تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

ندوات وفعاليات بمناسبة مرور 800 عام على ذكرى ابن رشد

قسم التحرير

الحديث عن ابن رشد ومساهماته العلمية وخدمات الخاصة للفلسفة، ليس وليد الساعة، ولايرتبط بإعلان سنة 1998 سنة ابن رشد، ولكن الإهتمام بهذا الفيلسوف الأندلسي أو الشارح الأكبر لأرسطو كما سماه دانتي في الكوميديا الإلهية ظهر مبكراً سواء في اوربا أو العالم العربي. لكن ارتفاع وتيرة الإهتمام به في الآونة الأخيرة، ومحاولة استحضار فكره ومواقفه الشخصية يربطه البعض بتشابه الظروف الموضوعية بين عصر ابن رشد وما يحدث الآن على الساحة داخل الوطن العربي من صراعات سياسية ومذهبية يغذيها التعصب ومحاولة الغاء الآخر، هذا الآخر الذي تجاوز العالمي ليشمل المحلي.
واستحضار ابن رشد أو فكره، إنما هو استدعاء ـ كما يرى البعض‏ـ للعقلانية، للعقل الناقد المتحرر من التعصب للذات والمنغلق على الخصوصية دون مبرر عقلي، والطامح كذلك لتحصيل المعرفة والحقيقة بعيداً عن الحواجز المختلفة. كما يرى البعض الآخر أن استحضاره وتكريمه إنما هو تكريم للفلسفة ودعوة لفسح المجال أمام العقلانية وحرية الفكر التي تتعرض هذه الأيام لمحنة كالتي عايشها ابن رشد أو أشد.
وبغض النظر عن الأسباب التي قُدمت والتي دعت إلى الإهتمام بهذا الفيلسوف الأندلسي المسلم وتكريمه، والإدعاء بأننا بحاجة إلى ما أطلق عليه بـ «الرشدية»، فإن تكريم هذا الفيلسوف الذي قدم مساهمات مهمة في أكثر من مجال معرفي، وأعاد الإعتبار للفلسفة التي تعرضت لهجمات شرسة من طرف أبي حامد الغزالي وكتابه «تهافت الفلاسفة» هذه الأعمال والمنجزات كافية لتكريمه والإهتمام به. لذلك وبمناسبة ذكرى مرور 800 سنة على رحيل هذا الفيلسوف الأندلسي ستعقد مجموعة من الندوات والمؤتمرات في عدد من المدن والعواصم العربية والعالمية. سينظم بيت الحكمة في بغداد ندوة حول: «ابن رشد وفلسفته بين التراث والمعاصرة»، وذلك بين 2 -3 أيلول (سبتمبر) المقبل 1998، كما ستعقد ندوة دولية أخرى في مراكش (المغرب) حول الموضوع نفسه بين 9 -13 كانون الأول (ديسمبر) المقبل كذلك.بالإضافة إلى ندوات أخرى ستعقد في باريس (فرنسا) ونابولي (ايطاليا) وقرطبة (اسبانيا) وقد عقد خلال شهر شباط الماضي ندوتين حول ابن رشد في كل من دمشق وتونس فيما يلي متابعة لوقائع هاتين الندوتين.


 دمشق: ندوة دولية «الذكرى المئوية الثامنة لرحيل ابن رشد».

بالتعاون بين المعهد الكتالاني للمتوسط وكلية الآداب في جامعة دمشق والسفارتين الإسبانية والموريتانية وبرعاية وزيرة الثقافة السورية نجاح العطار. انعقدت ندوة دولية في دمشق حول الفيلسوف الأندلسي ابن رشد (520 هـ‏ـ 595 هـ/1126 ـ 1198م)، وذلك بين 7و10 شباط ـ فبراير ـ 1998م. شارك في الندوة (16) محاضراً من دول عربية واسبانيا.
في الجلسة الأولى قدم الدكتور محمد محفل رئيس تحرير مجلة دراسات تاريخية (سورية) دراسة حول: «المدخل التاريخي لعصر ابن رشد» حيث تحدث عن جوانب مختلفة من حياة هذا الفيلسوف، والملابسات الواقعية التي أحاطت بحياته وعصره، ثم قدم الدكتور محمد خضرا أستاذ في قسم الفلسفة بجامعة دمشق دراسة عن «عصر ابن رشد ومشروعية التأويل»، وقد شملت هذه الدراسة إلى جانب الإحاطة بعصر ابن رشد وملابساته السياسية والفكرية والإجتماعية، الكلام عن اجتهادات هذا الفيلسوف والقضايا التي ناقشها والأسئلة الكثيرة التي فجرها. والتي قد يؤدي علاجها والبحث فيها إلى خلق تواصل بين الماضي والحاضر في ثقافتنا لمعالجة بعض القضايا المطروحة علينا بإلحاح.
في الجلسة الثانية تحدث كل من الدكتور نايف بلوز الأستاذ في قسم الفلسفة بجامعة دمشق عن: «ابن رشد بين الإيديولوجية والعقلانية» والدكتور حسن حرب (لبنان) عن: «حدود العقل عند ابن رشد».
في اليوم الثاني واثناء الجلسة الصباحية قدم الدكتور نشأت حمارنة (الأردن) محاضرة حول: «ابن رشد طبيباً» وباعتبار أن الحمارنة طبيب فقد حاول أن يسلط الأضواء على الإجتهادات والإبداعات التي خاضها ابن رشد في المجال الطبي ثم تحدث الدكتور زعيم أندرواس (سورية) عن محطة مهمة من تجربة ابن رشد وهو يقدم شروحاً على غاليتوس وأرسطو في مجال الطب النظري.
وفي الجلسة المسائية قدم الباحث السوري لؤي بلال الأستاذ بمعهد التراث بحلب، دراسة حول: «ابن رشد والفلك» حاول فيها تسليط الضوء على ابن رشد كفلكي له اطلاعه المتميز واجتهاداته الخاصة التي أثَرْت في هذا الميدان. أما الدكتور ميكال فوركادا فقد تحدث عن ابن رشد من خلال السياق التاريخي للعلم في الأندلس وأبرز مكانته العلمية ونشاطاته وإضافاته المتميزة. وقد تمكن الباحث من تحديد مكانته بدقة وموضوعية باعتباره مختص بدراسةالمعرفة النظرية والمعرفية لابن رشد.
في اليوم الثالث للندوة قدم الدكتور أحمد ماضي رئيس الجمعية الفلسفية العربية من الأردن في الجلسة الصباحية محاضرة تعالج موقع ابن رشد في الدراسات الروسية، تلاه الدكتور حامد خليل عميد كلية الآداب بجامعة دمشق بمداخلة حملت عنوان: «النزعة العقلية عند ابن رشد»، ثم ألقى الدكتور أحمد برقاوي رئيس شعبة الفلسفة بكلية الآداب بجامعة دمشق محاضرة حول: «ضرورة الفلسفة عند ابن رشد»، كما قدم الدكتور يوسف سلامة أستاذ الفلسفة من فلسطين دراسة تحت عنوان: «مفهوم السلطة وضروبها عند ابن رشد» حاول فيها أن يقدم صورة شاملة عن حياة الفيلسوف، عارضاً تجربته في المجالات العلمية المختلفة وكيف تداخلت هذه التجربة مع عصره ومحيطه الإنساني المحلي والعالمي.
في اليوم الأخير للندوة قدمت أربع محاضرات الأولى للأستاذ هاني مندس من لبنان، الذي تحدث عن علاقة الغزالي بابن رشد، وكيف عالج موضوع السببية. ثم تحدث الباحث الموريتاني محمد البخاري عن اجتهادات وآراء رشدية كانت محل نقاش وجدال بين المفكرين والفلاسفة في الشرق والغرب.
في المساء قدم الدكتور رفائيل أرغوليول الأستاذ في علم الجمال ونظري الفن في جامعة بومبيو فاير برشلونة، محاضرة حول إمكانية الإستفادة من تجربة ابن رشد لتكون أرضية يمكن الإنطلاق منها في حوار ثقافي وفكري بين شعوب العالم خصوصاً وأن الفكر الرشدي استطاع أن يتمثل فعلاً مجموعة من الثقافات المختلفة، وأن يعالجها بفكر متحرر من القيود التي تقف حاجزاً أمام الوصول إلى الحقائق المعرفية.
وفي الأخير قدم الدكتور طيب تيزيني الأستاذ في قسم الفلسفة بجامعة دمشق محاضرة عن مكانة ابن رشد في الفكر العربي المعاصر، حيث قام باستقراء التجربة الرشدية وربطها بالتجارب والطروحات الفكرية العربية المعاصرة. وذلك لجعل هذا الربط يغني التجربة ويعمقها لتتم الإستفادة المنشودة منها خصوصاً في الآونة الأخيرة حيث يجد الفكر العربي المعاصر نفسه في أشد الحاجة إلى مثل تجربة ابن رشد الفكرية والعلمية والنقدية ومنجهه في التفكير واستيعاب الثقافات الأخرى ودعوته للتحرر العقلي.


 تونس: ندوة «حداثة ابن رشد»

تحت عنوان: «حداثة ابن رشد» انعقدت في تونس الندوة الثانية بين 16و21 شباط (فبراير) 1998م، نظمها المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة) بالتنسيق مع المنظمة العربية للثقافة والتربية العلوم (الاليسكو) والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الاسيسكو» والمنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» شارك في هذه الندوة مجموعة من المفكرين والمختصين بالتاريخ ومستشرقين في العالمين العربي والإسلامي. وقد تعددت المواضيع التي عالجتها الأوراق والدراسات المقدمة، وكذا المداخلات، التي يمكن تبويبها حسب المواضيع التالية:
1ـ مخطوطات ابن رشد المترجمة إلى اللغتين العبرية واللاتينية وأثرها في الفكر الغربي القروسطوي.
2ـ مظاهر وآثار الفكر الرشدي في النهضة الأوروبية.
3ـ نظرية المعرفة عند ابن رشد.
4ـ ابن رشد وفلسفة الأخلاق والقانون والتربية.
5ـ منزلة العقل العملي في فلسفة ابن رشد وآثاره المتبقية في الفكر الحديث.
حول موضوع الترجمة أو مشكل ترجمة مخطوطات ابن رشد إلى العبرية واللاتينية، تحدث عبد القادر بن شهيدة عن: «سبب وجود مخطوطات عربية اللفظ وعبرية الحرف لإبن رشد»، فقدم سرداً تاريخياً لأسباب وجود نصوص رشدية عربية اللفظ عبرية الحرف، وما هي الدوافع التي جعلت بعض العلماء أو الطلبة من الجالية اليهودية في الأندلس أو فاس أو القيروان يقومون بهذه الترجمة والكتابة، وما هي النتائج التي أسفرت عنها. وأثناء بحثه واستقصائه وجد ابن شهيدة أن هناك نصوصاً منسوخة بأمانة بالحرف العبري، مع وجود نصوص أخرى مختزلة وتعاني من التقليص والطمس بل في بعض الأحيان تعرضت للتلفيق والسطو والإنتحال وطمس مصادرها الأصلية، بهدف خدمة الأغراض المذهبية.
أما الأسباب التي دفعت الجالية اليهودية للقيام بهذه الترجمة فكثيرة، أورد ابن شهيدة بعضها مثل: توخّي التيسير على من لايحسن قراءة الحرف العربي ويتكلم لغة العرب سماعاً، أو تحت تأثير كلام موسى بن ميمون الذي أشار على أهل ملته بالإعتناء بتآليف ابن رشد. لكن هذه العملية تعرضت لنوع من التعمية والتحوير مما يجعل النصوص العبرية تحتاج إلى الأصول العربية لتصحيحها، لأن من الخطأ اعتمادها كأصول كما ذهب إلى ذلك البعض. لكن مع وجود نصوص عربية عبرية فالأجدى أن تؤخذ النسخ العبرية بعين الإعتبار كشواهد وفروع خصوصاً عند غياب النص العربي الأصيل.
ثم يقدم ابن شهيدة تقنية بحثية لمعالجة هذه المخطوطات المزدوجة بالتحقيق من هوية ناسخيها وأماكن تواجدهم.
أما الباحث أحمد شحلان (المغرب) فقد قدم بحثاً قريباً من الموضوع الأول وهو: «هل فهم تراجمة ابن رشد اليهود الوسطويون لغة ابن رشد» لقد اكتشف الباحث شحلان عدداً من الأخطاء في هذه الترجمات عندما قارنها بالأصل العربي. والسبب يرجع لعدم تمكن التراجمة اليهود من الفهم الصحيح للمفردات العربية. وقد أورد شحلان عدد مؤلفات ابن رشد التي نقلت إلى العبرية ثم إلى اللاتينية، وهي سبعة كتب، إما تأليفاً أو شرحاً أو تلخيصاً، لفلسفة أرسطو وأفلاطون وغيرهم من فلاسفة اليونان. وقد قام أحمد شحلان بدراسة الترجمات التي وضعت أربع كتب مهمة لابن رشد وهي تهافت الفلاسفة، وفصل المقال، والكشف عن مناهج الأدلة، وكتاب الشعر، وسبب اختياره لهذه الكتب يعود لوجود أصول عربية لها وعندما تتعب هذه الترجمات اكتشف مجموعة من الأخطاء، بوبها على الشكل التالي: 1ـ أخطاء ناتجة عن سوء القراءة فالعقل يصبح «الفعل» مثلاً، 2ـ أخطاء ناتجة عن سوء فهم الدلالة والصيغ واشتراك الجذر أو التشابه الصوتي بسبب انعدام النقط أو تشابه الحروف مثل: الشاهد تصبح المشاهد، الحوصلة تصبح الحصول. 3ـ أخطاء ناتجة عن التحوير بسبب الحرف أو بسبب غموض المعنى وصعوبة الفهم على المترجم وقد كان التحوير خطيراً في الشواهد من القرآن والحديث أو الشعر. ومن خلال النصوص التي درسها وجد شحلان خلال 192 شاهداً قرآنياً أن المترجمين بدلوا منها (18) وحرفوا‏(37) وقرأوا‏(47) قراءة خاطئة وحذفوا (56) لفظاً أو جملة وغيروا (30) لفظاً. كما اكتشف أخطاء كثيرة أحصاها في باقي الكتب. وقد طالب شحلان إلى جانب ابن شهيدة بدعم مشروع اعادة قراءة وتمحيص تراثنا الفكري واسترجاعه من النصوص العبرية أو اللاتينية وتصحيحه حتى لانخسره نهائياً عن طريق هذه الترجمة التي سعت للسطو عليه وتحريفه.
أما إحسان نراقي المدير السابق لمعهد الدراسات والبحوث الإجتماعية في طهران، فقد قدم ورقة تحت عنوان: «السند الإسلامي للإنبعاث الغربي» سلط فيها الأضواء على حجم مساهمة الحضارة الإسلامية في تكوين الوعي الأوربي، انطلاقاً‏من عمليات الترجمة التي ازدهرت في العهدين الأموي والعباسي والتي تمكنت من حفظ جزء كبير من التراث اليوناني، ومن ثم تسليمه لأوربا مع الإضافات المهمة عليه شرحاً‏وابداعاً. وقد قدم النراقي عرضاً مفصلاً وتتبعاً تاريخياً لمساهمة علماء المسلمين في شتى العلوم، ومدى التطور والتقدم الذي أحدثوه في هذه المجالات، كما أشار إلى دور الأندلس التي وصفها بأنها مثلت رأس الجسر نحو العالم المسيحي. ونقلت عبرها العلوم والحضارة إلى أوربا.
وكذلك الأمر بالنسبة لصقلية التي استولى عليها الإيطاليون. وقد أكد النراقي على الأثر البالغ لابن رشد في الفكر الغربي خلال القرون الوسطى، على المستويين الفلسفي والعلمي من خلال الترجمات الكثيرة التي أنجزت في حياة هذا الفيلسوف المسلم أو بعد مماته. ومن خلال هذه المتابعة التاريخية لتاريخ العلم والعلماء في الحضارة الإسلامية يصل النراقي إلى نتيجة مفادها أن الظلم لحق بالمسلمين عندما نهضت أوربا وتنكرت لدورهم ومساهمتهم في هذه النهضة، داعياً إلى إعادة الإعتبار إلى بعض المدن العلمية التي تميزت بتراثها وعطائها العلمي خصوصاً المدن الأندلسية كطليطلة وقرطبة وغرناطة بالإضافة إلى بالرمو بجزيرة صقلية.
في دراسته المقدمة لهذه الندوة تحت عنوان: «موقف بعض الجامعات الأوربية من فلسفة ابن رشد في العصور الوسطى» يتحدث عبد الواحد ذنون طه، عن التأثير الذي أحدثته الترجمة من العربية لكتب ابن رشد إلى اللاتينية خصوصاً في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وكيف أنها أحدثت تيارات فكرية متصارعة داخل الجامعات الأوروبية بحيث انتشر ما يمكن أن تسميه بالمذهب الرشدي الذي تسبب في صراع بين الكنيسة والجامعة، وصدرت على أثر ذلك قرارات بمنع تدريس كتب ابن رشد، كما تصدى بعض المفكرين المسيحيين مثل توما الإكويني للرد على أفكار ابن رشد والنتيجة أن الفكر الرشدي قد أحدث الكثير من الهزات، ساهمت في تفعيل وتطوير الوعي والفكر الأوربي اللاهوتي والعلمي.
وقد تتبع الباحث ذنون طه مسيرة التأثير الفكري لابن رشد وما أحدثه من تجاذبات في الجامعات الفرنسية والإيطالية. والذي انتهى بقبول تدريس هذا الفكر المتميز في أكثر من جامعة مما جعل «الرشدية» تنتشر بشكل كبير بين المثقفين والأكاديميين وبالتالي بدأت الأرضية تتهيأ في أوربا لإستقبال ديكارت وفكره الذي سيساهم في ترسيخ معالم عصر النهضة والتنوير في أوربا.
الباحث علي شنوفي تحدث في ورقته: «صدى نظريات ابن رشد في اوربا الغربية القروسطية» عن التأثير الذي أحدثه الفكر الرشدي بعد شيوع الترجمات الكثيرة لكتبه، لكن ابن رشد لم يكن وحده بل تحدث الشنوفي عن تأثير عام للمدارس الفكرية الإسلامية، فالحركة الصوفية وكتب المعري في الأدب والشعر ورسائل النقد الأدبي لابن شرف والإنتاج الفكري الأوروبي ابتداء من عصر النهضة وفيما بعد.
كما قدم الباحث ماجد فخري دراسة حول: «قدم العالم بين ابن رشد وتوما الإكويني» وتحدث ابراهيم الغربي في ورقته عن: «ابن رشد والعلم الطبيعي في الشرح الكبير لكتاب النفس لأرسطو»، أما الباحث حسام محيي الدين الألوسي فقد قدم دراسة حملت عنوان: «نقد ابن رشد لفلسفات الوجود على ضوء مذهبه الخاص».
وكما قلنا سابقاً جاءت بحوث الندوة متكاملة فلم تقتصر على مشاكل الترجمة لتراث ابن رشد أو أثره في الفكر الفلسفي والعلمي في أوربا. بل عالج الباحثون مواضيع مختلفة تتعلق بجوانب التربية والأخلاق والفقه والإجتهاد، لذلك فقد قدم غانم هنا أستاذ الفلسفة في جامعة الكويت دراسة تحت عنوان «نقطة انطلاق الأخلاق في فكر ابن رشد» حاول فيها أن يعالج قضية الإتصال بيت الحكمة والشريعة وهل أن ابن رشد يفضل الحكمة (العقل) على الشريعة؟ يقدم الباحث تفسيراً جديداً لمعنى الإتصال ليصل إلى أن الأخلاق حين تمارس بعقل يقيني وتشكل أساس كل فضيلة وسعادة، وحسب ابن رشد «فمن يتبع الشريعة ويؤمن بعقائدها ويحقق شرائعها ينتهي إلى يقين الحكمة، حيث تقوم هذه بفعل العقل في كل ممارسة انسانية»، وعليه ففكر ابن رشد لاتناقض فيه بين الفقيه والعالم والفيلسوف والطبيب بل شكل وحدة متكاملة.
الباحث التربوي هشام نشابة تحدث في ورقته عن: «التربية عند ابن رشد» الذي وصفه بأنه معلم ومربي ينطلق من الأصول إلى الفروع ومن السهل إلى الصعب. وإنه استخلص أفكاره التربوية من نظريته الفلسفية، لذلك فقد قسم كتاباته في هذا المجال إلى قسمين، القسم الأول اعتنى فيه بالموقف الفكري العام وعلاقته بالتربية والتعليم، والقسم الثاني عالج فيه الموقف العلمي وطرائق التربية والتعليم. كما قسم العلوم إلى برهانية وجدلية وخطابية وجعل العلوم النظرية أرقى في سلم العلوم من العلوم العملية، من هنا جاء تقسيمه لفئات الناس. وإن علوم الشرع متيسرة لجميع الناس وتتناسب مع تعليمهم.
كما قدم الباحث نشابة مجموعة من العناصر التربوية المستخلصة من الفكر الرشدي، مثل الفضائل والأخلاق والعمل بالعلم. كما دافع نشابة وشرح موقف ابن رشد من التقسيم الذي وصفه لتحصيل الناس العلوم، وأن اساسه هو احترام قدراتهم الإستيعابية، ويختم الباحث دراسته بتأكيده على أهمية المنهج التربوي عند ابن رشد الذي يجمع بين العلمية والعالمية ويدفع باتجاه التحرر والإبداع.
أما العرض الذي أنجز حول كتاب ابن رشد «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» فقد أبان عن قدرة ابن رشد في المجال الفقهي، وكيف مارس الإجتهاد، وعلاقته بالقضاء الذي احترفه طويلاً. كما أبرز اطلاعه الواسع على المذاهب الفقهية سواء من حيث الفتوى أو من حيث طرق الإستنباط ومناهج الدولة. وتتمة لهذا الموضوع قدم عمار الطالبي رئيس قسم الفلسفة والعلوم الإجتماعية دراسة حول:«أصول الفقه والإتجاهات المعاصرة في فلسفة القانون» عالج فيها التشابه الحاصل بين أصول الفقه وفلسفة القانون في أوربا. وكيف أن ابن رشد قد تميز بالجمع بين حكمة النظر البشري وحكمة الشريعة. لذلك فقد اختلفت رؤية ابن رشد لأصول الفقه عن تصور الأصوليين قبله، ومن خلال نظرته الخاصة درس أسباب الإختلاف في الأحكام وقارن بين المذاهب المختلفة، ثم انتقد تناقض الأصوليين في استخدام القياس، كما رفض طريقة الغزالي في استخدام المنطق، وانتقد المذهب الظاهري الذي انكر القياس.
أما الغاية التي توصل إليها ابن رشد فهي كما تحدث عنها الباحث الطالبي تتلخص في تحديد الغاية من الشريعة والحكمة وهي: «إيجاد حاكم عادل ودولة مثالية»، قائمة على شريعة القانون، ثم يقدم الطالبي مقارنات متعددة بين أصول الفقه الإسلامي وبين فلسفة القانون المعاصر.

تحدث البعض عن غياب الجانب العملي في مشروع ابن رشد الفكري، وقال البعض بأن القدر لم يمهله لأنه بدأ فعلاً في الإهتمام بهذا الجانب، لكن مهما قيل فإن تركيزه على الجانب النظري كان واضحاً، لأنه كان بصدد بناء منظومة معرفية نظرية، يمكن أن يسند إليها الجانب العملي. لذلك وللجواب على هذا السؤال، أي سبب غياب أو اهمال ابن رشد للجانب العملي قدم الباحث المغربي محمد المصباحي دراسة تحت عنوان: «منزلة العقل العملي في فلسفة ابن رشد» تحدث فيها في البداية عن تفضيل ابن رشد للعقل النظري على العقل العملي، ونظر إليه بنوع من الإستصغار على العكس مما فعله الإمام الغزالي. أما السبب فيرجع إلى التقسيم الوظائفي للعقل. فالنظري يبحث في الحق والباطل، أما العقل العملي فمهمته البحث في الخير والشر.
وبسبب هذا الإختلاف في الغايات جاء الإختلاف بين الناس من حيث العلم والتلقي. وهذا التقسيم سيشمل بالتالي الوجود، فهو موجود وماهية، والعقل فهو عملي ونظري، والناس منهم عامة وخاصة، والحقيقة هي شريعة وحكمة، والسعادة إلى نظرية وعملية. وهذه التقسيمات ونتائجها هي التي شوشت علىالفكر الرشدي وتسببت في المواقف المختلفة التي صدرت في حقه.
وأخيراً يجيب أوليفر ليمان أستاذ الفلسفة في جامعة ليفر بول عن:«ماذا بقي من فلسفة ابن رشد وماذا ذهب منها؟» يستنتج ليمان من خلال متابعته لمجموعة من النقاط ما تزال برأيه حديثة، ويمكن الإستفادة منها، أهمها: فلسفته في اللغة وآراؤه المتميزة في هذا المجال حول الدلالات والألفاظ وما يمكن أن يصدر عنها من أفكار مهمة. كذلك هناك ما سماه بمذهب «الحقيقة المزدوجة» التي تأكدت بشكل كبير في نظره في الآونة الأخيرة، كما ساهمت من قبل في تفعيل نهضة الفكر الأوروبي، وهذه الفكرة حسب الباحث حديثة بل قد تنتمي لما بعد الحداثة. كما أن اعتماد ابن رشد جمهورية افلاطون دليله في النظرية السياسية كان مصيباً حسب ليمان لأن الناس «مختلفون وتتفاوت قدراتهم على بلوغ الكمال العقلي». كما رد انتقادات من يتهمون ابن رشد بالنخبوية لأن نظريته في التفاضل والتراتب ليست نخبوية بل واقعية. هذه الأفكار والآراء قدمها أوليفر ليمان واعتبرها مازالت تشكل تحديات أمام الفلسفة المعاصرة خصوصاً في المجال اللغوي وبذلك يتمكن هذا الفيلسوف الأندلسي المسلم من الحياة والإستمرارية إلى أيامنا هذه.


مؤتمر: «دور الجامعة في مجتمع متنوع: حالة لبنان»

بدعوة من رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية والمكتب الإقليمي لليونسكو في بيروت والإتحاد العالمي لنقابات المعلمين، عقد هذا المؤتمر بين الرابع والسادس من شباط (فبراير) 1998م في مبنى الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية.
أثناء جلسة الإفتتاح ألقى الدكتور اسعد دياب مدير الجامعة اللبنانية كلمة تحدث فيها عن دور الجامعة وأهمية التزامها بأهداف، منها المعرفة واعتماد بنى تنظيمية، واستراتيجية تعليمية، وتطبيق أساليب تربوية قائمة على المعرفة، ثم تضمين نظم التعليم العالي ثقافة متينة في مجال المعلومات والإنفتاح على المستويين الوطني والعالمي، مع المحافظة على عناصر الهوية الثقافية ودعمها. كما دعا إلى فتح الجسور بين القطاعات التربوية لتشجيع التجانس بينهما.
ثم تحدث مدير عام وزارة الثقافة والتعليم العالي الدكتور مطانيوس الحلبي عن التحدي الذي يواجه التعليم العالي المتمثل في الصراع بين العملية والعالمية، لأن العالم أصبح قرية كونية صغيرة بفضل التطور الهائل لوسائل الإتصال. بالإضافة إلى تحديات أخرى مرتبطة ببنية المجتمع اللبناني ونظامه السياسي والإقتصادي والتربوي. وأكد على دور الجامعة في هذا المجال. أما البروفيسور دانيال مونتو المسؤول في الإتحاد العالمي لنقابات المعلمين، فقد تحدث عن مجتمع الغد الذي يفترض فيه أن يكون مجتمع المعرفة، حيث يتمكن جميع المواطنين من تحصيل التأهيل الأساسي والمستمر، ليتمكن كل واحد حسب مؤهلاته من أن يحتل المكانة التي تليق به.
ثم تتالت الكلمات، كلمة الدكتور رمزي سلامة ممثلاً للمدير العام للأونسكو في لبنان وأخيراً ألقى الدكتور عصام خليفة رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين كلمة أكد فيها أن المؤتمر سيحاول تعميق النقاش حول قضايا الجامعات، وعدد مجموعة من المسلمات تساهم في دعم الجامعة اللبنانية، وأضاف أن المؤتمر سيعتبر مدخلاً لورشة مفتوحة. يجب أن تطال كل مقومات الجامعة: المناهج، البرامج،أوضاع الهيئة التعليمية وغيرها من القضايا المتعلقة بالجامعة.
في الجلستين الصباحيتين تمحور النقاش حول دور التعليم العالي في مجتمع متنوع حيث قدم البروفيسور دانيال مونتو ورقة الإتحاد العالمي لنقابات المعلمين تحدث فيها عن مسؤولية الجامعة وأن على المثقفين الجامعيين ألا يقبلوا بالعولمة بل عليهم أن يروجوا فكرة العالم المتعدد الثقافات، وأن تشارك الجامعة في الحوارات والنقاشات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية.
في ورقته: «الدولة والتعليم العالي في مجتمع لبناني متعدد» تحدث الدكتور عدنان الأمين عن الوسائل التي اعتمدتها الدولة في رعاية المؤسسات التعليمية، وأن هناك ستة جامعات أنشأتها جهات خارجية، كما تحدث عن أوضاع الجامعة اللبنانية وكونها تفتقد شروط الإتصال مع غيرها على مختلف الأصعدة. أما الدكتور رباح أبي حيدر رئيس مجلس المندوبين في رابطة الأساتذة المتفرغين، فقد تحدث عن: «دور التعليم في مجتمع متنوع» معتبراً أن التعليم في مجتمع منفتح ومتفتح هو خيار عقلاني. وأشار إلى المشاكل المزمنة التي تعاني منها الجامعة اللبنانية مستبعداً وجود حلول مثالية أو سريعة.
في الجلسة المسائية التي ترأسها الدكتور سعيد البستاني لمناقشة: «واقع التعليم العالي في لبنان» قدم الدكتور صادر يونس الرئيس السابق للهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين، مداخلة مطولة تحدث فيها عن أوضاع الجامعة اللبنانية والتحديات الكثيرة التي تواجه التعليم العالي في لبنان من تشرذم عملية التعليم العالي، ديمقراطية التعليم، إعادة تنظيم الجامعة اللبنانية، الإصلاح الداخلي، وغيرها من القضايا والحلقات التي تحتاج إلى معالجة عاجلة. أما الدكتور عصام سليمان فقد تحدث في ورقته: «الحريات الأكاديمية في لبنان»، حول قضية الحريات الأكاديمية لايمكن أن تتحقق إلا داخل مجتمع ديمقراطي، كما حاول أن يقدم تعريفاً لمفهوم الحريات الأكاديمية كما تم التوافق عليه في عدة مؤتمرات. مذكراً بأن الحرية الأكاديمية في لبنان يكفلها الدستور اللبناني من خلال كفالته للحريات العامة وذلك لعدم وجود قوانين خاصة بذلك.
الدكتور أنيس مسلم تحدث عن: «الجامعة والقيم» معتبراً أن الوحدة الإجتماعية تترسخ جذورها وتتعمق بفضل القيم، وإن الجامعة يمكنها أن تساهم في هذه الوحدة من خلال تعميقها وحرصها على مجموعة من القيم المهمة، الورقة الأخيرة في جلسة المساء تقدم بها الدكتور طلال خواجه نائب رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة، وحملت عنوان، «الجامعة بين قواها وقوى المجتمع المدني» وقد تحدث فيها عن دور التعليم العالي باعتباره يحتل رأس الهرم في العملية التربوية، وأنه المسؤول عن اعداد الكوادر العلمية والإدارية كما يساهم في تطوير العقل الإنساني، مما يساعد في نهاية المطاف على انتاج الثقافة الإنسانية في مختلف الأوجه.
في اليوم الثالث تتابعت أعمال المؤتمر حيث عقدت الجلسة الأولى لمعالجة موضوع: «دور الجامعة اللبنانية كمؤسسة وطنية» ترأسها الدكتور عصام الجوهري، وتحدث خلالها الدكتور عصام خليفة رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، عن وظائف الجامعة ودورها الوطني، وعن أبنية الجامعة اللبنانية وكيفية تشكل هيئاتها التعليمية داعياً إلى ضرورة انصاف الإداريين والأجراء والفنيين.
ثم تلاه مدير الجامعة اللبنانية الدكتور أسعد دياب الذي تحدث باسهاب عن الجامعة اللبنانية وتطورها وتاريخ إنشاء كلياتها ونمو عدد الطلبة المنتسبين إليها، وعن الشهادات التي تقدمها، والإختصاصات التي تحتضنها كما تحدث عن التنظيم الإداري للجامعة ومشاكله. ودعا إلى استمرارية تفتح الجامعة على المستويين المحلي والعالمي، والعمل على توسيع الإختصاصات وتطويرها. لتأمين حاجيات المجتمع من المعرفة الراقية، وأكد على أن الجامعة اللبنانية الآن تعتبر ورشة اصلاح لترميم وإعادة هياكلها ومحو آثار الماضي، وصولاً لتحقيق الدور المطلوب من هذه الجامعة الوطنية. ثم قدم الدكتور نمر فريحة مداخلة بعنوان «مدخل إلى تقسيم مناهج الجامعة اللبنانية» تحدث فيها عن مناهج الجامعة اللبنانية، وطرائق التدريس ودعا إلى اعادة النظر في البرامج وتحديثها لتواكب التطور العلمي الحاصل في العالم.
ثم توالت عدة مداخلات حول المواضيع التي تطرقت إليها الأوراق والدراسات المتقدمة، الجلسة الأخيرة ترأسها العميد عطا جبور الذي تحدث عن دور الجامعة على مستوى التخطيط والإعمار. ثم قدم الدكتور فارس اشتي مداخلة حملت عنوان: «معنى استقلالية الجامعة وحدودها» حيث تحدث عن استقلال الجامعة المالي والإداري ومشاكل تعيين العمداء والمديرين وممثلي الأساتذة في مجلس الجامعة.
أما الدكتور محمد طي فقد تحدث عن : «دور الجامعة اللبنانية في إيجاد وترسيخ اللحمة الوطنية»، مؤكداً على ضرورة أن تساهم في بناء مجتمع منفتح بدل أن تغرق نفسها في مشاكله الكثيرة. ودعا للإهتمام بتاريخ لبنان وتكوينه ومحاولة إنشاء أقسام متخصصة في الدراسات الإسلامية والمسيحية. ودعا الدكتور عدنان السيد حسين في ورقته: «الجامعة بين التفريغ والإندماج» بعدما قدم عرضاً حول هذا التفريغ وأسبابه،ýإلى إخراج الجامعة من دائرة التجاذبات السياسية والطائفية، كما أشاد بالدور الإيجابي الذي حققته بعض الفروع على مستوى الدراسات العليا.
الدكتور علي الموسوي قدم مداخلة حول: «الإستقرار الإجتماعي واستقلالية الجامعة»، عالج فيها القانون المنظم لعمل أفراد الهيئة التعليمية، وكيف ساهم الإستقرار قبل الحرب في تفرغ الأساتذة للبحث العلمي، لكن هذا التفرغ سيتأثر أثناء الحرب لتغير الظروف الموضوعية. وأكد على أن الإستقلالية ترتبط بتأمين الشروط المادية والمعنوية للهيئة التعليمية. ثم انفتح النقاش بين المشاركين حول القضايا المطروحة.
اصدر المؤتمر مجموعة من التوصيات أهمها اعتبار المؤتمر بداية النقاش بين أساتذة الجامعة اللبنانية وباقي المؤسسات التعليمية في لبنان. كما دعت التوصيات إلى اقرار اعلان المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو عن هيئات التدريس، خصوصاً مضامينه المتعلقة بحقوق الأستاذ الجامعي المدنية والأكاديمية والشروط المادية والمعنوية كما دعت التوصيات إلى اعادة النظر في تنظيم التعليم العالي في لبنان، وإعادة النظر في الكثير من التراخيص التي أعطتها وزارة الثقافة والتعليم العالي مؤخراً. كما دعت التوصية الخامسة إلى الغاء كل نص قانوني يقيد دور الأستاذ الجامعي ويحد من حريته واستقلاله. ودعت إلى ايجاد صيغة استشارية تضبط العلاقة بين الجامعة والمجتمع وسوق العمل، وتحقيق التنوع في جسم الجامعة والكليات أساتذة وطلاباً وموظفين، وتأمين المنح الوطنية، وتحسين وضع الأساتذة المتقاعدين المعيشي والإجتماعي وإقرار موازنة للجامعة اللبنانية تعنى بحاجاتها.
وقد شددت توصيات المؤتمر على احترام صلاحيات مجلس الجامعة ودعم المجلس الوطني للبحوث العلمية مادياً‏ومعنوياً وإنشاء مراكز أبحاث في مختلف كليات الجامعة وغيرها من التوصيات التي تدعو إلى دعم الجامعة اللبنانية وتفعيل نشاطاتها كي تسترجع عافيتها ودورها العلمي والإجتماعي الذي تأثر كثيراً أثناء الحرب.


 وثيقة منتدى: مسلمة القرن

لدراسات وأبحاث المرأة
منتدى فكري ثقافي اعلامي (مستقل). يعمل على رصد الواقع الفكري والثقافي والإجتماعي للمرأة المسلمة، ويوفر الرؤية الإسلامية الصحيحة تجاه قضاياها المعاصرة، ويكون مركز إشعاع توعوي، يعيد لها مكانتها الحضارية ويرتقي بواقعها ويحدد لها أدوارها حسبما رسمها لها الإسلام.
الأهداف:
1) تأصيل رؤية اسلامية واضحة لقضايا المرأة المعاصرة.
2) ترشيد الخطاب الإسلامي المعاصر وأدبياته الموجهة للمرأة.
3) صياغة وتقديم النموذج الحضاري للمرأة المسلمة.
4) دعم وتوجيه جهود العلماء والباحثين في دراسات المرأة.
5) تهيئة المرأةالمسلمة لمواجهة تحديات القرن القادم.
6) ابراز دور المرأة المسلمة في التنمية خلال عصور الدولة الإسلامية المتعاقبة.
الوسائل:
يستعين المنتدى لتحقيق أهدافه بوسائل عديدة منها:
ـ عقد المؤتمرات والندوات العلمية والفكرية المتخصصة في قضايا المرأة.
ـ عقد اتفاقيات للتعاون العلمي المشترك مع عدد من المؤسسات العلمية والمعاهد الفكرية.
ـ نشر وتوزيع النتاج العلمي المتميز في مسائل المرأة.
ـ الإنتاج الإعلامي المسموع والمرئي والمقروء للتوعية والإرشاد.
ـ استكتاب المتخصصين.
ـ الدراسات الميدانية لقياس واقع واحتياجات المرأة.
من مهام المنتدى:
1) وضع استراتيجية أو وثيقة تكريم الإسلام للمرأة تتناول موقعها ـ حقوقها‏ـ واجباتها ـ أدوارها التنموية ـ مشاركتها الإجتماعية، تكون بمثابة إعلان لحمايتها من الإستغلال والجهل، وذلك بالتعاون مع المؤسسات والمنظمات المهتمة بقضايا المرأة.
2) إقامة ملتقى عالمي للمرأة المسلمة تشارك فيها الجهات والهيئات الإسلامية العاملة في مجال المرأة، لبحث وتقييم واقع المرأة المسلمة وحاجاتها المستجدة وموقعها الحضاري في مواجهة تحديات القرن القادم وإيجاد الرؤية المناسبة لقضاياها المعاصرة.
3) وضع مقايسة اسلامية (ترمومتر) يرصد حاجات المرأة المسلمة ومشاكلها ويقدم بيانات إحصائية ومؤشرات بناء على حقوقها التي قررها لها الإسلام في القرآن والسنّة وواقعها في عصر الرسالة.
4) تنقية بعض كتب التراث مما ورد فيها من اجتهادات تسيء للمرأة وتخالف ما قررته الشريعة الإسلامية لها.
5) تنقية متأنية للتقاليد والأعراف التي تخالف ما قررته الشريعة الإسلامية للمرأة من حقوق وواجبات وتكرس النظرة الدونية لها.
6) التعاون مع جهات الإختصاص لإعداد دراسات ميدانية في جوانب متعددة تتعلق بالمرأة.
7) تنظيم ندوة فقهية لقضايا المرأة المعاصرة.
المبررات:
1) الحاجة لوجود مؤسسة تصب فيها جهود العلماء والمفكرين وتقدم الدعم الفكري والثقافي للإرتقاء بالواقع المعاصر للمرأة.
2) ضرورة إيجاد رؤية اسلامية لقضايا المرأة المعاصرة وحاجاتها المستجدة.
3) سيادة مفاهيم مغلوطة عن كيفية النظر للمرأة والتعامل معها ودورها في بناء المجتمع الإسلامي.
4) النقص الواضح في الأدبيات الإسلامية التي تعكس الموقف الحقيقي للإسلام تجاه المرأة في مقابل انتشار الأدبيات التي تهمش من دورها وتشوه موقف الدين الإسلامي منها.
5) التباين في الرؤية بين دعاة التحرر وبين بعض منتسبي الحركة الإسلامية حول مكانة المرأة ودورها.
6) عدم استثمار قدرات المرأة، وعدم اعطائها الفرصة العادلة لإبراز ما تملكه من إمكانات وإسهامات في التنمية.
عنوان المنتدى
الكويت ـ الخالدية، ص ب 17651
تلفون: 2517605 ـ فاكس: 2521875
E.mail: Kawakib a nnc>. moc. ku
المدير العام: كواكب عبد الرحمن الملحم

مؤتمرات حول العولمة

الحديث عن العولمة في العالم هم حديث عن مستقبل الثقافات والهويات في ظل هذه العولمة التي بدأت تتكشف معالمها يوماً بعد يوم متجاوزة الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية، لتبسط هيمنتها كذلك على الجانب الثقافي والفكري، مما يهدد بذوبان الثقافات المحلية ليس العربية والاسلامية فقط، ولكن ثقافات جميع الشعوب التي توجد خارج الدائرة الحضارية الغربية، بل ان هذا التحدي تجاوزت أبعاده الخطيرة لتشمل بعض الدول الغربية نفسها كفرنسا مثلاً التي أبدت تخوفها أكثر من مرة من العولمة الثقافية التي قد تعني هيمنة وسيطرة النموذج الأمريكي الثقافي والانتاجي على جميع الاسواق الثقافية، مما يعرض الخصوصيات التي تتمتع بها بعض الدول الغربية ذاتها لخطر الإضمحلال والتلاشي.
كما أن الحديث عن مخاطر العولمة الثقافية يأتي تباعاً بعدما قطعت العولمة في مجال الاقتصاد مثلاً أشواطاً كبيرة، وبدأ الحديث عن العالم كقرية صغيرة أو سوقاً استهلاكية واحدة تتحكم فيها رؤوس الأموال للشركات العالمية الكبرى، أو ما يطلق عليه بالشركات المتعددة الجنسية أو العابرة للقارات. مخاطر العولمة الاقتصادية التي تكشفت واضحة هي التي جعلت الأصوات ترتفع في العالم العربي بالخصوص لإعلان نواقيس الخطر من انطلاق العولمة الثقافية التي ستحاصر هذه المرة الهوية الحضارية للامة العربية والاسلامية وتضعها أمام تحديات صعبة للغاية. لذلك نجد ان موضوع العولمة الثقافية قد عرف اهتماماً خاصاً خلال السنتين الأخيرتين، ففي كل مؤتمر او ندوة حول العولمة بصفة عامة نجد تطرقاً ولفت إنتباه إلى مخاطر العولمة الثقافية الآتية بسرعة، كما نظمت ندوات خاصة لمعالجة هذه القضية.
«مؤتمر العولمة والحفاظ على الهويات الثقافية والإبداع والسياسات الثقافية»
لنقاش تقرير اللجنة العالمية للثقافة والتنمية الذي حمل عنوان «تعددنا الخلاق» يرأس هذه اللجنة خافير بريس دوكويلارالرئيس السابق لهيئة الأم المتحدة.
نظمت اللجنة الوطنية الفرنسية للتربية والتعليم والثقافة لدى اليونسكو،‏مؤتمراً تحت شعار: «العولمة والحفاظ على الهويات الثقافية والإبداع والسياسات الثقافية» وذلك في 8-9 كانون الثاني «يناير»1998م.
شارك في المؤتمر مفكرون أوربيون وعرب، حاولوا الإجابة عن مجموعة من الأسئلة حول ماهية العولمة وتعريفها؟ وهل تهدد الهوية؟ وما هو مفهوم الهوية؟ وما هي السبل الكفيلة بالحفاظ على الثقافات التي تتعرض لتحديات العولمة؟
أما الأجوبة فكانت مختلفة ومتنوعة لكنها اتجهت في محاولة لوضع خطط واستراتيجيات لحماية الثقافات المهددة من الإضمحلال والفناء أمام تحدي النمط الواحد الذي تروجه العولمة وتدعو له. الأستاذ في جامعة مدريد الإسباني جوزيه فيدال بنيتو عرف الهوية بأنها تراكمية ومتحركة لأن الإنسان هو كل هوياته التي تبدأ به بشخصيته بانتمائه العائلي، في القرية والمدينة ثم الوطن والقارة، وصولاً إلى كونه مواطناً من هذا العالم. إذن فالهوية متعددة الإنتماءات ولايمكن تحديد الهوية بعنصر دون غيره من العناصر. السيد شريف خازندار مدير دار ثقافات العالم أشار إلى أن المؤتمر جاء«كضرورة لإيجاد رد على العولمة التي فرضت نمطاً ثقافياً واحداً حيث بتنا نجد ان نمطاً موحداً من الثقافة يفرض نفسه يوماً بعد يوم».
أما الشاعر والكاتب أدونيس فقد أكد على ان مفهوم الثقافة يستدعي اعتبار وجود الآخر، خصوصاً وأن فكرة الإعتزال والعزلة أصبحت صعبة التحقق في هذا العالم. وتحدث أدونيس عن قدرة الحضارة العربية في الماضي على التثاقف، لأنها استطاعت إبان ازدهارها أن تأخذ من الثقافات الأخرى وأن تتفاعل معها أخذاً وعطاء في جميع ميادين الفعل الإنساني وخصوصاً في المجال الثقافي والمعرفي.‏كما تحدث عن الرؤية الغربية الآن التي تتحكم فيها الانانية العسكرية والاقتصادية، ودعا الغرب للخروج من ذاته السياسية والعسكرية الاقتصادية ليجدها في الآخر.
إن العولمة كما اتفق على تعريفها المشاركون أصبحت أمراً واقعياً وموضوعياً يجب التعامل معه وليس رفضه. لذلك جاءت دعوتهم إلى إيجاد سياسية ثقافية أوربية على خلفية الرد على الغزو الثقافي الأمريكي خصوصاً على مستوى السينما والفيديو. ومحاولة إيجاد خطة لضبط مسيرة العولمة وللأخذ بعين الإعتبار الحفاظ على الهويات الذاتية. كما خلص المؤتمر فيما يخص دول الجنوب إلى الإهتمام بالوسائل والتقنيات الإعلامية من أجل التوثيق الصوتي والمرئي والمكتوب لحفظ الثقافات المحلية. وكذا دعم الجهود في معالجة الإبداع والإنتاج السينمائي، بالإضافة إلى وضع سياسات ثقافية واعية تهتم بالمحافظة على الهوية الذاتية كما تحترم وتراعي الآخر.


مصر: مؤتمر العولمة وقضايا الهوية الثقافية.

نظم هذا المؤتمر في القاهرة المجلس الأعلى المصري للثقافة، في الفترة ما بين 12-16 نيسان ابريل 1998، 17-21 ذي الحجة 1418هـ شارك في أعمال المؤتمر أكثر من 40 باحثاً ومفكراً من الدول العربية بالإضافة إلى بعض الباحثين من أمريكا.
المحاور والأبعاد التي سيناقشها المؤتمر هي كما أعلن ذلك الدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى المصري للثقافة: الأول اقتصادي، خاص بالشركات متعددة الجنسيات التي حولت العالم كما قال إلى سوق لمنتجاتها، الثاني معرض خاص بالثورة التي شهدها العالم في مجال الإتصالات، الثالث، تقني خاص بالإنجازات في مجال التقنية. بالإضافة إلى محاور أخرى مثل: حوار الثقافات أم صراعها، التدفق الثقافي ذو الإتجاه الواحد، عوائق التنمية الثقافية، اتفاقية الغات وآليات التثاقف، الثقافة الوطنية والتعددية، الشفوية الجديدة في مظهر الثقافة الجديدة.
استمر المؤتمر أربعة أيام وأظهر حجم الإهتمام الذي يحظى به موضوع العولمة الثقافية لدى المفكرين في العالم العربي، كما أبان عن إختلافات جذرية في النظر إلى خطورة الموضوع. كما أظهر تقصيراً واضحاً في متابعة التطورات والمستجدات التي جاءت بها العولمة على جميع المستويات.
الدكتور أسامة الباز مستشار الرئيس المصري تحدث عن الإختلاف في الرد على العولمة، فبعض الردود هشة وتسليمية، تعتبر العولمة قدراً مقدوراً، كما خففت من تهويل العولمة أو الأمركة بمجرد انتشار الملابس أو طريقة الأكل الأمريكية، فليس كل من أخذ بالتحديث تغرب وأكد في ختام كلمته على «أن الفرصة أمامنا لكي نؤثر في تطوير هذا النظام خاصة وأن العولمة لم تكتمل وأنا على ثقة من أننا لن نتغرب ولن نتأمرك». الدكتور أحمد كمال أبو المجد، تحدث عن العولمة باعتبارها تؤدي إلى سيادة العنصر الإقتصادي وتهميش الجوانب الأخرى السياسية والثقافية في الحياة والمجتمعات، وأكد على أن بإمكان الأديان أن تلعب دوراً مهماً في تطوير القيم الإنسانية والمحافظة عليها. وقدم أربع خطوات طالب المسلمين باتباعها هي: تحديد الخط الفاصل بين صحيح الدين والخلو فيه، تصحيح مفهوم عالمية الإسلام مع إعادة النظر في فكرة الجهاد وأساليب الدعوة، إعادة الإعتبار لقيم الحرية والديمقراطية في الإسلام بعد أن غابت الشورى وساد القمع، وأخيراً إعادة النظر في علاقة المسلمين بالآخرين. الدكتور إسماعيل صبري عبد الله عرف العولمة بأنها نتاج إفراز إجتماعي وأنها تشمل التداخل الواضح للأمور الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والسلوكية من دون حدود تذكر ومن دون انتماء لدولة أو وطن ومن دون حاجة إلى حكومات. واعتبر أن مجموعة الشركات عابرة القارات هي التي تتحكم في هذه الظاهرة، وتعتبر أن الكرة الأرضية كلها سوق. لذلك فهذه الشركات هي التي تحدد مسارات الأسواق الإقتصادية وليست الحكومات «وبالتالي فإن العالم يعيش اليوم بمرحلة ما بعد الإمبريالية أو مرحلة الرأسمالية الكوكبية المتحكمة تحت شعار تحجيم الدولة».
جلال الأمين اعتبر أن الغزو الثقافي هو الوجه المرادف للعولمة وأن محطة C.N.N مثلاً هي التي تحدد القضايا التي يجب على العالم أن يهتم بها ويركز عليها. واعتبر أن التقدم التكنولوجي هو المسؤول عن مخاطر العولمة لأنه هو الذي أدى إلى زيادة قهر الإنسان، فمع كل تقدم يزيد قهر الدولة للمواطنين، وقهر المنتج للمستهلك، وزيادة تنميط البشر مما يهدد بطمس هوية الفرد والهوية الثقافية للآخر. أما د. حازم الببلاوي فقد اعتبر الخوف من العولمة مبالغ فيه «لأن الإلتقاء الحضاري والثقافي كثيراً ما يزيد ويقوي الهوية: أما رئيس المؤتمر السيد ياسين فقد تحدث عن وجود أخطار ثقافية لظاهرة العولمة ودعا إلى عدم الإقتصار على الرفض بل لابد من الشروع في عملية إحياء ثقافي واسع النطاق، لأنه لايمكن أن ندخل القرن المقبل بنظم سياسية مستبدة ومجتمعات تغيب عنها سمات المجتمع المدني وغارقة في الأمية. في المقابل نجد أن حركة التكنولوجيا تجري بسرعة مذهلة. وزير التعليم الأسبق في تونس عبد السلام المسدي، اعتبر العولمة ثورة على الإيديولوجيا معتبراً إياها قد تكون هي إيديولوجيا المستقبل. وتساءل الدكتور أحمد طنطاوي حول ما إذا كانت العولمة ستفرز اشكالاً من الإحتجاجات كما حدث مع الإمبريالية التي أفرزت الحركات الإشتراكية والوطنية. أما فالح عبد الجبار فقد انتقد مواقف المثقفين العرب من العولمة سواء من رفضها ومن رحب بها وقال بأن العولمة أدت إلى إنفجار الصراع بين الأفكار القومية والأثنية، وأكد على ضرورة وجود الدولة القومية المركزية والقوية لأنها هي التي تنفذ الإتفاقات والمعاهدات، وبماýأن العولمة ظاهرة بشرية وليست طبيعية فإنها مثل التاريخ البشري مفتوحة على كل الإجتهادات».


لبنان: مؤتمر الفرنكفونية والعولمة

تتعرض اللغة الفرنسية منذ سنوات لتراجع مستمر وتقهقر ليس فقط خارج بلادها أي في المستعمرات الفرنسية التي فرضت فيها اللغة الفرنسية كلغة رسمية أثناء الإستعمار وبعده. ولكن داخل فرنسا. فقد خسر المدافعون عن اللغة الفرنسية مؤخراً (29/4/1998) دعوى قضائية رفعت على معهد جورجا في باريس لإستخدامه اللغة الإنكليزية. نفس الأمر بالنسبة لمعهد باستور الذي يصدر بحوثه العلمية باللغة الإنجليزية، وإذا أضفنا إلى ذلك تقهقر الإنتاج الفكري والفني الفرنسي وانتشار الإنتاج الأمريكي الناطق باللغة الإنجليزية عرفنا حجم معاناة هذه اللغة التي فقدت مواقعها القديمة لتحل محلها اللغة الإنجليزية. لذلك نشطت مؤخراً الحركة الفرنكفونية في سعيها ليس فقط للدفاع عن اللغة الفرنسية بل لتوسيع مجالها الجغرافي، ودعمها بقراء ومتكلمين جدد، علها توقف التقهقر والتردي الذي تعاني منه يوماً بعد يوم. لذلك وفي هذا الإطار افتتحت مؤخراً في لبنان أعمال الجمعية العامة لرابطة الجامعات الفرنكفونية و «الأوبلف ـ أوريف» في قصر الأونسكو وذلك يوم 28 نيسان (ابريل) 1998. حضر الإفتتاح الدكتور بطرس غالي الأمين العام للمنظمة الفرنكفونية ورئيس «الأوبلف ـ أوريف» ميشال جيرفيه، والمدير العام للأوبلف فرنسوا غييو ووزراء الثقافة والتربية والتعليم في عدد من الدول الفرنكفونية، ووزراء ونواب لبنانيون وسفراء الدول الأعضاء في المنظمة الفرنكفونية ورؤساء وعمداء وأساتذة لأكثر من (500) جامعة فرنكفونية منضوية في منطقة «الأوبلف ـ أوريف».
الدكتور أسعد دياب رئيس الجامعة اللبنانية تحدث في كلمة الإفتتاح عن التحديات الكبيرة التي تفرضها العولمة وتساءل عما ستؤول إليه الفرنكفونية في خضم هذه العولمة. أما ميشال جيرفيه فقد أكد علىýأن رؤساء الدول والحكومات أرادوا إعطاء دفع قوي للتعليم العالي والبحث في الفضاء الفرنكفوني فأوجدوا جامعة أنظمة التعبير الفرنسي، التي احترمت خصوصية العمل الجامعي ودقته وظروفه والإستقلال التنظيمي والحرية الأكاديمية. وبعدما عددوا الأعمال التي أنجزت اعتبر أن «مشروع الجامعة الفرنكفونية الحية أصبح بمتناول اليد».
الدكتور بطرس غالي أكد في كلمته على أن الصراع من أجل الفرنكفونية هو صراع أولاً من أجل التنوع والتعددية. ودعا إلى عدم الخوف من العولمة، بل التعاطي معها كمجال للتضامن والتعاضد.
نائب رئيس الجمهورية الفيتنامية نغويان تي بن تحدثت عن توصيات المؤتمر السابع للفرنكفونية الذي عقد في هانوي والذي أكد على أن جوهر الفرنكفونية يقوم على فكرة «الإتحاد في التنوع» ودعت إلى جعل هذا المؤتمر يتحرك باتجاه محاربة مخاطر الإنعزال والتهميش اللذان يمكن أن تفرضهما العولمة على الدول الأعضاء. رئيس الجمهورية الياس الهراوي تحدث عن مكانة لبنان وموقعه المميز في المنظمة الفرنكفونية، وطالب من المؤتمر الذي سيعقد بعد هذا الإفتتاح أن يحمل رسالة الحوار والتفاعل والتآخي إلى العالم، ثم افتتح معرض الإبداع الفرنكفوني الذي أقيم في قصر الأونسكو.
وفي إطار الجمعية العامة الثانية عشرة لرابطات الجامعات الناطقة كلياً أو جزئياً باللغة الفرنسية والأوبلف ـ أوريف، عقد يوم 29 نيسان (ابريل) 1998م، 3 محرم 1419هـ مؤتمر دولي حول: «العولمة والفرنكفونية» افتتحه رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور ميشال جيرفيه وشخصيات سياسية وأكاديمية. تحدث ميشال جيرفيه في الإفتتاح عن دور الفرنكفونية في العولمة وقدرتها على التخفيف من حدة أحادية القرار العالمي الثقافي. أما الرئيس بري فقد دعا المؤتمر لوضع ضوابط للعالمية عبر الإعتراف بالهوية الشخصية والثقافية الخاصة، ومحاولة تطوير مشروع المتوسطية، لأنه يدعو لتحقيق مركز إقتصادي وسياسي قوي يجمع دول حوض المتوسط وعمقها العربي والمتوسطي والأوروبي والفرنكفوني.
ثم انطلقت الجلسات المتعددة خلال يومين من المؤتمر، بعد الإفتتاح قدم الأب سليم عبو رئيس جامعة القديس يوسف محاضرة حول: «إعادة النظر في إشكالية الخصوصيات» وقدم جورج روس من جامعة هارفرد دراسة حول: «الأمم والأممية والعالمية في نهاية القرن العشرين».
وفي الجلسة الأولى التي ترأسها كوما لفي فونولي رئيس قسم العلوم التربوية في الأونسكو، دار الحوار حول موضوع: «رهان وتحديات الكونية» وتحدث خلال الطاولة المستديرة كل من فرانسوا تريمو مدير عام مكتب العمل الدولي عن: «واقع وحدود العولمة الإقتصادية»، وكميل شالمرز الأستاذ في معهد العلوم الإنسانية في جامعة هايتي حول: «السلطة السياسية: تقويم أو تهميش». كما قدم مدير الأبحاث في المجلس الوطني للبحوث العلمية في فرنسا دومينيك والتون مداخلة بعنوان: «تنوع أم تجانس؟» ثم تحدث مهدي لحلو مدير الأبحاث في المعهد الوطني للعلوم الإقتصادية في المغرب عن: «أرض الغد: التوازن بين الشمال والجنوب والتوازنات البيئية» وقدم الأستاذ في جامعة لوفان الكاثوليكية ورئيس مجموعة ليشبونة ريكاردو بيترللا مداخلة بعنوان: «المواقع الجغرافية‏ـ السياسية في المناعة».
الجلسة الثانية ترأسها رئيس جامعة مونتريال رينه سيمار، ودار الحوار حول: «إحياء القيم وبناء التحالفات» وتحدث فيها مدير المكتب الإفريقي لمنبر العالم الثالث سمير أمين حول: «إمكانات الفرنكفونية» وبرنار كاسين الأستاذ في جامعة باريس ومدير عام «لوموند ديبلوماتيك» عن «تخطي عوامل الجمود»، ثم تحدث مدير المركز الثقافي «كالوست غولنبكيان» في البرتغال أنطونيو كويمبرا مارتنس عن: «اندماج الأمم في العولمة». وأخيراً‏تحدث الوزير اللبناني السابق مروان حمادة حول: «التعدد اللغوي والتنوع والقيم العالمية» ورئيس الأوريف ميشال جرفيه عن: «أحلام واستشراف للقرن الحادي والعشرين».
البيان الختامي الذي تلاه الرئيس الفخري لجامعة لياج (بلجيكا) أرثر بودسن في ختام أعمال الجمعية العامة الثاني عشر للفرنكفونية، يمكن تلخيصه بعبارة «على الفرنكفونية رفض صورة التقهقر التي تلحق بها»، وقد جاء في البيان طرح بعض البدائل لوقف هذا التقهقر مثل إنشاء الجامعة أو المؤسسة التي تهتم بالدراسات والبحوث المستديمة في إطار فرنكفوني خالص قادر على انتاج مفهوم للعولمة كعامل تطور وفاعل مع تحديد دور الفرنكفونية في الحد من سيطرة أي من القوى على النظام العالمي. كما دعا البيان إلى تعزيز الهوية «وطرح بقوة حلماً آخر مبنياً على قيمنا المتميزة»، وفي الجلسة الختامية التي ترأسها وزير الخارجية فارس بويز تحدث كل من نائب وزير خارجية جمهورية لاووس الإشتراكية سريتيرا سوبانة، عن الجمعية باعتبارها قوة الفرنكفونية، ولأنها أعطت انطلاقة جديدة لها وخلقت توافقاً كبيراً داخل الفرنكفونية في وجه العولمة وطالب المنتخبين الجدد بتعزيز الفرنكفونية في حلقة الجامعات لأنها الأكثر ضعفاً. كما تحدث وزير التعليم في مصر الدكتور مفيد شهاب الذي اعتبر هذه المؤسسة الوحيدة التي تحافظ على التعددية. وقال: «ننتظر الكثير من الفرنكفونية، من الإنفتاح الذي تقدمه لنا» وطالب من الأوبلف أن تقدم الدعم المادي للتعليم الفرنسي في مصر وأكد استعداد الجامعات المصرية لتعزيز علاقاتها بالجامعات الفرنكفونية. كما تحدث وزير العلاقات الخارجية والتعاون في جمهورية بوروندي لوكارو كنغاما الذي قال بأن بلده قدم للفرنكفونية الكثير في جميع الميادين، ثم تحدث الوزير اللبناني فارس بويز، وأخيراً أعلن جرفيه وغييو أسماء المنتخبين الجدد حيث فاز آرثر بدسون برئاسة مجلس الإدارة، وقد أعرب هذا الأخير عن سرور الأوبلف الذي اصبح لها 16 مكتباً مما سيسمح بتوسيع عملها خصوصاً في افريقيا..


المؤتمر الأول لاتحاد جامعات العالم الاسلامي

ـ انعقد بين 26 ـ 28 شوال 1418هـ 24ـ 26 شباط «فبراير» 1998م. بالرباط عاصمة المملكة المغربية، المؤتمر الأول لاتحاد جامعات العالم الاسلامي،‏وقد تأسس هذا الاتحاد داخل هيئات المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة في تشرين الثاني «نوفمبر» 1987م بالرباط. ليعمل على توثيق التعاون بين مؤسسات التعليم العالي في العالم الاسلامي. من خلال عدة برامج كتوءمة الجامعات الاعضاء، ومعادلة الشهادات الجامعية،‏وتبادل الاساتذة والطلبة، والتعاون في مجالات البحث العلمي، بالاضافة إلى المعاهد والمؤسسات التربوية والعلمية للمسلمين خارج البلاد الاسلامية. وقد نص نظامها على ان يتولى مهام الأمين العام للاتحاد المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الايسيسكو». وقد انضم لهذا الاتحاد 129 جامعة وطنية «حكومية وأهلية» هي العالم الاسلامي بالاضافة إلى 36 جامعة انضمت مؤخراً.
حضر اقتتاح المؤتمر محمد علال سيناصر مستشار الملك المغربي والدكتور ادريس خليل وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والمدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة الأمين العام لاتحاد جامعات العالم الاسلامي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، والدكتور عبد الواحد بلقزيز عميد جامعة محمد الخامس ورئيس المجلس التنفيذي للاتحاد. وياسر عبد ربه وزير الثقافة والاعلام في السلطة الفلسطينية. بالاضافة إلى ممثلي الجامعات الاعضاء في الاتحاد وعدد من أمناء وممثلي الاتحادات الدولية والاقليمية للجامعات، وأعضاء السلك الدبلوماسي الاسلامي المعتمدين بالمغرب ورجال التربية والثقافة والاعلام من المغرب ودول عربية واسلامية.
كلمات الافتتاح اهتمت بالدور الذي يلعبه الاتحاد، فقد أكد الدكتور ادريس خليل وزير التعليم العالي على ضرورة تكاثف جهود جامعات الدول الاسلامية لتحقيق ماتنشده شعوبها ولمواجهة التحديات الحضارية خلال القرن القادم، كما شدد على دور الجامعات في الاستفادة من أرث الماضي واستشراف المستقبل،‏ودعا إلى تعزيز دور الجامعات بما يخدم اهداف الاتحاد. المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة والأمين العام لاتحاد جامعات جامعات العالم الاسلامي تحدث في كلمته عن أهميته التعليم العالي في استشراف المستقبل واعداد قادته، معتبر الجامعة تتصدر قمةالهرم التعليمي لذلك فهي مسؤولة عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما أشار إلى اهداف الاتحاد لدعم الجامعات الوطنية التي من مهامها اعداد الانسان القوي القادر على خدمة أمته الاسلامية وتحقيق تطلعاتها في بلوغ النهايات النبيلة... أما الدكتور عبد الواحد بلقزير عميد جامعة محمد الخامس بالرباط ورئيس المجلس التنفيذي لاتحاد جامعات العالم الاسلامي فقد تحدث في كلمته عن أهمية انعقاد هذا المؤتمر والحاجة الملحة لمثل هذا الجهاز الذي تجتمع من خلاله المؤسسات الجامعية في العالم الاسلامي،‏كما أن هذا المؤتمر يشكل الانطلاقةالفعلية لعمل جهاز الاتحاد وبداية تنفيذه للخطط والبرامج التي رسمها لتنمية جامعات العالم الاسلامي وتطويرها. وقد تم خلال المؤتمر توزيع جوائز الايسيسكو لعام 1997م في مجالات التربية والعلوم والتكنولوجيا على الفائزين في هذه المسابقة.


مؤتمر: السياسات الثقافية من أجل التنمية

نظمت اليونسكو بين 30 آذار «مارس » و2 نيسان«ابريل».‏في استوكهولم عاصمة السويد مؤتمر قمة عالمي لوضع استراتيجية عالمية للثقافة كشرط أساسي من شروط التنمية،‏حضر المؤتمر وزراء الثقافة ومسؤولو المنظمات الثقافية غير الحكومية وعدد من المندوبين يمثلون 140 دولة، وقد بلغ عدد المشاركين 2500 مندوب من بينهم «50» وزيراً للثقافة،‏بالاضافة إلى مشاركة عدد من الكُتاب والمفكرين والفنانين بعض حاملي جائزة نوبل ومسؤولين في الأمم المتحدة. المواضيع التي عالجتها جلسات المؤتمر كانت متعددة ومتنوعة منها:‏الالتزام بالتعددية، السياسات الثقافية والبحث، الحقوق الثقافية، التعاون الدولي والسياسات الثقافية، التراث الثقافي للتنمية، الابداع الثقافي، تعبئة الموارد من أجل النشاطات الثقافية، وسائل الاعلام والسياسات الثقافية، الاطفال والشباب والثقافة، الثقافة والتقنيات الجديدة للاتصال.. المدير العام للأونسكو فيديريكو مايور كان متفائلاً في كلمة الافتتاح مؤكداً على أن المؤتمر سيفضي إلى نهضة ثقافية على الصعيد العالمي. مطالباً الحكومات بتوسيع هامش الحرية حتى يصبح قاعدة راسخة للمجتمعات المعاصرة.‏كما ناشد المسؤولين في العالم لتوسيع مشاركة المرأة في تخطيط وتقرير السياسات الثقافية وتنفيذها. وعدم اهمال احتياجات الاطفال وحقوقهم في التعليم. لأن ذلك كله يساهم بشكل فعال ومباشر في رفد حاجات التنمية. أما رئيس اللجنة العالمية للثقافة والتنمية خافيير بيريز ديكويار فقد طالب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتوفير منابر اعلامية تمول من الميزانيات الحكومية، وشدد على إعطاء الاقليات العرقية والثقافية واللغوية حاجاتها وحقوقها في التعبير عن خصوصياتها بحرية. الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة تحدث في كلمته عن الانسجام بين الثقافة والتنمية واحترام الذاتيات الثقافية والنظر إلى الاختلافات الثقافية بعين التسامح، والتفهم في إطار القيم الديمقراطية، لأن ذلك يعتبر شرطاً لابد منه لتحقيق السلام الدائم والتعايش البناء. طبعاً وكما كان متوقعاً ظهرت خلال المؤتمر اتجاهات مختلفة ومتعارضة خصوصاً مع الشعور المتزايد والخوف من العولمة الثقافية التي فهمها البعض وخصوصاً الدول الاسلامية على أنها تسويق لهيمنة النموذج الثقافي الامريكي على العالم. هذه المخاوف ليست وليدة اليوم بل ترجع للمؤتمر الدولي السابق الذي عقد في المكسيك سنة 1982م حيث رفضت حكومات كثيرة أغلبها من العالم الثلاث الاعتراف بالحاجة إلى ادخال الثقافة كبعد رئيسي في التنمية، ورفضت كذلك دمج هذا البعد الثقافي في عقود التنمية، لأن ذلك سيهدد الدول القومية ويفقدها السيطرة على التوجيه الاجتماعي والحضاري العام، وبالتالي السقوط في عولمة مخطط لها من طرف الغرب والولايات المتحدة الامريكية لكن هذا الرفض عرف بعض المرونة مع اهتمام اليونسكو بمعالجة هذه المخاوف،‏حيث تغيرت عدة عناوين في هذا الموضوع الشائك، لكن المخاوف مازالت كامنة رغم ذلك، بل أن البعض يقول بأن الخطط الجديدة والدعاوى باعطاء الاقليات المجال الواسع للتعبير عن خصوصياتها سيشكل خطراً كبيراً على الوحدة القومية وسيفجر مشاكل لا حصر لها، لذلك فقد اهتمت الوفود العربية والاسلامية بهذا المشكل خلال المؤتمر ونبهت إليه وقدمت بعض المقترحات لتلافي السقوط في هذه الازمات الجديدة التي يمكن أن تفجرها السياسات الثقافية التي تدعو لها المنظمات العالمية. البيان الختامي تضمن عدة مقترحات وتوصيات يمكن أن تكون بمثابة خطة عمل دولية في هذا الشأن. مثل ضرورة وضع الثقافة في مكانها المهم ضمن استراتيجيات التنمية، رفع حجم الانفاق الحكومي علىالثقافة والتنمية الثقافية في جميع الدول بما لا يقل عن 0.5% أو 1% من اجمالي الناتج القومي، دعم وتشجيع الصناعة الثقافية ووسائل المحافظة على التراث الثقافي والحضاري لكل الشعوب وتوصيات آخرى..

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة