آثار سيئة وسلبية على أخلاقيات الشخصية المسلمة،‏وعلى قيم المجتمع المسلم.
وموقف الرفض والتحريم والمقاطعة هو الموقف الأسهل دائماً. ذلك أنه لا يستدعي أي عمل سوى أن تقاطع هذه الوسائل الحديثة. ولكن السؤال الأكثر أهمية: كيف يمكن لنا أن نمنع الناس من التفاعل مع هذه الوسائل؟! وهل بمقدور أحد أن يقوم بذلك؟! ثم أليس من الأفضل أن نستفيد من هذه الوسائل في خدمة ديننا ومبادئنا وقيمنا؟!
وما يمكن تسجيله هنا هو أن الخطاب الإسلامي بعد أن أدرك خطورة هذه الوسائل وقدرتها الفائقة على التأثير في المجتمع قد بدأ خطوات أولية لمحاولة الاستفادة من هذه الوسائل الحديثة في ترويج الدين والقيم والأخلاق.
ومع ذلك، لا يزال البعض ـ‏وهم قلة قليلة ـ‏يُنظِّر لمسألة الرفض والمقاطعة والتحريم بالمطلق،‏غافلين أن هذه الوسائل من الآلات المشتركة التي يمكن استخدامها في طريق الخير أو الشر،‏الحق أو الباطل، الفضيلة أو الرذيلة. وأن الأجدى استثمار الوسائل الإعلامية الحديثة في طريق الحق والخير والفضيلة والصلاح بدلاً‏من ترك السادة الإعلامية للأشرار كي ينشروا الشر والباطل والرذيلة.
2ـ مبدأ التوظيف والاستثمار:
يتجه الخطاب الإسلامي المعاصر في الوقت الحالي إلى توظيف واستثمار وسائل الإعلام الحديثة فيما يخدم أهداف ومنطلقات الخطاب الإسلامي،‏وقد بدأ العاملون في مجال الدعوة والعمل الإسلامي استثمار الفرص المهمة التي أتاحتها شبكة (الانترنت) للتواصل مع مستخدمي الشبكة أينما كانوا. توجد مبادرات لإقامة قنوات فضائية إسلامية..‏وهي خطوات أكثر من مهمة لتوظيف واستثمار الوسائل الحديثة في خدمة الثقافة الدينية، والمنظومة الأخلاقية والقيمية. وهذا الموقف هو الموقف الرائد واللائق بالخطاب الإسلامي، ذلك أن مثل هذه الوسائل الحديثة يمكن تسخيرها لخدمة الحق والعدل والحرية،‏ونشر الفضيلة والقيم والمبادئ والمثل العليا. بَيْدَ أن الوسائل الإعلامية الحديثة بمقدار ما تشكل من نقمة وخطورة،‏بمقدار ما تتيح من فرص وإمكانات يمكن توظيفها في العمل الإسلامي.
إن الخطاب الإسلامي المعاصر بحاجة مهمة إلى استثمار الوسائل الجديدة في خدمة أهدافه ومنطلقاته وطموحاته،‏أما الركون إلى الانطواء والإنزواء، والاكتفاء بالرفض والمقاطعة فلن يحل المشكلة، ولن يقدم شيئاً‏مفيداً، بل سيكون مضراً‏بمسار الصحوة الإسلامية، وهو أمر أصبح الخطاب الإسلامي المعاصر ـ‏في أغلبه‏ـ يدرك هذه الحقيقة الواضحة. فالأوعية الإعلامية الجديدة من قنوات فضائية وإنترنت، بالإضافة إلى الوسائل الإعلامية الأخرى قد أصبحت لها من القدرة على التأثير والتغيير ما لا يمكن لأحد أن يتجاهله. والحل يكمن في استثمار مثل هذه الوسائل بما يخدم الخطاب الإسلامي المعاصر.


الإعلام وصناعة المستقبل.

يساهم الإعلام بشكل مؤثر في صناعة المستقبل، ونقصد به القدرة على إدارة المجتمع، وصناعة الرأي العام،‏والتأثير فيه. كما نقصد به القدرة على التعامل مع العصر،‏وفهم لغته،‏والاستعداد لمواجهة تحدياته، واستثمار فرصه،‏واستكشاف آفاقه. وقد بدأ الإعلام المعاصر يصنع ملامح المستقبل، ويستشرف آفاقه. وإذا ما ركزنا الحديث حول الفضائيات، وشبكة الإنترنت كأحدث وسيلتين مهمتين في عالم صناعة الإعلام والاتصال، فإن العالم من خلالهما أصبح متداخلاً‏بشكل لم تعد الحدود والسدود قادرة على منع الأفكار والثقافات للأمم المختلفة من الدخول إلى أي مكان من دون إجازة من أحد.
والخطاب الإسلامي المعاصر مطالب بالاستفادة من فرص القنوات التليفزيونية الفضائية،‏والأمر أسهل بكثير بالنسبة إلى شبكة الانترنت؟ حيث لا يكلف افتتاح موقع على الشبكة سوى مبلغ ضئيل من المال، كما أنه ليس بحاجة إلى ترخيص من أية جهة، كما أنه لا يوجد أي حظر على أية أفكار أو معلومات ترغب في بثها من خلال الشبكة.. وهذه كلها تعطي للشبكة أهمية بالغة في الاستفادة أيما استفادة من الفرص الذهبية التي تتيحها لكل من يريد استثمارها لصالح أفكاره وأهدافه وخطابه.
والخطاب الإسلامي مدعو إلى أن يكون له خطاب عالمي، فعالمية الرسالة يتطلب عالمية الخطاب، وهذا يستلزم صياغة خطاب إسلامي يملك من مقومات العالمية ما يجعله قادراً‏على التأثير والإقناع في الرأي العام العالمي.
والخطاب الإعلامي ـ القادر على التأثير ـ‏أياً كان توجهه ـ‏هو الذي يمتلك عناصر العملية الإعلامية المتكاملة من كوادر مؤهلة ومتخصصة، وامتلاك (المعلوماتية) بشكل وافر، وتقديم خطاب علمي ومعرفي. وعندما يمتلك الخطاب الإسلامي مثل هذه المقومات فسيكون قادراً‏على المنافسة والتأثير حتى في المجتمعات والأمم الأخرى فضلاً‏عن المجتمع المسلم. وثمة نقطة مهمة وهي: إن الخطاب الإسلامي المعاصر لن يكون قادراً‏على المنافسة فضلاً‏عن الريادة إلا إذا كان للخطاب الإسلامي استراتيجية واضحة للعمل الإسلامي وليس مجرد القيام بأداء الواجب،‏والخروج من عهدة التكليف بأي شكل كان،‏إذ أن المطلوب الوصول إلى نتائج على أرض الواقع، وهذا ما يتطلب قراءة الواقع، والعمل على تغييره باتجاه الحق والخير والصلاح، واستثمار كل الوسائل والأدوات الإعلامية الحديثة بما ينفع ويخدم نجاح الخطاب الإسلامي المعاصر.

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة