شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
تتعدد وتختلف وتتفاوت بيئات الفكر الإسلامي في مستويات التطور والخبرة والتراكم، وفي نوعيات المسائل والقضايا والموضوعات التي تفرضها مقتضيات كل بيئة وحاجاتها وشرائطها، وفي طبيعة الاحتكاكات والتواصلات والإنفتاحات والإجتهادات التي تشترطها الجغرافيا ومحددات المكان. وهذا يعني أن الفكر الإسلامي من جهة الوصف العام والمطلق هو واحد في مرجعيته ومنظومته الفكرية والعقيدية والفلسفية العليا، إلا أنه متعدد ومختلف ومتفاوت في كل تلك الجهات المذكورة التي هي في الأغلب من محصلات الجغرافيا والتاريخ باعتبارهما العاملان الأكثر تأثيراً في فرض شروطهما وعناصرهما ومكوناتهما. ومن تلك الجهات المتعددة والمختلفة والمتفاوتة يتشكل ما نصطلح عليه بالخطاب الذي يعبر عن المسائل والقضايا والموضوعات والحاجات والمقتضيات والشرائط التي تفرضها البيئات في كل زمان ومكان. والفكر الإسلامي هو الجامع لتلك الخطابات، أو الوصف الذي يعبر عن ذلك الجامع باعتباره يمثل وحدة المرجعية العليا.
وبعبارة أخرى ان خطابات الفكر الإسلامي متعددة من جهة الموضوعات الخارجية، وواحدة من جهة الكليات المرجعية. ومن المفترض أن هذا الوضع، بالتنوع والتعدد والإختلاف الذي هو عليه، ان يثري وينمي ويفعل ويطور الفكر الإسلامي في بيئاته المختلفة بما يوفره ويتيحه من إمكانات وخبرات واجتهادات وتجريبات. وهذا ما لم يتحقق نتيجة القطيعة الفكرية بين هذه البيئات وانعدام إمكانات التواصل والإنفتاح، لأسباب بعضها موضوعية وبعضها ذاتية منها اختلاف اللغات وعدم وجود مراكز للترجمة والتواصل الفكري والثقافي، بالإضافة لبعض حساسيات الجغرافيا والتاريخ، ومنها عوارض الجمود والإنغلاق والضعف العام الذي يعاني منه بصورة رئيسية الفكر الإسلامي في المنطقة العربية. والذي يتوجه إليه هذا النقد، وهو موضوع هذه الإشكالية. وبتوصيف أكثر نجد أن الفكر الإسلامي في المنطقة العربية منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وهي الفترة التي يطلق عليها صفة المعاصر للفكر الإسلامي، قد غلب عليه الجمود، والإنكفاء على محيطه العربي، وأضيق من ذلك أيضاً. وتفككت روابطه وتقطعت تواصلاته مع بيئات الفكر الإسلامي الأخرى، وبالذات مع تلك البيئات التي تعتبر أكثر تقدماً وتطوراً ودينامية عليه، مثل ماليزيا وإيران وتركيا وبعض الجمهوريات الإسلامية المستقلة التي كانت تتبع سابقاً الإتحاد السوفييتي. هذه البيئات يجهلها الفكر الإسلامي في المنطقة العربية جهلاً ثقافياً وفكرياًوعلمياً بصورة شديدة، هذا الجهل الذي من غير المبرر أن يستمر لهذا الوقت، في ظل أعظم ثورة يشهدها العالم في تاريخه في مجال الإعلام والمعلومات والإتصالات. ومن المعروف أن هذه البيئات لها إسهامات فكرية متقدمة في الماضي والحاضر، ولها اجتهادات في غاية الأهمية وبالذات في المسائل والقضايا التي يقف منها الفكر الإسلامي في المنطقة العربية حائراًوقلقاً، وجامداً في بعض الحالات، مثل قضايا الديمقراطية والتعددية والعلاقة مع الغرب، وهكذا في مسائل الاقتصاد والسياسة والإجتماع والتكنولوجيا وتقنيات الإعلام والمعلومات وغيرها. فماليزيا مثلاً التي تعتبر أبرز دولة إسلامية من حيث التقدم العلمي والصناعي والإقتصادي، بالتأكيد لاينفصل تقدمها عن الواقع الفكري والثقافي الذي تعيشه، لأن الفكر شديد الإرتباط ببيئته وواقعه، والبيئة التي تتصف بالتقدم تفرض على الفكر أن يتعامل مع معايير ومؤشرات وقياسات على درجة من التقدم، وتدفعه لأن يرتقي بأدواته وتقنياته ومنهجياته ونظمه وخطابه لمستويات تلك المعايير والمؤشرات والقياسات، وهكذا في التعامل مع مسائل وموضوعات وقضايا، تطرحها البيئة، من خلال التقدم الذي هي عليه. فمن المهم عمل الفكر الإسلامي في المنطقة العربية أن يفتح جسور التواصل والإنفتاح مع تلك البيئات ليتعاطى معها فكرياًوثقافياً وعلمياً وتكنولوجياً كشرط حيوي في سعيه للتقدم، وفي الخروج من عزلته وانكماشه، وفي النهوض بخطابه ومنظومته، وفي اكتساب الفاعلية وتطوير القدرات الإجتهادية والمنهجية وليكن ذلك من تحولات الفكر الإسلامي مع القرن الحادي والعشرين، هذه دعوة بحاجة إلى مناقشة ومساءلة وتفاكر.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.