شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
لدي قناعة بذلك. لقد أظهرت النقاشات المثيرة حول الاتفاقية متعددة الأطراف للاستثمار AMI والتفاوض الذي جرى بخصوصها في حضن منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية (OCDE)، الحاجة إلى وجود المساطر. كما كان للأزمة التي شهدتها الأسواق الآسيوية، دور في تعزيز هذه القناعة، مؤكدة أن التدفق غير المراقب للاستثمارات، من شأنه إرباك الدول ذات النظم غير الشفافة والقديمة. غير أن السؤال المطروح هنا، يتعلق بماهية هذه المساطر: هل ستكون مساطر دولانية (Etatique) أم ما بين ـ دولانية (tatiqueéInter) أم فوق دولانية (Supra-étatique)؟ هل سوف تكون ثمرة لضابطة خاصة أم ثمرة لعملية ضبط ذاتي مع قواعد حسن السلوك؟
إن القانون الدولي ينبني حول هذه وتلك. غير أن من المتعين المضي إلى أبعد من ذلك، إذا ما تفادينا عقبتين: إن الحلم بقانون موحد، سيظل أمراً مثالياً، غير أنه لن يكون بالتأكيد سوى ضرب من اليوتوبيا. كما يتعين علينا تفادي كابوس القانون الإمبريالي الذي يبرز هيمنة ثقافة ما أو هيمنة أمة أو دين أو اقتصاد ما. بذلك، يتعين العمل من أجل قانون عام تعددي مبني على الاعتراف بتداخل الاقتصاد وحقوق الإنسان.
لا يجوز أن يتحقق الانفتاح على حساب حقوق الإنسان. فالعولمة تؤدي بصورة تناقضية إلى هذا النوع من التقارب. فهي تظهر الدمار الاجتماعي والإنساني الناتج عن ضرب من النمو غير مشروع. وفي أفضل الأحوال، فإن عمل اقتصاد السوق لا يضمن البقاء لمجموع الشعب. وكما يقول الاقتصادي جان بول فيتوسي، >إن القصور البنيوي لاقتصاد السوق هو نقطة العبور بالنسبة للنموذج الاجتماعي<. لقد نسي الغرب إلى حد ما، أن الحقوق المدنية والسياسية تستلزم حقوقاً اقتصادية. يذكرنا بذلك، قانون الاستثناء المصوت عليه في فرنسا، صيف 1998، حيث بدؤوا باستهداف مبدأ المساوات في الكرامة بين البشر كافة، وهو المبدأ المسجل على رأس الإعلان العالمي. يعكس النص المذكور تصوراً مسبقاً حول التوافق ما بين الاقتصاد وحقوق الإنسان. فقد ظلت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان، بالرغم من مقاومة العديد من الدول. ما يثبت تبني معاهدتين للأمم المتحدة في 1966 حول الحقوق المدنية والسياسية، وحول الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. غير أنه من المتعين أن يلعب هذا الترابط في اتجاهين: لا ينبغي أن تكون الحقوق المدنية والسياسية ضحية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
? لكم لقاءات منتظمة مع قضاة أجانب، لاسيما من الصين. ترى، هل لديهم القابلية لتقبل خطابكم هذا؟
أكثر مما نتصور نحن في الغرب. لقد ظهر لسلطات بيكين هي الأخرى، بأنه من غير الممكن أن نفتح الاقتصاد مع استمرار وجود ستار ثقيل حول الحقوق المدنية والسياسية. وعلى أية حال، فإن الجيل الجديد من القضاة لم يعودوا ينظرون إلى حقوق الإنسان وسيلةً للبروباغوندا الغربية ضد بيكين. لقد قال لي أحد الطلبة الصينيين في العام الماضي، بعد ثمانية أشهر من التدريب في أوروبا: >كنت أكره حقوق الإنسان، وكنت على قناعة بأن الأمر لا يعدوا أن يكون مجرد خطاب إيديولوجي موجه ضد الصين. وحينما رأيت عمل المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، أدركت حينها، بأن الأمر له علاقة بمبادئ قانون يدخل ضمن تفكير حقوقي ومبادئ مطبقة على كافة الدول الأوربية...<.
تلك هي المشكلة الأم؛ فأقل من نصف الـ(185) من مجموع الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، يتمتعون بانتخابات حرة، ويحترمون الحد الأدنى من الحقوق المدنية. إن الديموقراطية، بمعنى >الانتخاب الحر للحكومات من طرف الشعب، واحترام حقوق الإنسان من قبل الحكومات<، حسب تعريف روبير دارنتون وأوليفييه، يجب أن تنتظم. إن انتخاب الحكومات يحيل إلى وجود مؤسسات ديموقراطية، هي شبه غائبة على المستوى الدولي. واحترام حقوق الإنسان من قبل الحكومات، يؤدي إلى وجود >مجتمع ديموقراطي< يضيف إلى الديموقراطية التمثيلية، ضرورة وجود ديموقراطية مختلفة أو ديموقراطية وطنية. لابد من اكتساب الديموقراطية: إن الديموقراطية لا تورث، خاصة، على المستوى العالمي، يجب البحث عنها وامتلاكها بواسطة جهد دائم، هو أكثر نضالي ـ Militant- منه عسكري ـ Militaire-.
ليس ذلك هو المقصود. فالمؤسسات الدولانية هي أكثر من أي وقت مضى، مسؤولة عن حماية المصالح العامة والمشروعة. وإليها تسند مسؤولية احترام الحقوق الشخصية والجماعية في مواجهة امتداد شبكات المصالح الخاصة على الصعيد الوطني. إننا لا نتحدث هنا بصورة عامة عن شبكات المصالح الخاصة، وخاصة الشبكات العبر ـ وطنية، فحسب، بل الأمر يتعلق أيضاً بشبكات البحث >البيوكيماوي< التي تسم ذلك الحدث الذي سماه ميشيل فوكو بالـ >البيوسلطة< ـ Biopouvoir ـ.
وأخيراً برزت في الثمانينات عولمة وسائل الإعلام (الصحافة المكتوبة)، البرامج المتلفزة، أبناك المعلومات، القنوات العالمية للمايكرو معلوماتية الموصولة بشبكة الانترنت). إن الرهانات ليست اقتصادية فحسب، بل إنها أيضاً، رهانات اقتصادية وأخلاقية. فلا يمكن للدول أن تهمل ذلك. بمعنى أن القانون الوطني يظل ضرورياً حتى ولو كان غير كافٍ.
إننا نشهد عملية تجانس قسري مبنية على قانون الأقوى. بالأمس، كانت الهيمنة ثمرة لوجود القوى العظمى في إمبراطورياتها المستعمرة، بما في ذلك الاتحاد السوفياتي داخل أراضي الجمهوريات المراقبة من قبل السلطة المركزية. أما اليوم، فإن الولايات المتحدة هي الماسك الأول بهذا القانون الإمبريالي. وقد ظهر ذلك الآن، من خلال قوانين Amato ـ Kennedy و Helms-Burton في 1996، حيث بموجبهما تم حظر التجارة مع كوبا وليبيا وإيران، تحت طائلة العقوبات. في مثل هذه الحالة، ينجز القانون العالمي بواسطة تعدي القانون الوطني، قانوناً ذا قابلية للتطبيق خارج الحدود الوطنية، وهو ما نسميه L’extraterritorialité. لكن، لا وجود هاهنا للصدفة. فالمجموعة الأوروبية استنكرت داخل هذه القوانين إحدى الخروقات للقانون الدولي، وأرفقت هذا الشجب المبدئي بسلسلة من التدابير، هدفت إلى حماية الأشخاص والشركات التي من شأنها أن تتضرر من القوانين الأمريكية. يتعين الاستنتاج، بأن العولمة لا تجعل من الهيمنة حتمية لقوة واحدة على سائر المجتمع الدولي؟ على كل حال، هناك صيغة أخرى مطروحة للتفكير، أي إن الأمر يتعلق بتشكيلة متعددة الأقطاب تبرزه من خلال المجموعات الإقليمية، مثل (ASEAN) في آسيا و(ALENA) واتفاقية الـ(Andes) و(Mercosur) في أمريكا اللاتينية والاتحاد الأوربي. ذلك نظراً لأن بعضاً من هذه الكتل التجارية، بدأت تنتج بعض المعايير القضائية.
تعد أوربا مجالاً متميزاً للتقيد بالقوانين، ذلك لأنه لا وجود لدولة أوربية -في الوقت الراهن- في وضع هيمنة سياسية أو ثقافية أو اقتصادية. فبداخل المختبر نقوم بتدوين قانون مشترك، مؤسس على نظامين مختلفين، أحدهما القانون العرفي الإنجليزي، والآخر هو القانون المدون من أصل روماني جرماني، ولكنه يحمل جذوراً ثقافية مشتركة، خاصة القيم اليهو- مسيحية وكونية الأنوار(1).
إن أوربا التي كانت في القرن 19، المجال الذي شهد نشوء القوانين الوطنية، استطاعت أن تصبح مراقباً للعولمة. إن هذا القانون، قيد الإنشاء، الذي أنجز في أحضان الاتحاد الأوربي، والبرلمان الأوربي، يمكنه من خلال سعيه الحثيث، استباق القانون الدولي.
إنها خصائص متنوعة، حيث أنجزت في آن واحد، انطلاقاً من قانون ذي ميزة اقتصادية (القانون المشترك مع الـ 15 دولة الأعضاء في الاتحاد الأوربي ومحكمة العدل في ستراسبورغ)، وانطلاقاً من حقوق الإنسان (مع البرلمان الأوربي والـ 40 دولة الأعضاء في المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في ستراسبوغ). إنه لا وجود لتراتبية بين هاتين المجموعتين، إذ بإمكاننا أن نتصور في الأصل عدم وجود مجال مشترك.
في الحقيقة، إنها تحرز ذلك أكثر فأكثر. مثلاً، بالنسبة إلى الأخلاق الحيوية (La Bioéthique)، فإنه بالإمكان تناولها من منظور الانتقال الحر للبضائع في السوق الأوربية المشتركة، أو من وجهة نظر كرامة الشخص، كذلك زاوية الأجانب، من منظور حرية انتقال الأشخاص أو احترام الحقوق الأساسية للأشخاص..
بعض الشركات، يمكنها المساهمة في عملية تصدير القانون الوطني. يمكنها أن تفرض نموذجاً من العقود أو الحصول على تكييف شرعي للمسطرة القانونية. هناك دراسة تتحدث عن مثال إنشاء الماكدونالدز في فرنسا، الذي مر خلال 15 سنة، من 12 إلى 323 مطعماً (...) لقد رأت عالمة الاجتماع الأمريكية >سوزان سيلبيي< في هذا النمط من العمل صورة لما تسميه بـ: الاستعمار الـ >ما بعد حداثي<.
إن بعض الدول مثل الولايات المتحدة، قد لجأت إلى أشكال أكثر مناورة لتصدير القانون الوطني. إنهم يبعثون بقضاة إلى دول أخرى، خاصة الكتلة الشيوعية سابقاً، لتحرير قوانين جديدة مصممة على نماذج وطنية. على عكس ذلك، ثمة كثير من الدول تقوم بتكييف تشريعاتها كي تبدو أكثر جاذبية في نظر المستثمرين الأجانب. في هذه الحالة، تصبح المسطرة القانونية مجرد بضاعة لا أقل ولا أكثر. إن الخطورة هي في أن يؤدي ذلك إلى جعل القانون مجرد أداة براغماتية في خدمة السوق.
? في كتابكم: ثلاثة >تحديات من أجل قانون دولي< أكدتم أن هذه الممارسة تحدث في القانون المالي؟
ثمة سوق للقانون، لأن المسطرة القانونية تتلقى هي نفسها منافسة بين المواقع المالية. تتوقف حيوية هذه الأخيرة على مدى جاذبية انتظامها، فإذا كانت المسطرة القانونية غير مناسبة بالنسبة لصاحب المال المصدر أو المستثمر، فإنه سيحول عمليته إلى موقع آخر. يصبح القانون بذلك، أداة مالية. إن تكييف المساطر القضائية مع الطلب، من شأنه أن يؤدي إلى نتائج شاذة، إذ تؤدي إلى خوصصة المعيار. إن القبول بأن النظام القضائي قابل للتصدير قدر ما يكون ملائماً لرغبات المنتفعين الأقوياء، إنما هو اعتراف باستبدال المصالح الخاصة بالمصالح العامة. في الحقيقة، يصبح الاختلال الاقتصادي لا يعني >قليلاً من القوانين<، بل يعني الانتقال إلى قانون من نمط آخر، يسمى: التقويم. ففي فرنسا تضاعفت قوانين المرور خلال عشرين سنة. إنه نظام >الانتظام الذاتي<، دون تدخل خارجي، حيث يخول أحياناً منح نفسه المشروعية بسعر مناسب...
حتى الآن، لا تؤثر بالقدر الكافي. إن تنامي الأزمة الاقتصادية أظهر ذلك جلياً. ومع ذلك، فقد بدأت تنظم نفسها. لنتذكر في البداية، بأنه على الرغم من كل هذا التنبؤ بالفشل ورغم الإصرار على معارضة الدولة الأقوى، فإن الاتفاقية التي تمت في 17 يوليو 1998، في روما، حول إنشاء محكمة جنائية دولية ستمكن -لأول مرة في التاريخ- من إقامة محاكم جنائية دائمة من قضاة آتون من القارات الخمس والذين سيطبقون مجموعين المبادئ العالمية المحددة. بالنسبة للحقوق الاقتصادية، لنأخذ مثالاً على ذلك الـ OMC: هيئة لتنظيم مختلف التجارات، الـ ORD، كانت تلقت ثمانين شكاية خلال سنتين فقط. إن محكمة العدل الدولية في لاهاي، على سبيل المقارنة، أصدرت بضعة وثلاثين من القرارات وبضعة وعشرين إعلان استشارة خلال خمسين عاماً.
? إنكم تمنحون دوراً مركزياً لوسائل الإعلام، في احترام القانون العالمي، مراهنة على عولمة منسجمة ؟
إن دعم الرأي العام، هو الذي يشكل مفتاح عقدة القانون الدولي، كما يقول روسيه كاسان، بخصوص حقوق الإنسان. فدور وسائل الإعلام هنا ضروري لتحسيس المواطن الأوربي ـ بل والمواطن العالمي غداً، أيضاً ـ بقسط من المسؤولية في عولمة القانون.
?* القاضي والأكاديمي، خبير القانون الجنائي الاقتصادي والقانون المقارن والقانون الأوربي.
(1) ستظل هذه واحدة من أعقد مسائل الخلاف بين الغرب والشرق، وفي طليعته العالم الإسلامي. فإن يرتضي الغرب لنفسه الانتساب للثقافة اليهومسيحية والرومانية، هذا حق إذا ما تعلق باعتزاز ثقافي محلي، أما حينما نتحدث عن ذلك بوصفه مرجعية كونية دون التفات إلى ثقافات العالم الاخرى، فإن ذلك لا يقل قسوة عن التصريح الغبي لبرلوسكوني، حيث إيطاليا وعموم حضارة المتوسطي تدرك تماماً دور وإسهامات الحضارة العربية والإسلامية، لكن السؤال: إلى متى سيظل الغرب متجاهلاً الحضارة الإسلامية التي تعدّ -حتى لو سلمنا برأي هاملتون جيب- حضارة فقه.. إن الخطورة هنا، أن ما يسمى قانوناً عالمياً لا يستحضر الإرث الحضاري للشرق، وأيضاً تقاليده وأعرافه، فهو إذن تعميم لموروث غربي محض، وهذا ما ينتج لدى شعوب العالم خارج المنظومة اليهومسيحية إحساساً بالغبن. هذا مع أن الشرق هو المهد الطبيعي حتى للثقافتين، اليهودية والمسيحية.. ويكفي هذا رداً على برنار لويس الذي عَدّ الانتساب للدين الاسلامي سمة لروابط الهوية للكيانات السياسية العربية والإسلامية في الشرق الأوسط. هنا تصبح الحداثة، تعبيراً عن ثقافة غربية تفتخر بتركبها، لكنها تبدو ممانعة للاعتراف بعنصر أساسي في المركب الحداثي، أعني ما أفادته من الحضارة الاسلامية، وبالذات على مستوى القوانين، وهو ما يجعل الحكم أعلاه، تعبيراً عن رؤية غير تاريخية البتة. ما لم يلتفت إليه صاحب الكلام أعلاه، أنه بقدر ما يشير إلى معضلة تعدي القوانين المحلية على النطاق العالمي،تراه يؤكد على عالمية قوانين تتعدى بمرجعيتها الثقافية الخاصة، ما يجعل معضلة قيام قانون عالمي أمراً متعذراً، لأنها بمثابة عولمة الخاص. في عمق هذه المواقف التمركزية المزمنة تكمن إحدى معوقات القانون العالمي، ومعوقات الحداثة العالمية، حيث مرد محتكري الحداثة في المراكز أن يجعلوها حداثة ذات مرجعية خاصة وليست إمكاناً محضاً يجد مسوغاته مع الإمكان المحلي عند شعوب وحضارات مختلفة.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.