تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

العولمة: مراجعة نقدية.. في ضوء الخطاب العربي المعاصر والرؤية الإسلامية

سيف الدين عبدالفتاح

في إطار الاهتمام بموضوع العولمة بوصفه واحداً من الموضوعات التي فرضت نفسها على الساحتين: الإعلامية والعلمية، وفي سياق الخطاب الذي شاع حولها، خاصة في الفترة الأخيرة، وفي إطار ما يمثله المفهوم والموضوع من حالة نموذجية لأعراض برج بابل التي تشير إلى فوضى الفهم، وحدّية المواقف، فإن ذلك يمكن أن يمثل حالة دراسية نموذجية لدراسة هذا الموضوع، دراسة لا تجعل همها الأول أو اهتمامها الأساسي في التعبير عن موقف من قضية العولمة، ولكن تجعل ذلك ضمن زاوية الاهتمام، ولكنها مسبوقة بدراسة معمقة لوصف الحالة التي يمثلها خطاب العولمة(1)، ومن هنا يهتم هذا الشق من الدراسة بمجموعة من النقاط:

الأولى: الحالة البحثية والأكاديمية والعلمية للخطاب العربي المعاصر حول قضية العولمة، دون إهمال امتداد المعالجة لهذا الموضوع إلى التناول الإعلامي المتمثل في الصحف التي تتعرض لرؤى حول هذا الموضوع.

الثانية: إن وصف الحالة البحثية والإعلامية يترتب عليه عملية تصنيف للاتجاهات والمواقف المتعددة في معظم تشكيلاتها الفكرية والبحثية، دراسة الخطاب وتصنيفه مقدمة لتحليل بنى هذا الخطاب، معالمه السياسية، وجهاته واتجاهاته، مفرداته الأساسية، مفاهيمه المفتاحية، مناهج النظر والتعامل والتناول للقضية موضع التحليل والظواهر التابعة لها أو المشتقة منها، طبيعة الإسنادات المرجعية المستخدمة من قبل تلك التوجهات، وطبيعة الموضوعات المستدعاة بمناسبة هذا الموضوع، دراسة بنية الخطاب وبيئته، وغاياته ومقاصده من العمليات التي تستأهل توصيف خريطة كلية وتصنيفية لذلك الخطاب.

الثالثة: إن دراسة الخطاب ـ توصيفاً وتصنيفاً ـ غير مانع من دراسة الخريطة النقدية لهذه الاتجاهات للعولمة، ضمن مستويات دراستها المختلفة، والعولمة ضمن هذا المقام من الواجب دراستها بوصفها نموذجاً Paradigm وكذلك كونها مفهوماً، وبوصفها مذهبية أو إيديولوجية، وأخيراً بوصفها عملية.

ولاشك في أن الخطاب العربي حينما يتعرض لهذه القضية، فإنه يدخل ضمن تفاعلاته للبحث عن مكان وموقف وعلاقة الكيان الاجتماعي الحضاري العربي والإسلامي، وموضعه من قضية العولمة، إن هذه الرؤية النقدية وتصنيف اتجاهاتها ومقولاتها من الأهمية بمكان، ذلك أن المواقف بطبيعتها قد تولّد رؤية نقدية هنا أو هناك، وربما تولد رؤى أخرى تنقد النقد، إن استنباط مناهج النقد لقضايا تهمّ الخطاب العربي في هذا المقام، عملية بحثية مهمة من الضروري القيام بها وعليها.

الرابعة: أما النقطة الأخيرة التي يمكن الاهتمام بها فهي: هل يمكن أن تسهم رؤية إسلامية في هذا النقاش الدائر حول الموضوع؟ هل يمكن أن تقدم عناصر رؤية نقدية ومراجعة لقضية العولمة؟ هل ما تحمله هذه الرؤية من تصور حول مفهوم العالمية وما تؤسسه من رؤية للعالم، يمكن أن تحمل ليس فقط مجرد عناصر مراجعة نقدية، بل يمكن أن تطور رؤية بنائية لهذا المفهوم ؟، بحيث تؤسس عناصر الاشتراك والافتراق بينهما؛ كما يحرك حساب معادلات النفع والضر، والمنافع والخسائر، والإمكانات والفرص، والعقبات والموانع، في إطار يستثمر الجانب المتعلق بواقع العولمة؟ هذه الموضوعات التي تشكل منظومة لدراسة قضية العولمة في الخطاب العربي والإسلامي غير منقطعة الصلة بالشق الأول من هذه الدراسة المتعلق بخريطة الاتجاهات الغربية في توجهها حيال العولمة.

ذلك أن هذه الدراسة في شقها الثاني >العولمة في الخطاب العربي< لابد أن تحمل ما استطاعت عناصر مقارنة منهجية، ضمن التأثيرات التي يتركها الخطاب الغربي على الخطاب العربي حول هذه القضية، والبحث في الكيفيات التي ينتقل بها مفهوم معين مثل العولمة إلى الخطاب العربي، ذلك أن البحث في المشترك والمختلف، والبحث في الأشباه والنظائر من ناحية، والفروق من ناحية أخرى عناصر مهمة في دراسة عالم الأفكار، وتأثير كل ذلك على الطرائق السجالية العربية حول قضايا تقليدية وجديدة ومتجددة.

ومن ثم تهدف هذه المقاربة ليس فقط إلى الوقوف عند حد تسجيل المواقف أو تبني توجه بعينه، أو الدخول ضمن توجهات النقاش المحتدم حول العولمة، في كل المجالات الاقتصادية والاتصالية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ولكن تهدف هذه المقاربة، إلى التوصيف والتصنيف والتوظيف.

التوصيف للحالة البحثية والخطاب العربي عامة، وما يعبر عن سمات متنوعة، هذا الوصف يهيئ مادة بحثية للنظر إليها بالنظر النقدي للاتجاهات المختلفة في الخطاب العربي حول العولمة.

والتصنيف للتوجهات المختلفة حول الحديث عن علم كلام العولمة وبيئته الثقافية والفكرية والعلمية، عملية التصنيف توضح قسمات خريطة الخطاب.

أما التوظيف فهو عملية تفاعلية بين جانبي التوصيف والتصنيف، بحيث تعبر عن إمكانات استثمار هذين الجانبين، في تقديم أسس أولية لرؤية نقدية ومراجعة علمية للعولمة في امتداداتها ومستوياتها ومجالاتها المختلفة، وما يمكن أن تسهم به رؤية إسلامية في هذا المقام.

عمليات متكاملة ومتكافلة، تتساند ضمن منظومة تؤكد ضرورات الدراسة المنهاجية المتكاملة، وما تشكله من إمكانات تتيحها هذه الدراسات لبناء موقف منهجي رصين، وليس مجرد اتخاذ مواقف أو تبني توجهات ببادئ الرأي من دون تأصيل أو إسناد.

هذا الاقتراب يُوجد قدراً من المعلومات، وتحرّكها نحو فئات تصنيف يتيح جملة من المزايا في البحث والتحليل، وذلك في سياق تحاشي معظم عناصر القصور والتقصير، من مثل التركيز على الراهن لا عملية تكوّنه، والتركيز على الجزئي وتعميمه، لا على التعرّف على حقائق كليته وامتداداته وشموله، والتركيز على الفروع دون تنسيبها أو إسنادها لأصولها، والتركيز على السطح الظاهر دون النفاذ لأعماق الظاهرة ومكوناتها الفاعلة فيها وربما المشكِّلة لها، وما يعني ذلك من التركيز على الأعراض لا العوامل الأساسية، والتركيز على الهامشي لا الأساسي والمفصلي.

كذلك فإن هذا الاقتراب يشكل متطلبات سابقة في دراسة عالم المفاهيم، المفاهيم ليست عالماً مصمتاً تتم دراسته في الدوائر العلمية والأكاديمية، المفاهيم أصبحت تبنى على الأرض، وصارت في سياق علم إعلامها وسياستها واجتماعها، تقترن بعمليات القوة وفق مضامينها المتسعة، إن دراسة المفهوم ضمن وسطه وبيئته، وقدراته وإمكاناته، وعملياته المرتبطة بعملية وضعه وبنائه، وعلاقاته التي تترتب على التعامل معه وبه، كلها قضايا مهمة لا يمكن دراستها بعمق، دون التعرف على ذاكرتها التاريخية من جانب، وخرائط الخطاب الدائر حولها من جانب آخر، عملقة المفاهيم صارت من القضايا التي تستأهل البحث والاهتمام، والعناصر الإعلامية التي تحيط بالمفهوم من انفعال أو افتعال أو إغفال لا تزال تحتاج إلى رصد ووصف.

كما أن هذا الاقتراب بما يتضمنه من ضرورات التعامل مع الرؤى النقدية والاهتمام بعناصرها، إنما يتكامل مع دراسة واقع عالم المفاهيم، ويتجاوز ذلك إلى الإمكانات النقدية الداعية لعمليات إعادة بناء المفهوم ليس فقط بوصفه عملية بحثية أو أكاديمية، بل بما يشير إلى عناصر مهمة في عملية التمكين لعالم المفاهيم المراد البحث والتأصيل له في عالم الواقع وعالم الأحداث.

كما أن هذه المقاربة لا تغفل، بل تراكم -مثلما أشير إلى ذلك آنفاً- على بحث العلاقات الدولية في الإسلام، ومن هنا جعلت من عالمية الإسلام بوصفه فكرة مهمة، مدخلاً من مداخل هذه الدراسة، وما تتيحه من إمكانات مراجعة نقدية وقدرات متاحة في بناء المفهوم أو إعادة بنائه.

إن الخروج من سياق التبشير بمفهوم العولمة أو التهوين من آثاره والمترتبات عليه لا يتم إلا من خلال مثل هذه الدراسات العلمية والمنهجية.

وضمن هذا السياق البحثي فإن التعامل مع العولمة بوصفها نموذجاً معرفياً سواء كان ذلك واقعاً أو محتملاً، إنما يضيف إلى إمكاناتنا في فهم أعمق لقضية العولمة، هذا النموذج يتضمن رؤية للعالم والوجود والواقع بكل تشابكاته وامتداداته، وكذلك فإنه يشتمل على بناء نظري، وكذا بناء مفاهيمي، وبناء تفسيري، فضلاً عما يشير إليه كل ذلك من معضلات وقضايا أجدر بالتناول وما يولده ذلك من أجندة بحثية.

هذه العناصر جميعاً تتيح ليس فقط إمكانات دراسة قضية العولمة، بل يتعدى الأمر كذلك إلى إمكانات المقارنة والنقد ضمن أنساق معرفية مختلفة ومتمايزة، ورؤى حضارية متنوعة ومتعددة، فهل يمكن ضمن هذا التصور المقارنة بين رؤيتين للعالمية: العولمة المستندة إلى النموذج المعرفي الغربي، والعالمية المستندة إلى النموذج المعرفي الإسلامي؟ هل هذا جائز؟، وإن جاز فما هي المتطلبات المنهجية لإجراء مثل هذه المقارنات ضمن هذه المستويات المتعددة؟.

كما أن هذه المقاربة لا تهمل النظر إلى العولمة بوصفها عملية Process ومن ثم تقترب من واقع العولمة وإمكانات التعامل معه بحثياً وواقعياً على حد سواء.

خلاصة القول أن قضية العولمة وفق هذا المسار والمساق، حالة بحثية نموذجية للتعامل مع قضايا كثيرة، نظن أن علم السياسة في منتوجاته العربية لم يقف عندها طويلاً، وربما حان الوقت ضمن حالة مفاهيمية اختلط فيها الأكاديمي بالإعلامي، والعلمي بالتبشيري، أن نحاول القيام بمثل هذه الدراسات المؤسسة على رصد ووصف وتوظيف من جانب، بوصفها مقدمات للنقد والتقويم، وإعادة البناء من جانب آخر.

* الجماعة العلمية في عالم المسلمين وظاهرة العولمة

ومن المفترض أن تمثل الجماعة العلمية الأكاديمية جانب الريادة في خوض غمار هذه القضايا الصاعدة وجوداً وتأثيراً بطرائق مأمونة ومتميزة، فضلاً عن اتسامها بالعلمية والمنهجية.

ولكن خوض هذه الجماعة العلمية يجب ألَّا يكون كخوض اللاعبين والهواة، وإنما تعبيراً عن رؤى بصيرة علمية، عينٌ منها على المفهوم -الظاهرة الصاعدة-، وأخرى على الحقل المعرفي الذي يشكل مجال التخصص ومجهر الاهتمام. ومن ثم كان من الضروري الاهتمام برؤية هذه المجالات المعرفية في سياقات العولمة وهي لا تلهث خلف عولمة الاهتمام، وإنما تتبصر وتهتم بفهم العولمة(2).

ومن ثم وجب الاهتمام بالمفهوم الذي يتعلق بالعولمة تشريحاً وترشيحاً، تشريحاً لمكوناته، وترشيحاً لما اختلط به، ذلك أن حسن إدراك الشيء فرع عن تصوره، ومن هنا كان من المهم لتلك الجماعة أن تكيف العولمة وطرائق النظر إليها:

هل العولمة نموذج معرفي صاعد >Paradigm<؟.

هل العولمة ظاهرة ؟ هل العولمة مفهوم جديد؟.

هل العولمة جديدة أم قديمة (بوصفها ظاهرة) ؟.

هل العولمة عملية Process؟.

هل العولمة قبل هذا تشكل نظاماً للقيم ؟.

وهل العولمة تشكل بعد كل شيء رؤية للعالم؟.

أسئلة من هذه النوعية كان من الواجب على الجامعة العلمية في حقل العلوم السياسية أن تقوم بالتساؤل عنها، وكان من المهم أن تقدم إجابات تتنوع وتتعدد إلا أنها في النهاية تكون صورة وخريطة إدراكية وفكرية متكاملة لو أحسن الجمع بينها، والخروج من دائرة تنوع الاختلاف إلى دائرة جوهر الائتلاف فيما بين هذه الرؤى المتنوعة.

وكان من الضروري التساؤل كيف كان تأثير العولمة على هذه الحقول المتنوعة في إطار البحث على عدة مستويات:

1ـ العولمة وعالم المفاهيم المرتبط بها والمستدعى معها لزوماً وضرورة، منطقاً وعلماً.

2ـ العولمة وأطر التحليل بما تعنيه من البحث في التأثيرات التي تتركها على مستويات التحليل، وفئات التحليل، ووحدات التحليل، وأدوات التحليل، وغير ذلك مما يتعلق بالإطار التحليلي تنظيراً وتطبيقاً.

3ـ العولمة وسياقات التفسير، هل العولمة تركت تأثيرات على مسارات التفسير القائمة للظواهر المختلفة بحقل العلوم السياسية؟ وهل وصل الأمر بالعولمة لأن تشكل مساراً متميزاً ضمن هذه المسارات؟ وهي في هذا المقام قد درست كثيراً من العلاقات النظرية والتطبيقية، التي تترك بدورها آثاراً تفسيرية على جملة الظواهر السياسية المتنوعة؟، من مثل:

* العلاقة بين الداخل والخارج.

* العلاقة بين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ونسب أوزان التأثير المتعلقة بكل منها.

* العلاقة بين السياسي والثقافي.

* العلاقة بين الظاهرة الدينية والظاهرة السياسية.

* العلاقة بين التفاعلات الرسمية الحكومية، وغير الرسمية وغير الحكومية.

* العلاقات بين التنظيمات والمؤسسات المختلفة على كافة المستويات الداخلية الإقليمية -عبر القومية-، الدولية والعالمية.

* العلاقة بين التطورات التقنية والمعلوماتية وكثير من الظواهر، من حيث حجمها، وتسارعها، ومكونات وشبكة العناصر المتداخلة فيها.

إن منهج النظر إلى هذه العلاقات وأشكالها ومساراتها، لابد أن يترك آثاراً من الناحية التحليلية والتفسيرية، من الواجب أخذها في الحسبان، لأن إهمالها لا يعني إلا نقصاً في التحليل وقصوراً في عملية التفسير، وفي النهاية خللاً في عمليات التنظير، لا يورث في النهاية إلا أزمات مستحكمة تؤثر على مجمل الحقول والمجالات المعرفية المختلفة.

* العولمة والأجندة البحثية والإشكاليات الأجدر بالتناول

فالأمر اليقيني أن العولمة (الظاهرة ـ المفهوم ـ العملية) قد تركت تأثيرات لا تنكرها عين، ولا تخفى على أي صاحب لب، ولا يخطئها أي باحث أو دارس على برنامج أجندة القضايا والإشكاليات الأجدر بالتناول، والتي احتلت مرتبة متقدمة من جراء تلك التأثيرات.

إلا أن الجماعة العلمية في هذا المقام ليس شأنها شأن كل من كتب في هذا الموضوع ـ أو هذا ما وجب أن يكون ـ ولكنها تهتم بفحص تلك الأجندة وترتيباتها، وتتعرف على خريطتها من دون أن تنزلق إلى عولمة الأجندة، فإن فحص أجندة العولمة، غير عولمة الأجندة بالقطع، والجماعة البحثية والعلمية إذ يجب عليها ألَّا تخطئ الواقع أو تقفز عليه، فإن عليها كذلك أن تفحص عناصر هذا الواقع وما يحمله من قضايا، إذ إنها هي القادرة، بحكم التخصص وامتلاكها القدرات البحثية والمنهجية في دراسة الظواهر السياسية الصاعدة والمتجددة والملازمة والمنتجة والناتجة من العولمة وعنها، أن تكون عناصر أجندة بحثية نابعة لا تابعة، نابعة من احتياجات مجتمعاتها وما تفرزه من سياسات ومواقف وعلاقات.

وهي بذلك ـ أي الجماعة العلمية ـ قادرة على البحث في أجندة العولمة وتقصي عناصرها وفحص موجهاتها، لا الخضوع إلى عولمة الأجندة وسطوة موضوعاتها.

إن قضية وضع الأجندة البحثية والعلمية وترتيب القضايا، وتأسيس مشروعات علمية وبحثية، هي من القضايا الاستراتيجية في تأصيل كيان أي حقل معرفي ومجالاته المتنوعة، وإذا كان ذلك واجباً في حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية، فهو أوجب في حقل العلوم السياسية لظاهرة أو مفهوم ينتمي بالأساس لهذا الحقل ومجالاته المختلفة.

ومن هنا فإن الجماعة العلمية لا ينبغي لها أن تتحرك حيال هذه المفاهيم أو التوجهات أو الظواهر الصاعدة ببادئ الرأي، ولا أن تتعامل معها بالتلقي، بل لها وعليها أن تمارس أقصى درجات أساليب النقد، ضمن عقلية كاشفة وفارقة وناقدة، فهذا من شأن الجماعات العلمية وتمايزها وإسهامها في حقولها المعرفية.

إن هذه الجماعة العلمية اعتقاداً منها بأن الأسئلة الصحيحة هي نصف الإجابة، فقد اهتمت اهتماماً كبيراً بتصويب الأسئلة، أو إعادة صياغتها حول موضوع العلاقة وحول كثير من تأثيراته، وهو شأن مهم أدى إلى التأكيد على:

1ـ قدم الظاهرة وتاريخيتها.

2ـ جدة الظاهرة وتميزاتها.

3ـ العولمة: عملية، ظاهرة، مفهوم، رؤية.

4ـ العولمة بوصفها عملية والعولمة بوصفها إيديولوجية.

كانت هذه بعض عناصر تفكير ساهمت في إعادة صياغة الأسئلة حول العولمة ومنهج النظر إليها وإدراك مفاصلها.

أما في مجال التأثيرات فكان التأكيد على:

1ـ أن معظم التأثيرات التي نتعرض لها ليست وليدة بروز مفهوم العولمة ولكنها ربما سبقته، إن العولمة قد تكون أحدثت تأثيرات جديدة، لكنها كذلك تركت أثراً على جملة تأثيرات أقدم نسبياً، وحرّكتها بشكل سريع وكثيف، فاختلف النظر لكثير من الظواهر كمًّا ونوعاً وكثافة وسرعة وتعقيداً.

2ـ أن تأثيرات العولمة يجب ألَّا ترى في مجالات السياسات والعلاقات، بل من الواجب رؤية هذه التأثيرات على المجالات المعرفية والتخصصية، إنه يجب النظر إلى العولمة بصورةٍ توازِن بين مجالات الفرص فيها، ومكامن الخطر منها، العولمة فرص ومخاطر.

هذه أيضاً بعض عناصر تفكير شكّلت موجهات لعملية التأثير والبحث فيها وعنها على مستويات مختلفة، في محاولة لصياغة التساؤلات الصحيحة التي يجب البدء بها.

كما من الضروري على الجماعة العلمية الاهتمام بقضية المفاهيم، إذ تُعَدُّ المفاهيم وحدات التعامل الأساسية داخل حقل العلوم السياسية خاصة والعلوم الإنسانية والاجتماعية عامة.

ومن هنا كان مدخل كل إسهام ضمن هذا الموسم الثقافي هو التعرض لمفهوم العولمة، والبحث في عملية تشريحه وترشيحه، وهي من الأمور المنهجية التي اقترنت بهذه الجماعة العلمية واقترنت هذه الجماعة بها.

إن تحديد المفاهيم وعملية بنائها، ورؤية المفهوم ضمن سياقاته الداخلية والخارجية، من الأمور التي فرضت نفسها على اهتمام هذه الجماعة، إلا أن الجانب الآخر الذي لم يُولَ الاهتمام الكافي كان المتعلق بـ:

1ـ رؤية صناعة المفاهيم في إطار ارتباطها بالظواهر السياسية المختلفة، وكيف أن المفاهيم في بنائها صارت تُبنى على الأرض ضمن علاقات قوة ظاهرة وكامنة، صاعدة ومؤثرة، وأن رؤية شبكة علاقات القوة في سياق دراسة المفاهيم السياسية صارت من الأهمية بمكان في هذا المقام.

2ـ أن القول بأن المفاهيم تصنع على الأرض يسوقنا بالضرورة لا إلى البحث فقط في مفاهيم العولمة، ولكن إلى عولمة المفاهيم، وكيف كانت عولمة المفاهيم تشكّل خطورة سابقة، وربما واحدة من عمليات العولمة، حرثت الأرض لها ومهدت الطريق كأفضل ما يكون لمسيرتها.

ومن هنا فمن الضروري:

أ- النقاش حول المفهوم، ومكامن الغموض والإبهام فيه، ومداخل الافتعال في معالجته وقدرات التمييز بينه وبين غيره أو ما يختلط به من مفاهيم.

ب- الحوار حول العام والخاص من تأثيرات على حقول العلوم الإنسانية والاجتماعية.

ج- النقاش المستفيض حول العمليات المصاحبة للعولمة في مجال الظواهر المختلفة.

د- النقاش والجدل الدائر حول العلاقة بين الداخل والخارج، وأوزان كل منهما، وقدر التداخل والتشابك بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبروز الاهتمام بالتحليل الثقافي والمنظور الحضاري في هذا المقام.

هـ- أهمية إبراز وبلورة رؤية إسلامية للعولمة، وإبراز العالمية في قبالتها والحديث عن الشروط القيمية المرتبطة بكل منهما.

ز- أهمية التنويه إلى الموانع التي لا تنسجم بالضرورة وظاهرة العولمة، وضرورة التعرف عليها في ضوء بروز (الإقليمية) والهويات الإثنية والثقافية والتعددية على المستوى العالمي والنسبية الثقافية، بما يطرح قضية الخصوصية في مواجهة العولمة.

ح- ضرورة البحث في تأثير العولمة بوصفها ظاهرة في دراسة الظواهر السياسية المتعلقة بالمنطقة العربية وعلاقاتها المستقبلية، في إطار عنوان يجب ألَّا يغيب في المتابعة البحثية وهو الذي يتعلق بالعرب والعولمة.

ويبدو من فحوى وروح النقاش، أن توجهاً أكيداً واجب الاضطلاع به يرتبط بوجه عام بالاهتمام بالدراسات المستقبلية المتعلقة بتأثيرات العولمة على الدوائر المختلفة، وبالأشكال المتنوعة وعلى كافة المستويات على تعددها، دون أن تستبعد معنى المخاطر في العولمة، ولا تهمل معنى الفرص فيها، في إطار دراسات أكاديمية وعلمية ومنهجية تحقق المزيد من فهم الظاهرة تأثيراً واستقبالاً.

* أنساق القيم ورؤية العالم حول التفاعل بين

رؤية واقع القيمة والأخطاء في عمليات التنظير

القيم الجديدة وتسويغ الدعوة للعالمية، واقع القيمة وأخطاء التنظير

في إطار السيولة لفكرة النسبية التي تنطلق من قاعدة إطلاقية النسبية، يبدو وصف القيم بأوصاف تعضد نسبيتها، وإمكانية أن ينفي بعضها بعضاً، ويحل محلها أنساق قيمية أخرى، يمكن الحديث عن القيم التقليدية والقيم الحديثة أو الجديدة. وصف القيم بالتقليدية أو القدم هو مدخل لوصفها بالسلبية أو بتعويقها عناصر التقدم والحياة الإنسانية المتمدينة، وفي المقابل فإن وصف القيم بالجديدة أو الحديثة يعني وصفها بالقيم الإيجابية المساعدة على الحضارة والمدنية.

وكما أشرنا فإن القيم هي إحدى المفاهيم الحضارية الكبرى، أو مفاهيم المظلة التي تشتق منها مفاهيم فرعية، تعمل ضمن نسق من شبكة القيم، وشبكة المفاهيم، وشبكة المعتقدات.

ونظن أن القيم الجديدة وفق هذا السياق هي قيم تفضيلية مرغوب فيها، في حين أن القديمة أو التقليدية هي قيم متدنية القيمة مرغوب عنها، القيم الجديدة سارت ضمن مسارات تروِّج وتسوِّغ لمفهوم العالمية الذي صار في حد ذاته مذهبية Globalism، مما أدى إلى نفي جملة من القيم وتهميشها في حقل التعامل الدولي، وبروز قيم أخرى تتوافق مع تأسيس الدعوة إلى العالمية من خلال المركزية الغربية، وبدأ هذا المفهوم يفرض أولوياته العملية وأجندته البحثية، بحيث أعلى من قيم مثل السلام والتسامح ضمن عملية تقوم على مركزية القيم الغربية ومحاولة تعميمها على أنحاء المعمورة، وبدأ هؤلاء يتناسون أن السلام والتسامح ليست قيماً تأسيسية أو كلية، بل هي من القيم المشتقة من أصول قيمية كلية من العدل والمساواة والاختيار، وهو أمر أبرز قدراً من التهميش للقيم الجوهرية والأصلية، لمصلحة قيم فرعية اشتقاقية، لا تفهم إلا مع أصولها، ولا تطبق إلا بوصفها تابعة لها، وذلك سياق ثنائية القيم التقليدية والقيم الجديدة(3).

القيم وتصادمها، قيم الحضارة الغالبة وعناصر التهميش القيمي: نظامان للقيم، المصادمة والمغالبة، صراع الحضارات والمكون الثقافي والأطر القيمية

من المهم أن نشير إلى أحد الأشكال الجديدة في التعامل البحثي والعلمي، فضلاً عن التعامل الثقافي، بحيث تطلق جملة من المقولات الاختبارية، التي تقوم في هذا الوقت بما كانت تقوم به التنظيرات المختلفة، هذه المقولات تستدعي من ردود الأفعال ما يؤدي إلى توضح موقف هنا وموقف هناك، إيذاناً بفتح أسواق الجدل والمساجلات.

من هذه المقولات والتي ارتبطت بالمذهبية الجديدة Globalism، نهاية التاريخ وصراع الحضارات، لتعبر بذلك عن الحضارة الغالبة، ونسق من القيم يقوم في سياق المغالبة والمصادمة، وتعبر هذه المقولات عن مكونات ثقافية وأطر قيمية ظاهرة كامنة، ورغم ما بدا في بعض هذه المقولات من مسار للتحليل الثقافي والحضاري، إلا أنها تقوم على تزكية النسق القيمي الغربي وتعميمه وكوننته وعولمته، وفي المقابل تبحث في تهميش الأنساق القيمية الأخرى أو افتراض عناصر مواجهة شبه محتومة بين الحضارات وأنساقها القيمية، وبدت العملية هنا ضمن رؤيتين تتوازيان:

الأولى تقوم على أساس من عملقة أنساق القيم الغربية الكونية، والتأكيد على انتصارها المؤزر بما لا يدع أي مساحة للتفكير في سياق تعديلها أو نقدها أو الإحلال محلها، إن هذا النسق يشهد وبفعل تلك المقولات أقصى فاعلياته (انتهاء التاريخ) وأقصى قدراته (صدام الحضارات المخالفة)، ومن ثم تبدو هذه الرؤية ضمن عملقة هذا النسق وتزكية سياقاته الفلسفية والفكرية والقيمية والسياسية والثقافية.

الثانية تقوم على أساس تهميش وتحجيم -إن لزم الأمر- للأنساق القيمية المختلفة أو المخالفة كما يتصورها النسق الغربي، وذلك ضمن لغة تتراوح ما بين التهوين من قيمة تلك الأنساق القيمية وإمكاناتها وإسهاماتها الحقيقية على أرض الواقع، وفاعليتها، أو التشويه لهذه الأنساق، فإن أثبتت فاعليتها، فهي فاعلية مَرَضيّة أو متمردة، وضمن هذا السياق بدت أهم الأفكار والآليات ضمن صناعة العدو بما يمثله ذلك من سياقات فكرية وقيمية وحضارية(4).

القيم وهندسة القبول (قبول ما لا يقبل)، واقع القيمة وأخطاء التنظير

ربما في سياق ما أشرنا إليه آنفاً من محاولات تنميط النظام القيمي على المستوى العالمي، في ضوء الدعوة والدعاية لنسق القيم والمعتقدات الموصوف بالعالمي، الذي لا يعد في حقيقة الأمر إلا نسقاً غربياً، ترى هذه الحضارة بفعل القوة التي اتخذت أشكالاً متنوعة من أهمها الترويج وعناصر الاتصال الجديدة، والقرية العالمية، والثورة المعلوماتية(5)، ارتبط كل ذلك فيما سمّاه نعوم تشومسكي هندسة القبول(6)، والتي تحاول استخدام الآليات المتعددة ضمن عمليات ممتدة ومتراكمة ومتنوعة الأساليب في قبول ما لا يقبل، وتعميم ما يقبل بغض النظر عن الآليات المستخدمة والوسائل التي ترتكز عليها، وبقطع النظر عن مدى قيمتها أو تعبيرها عن القيم والتزامها بها، إنها تتحرك ضمن دائرة: الغاية تبرر الواسطة، وتخرج عن دائرة: حسن الوسائل من حسن المقاصد.

فليس كل قبول يعبر عن حالة من الرضا المتكامل والاقتناع، وإنما قد يعبر عن قبول يغلف ضمن عناصر إذعان أو سيطرة أو ترهيب أو تعميم وتنميط، وهو بعبارة أدق إكراه في ثوب القبول.

في هذا السياق علينا أن نفحص ضمن مقولات المدخل القيمي في إطار الرؤية الإسلامية بوصفه إطاراً مرجعياً، هذا النمط من القيم السائدة وإمكانات نقدها وعناصر تخلفها وتكونها وتعمقها وسيادتها وهيمنتها.

مفهوم القيم والمركزية الحضارية الأوروبية (القيم ونطاقها الحضاري)(7)،

واقع القيم وأخطاء التنظير

هل يمكن أن تكون القيم فكرة عنصرية ترتبط بنطاق، في حين أنها خارجه تنقلب في أصول التعامل لتتحكم بها قواعد وقوانين أخرى، إنها نظرة للآخر تتفاعل فيها عناصر رؤية لا ترى الآخرين أهلاً لتلك القيم أو تطبيقاتها، إن مراعاة القيم يتم في نطاق حضاري أما خارجه فلا تعمل القيم، أو بالأحرى تهمل أو يعاد تفسيرها، بل ربما تطبق عناصر رؤية مختلفة تتأسس في معظمها على السيطرة والهيمنة ولكن لها تعلق بمدخل القيم، علينا هنا أن نتصور جملة من النماذج:

1ـ شعب الله المختار والتعامل بالقيم داخل منظومة واختفاء كل عناصر القيمة أو الضبط من خلالها مع تعديها ذلك النطاق {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}.

2ـ الحركة الاستعمارية التي مهدت لها ما سميت بحركة الكشوف الجغرافية، التي لم تكن تعني إلا حركة هيمنة وسيطرة واستغلال الثروات، هذه الموجات اتخذت من عبء الرجل الأبيض وقيمه التي يحملها (قيم المدنية)، شعارات تشير إلى حبس القيم في نطاق حضاري لا تتعداه، أما النطاقات الأخرى فهي إما مجالات حيوية، أو أراضٍ لا صاحب لها، أو موضوع للمقايضات والمساومات بين القوى المتنافسة في الحقل الاستعماري.

3ـ المركزية الغربية ترى من نظامها القيمي حجية لا نقاش فيها، إن قوانين الغالب بما فيها النظام القيمي يجب أن تسود إن رَغَباً وإن رَهَباً. عناصر المركزية تلك بدت في عناصر غاية في الأهمية بوصفها المعيار الذي تقاس عليه الظواهر والقواعد والقيم والتوجهات والمواقف، بدا ذلك في تصدير نماذج القيمة، عمليات التغريب في النطاقات الحضارية المختلفة، خاصة ضمن سياقات ونظريات التحديث وما في حكمها.

4ـ النظام العالمي الجديد الذي أشار إلى عالمية محور مركزه الحضارة الغربية خاصة التصور الأمريكي، القيادة الأمريكية للعالم لم تكن تعني إلا فرض الأنساق القيمية في إطار ما هو متعارف عليه بأنه نمط للحياة Way of lif، هل يمكن تفهم عناصر: حقوق الإنسان، الديموقراطية، الموقف من الإرهاب؟..

كل تلك تعبيرات تحاول أن تجعل من ذلك أنماطاً، أو بمعنى أدق تنميطاً حضارياً عالمياً، إنها عالمية المركز التي تؤكد عناصر الإلحاق والهيمنة من خلال المركز، وغير ذلك من أمور كلها أسهمت في ترويج العنصرية بالمعنى الثقافي والحضاري العام ولو في النطاق الحضاري، لتؤسس فكرة مركزية الحضارة الغربية.

قرية عالمية أم سفينة الأرض؟ إشكالية القيم وعالميتها

في ظل تطورات سُمِّيت بثورة الاتصال وثورة المعلومات، حَسُن عند بعضٍ أن يستخدم مفهوم القرية العالمية Global Village، تأكيداً على عناصر التواصل في الأحداث والمعلومات Global Internet، وهي تطورات وتغيرات ومتغيرات غير منكورة على المستوى الدولي، كانت لها تأثيراتها العالمية على كافة المستويات الحضارية.

إلا أن ذلك تم في سياقات لم تملك معها هذه العناصر أن تحقق حتى مضموناتها الكامنة في الكلمات أو التركيبات اللغوية، فقد حققت هذه التطورات وبفعل منتدى مالكي القوة سيطرةً وهيمنةً على عالمي الاتصال والمعلومات، لكونهما من أهم العوالم لصناعة الصورة وتدويل النماذج الحياتية والقيمية.

بدأ بعضٌ يتحدث عن ضرورات الانخراط الخلاَّق ضمن أطر الفلسفة الكونية وسياقات المجتمع الكوني، من دون أن يتحدث هؤلاء عن قشرية الاتصال والتحكم المعلوماتي على الأقل ضمن نطاقات محدودة، وبدأت هذه العوالم تؤسس أدواراً تقوم على صناعة الأفكار والاهتمامات والأولويات والبرامج وأنماط التفكير وأنماط العمل وتنميط الاستهلاك، وتشيع عناصر قيمية مرتبطة بكل ذلك.

ومع ذلك فإن قدراً من الإشكالات الكامنة والظاهرة: المجاعات، التلويث البيئي المقصود، الحروب الأهلية، نظم التبادل غير العادلة في المجتمع الاقتصادي الدولي، تجارة السلام أو الموت.. الخ، التي تشير ليس فقط إلى إشكالات بل إلى تشوهات كامنة، هذه التشوهات استطاعت أن تحجبها مقولات القرية العالمية، التي لم تكن تعني سوى قشرة اتصالية ومعلوماتية تغلِّف هذه التشوهات حاجبة إياها، من دون أن ترى أو تتحرك ضمن منطق التعارف وسفينة الأرض Ship of the earthع(8)، والذي يقتضي منطقاً اتصالياً ولكنه تكافلي، أو منطقاً معلوماتياً ولكنه حقيقي وجوهري، بحيث يحقق عناصر العدل العالمي ضمن البحث عن القيم الحافظة على ما يقول >دويتش<: إن العلاقات الدولية هي فن الإبقاء على الجنس البشري، ولكنه فن يرتبط بسياقات قيمية وسياسات فعلية وحقيقية، لا قرية عالمية هي أشبه ما تكون ببيت العنكبوت في وهن علاقاته وشبكته(9).

القيم وعناصر مصدريتها التاريخية: القيم المتخلفة، القيم العصرية

من أهم مداخل التهميش القيمي ضمن هذا السياق استخدام عنصر الزمن القدم والحداثة بوصفهما قيماً، من دون النظر إلى الوعاء الزمني لأنه يحمل عناصر قيمته وفاعليته من الفعل والقيمة في آن واحد، وتفعيلها في الواقع من دون النظر إلى القدم والحداثة، والتاريخي أو المعاصر(10).

وتبدو أهمية هذا الأمر لما يترتب عليه من آثار منهجية من الضروري أخذها في الحسبان، وكأن لسان حال هذا التوجه يقوم على قاعدة النسخ القيمي، إن اللاحق من القيم ينسخ السابق، وإذا كان من الممكن تقبل ذلك ضمن نسق حضاري يجعل من التجاوز أهم قيمة حتى وإن لم يسم بأسماء، وبدا ذلك ليس فقط في شكل مراجعات علمية وبحثية فحسب، بل في التبشير بكثير من النهايات Ends والتبشير في الوقت نفسه بالمابعديات Posts في سياق من النسخ المستمر المتلاحق، ترعاه عناصر تغيرات تتمتع بالسيولة في حقل المعلومات والاتصال(11).

ومن هنا يبرز الاتجاه ليشير إلى القيم المتخلفة السلبية، والتي يمثلها عالم المسلمين، بل والإسلام لأنه المسؤول والمولد لهذه القيم، ميشيل جوبير(12) واحد من هؤلاء الذين ينقدون القيم الإسلامية في العنف والتسلط والإكراه، في سياق نقده لمفاهيم لم يتوقف عندها بالبحث والفحص، من مثل دار الحرب ودار الإسلام.

ولسنا هنا في مقام الدفاع أو الرد، ولكن أردنا فحسب أن نشير إلى عناصر رؤية لها مؤيدوها، تحاول أن تصم الإسلام بقيم هي ليست منه، ثم وصف هذه القيم بالسلبية والتخلف، ثم وصف الإسلام ذاته بالتخلف، ضمن أكبر عملية لصناعة الصورة، وضمن ما أشير إليه في عنوان يحتمل التورية (تغطية الإسلام)(13).

ومن نافلة القول في هذا المقام أن نؤكد أن القيم بوصفها تأسيساً وكليات تابعة، لا تتعلق أو لا تكون ثابتة لعناصر متغيرة من قدم أو جدة، بل هي تملك عناصر حجيتها الذاتية والموضوعية بل والواقعية في ضوء التلاحم بين جملة هذه العناصر، فالقيم من المناطق التي لا تقبل التجاوز في الرؤية الإسلامية، وليست هناك قيم متخلفة وقيم عصرية بفعل الزمان، بل هناك قيم صالحة ومصلحة بحكم الكيان والتكوين والفاعلية والتفعيل من خلال أصولها ومتطلباتها.

القوة وعلاقاتها بقضية تهميش القيم: قيم القوة وقوة القيم

من أهم العناصر التي أسهمت في عملية التهميش القيمي مدخلاً ومآلاً، تحليلاً وتفسيراً، هي الرؤية المنظومية للعلاقة بين القوة والقيمة، وذلك في سياقٍ يرى قيمة القوة تسبق قوة القيمة، القيمة ضمن هذه المعادلة تابعة للقوة، ومن هنا بدت رؤية القيمة مرهونة بصاحب القوة وحدود القيمة، تنظيراً وتأويلاً وتفسيراً وتطبيقاً.

القوة وفق هذا التصور تعلو القيمة في منظومة الفعل الحضاري وإمكاناته، فهي تابعة للقوة تتشكل منها وتتأسى بها، هذه العلاقة التي تضيف للقوة حجية إضافية وسلطة مضافة ضمن غطرسة القوة، وغطرسة القوة هي جملة من التصورات والأفعال والأقوال تكوّن عنصر انفراد، ومنظومة إذعان وإخضاع وقسر وإلحاق، وتأصيل شبكة التبعية في الأفعال والعلاقات(14).

القوة بهذا المعنى تحلّلٌ من كل التزام قيمي، سوى إمكانات تعظيمها وتضخيمها ليس فقط في الشكل، ولكن ربما في كثير من الأحوال في التصور والإدراك.

صراع القوى وتوازن القوى، وتوازن الرعب، وتوازن المصالح، كلها عمليات تابعة لهذه النظرة القائمة على أسبقية القوة على القيمة، ربما يصل إلى حد النفي للقيمة والاستبعاد لها.

معادلات القوة وفق هذه الرؤية تؤدي إلى جملة من العلاقات غير السوية، وجملة من الأحداث تكشف عن التواتر الكامن خلف الأفعال والأقوال ونمط العلاقات، ضمن عناصر تشَوُّهٍ تُستبقى بفعل عناصر الاستئثار بالقوة، التشوه القائم على قاعدة من الظلم البادئ، هذه المعادلات غير الموزونة تورث جملة من التنظيرات والممارسات على شاكلتها.

إن تصحيح هذه المعادلات فضلاً عن أوزانها، وإدخال عناصر تحقق للمعادلة فاعليتها القيمية أمر لابد منه، فالقوة ضمن عناصر المعادلة هذه تابعة لأصول البيّنات، وحدود الكتاب، كلياته وقيمه التأسيسية، وعناصر الميزان والعدل في تكوين المنظومة، المحقق للجمع والتفاعل الذي يزن طرفي المعادلة، وتأتي القوة عنصراً من عناصر المعادلة يلتزم بهذه العناصر جميعاً، فلا يجعلها فرطاً من أي حد، فتتحول إلى غطرسة ظالمة، تعبر عن جملة ممارسات ومعادلات ورؤى وعلاقات على شاكلتها، ليس فيها من معاني الميزان شيء، وتتعملق القوة ضمن هذه المعادلة، فتكون لها بيّناتها الخاصة وكتابها الخاص وميزانها الخاص تفرض ذلك جميعاً من خلالها.

 

الهوامش:

* أستاذ النظرية السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة.

(1) يعكف الباحث على دراسة مشتركة مع أستاذته الدكتورة نادية محمود مصطفى التي تقوم على دراسة الخطاب الغربي حول العولمة، في حين يختص الباحث بالخطاب العربي وتحليله.

(2) انظر د. حسن نافعة، د. سيف الدين عبد الفتاح ( محرران )، العولمة والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، سلسلة محاضرات الموسم الثقافي (1)، العام الجامعي 1998- 1999- 2000 م ص 13 -35.

(3) في إطار المفارقة بين التقليدي والحداثي في مجال الثقافة والقيم يمكن مطالعة مؤلف ألموند التقليدي في حقل أدبيات التنمية السياسية، كما يمكن ملاحظة عناصر هذه المناقضة ضمن كتابات أخرى، انظر: G.Hlmond and S.Verba,k Civic culture, Poston: Lihle Brown and Company 1965.

- قارن سيف الدين عبد الفتاح، حوار النخبة المثقفة حول العنف والإرهاب، ومراجعة نقدية ضمن الثقافة السياسية في مصر بين الاستمرارية والتغير، د. محمد كمال المنوفي، أعمال المؤتمر السنوي السابع، جامعة القاهرة مركز البحوث والدراسات السياسية، 1994م، المجلد الأول ص 592 وما بعدها.

- وانظر في فكرة النظام العالمي الجديد وثقافته في مواجهة ثقافات أخرى د. فوزي محمد طايل، ثقافتنا في إطار النظام العالمي، القاهرة، مركز الإعلام العربي 1994م.

- وانظر خاتمة فصل: اتجاهات الثقافة في إطار النظام العالمي الجديد ص 69-104، من كتاب حرب الخليج والنظام العالمي الجديد، إعداد مجدي نصيف القاهرة: مكتبة مدبولي، 1991م، والكتاب يتضمن فصولاً ستة كلها مقالات مترجمة تعالج أموراً تتعلق بمسيرة هذا النظام العالمي الجديد.

وهناك من الكتابات ما يربط بين إرهاصات النظام العالمي الجديد والعولمة الحديثة في مرحلة التكوين: بدري يونس، مزالق العولمة الحديثة في النظام العالمي الجديد، بيروت: دار الفارابي 1999م.

 

- فى سياقٍ يتحفظ على العولمة والحديث عن العولمة والمزاعم الرائجة الأسطورية عن تبلور قريب العهد لهيكل اقتصادي معولم، وفي عنوان المقدمة قد يعبر عن هذه المعاني: العولمة هل هي أسطورة ضرورية؟ وهو أمر يناقش صحة ودقة الكثير من الدعاوى الشائعة حول العولمة: انظر: بول هيرست وجراهام تومسون، مساءلة العولمة، الاقتصاد الدولي وإمكانات التحكم، ترجمة: إبراهيم فتحي، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة 1999م، انظر بصفة خاصة التقديم ص 3 - 28.

- انظر أيضاً نقداً مهماً للعولمة فى إطار محاولتها فرض تلك السوق الحرة على العالم، وهو أمر سيخلق كارثة إنسانية مقبلة كتلك التى خلقها النظام الشيوعي، جون جربي، الفجر الكاذب: أوهام الرأسمالية العالمية، ترجمة أحمد فؤاد بلبع، القاهرة، مكتبة الشروق، المجلس الأعلى للثقافة 2000م.

- حول سياتل وظاهرة العولمة وضرورة النظر الفاحص فى انتقاد العولمة غربياً ومن قبل الدول النامية، انظر: هشام يوسف، النظام التجاري الدولي والعالمية والدول النامية، دراسة مقدمة إلى مؤتمر >العولمة والعالم العربي<، مرجع سبق ذكره.

- انظر ذلك النقاش ذا الدلالة الذي تم بين اللوموند ديبلوماتيك والفاينانشال تايمز.. وقد قال محرر العدد: إن المجلتين إنما يعبران عن تصورين مختلفين للعالم: هذا الملف الذي يستحق دراسة مستقلة وتحليل نصوصه في إطار الرؤية الناقدة والمتبنية للعولمة: لوموند ديبلوماتيك، أغسطس 1997م، ص 12 وما بعدها.

- د. منير الحمش، العولمة ليست الخيار الوحيد، دمشق، الأهالي للطباعة دار النشر 1998م.

- في إطار الكتابات النقدية، لابد أن تستفيد الرؤية الإسلامية من نقد أنساق أخرى سواء داخل السياق الغربي أو العربي، خاصة ما يقدمه من نقد على المستوى المعرفي والمنهجي، ومن الكتابات المهمة التي يمكن استنباط الأصول المعرفية للعولمة من خلالها دراسة عبد الحي يحيى زلوم، نذر العولمة، هل بوسع العالم أن يقول لا للرأسمالية المعلومالية؟، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1999م.

- وضمن هذا المقام في أثر العولمة السلبي على قاعدتي الديموقراطية والرفاهية، انظر وراجع: هانس، بيتر مارتن، هارالد شومان، فخ العولمة: الاعتداء على الديموقراطية والرفاهية، ترجمة د. عدنان عباس علي، مراجعة وتقديم: أ. د. رمزي زكي، سلسلة عالم المعرفة، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أكتوبر 1998م، ومن المهم النظر إلى عناوين الفصول التي تمثل رؤية متكاملة للعالم: للذات والآخر والعلاقات والآثار والمآلات وأنساق الرموز والقيم والثقافة والحضارة... الخ)، فصول ثمانية، يشكل الفصل التاسع منها رؤية يترتب عليها التوقف عن السير على غير هدى، إنها النتيجة التي تترتب على أحوال العولمة ومآلاتها.

 

- وفى هذا المقام من المهم مطالعة كتاب أولريش بك، ما هي العولمة، ترجمة أبو العيد دودو: كالونيا، ألمانيا، 1999م، منشورات الجمل، وهو يتحرك صوب التعامل مع أفق العولمة، وتأثيراتها المكانية والزمانية والإنسانية، صدمة العولمة ماذا تبقي العولمة؟ الأبعاد، التناقضات، التحديدات، مفارقات العولمة، المواطنة العالمية، أخطاء العالمية، أجوبة عن العولمة، ومن أهم ما يؤكده أولريش أنه >ليس هناك من مخرج وطني من العولمة، ولكن هناك مخرج عبر الحدود< ص 218.

- انظر أيضاً من هذه الكتابات ما يعين على ذلك النظر المعرفي في إطار جملة العمليات التي يرتبط بها انحسار الدولة القوية، الانسياب البشرى، العولمة من منظور نهاية التاريخ، العولمة أم فردوس الأنبياء، العولمة إمبريالية حديثة، مصيدة الاستهلاك، العولمة والثقافة، العولمة والعلم، العولمة إله العلم!! وهو أمر يتعلق بديانة العولمة، ومتضمناتها الإيديولوجية والمعرفية والثقافية.

(4) وفي إطار فكرة نهاية التاريخ الواردة لدى فوكوياما، والمناقشات التي دارت حولها انظر:

- فرنسيس فوكوياما، نهاية التاريخ: ترجمة عن مجلة ناشيونال انترست، صيف 1989م، القاهرة، دار البيادر للنشر والتوزيع، 1990م.

- مقدمة ملف مجلة الاجتهاد حول >النظام العالمي الجديد ونهاية التاريخ< الاجتهاد، السنة الرابعة، العددان 15-16، ربيع وصيف 1992م، ص275- 276.

* في إطار صدام الحضارات، انظر:

- صموئيل هنتنجتون، صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي، ترجمة طلعت الشايب، القاهرة، سطور 1998 م.

- مقالة هنتنجتون والردود عليها، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق، الغرب وبقية العالم بين صدام الحضارات وحوارها، بيروت، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق، 2000 م.

(5) مقولات كثيرة تشيع حول عصر المعلومات، والمعلوماتية، والقرية العالمية، والثورة الاتصالية والتقنية، يجب تحريها، والتعامل معها في نطاق حقيقة الواقع وما يتركه من آثار على الإدراك والتعامل والتفاعل، انظر على سبيل المثال: ثابت ملكاوي، إشكالية العقل العربي، بين الذات والآخر والآخر الجديد، بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، 1995م، ص25 وما بعدها.

(6) حول هندسة القبول بوصفه مفهوماً محورياً ضمن كتابات نعوم تشومسكي يمكن مطالعة: نعوم تشومسكي، إعاقة الديموقراطية، الولايات المتحدة والديموقراطية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1992م.

- Edward S. Herman and Noam Chomsky ,manufacturing Consent ; the Political Economy of the mass media, New York , Pan theau Books , 1988, Preface.

(7) في إطار بعض العلاقات المفترضة بين عمليات التغريب، ونظريات التحديث يمكن مطالعة كتابات أشارت إلى هذه الصلة، أهمها: المرجع السابق، ص 34 وما بعدها.

(8) تعبير سفينة الأرض تعبير مهم، من الإنصاف أن يشيع في التداول، فهو يؤدي معاني الاتصال المسؤول، لا مطلق الاتصال أياً كانت المعادلات التي ينطوي عليها وطبيعتها. انظر: رجاء جارودي، حفارو القبور، ترجمة: رانيا الهاشم، بيروت، باريس: دار عويدات 1993م، ص 17.

(9) يمكن مطالعة هذا التعريف المهم -والذي يتضمن أصولاً قيِّمة في الحفاظ على الجنس البشري كياناً ووجوداً وفاعلية وتفاعلاً- لدى كارل دويتش في: كارل دويتش، تحليل العلاقة الدولية، ترجمة شعبان محمد شعبان، مراجعة وتقديم د. عز الدين فودة، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1983م، ص 77-83 وما بعدها.

- تشير إلى بيت العنكبوت بمضامينه الواهية، رغم شبكيته وتعقده، الآية القرآنية: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ} (العنكبوت /41.

(10) القدم والحداثة بوصفهما معارين لتقويم الأفكار والأحداث والقيم أمور مهمة يجب تحريرها، فالاستناد الزمني في هذا المقام له خطورته في تشكيل البنية المعرفية وأنساقها المتولدة عنها، وهي تقوم على افتراض من الواجب مراجعته حول تلازم الحداثة الزمنية مع الصلاحية، وتلازم القدم مع عدم الصلاحية، وهو افتراض لا يستند إلى تأسيس منهجي: منير شفيق، الإسلام في معركة الحضارة، بيروت، دار الكلمة للنشر 1983م، طارق البشري، ماهية المعاصرة، القاهرة، دار الشروق 1996م، ص 7 وما بعدها، وانظر أيضاً: طارق البشري، الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر، القاهرة: دار الشروق 1996م، ص47 وما بعدها.

(11) في إطار التجاوز والنسخ ضمن الأنساق المعرفية التي تبنت فكرت النهايات والمابعديات، وأثر ذلك على عالم القيم وعدم استقرار النظرة إلى القيم، يمكن أن يكون ذلك موضوعاً للبحث المستفيض، وهو أمر يخرج عن اهتمامات البحث المباشرة ولكن يستحق المعالجة.

(12) انظر مقالة ميشيل جوبير وزير الخارجية الفرنسية الأسبق، في إطار تصورات إدراكية شديدة الخطورة، والتي تتعامل مع عالم المفاهيم في المنظومة المعرفية الإسلامية بكثير من الترصد، وبقدر من الاستسهال وعدم التعمق، وبقدر غير يسير من اللغة الاتهامية، حيث يبني في النهاية منظومة للتجني لا البحث المنهجي:

- Michel Jobert, regards sur l`integrisme de La dar El-Hab, Ahram Hebdo, 9-15 Novmber, 1994, P 15 Fahmy Hwaddi, 61-22 November, 1994, P.13.

(13) في إطار صناعة الصورة، والتغطية الإعلامية والعلمية للظاهرة الإسلامية انظر: إدوارد سعيد، تغطية الإسلام، ترجمة: سميرة نعيم خوري، بيروت، مؤسسة الأبحاث العربية 1983م.

(14) في إطار نقد مفهوم القوة ضمن هذا التصور انظر:

- د. أحمد يوسف أحمد، د. محمد زيادة، مقدمة في العلاقات الدولية، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1985م، ص 37-42.

- د. علي أصغر الكاظمي، دور القوة في المجتمع والعلاقات الدولية، ترجمة محمود عبد الكريم، الفجر الجديد، العدد 3، السنة الأولى ربيع الأول 1413هـ، ص 92-118.

وفي إطار فكرة غطرسة القوة وما تحمله من معادلات، قد نجد إشارات متنوعة يمكن ملاحظة بعض منها في: وليم فولبرايت، غطرسة القوة، ترجمة: محمود شكري العدوي، القاهرة، دار الكتاب العربي للنشر: د.ت، مواضع متفرقة.

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة