تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

الحوار الإسلامي - الإسلامي .. ضرورةٌ لا تكتيك

عبدالإله التاروتي

الحوار الإسلامي - الإسلامي

ضرورةٌ لا تكتيك

عبدالإله التاروتي

الكتاب: الحوار الإسلامي - الإسلامي (من أجل بناء مستقبلنا المشترك)

تأليف: مجموعة من الكتاب.

سلسلة كتاب مجلة الكلمة (3) 1425هـ- 2004م.

الناشر: منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث.

سنة النشر: الطبعة الأولى - 2004م.

مطبعة: الفلاح للطباعة والتوزيع - بيروت - لبنان.

 

* مقدمة

من نافلة القول، أن نقول: بأن مفردة الحوار هي مفردة لها مكانة خاصة ومرموقة في الخطاب الإسلامي المعرفي، ولسنا بحاجة إلى كثير عناء للتدليل على ذلك والإشارة إليه، فبالرجوع للخطاب القرآني الكريم، كما في متن السنة النبوية الشريفة المباركة، وسيرة الصالحين والقادة الربانيين في الأمة، يلحظ المطالع والمتتبع مادة خصبة ذات ثراء منقطع النظير، فيما يتعلق بالتأكيد والإصرار على حيوية هذه المفردة في حياة الفرد، والمجتمع، والأمة، على صعيد القول، وحراك الممارسة.

فـ"المتأمل في القرآن يجد حواراً بين الإنسان والديّان، وحواراً بين الإنسان والأكوان، وحواراً بين الإنسان والإنسان... (لذا فإن) للحوار ركنيته الأساسية في الوجود الإنساني، وتأثير الدعاة والمرشدين والمصلحين في التاريخ ينطلق من الحوار... (فـ) كلمة (قال) التي هي لب الحوار قد وردت في القرآن الكريم 527 مرة"(1).

وعلى ذلك، فهذه المفردة (الحوار)، من حيث سياقها العام، هي محل تجلة وإكبار، وذات مقام وموضع رفيع لحكم العقلاء. فهي بالتالي مما تتداعى له كل نفس تستشعر قيمتها الإنسانية، الساعية للترقي في سلم الخطاب، والتواصل بين الإنسان وأخيه الإنسان.

أما من حيث التخصيص، فهي تتبع الجهة المخصصة لها، والشأن الذي تتولى تداول الحوار والنقاش فيه، وهذه من الكثرة ما يصعب حصره وعده، فنجد منها ما يتعلق بالشأن الاقتصادي، أو السياسي، أو الاجتماعي، أو الصحي، أو العلمي في جميع المستويات والأطر المختلفة، بدءاً من المحلي في دائرته الضيقة مروراً بالقطري، والإقليمي، والدولي، كما في مشروع حوار الحضارات الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة.

* الكتاب رؤية وعناوين

يحمل الكتاب عنواناً هو: الحوار الإسلامي - الإسلامي (من أجل بناء مستقبلنا المشترك) ويقع في 188 صفحة من القطع المتوسط. متوزعة في ثلاثة وعشرين عنواناً، مضافاً إليها مقدمة، وورقة الكلمة وهي بحسب عناوينها كما يلي:

- الحوار الإسلامي - الإسلامي. ورقة الكلمة.

- مستقبل الحوار الإسلامي - الإسلامي. السيد محمد حسين فضل الله.

- لنبدأ من حوار المسلم مع ذاته. الدكتور رشدي فكار.

- الحوار الإسلامي - الإسلامي... محاولة لاستجلاء المفتعل. إدريس هاني.

- إحياء الحوار الإسلامي - الإسلامي. أحمد الشمر.

- النقد والحوار الإسلامي- تأملات في الواقع والمنهج. عبد الرحمن حللي.

- ماذا نريد من الحوار الإسلامي - الإسلامي؟ الدكتور وهبة الزحيلي.

- الحوار الإسلامي - الإسلامي بين الضرورات العلمية والعملية. محمود السيف.

- لننهض بثقافة الحوار. عادل رؤوف.

- حرية الرأي في الإسلام كمدخل للحوار الإسلامي - الإسلامي. يسري عبد الغني عبدالله.

- أسس للحوار الإسلامي - الإسلامي. الدكتور عبد العزيز الخياط.

- المدارس الإسلامية بين الاختلاف وضرورات المنهجية المشتركة. السيد كمال الحيدري.

- من أجل قواعد للحوار الإسلامي - الإسلامي. صادق محمد جبران.

- قاعدة الأخوة في الحوار الإسلامي - الإسلامي. الدكتور عدنان رضا النحوي.

- الحوار الإسلامي - الإسلامي.. معادلة وتقويم. السيد حسن السيد باقر العوامي.

- لنجعل من الحوار الإسلامي - الإسلامي ضرورة. خالص جلبي.

- الحوار الإسلامي - الإسلامي نموذج الساحة الكويتية. عبد العزيز الصالح.

- عوائق الحوار الإسلامي - الإسلامي. عبد الله أحمد اليوسف.

- أزمة الحوار الإسلامي - الإسلامي. زكي الميلاد.

- مجتمع الحوار. أحمد شهاب.

- لا بديل عن الحوار. محمد دكير.

- الحوار داخل الجماعة الواحدة.. أهم دوائر الحوار الإسلامي - الإسلامي. زياد حماد.

- التحضر في الحوار الإسلامي - الإسلامي. الدكتور إسماعيل نور الربيعي.

- مقاربات ونقد على ملف الحوار الإسلامي - الإسلامي، البحث عن الوظيفة والأولويات. الشيخ حسين أحمد شحادة.

وتعكس موضوعات الكتاب التي جاءت جميعها كما هو ملاحظ، لتصب وبشكل مركّز ومكثّف حول هذه الجملة (الحوار الإسلامي - الإسلامي)، كمحاولة جادة ومتميزة، تسعى من خلال المقالات المعروضة للإجابة على سؤالين مهمين هما: لماذا الحوار الإسلامي - الإسلامي؟، وكيف هو الحوار الإسلامي - الإسلامي؟.

إذ ينطلق الأول من موجبات الحوار، بالتالي التأسيس لشرعنة هذا الحوار باعتباره مطلباً دينياً ووطنياً، بالتالي هو مطلب استراتيجي، وليس تكتيكاً تفرضه طبيعة المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة، فيما ينطلق الثاني من البحث في الآليات التي يتشخص من خلالها، وينقل هذه الضرورة من القوة إلى الفعل.

وفي كلا السؤالين، مدعاة وتحريض على إعمال العقل، وتنبيه لمواقع الإحساس في الجسد الإسلامي، ليستشعر موقعه ومسؤوليته في البحث عن إجابة عن هذين السؤالين، وما يتداعى منهما من تساؤلات لا تقل أهمية عنهما.

ويبدو وكما هو الظاهر، أن لب القضية في الحوار الإسلامي - الإسلامي، هو هذا السؤال: كيف؟.

وتتمثل نمطية التساؤل الأول رغم أهميته، في أنه يتعامل مع الموضوع بما تعكسه نرجسية النفس البشرية، وهو شعور يمثل الطاقة الدافعة نحو إضفاء شيء من البعد الإنساني، الذي لا موجب لحذفه من أجندة أي تجربة ومشروع يسعى لتكوينه.

بينما التساؤل بكيف؟ يمثل المحك الحقيقي لطراز ونمطية التفكير المبدع في ابتكار الحلول الممكنة والخلاقة بما يمارسه المبدع، في مستوياته المختلفة (فرد، جماعة، مجتمع، أمة)، بما يصطلح عليه بـ(العصف الذهني)، والذي لا يكتفي فيه المبدع ولا يستسلم للإجابات الجاهزة والمعلبة، والتي في كثير من حالاتها قد تكون مستوردة، لا من موقع التبادل الثقافي المنطلق من الاستفادة من الخبرة الإنسانية في هذا المجال أو ذاك، بل باعتبارها الخيار الوحيد والأوحد في تجاوز المشكلة والأزمة. وهو ما يسعى المبدع أن ينأى بنفسه أن يكون أحد ضحايا هذا الاستلاب.

ونظراً لحيوية موضوع الكتاب الماثل بين أيدينا وأهميته، فإنني أقدم الآتي من السطور باعتبارها مداخلة أكثر منها قراءة، وذلك من خلال العناوين الآتية:

أولاً:  الحوار كمفردة إبداعية

الحوار، في أبسط معانيه هو حالة من التثاقف بين طرفين أو عدة أطراف، يسعى كل طرف منها للتعرف على ما لدى الآخر من وجهة نظر حيال الموضوع المثار، وفي الوقت نفسه الأخذ بالأسباب الداعية لتفعيل أوجه النشاط المشترك بينها، كهدف ومطلب وغاية للوصول لحالة التعايش السلمي بين أبناء المجتمع.

وبذلك كان "لا بد لكل حوار ناجح من أن ينطلق من مبدأ أساس يومي إلى هدف ثابت: هو البحث عن الحقيقة من وجهة نظر الطرف الآخر، باعتبار أن إيمان الشخص بصواب رأيه لا يعني أن رأي الطرف الآخر غير صواب"(2).

ويبدو أن طبيعة مثل هذا الفهم لهذه المفردة (الحوار)، هو تجلٍّ رائع عن المخزون الإبداعي لهذه المفردة، ليس فقط في قدرتها على الانبساط والتمدد، بل في قدرتها الخارقة وذلك من خلال إيحاءاتها المنعكسة على السلوك، بما يمثله هذا الانعكاس على نشوء مسار ثقافي اجتماعي، يختزن في مخيلته وذاكرته إرثاً معرفياً سلوكياً ناهضاً بمقومات التنمية الحقيقية للموارد والمكتسبات الوطنية في مختلف الميادين والصعد.

ثانياً: الرحلة من الجدال إلى الحوار

بالرغم من أن مفردة الحوار وردت في القرآن الكريم "في سورتين وفي ثلاث آيات(3) فقط هي:

(أ) {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا} الكهف: 34.

(ب) {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} الكهف: 37.

(ج) {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} المجادلة:1.

فإننا نجد "لفظ الجدل والجدال والأفعال المشتقة منهما في (28) موضعاً في القرآن الكريم كما يلي:

(1) سورة البقرة: جدال (197)، (2 - 3) سورة النساء: جادلتهم (109)، يجادل (109)، (4 - 5) سورة الأنعام: يجادلونك (25)، يجادلونكم (121)، (6) سورة الأعراف: أتجادلونني (71)، (7) سورة الأنفال: يجادلونك (6)، (8 - 9 - 10) سورة هود: جدالنا (32)، جادلتنا (32)، يجادلنا (34)، (11) سورة الرعد: يجادلون (13)، (12 - 13) سورة النحل: تجادل (111)، جادلهم (125)، (14 - 15) سورة الكهف: جدلاً (54)، يجادل (56)، (16- 17 - 18) سورة الحج: يجادل (8،3)، جادلوك (68)، (19) سورة العنكبوت: تجادلوا (41)، (20) سورة لقمان: يجادل (35)، (21 - 22 - 23 - 24 - 25) سورة غافر: يجادل (4)، جادلوا (5)، يجادلون (35، 56، 69)، (26) سورة الشورى: يجادلون (35)، (27) سورة الزخرف: جدلاً (58)، (28) سورة المجادلة: (تجادلك (1)"(4).

إلا أننا نجد بأن هذه المفردة (الحوار)، باتت هي الأقرب للشخصية السوية، ليس من موقع خطاب المرحلة وما تفرضه هذه المرحلة من ضرورات وخيارات، بل لكونها ذات ملاكات غير متأتية لمفردة الجدل بحال من الأحوال.

 وذلك لأن "كلمة (الجدل) أخذت مدلولاً جديداً يوحي بالطريقة التي يتبعها المتناظرون، أو المتجادلون، ليغرقوا في حديثهم، أو مناظرتهم، بالكلام العقيم الذي يقترب إلى الترف الذهني... بما تثيره من قضايا جانبية أو مناقشات لفظية، تخضع الفكرة إلى متاهات لا يعرف الإنسان كيف تنتهي، وإلى أين تستقر. ولعل السبب في ذلك هو أن الجدل تحول إلى صناعة قد يقصدها الكثيرون لذاتها من أجل التدرب على الأخذ والرد،...

(بينما)، كلمة الحوار (فإنها) أوسع مدلولاً من كلمة الجدل... باعتبار تضمن كلمة (الجدل) معنى الصراع، بينما نجد أن كلمة (الحوار) تتسع له ولغيره مما يراد منه إيضاح الفكرة بطريقة السؤال والجواب..."(5).

وعليه فإن الحوار "كلمة تستوعب كل أنواع وأساليب التخاطب، سواء كانت منبعثة من خلاف بين المتحاورين أو عن غير خلاف، لأنها إنما تعني المجاوبة والمراجعة في المسألة موضوع التخاطب، وهو وليد تفاهم وتعاطف وتجارب كالصداقة، وبعبارة أخرى، فإن الحوار لا يمكن أن يكون إلا بين أطراف متكافئة تجمعها رغبة مشتركة في التفاهم، ولا يكون نتيجة ضغط أو ترغيب، ولذلك كان الحوار أعم من الاختلاف ومن الجدل، وصار له معنى حضاري بعيد عن الصراع، إذ الحوار كلمة تتسع لكل معاني التخاطب والسؤال والجواب"(6).

ثالثاً:  الحوار الإسلامي - الإسلامي، النظرية والتطبيق

مشروع الحوار الإسلامي - الإسلامي، يبدو من الناحية النظرية من الموضوعات الحيوية، التي تخلق في النفس حالة من النشوة والعنفوان، نظراً لما تحتويه هذه الجملة وتختزنه من معاني ودلالات تأخذ بيد المرء نحو جو من الألفة والمحبة والسلام، وبذلك باتت من الموضوعات التي لا يتعاجم عليها رأيان، ولا يختلف فيها اثنان، وذلك من حيث أصالة الموضوع، وجدارته بأن يكون متصدراً جداول أعمال أي منتدى أو مؤتمر، أو نشاط فكري وثقافي وسياسي واجتماعي، يأخذ على عاتقه فهم الإسلام كما يريد الإسلام أن يفهم به، لا كما يريده الذوق والهوى الشخصي المشحون بعقد القبلية والعصبية.

بيد أن المفارقة كبيرة، بين الطرح النظري للموضوع، وبين الممارسة الميدانية في ساحة الفعل والعمل الفكري، والسياسي، والاجتماعي في مستوياتها المختلفة، والذي يُظهر نمطاً سلوكياً ربما يكون مغايراً تماماً للحالة التي تكتنف المرء في البعد النظري.

ولعل الجامع بين هذين المسلكين، حيال هذا الموضوع الحوار الإسلامي - الإسلامي، بات من الممارسات التي تطلب المزيد من حالات الحوار والتواصل، والتأسيس المتواصل والدؤوب لجعل هذه المفردة من أهم العناصر الثقافية التي يجب على الشخصية المسلمة أن تتربى وفق معطياتها، لتكوّن نمطاً من السلوك الذي ينشأ عليه الفرد المسلم، وسمة من السمات التي تكون مصاحبة ومتلازمة مع الحالة الإسلامية.

رابعاً: السياق التاريخي للحوار الإسلامي - الإسلامي

المطالع للأدبيات الإسلامية المختلفة لا يجد وجوداً لهذا المصطلح (الحوار الإسلامي - الإسلامي)، بين ثناياها ومتونها، فهو من المصطلحات حديثة النشأة، نعم لا يعدم الباحث أن يجد كتابات عديدة مختلفة سواء في القديم أو الحديث، تحت عنوان (المناظرة، أو المجادلة،...).

ويمكن القول: بأن بداية التشكل والتهيئة لظهور هذا المصطلح في الأدبيات الإسلامية فيما بعد، يعود فيه الفضل إلى "انطلاق أول محاولة جادة للتقريب بين المذاهب الإسلامية خلال (القرن الماضي) أي إلى سنة 1947م، حيث استطاع الشيخ محمد تقي القمي (ت 1990م)، بعد زيارته للقاهرة أن يؤسس فيها (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، بمساعدة مجموعة من علماء الأزهر الشريف وشيوخه (وفي طليعتهم شيخ الأزهر، الشيخ محمود شلتوت)"(7)، وبذلك يمكن لنا أن نعتبر مشروع دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بمثابة الحاضنة، التي تمخض عنها تجلي هذا المصطلح في الكتابات والأدبيات الإسلامية المعاصرة. وكذا في العديد من المؤتمرات والندوات المنعقدة في هذا الشأن. هذا وقد تتابعت الجهود المخلصة في هذا الطريق، فكانت منظمة المؤتمر الإسلامي، وما انبثق منها من مؤسسات ذات شخصية اعتبارية مستقلة، كالمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، والتي نظمت عدداً من المؤتمرات والاجتماعات المخصصة لهذا الغرض، كان منها الندوتان اللتان عقدتا في الرباط، الأولى سنة 1991 والثانية سنة 1996، واجتماع عقد في العاصمة الأردنية للخبراء، خُصِّص لمراجعة مشروع استراتيجية التقريب بين المذاهب الفقهية الإسلامية خلال عام 1422هـ الموافق لـ 2001م. وكذلك مجمع الفقه الإسلامي، والذي يسهم -عبر المداولات للموضوعات الفقهية المختلفة بين علماء ومفكري المذاهب الإسلامية- إسهاماً فعالاً في نشر وإشاعة هذه الثقافة، ومن إسهاماته المهمة ما تم في دورة انعقاد مؤتمره الحادي عشر (25 - 30 / رجب 1419هـ) الموافق (14- 19/ 1998م)، بشأن الوحدة الإسلامية، ومما جاء في توصياته:

* التأكيد على حكومات البلاد الإسلامية، بدعم جهود كل من منظمة المؤتمر الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، باعتبارهما من صور الوحدة بين المسلمين سياسياً وفكرياً.

* تجاوز النزاعات التاريخية، فإن إثارتها لا تعود على الأمة إلا بإذكاء الضغائن وتعميق الفرقة.

* التزام حسن الظن، وتبادل الثقة بين المسلمين دولاً وشعوباً، بتوجيه وسائل الإعلام إلى تنمية روح التآلف وإشاعة أخلاقيات الحوار واحتمال الآراء الاجتهادية(8).

الجدير بالذكر أن هذا المجمع، قد عقد أول مؤتمر في مكة المكرمة (26 - 28/ شعبان 1401هـ، الموافق 7 - 9/ يونيو 1983م، ويهدف المجمع إلى:

* تحقيق الوحدة الإسلامية نظرياً وعملياً، عن طريق السلوك الإنساني ذاتياً واجتماعياً ودولياً وفقاً لإحكام الشريعة.

* شد الأمة الإسلامية لعقيدتها ودراسة مشكلات الحياة المعاصرة، والاجتهاد فيها اجتهاداً أصيلاً، لتقديم الحلول النابعة من الشريعة الإسلامية(9).

وفي المملكة الأردنية الهاشمية، كان لمؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي جهود مقدرة في هذا الطريق، فقد نص قانون المؤسسة في المادة (4) على تعميق الحوار وترسيخ التعاون بين المذاهب الإسلامية.

وفي طهران تم إنشاء المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، والذي يضم في عضويته من مختلف المذاهب والبلدان، وقد قام المجمع بإعادة طباعة (مجلة رسالة الإسلام)، والتي كانت تصدرها دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة.

أما على مستوى المؤسسات غير الحكومية، فنلحظ مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية بلندن، حيث اعتبرت قضية التقريب بين المذاهب موضوعاً محورياً في نشاطاتها، وقد نظمت مؤتمراً دولياً لوضع استراتيجية للتقريب بين المذاهب الإسلامية في العاصمة السورية دمشق عام 1999م، حضره عشرات العلماء والباحثين من جميع المذاهب الإسلامية(10).

وكذا لمركز الدراسات الإسلامية بدمشق، والذي كان أحد أهدافه الإسهام في الحوار الإسلامي الإسلامي، وفق قاعدة احترام التعدد، وحرية الاختيار من الفقه، ونبذ التعصب والتكفير(11).

كل هذه المؤسسات وغيرها، كانت من المفاصل المهمة التي لا ينبغي إغفال حقها في إشاعة هذا الوعي في وسط الأمة، غير أن ما هو مهم وهو محك الاختبار، أن تجد تلك التوصيات طريقها للتنفيذ والتطبيق، لا أن تصل -كما هو حال الواقع- إلى إدراجها تحت البند الإداري (للحفظ)!

من هنا صحّ لنا القول بكل جزم وتأكيد، بأن التحرك على ضوء خيار الحوار، هو الجهة الأصلية للنهوض الحضاري في الوسط الاجتماعي الإسلامي، وهي مسؤولية دينية وأخلاقية واجتماعية ووطنية، فالكل مطالب بأن يضع لبنة في هذا البناء بما يتوافق مع موقعه الاجتماعي، وإمكاناته المتاحة سواء في الإطار المؤسسي الرسمي، أو الأهلي عبر مؤسساته المختلفة، لذا "لا ينبغي أن تقتصر على ما هو قائم من أجهزة ومؤسسات نشطة، ولا على ما يمكن أن يتم إنشاؤه من مجالس أو هيئات،... بل لا بد أن تسهم فيها الوزارات والمؤسسات الحكومية التي لها صلة بميادين الفكر والثقافة والإعلام، وشؤون الدين الإسلامي، كوزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، والثقافة، والإعلام، بكل مؤسساتها ووسائلها، ووزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، إضافة إلى المجامع العلمية الإسلامية، وغيرها من الأجهزة والمعاهد العاملة في ميادين التوجيه الديني والثقافي، جنباً إلى جنب مع الجامعات والمعاهد الإسلامية المتخصصة، والهيئات، والنقابات التي لها نشاط في محو الأمية الدينية، ومحو الأمية الثقافية"(12).

خامساً : كيف ينجح الحوار الإسلامي - الإسلامي؟

لكي ينجح ويثمر الحوار الإسلامي الإسلامي، ويؤتي أكله لا بد من توافر شرط حسن النية، وسلامة الطوية، فعليهما تبنى المقاصد وتتحقق الأهداف، ولتحقيق ما سبق ينبغي العمل على:

أولاً: كسر الحاجز النفسي

بفعل التراكمات التاريخية، وعهود التخلف والانحطاط، وعقود من الاستعمار، تراكم إرث ثقيل الظل من عدم القبول للآخر المسلم، فمن "الطبيعي أن (تكون) هذه التراكمات السياسية والاجتماعية والثقافية، (قد) استطاعت أن تعمق الفواصل بالشكل الذي أصبحت حركة التكفير بين المسلمين حركة فاعلة، تعمق فصل الدين بين المسلمين، كما لو كان هذا المذهب من دين، وذلك المذهب من دين آخر"(13).

فكان من نتاج هذا الواقع المتخلف، أن أفرز عقلية تتبنى مقولات تنفي الآخر، وتبقى هي بعيدة عن مقام السؤال والمناقشة وكأنها صاحبة الحق والامتياز، وصاحبة الميثاق الأبدي والذي على ضوئه تحاكم، بل وتجعل من اجتهاداتها من المسلمات التي لا تقبل النقاش والحوار، والتي على المسلم الآخر أن ينقاد لها.

وهذه لوثة عقلية غير منحصرة باتجاه دون غيره، بل هي وبكل صراحة متفشية بشكل مخجل ومحزن، وإن كانت متفاوتة من حيث النسبة، ومتفقة من حيث النوع، وهذا التفاوت مرده فيما نظن لدرجة الحصانة والنفوذ والسلطة التي تتمتع به هذه الطائفة أو تلك بالمقارنة مع القوى والمذاهب الأخرى.

وبطبيعة الحال، فإنه من أولى المسلمات السوسيولوجية المتعلقة بعملية التغيير، خصوصاً في مساحة الفكر والثقافة والحراك الاجتماعي، هي أبطأ كثيراً من مثيلاتها التي تنطلق لتحدث تغييراً في المجال المادي. من هنا كانت الحاجة ماسّة وملحة من أجل البناء المعرفي الخلاّق، لكسر الحاجز النفسي بين المسلم وأخيه المسلم، ليس مع المسلم المتفِق، بل مع المسلم المختلِف في اجتهاده، والذي هو بطبيعة الحال مبرئ للذمة فيما بينه وبين ربه، لأنه عمل بمقتضى الاجتهاد بما هو قائم عليه الدليل في عباداته ومعاملاته. فإشاعة استخدام مفردة الحوار الإسلامي - الإسلامي، والتأكيد عليها في مختلف المجالات، من شأنه أن يؤسس لثقافة اجتماعية تعتبر هذه المفردة الحوار الإسلامي - الإسلامي جزءًا من مكونات شخصيتها التي لا تساوم عليها.

وهذه من غير شك، بحاجة لعمليات متواصلة من التنشئة الاجتماعية، والتي تأخذ مداها وفاعليتها في الوسط الاجتماعي، شأنها في ذلك شأن أي خبرة تمارس في المجتمع، تظل محكومة بشكل أوبآخر بمدى الاستجابة التي يبديها المجتمع حيالها.

وفي مقام قيمة كسر الحاجز النفسي، لابد من التأسيس لها من خلال مبدأ التقبل، والذي يشير إلى تقبل وقبول الفرد المسلم لأخيه المسلم، من موقع أن كل فرد له مبرراته وأدلته التي قد تتفق، كما قد تختلف، وهو مما لا يجوز معه فرض قناعات الذات على الآخرين ليكونوا في مقام المطابقة الكلية وهذا محال عقلاً في الجانب الإنساني.

أما المبدأ الآخر، الذي يتعاضد ويتآزر مع السابق فيتمثل بمبدأ العمل على قاعدة الاحترام المتبادل بين الأطراف.

لذلك، فالتهيئة والإعداد النفسي مطلب أصيل، لا مناص من جعله آلية عمل مستديمة، يتوجه خطابها لكل ألوان الطيف الإسلامي، كما أنها كذلك موجهة لكل الشرائح والطبقات الاجتماعية دونما استثناء تتأسس من خلال إشاعة مناخ التقبل، والثقة والاحترام المتبادل.

ثانياً:  تحديد الفئة المستهدفة من خطاب الحوار الإسلامي - الإسلامي

من الأهمية بمكان أن يتم تشخيص الفئة المستهدفة من الحوار الإسلامي - الإسلامي، لأن في عملية التحديد والتشخيص هذه يكمن عامل القوة الفاعلة، التي وفقاً لتشخيصها السليم ستتم صياغة الفكرة ونقلها للحيز الاجتماعي الذي لا يجد ممانعة في القبول، بل لا يرى مشاحة في الممارسة والتطبيق.

وفي تصوري، هناك ثلاث فئات اجتماعية لا فكاك من صياغة خطاب لها، يأخذ على عاتقه إتقان فن إيصال الرسالة وبشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض، ليضمن استجابة تحمل في طياتها تغذية راجعة، تتأصل من خلالها أواصر المعرفة والتفاهم، وفق رؤية تبتعد عن مسار التشنج والحساسية المقيتة.

الفئة الأولى: فئة المشتغلين بالدراسات الإسلامية.

والفئة الثانية: فئة المفكرين الإسلاميين.

أما الفئة الثالثة: فهي الشارع الإسلامي، أو ما يعرف بلغة الإعلام (الرأي العام).

وبطبيعة الحال، إن النظر إلى هذه الفئات الاجتماعية لا ينطلق من زاوية تجزيئية، بل من خلال صورة كلية تكاملية، وبمعنى أكثر دقة ووضوحاً، فإنه ينبغي في حال توجيه خطاب لإحدى الفئات السابقة، أن يدرك تداعيات هذه الرسالة وانعكاساتها على الفئتين الأخريين، وذلك لأن كل واحدة منها لا تعيش في فراغ، بل في وسط اجتماعي، تؤثر فيه وتتأثر به.

وعلى ذلك كان من اللازم معرفة الجهة المستهدفة من هذا الخطاب، إذ ليس من الحكمة في شيء، أن يصاغ خطاب موجه لذوي التخصص، ليطرح على عوام الناس، من الذين لا يملكون قدرة على إدراك ما هو وارد في تلك الرسالة، التي يطلب منهم التعاطي معها بالقبول والرضا.

فما يمكن توظيفه من خطاب موجه لأهل الفقه مثلاً، ليس بالضرورة أن ينجح حتى لدى المثقفين من الناس فضلاً عن عوامهم وكسبتهم، لأن لكل تخصص لغته ومفرداته ومبانيه، التي تمثل للمتخصص مرجعية تخصصية لا يقبل بلغة تكون خارج هذه المرجعية.

لذلك، فإن تشخيص الفئة المستهدفة من الخطاب على درجة بالغة الأهمية، نظراً لما تتطلبه كل فئة من موارد وإمكانات مختلفة عن الفئات الأخرى، من هنا "تتحدد مواصفات الخطاب... حسب نوع المخاطَب، وما دامت أنواع المخاطَب كثيرة، فأشكال الخطاب ينبغي أن تكون كثيرة كذلك، وإن كان موضوع الخطاب هو نفسه لكل المخاطَبين، لكن لكل مخاطب خطاب، حسب ما هو مهيأ لفعله وما هو منوط به"(14).

على أنه من الواجب التنبيه، إلى مسألة في غاية الأهمية، ألا وهي إبعاد العوام بحسب التعبير الفقهي، وكذلك غير المتخصصين في العلوم الشرعية تحديداً، من الخوض في المسائل التي يكثر فيها الرأي والخلاف، وبالتالي الفهم والاجتهاد، وترك ذلك إلى أهله ومختصيه. وذلك لأن الخوض في غمار هذه البحوث إذا ما تم بين أهل الاختصاص، فإن الأمر سيمضي في نهجه وخطه الصحيحين، والعكس نتيجته ما تعاني منه الأمة منذ زمن ولا تزال.

يذكر آية الله الشيخ محمد علي التسخيري في كتابه (مع مؤتمرات الفقه الإسلامي)، ما يشير إلى ذلك بوضوح عند حديثه حول (مظاهر التقريب في الاجتماع)، إشارة إلى اجتماع مجمع الفقه الإسلامي، والذي جاء تحت شعار (دراسة حول سبل تدوين القواعد الفقهية)، وذلك بمشاركة نخبة من علماء ومفكري المذاهب الإسلامية، في جدة (26- 28 / شعبان 1423هـ (18- 20/ تشرين الأول 2002م)، (ذاكراً ما نصه) "تعد القواعد الفقهية إحدى أهم الأدوات المشتركة، ومن النقاط المعدودة التي التقت عندها رؤى الشيعة والسنة، ما يعني ثقل دورها في هذا المجال. إن إدراج هذا الموضوع في جدول أعمال الجلسات، ساعد بحد ذاته في تعزيز أجواء تبادل الآراء، والمزيد من التناغم والتقارب العلمي، وبالتالي طرح وجهات نظر مشتركة، ذات آفاق متحدة بشأن القواعد الفقهية من قبل الجانبين. ومع أن جدول الأعمال المعتمد للجلسات، لم يكن مرتبطاً بفكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية، لكن الماهية المشتركة للقواعد الفقهية بين المذاهب الإسلامية في الغالب، وحسن نوايا المفكرين المشاركين، أدى إلى فتح آفاق جديدة من تقارب الرؤى، خلال الاجتماعات الرسمية أو اللقاءات الخاصة، تبلورت ضمن أطر علمية، حتى أن الجلسات كانت تتجه صوب مواضيع تخص فكرة التقريب. الملفت للنظر أن علماء أهل السنة المشاركين في الاجتماع، أبدَوا شوقاً ورغبة كبيرة للمزيد من التعرف على القواعد الفقهية الشيعية. وقد قدّم مجمع التقريب أكثر النسخ المتضمنة لهذه القواعد إلى مجمع جدة"(15).

ثالثاً: الحوار الإسلامي - الإسلامي بين إرادتين

حتى تتهيأ الأجواء لاحتضان ثقافة الحوار في الوسط الاجتماعي، لا بد من توفر عنصرين مهمين أو إرادتين، تأخذان على عاتقهما نقل هذا الطرح من نفق التنظير إلى التطبيق. وهاتان الإرادتان تعملان بشكل كلي وتكاملي، ليس بينهما حد فاصل متشخص في الخارج، إذ الفصل بين الأمرين قائم على الأمر الاعتباري وليس الحقيقي، وهذان العنصران أو الإرادتان هما:

العنصر الأول: الإرادة السياسية

نظام الدولة هو الإطار الذي تتحرك فيه المجتمعات الإسلامية، بالتالي فإن من مستلزمات أي نظام سياسي وجود قوانين وتشريعات تضبط الحقوق والواجبات، بين النظام السياسي (الدولة)، سواء على مستوى السياسة الخارجية، أو السياسة الداخلية، وبين الأطراف ذات العلاقة.

وحديثنا عن الإرادة السياسية، حديث يتعلق بمنطق القرار والسلطة، فإذا كان هناك قرار مدعوم بسلطة القانون، يحظر فيه أي نوع من أنواع الإرهاب الفكري، فإن من شأن هذا أن يخلق الأرضية لخلق حالة من السلم الأهلي، الذي يقوم على نظام الحقوق والواجبات.

ونظراً للتصور القائم في ذهنية الرأي العام العربي والإسلامي، ومن منطلق الدور الشمولي للسلطة السياسية لأجهزة الحكم في أغلب البلاد الإسلامية، بات هذا الفعل السياسي يؤسس لثقافة مؤداها، أن نوعاً من أي حوار لا بد له من تفويض من قبل هذه السلطة، بالتالي فإن القرار السياسي يمثل أمراً ملحاً ومطلباً حيوياً وعاملاً مهماً في نمو وازدهار السلم الاجتماعي، من خلال سن القوانين والتشريعات المنظمة، التي تتكفل بإشاعة مثل هذه المناخات الفاعلة، مما ترتب على هذا الفهم، من اعتبار الممارسة في القرار السياسي مما هو مندرج تحت قائمة المنح والهبات التي يقدمها النظام السياسي لمواطنيه، وليس باعتباره حقاً من حقوق المواطنة.

العنصر الثاني: الإرادة الاجتماعية

بين الإرادة السياسية والإرادة الاجتماعية، جدلية متواصلة من عمليات التغذية والتغذية الراجعة، بما يتبعها من تأثير وتأثر. وعلى ذلك فإن أي مشروع تنموي تطرحه السلطة السياسية، لا يمكن أن يكون مصحوباً بأي نجاح إذا أغفل في حساباته وأجندة مشروعه المكون البشري، الذي يتحرك فيه هذا المشروع أو ذاك، لأن السلطة السياسية، والدولة بشكل أدق، عبارة عن "كيان سياسي - قانوني، ينصرف إلى مجموعة الأفراد الذين يعيشون في إقليم محدد تحكمهم سلطة سياسية ذات سيادة"(16)، لذا فالدولة "تعبير سياسي لا يتواجد إلا بتوافر أركانه الحيوية. ويتوقف ازدهار الدول واضمحلالها، وقيامها، وسقوطها على القرارات الواعية"(17). لذلك نلاحظ "تداخل وتفاعل أدوار الدولة والمجتمع المدني عبر توافقهما تارة وتعارضهما تارة أخرى، فالدولة تنظم تعاملات الأفراد من خلال القوانين والقواعد، كما أن المصالح الاجتماعية للأفراد يمكن أن تخترق نظام الدولة وتحتل وظائف معينة فيها. والعلاقة الجدلية المبنية على الحوار والاعتراف بالآخر، القائمة بين السلطة السياسية الممثلة بالدولة، وبين التنظيمات السياسية والأحزاب الممثلة للمجتمع، إضافة إلى التداول السلمي للسلطة والذي يكرسه القانون ويكفل آليات عمله، هو ضمانة عدم تصلب النخب الحاكمة وتفردها بالسلطة، كما أنها الآلية الفعالة لتجنب هذه المجتمعات أشكال الصراع غير المثمرة، بل والمدمرة تاريخياً، كالصراعات الدينية أو المذهبية أو الاثنية، والتي أياً كان الرابح فيها فإن المجتمع ككل هو الخاسر الأكبر"(18). من هنا كان لدرجة الوعي الاجتماعي، والاستقرار الأمني والسياسي، والاقتصادي، والصحي، مضافاً إليها استشعار روح المسؤولية الوطنية بين المواطنين، كلها عوامل أساسية ومهمة، بل وبالغة الأهمية في ضمور، أو تشكل مراكز القوى الفاعلة في المجتمع، بالتالي توافر أهم العناصر المؤدية لخلق الإرادة الاجتماعية، الدافعة نحو ما هو معزز ومدعم، لإثراء الساحة الاجتماعية، بما ينعكس إيجاباً على عمليات النهوض الحضاري، والعمل على صياغة الأهداف البعيدة المدى، نحو بناء المستقبل المرتكز على ترجمة تلك الأهداف إلى ممارسة واقعية ميدانية.

وفي موضوع الحوار الإسلامي - الإسلامي، لا نجد مجالاً للشك في ضرورة المؤازرة والمساندة الفاعلة بين الإرداتين، إذا ما أريد لثقافة الحوار أن تبنى على أسس صحيحة وصلبة، وإذا ما أريد لهذا الخيار أن ينتقل من أروقة وأرفف التوصيات لأي لقاء أو مؤتمر في دائرته المحلية، أو الإقليمية، أو الدولية، إلى حيز الممارسة والتطبيق، وأن تنعكس هذه القرارات والتوصيات على مجمل خطط التنمية، خصوصاً تلك التي تكون على تماس مع الناس وهمومهم، كحقل التربية والتعليم في مستوياته المختلفة، والإعلام بكل أشكاله، والمؤسسات ذات الشأن الاجتماعي المتنوع.

رابعاً: أفق الحوار الإسلامي - الإسلامي

في الحديث عن أفق الحوار الإسلامي - الإسلامي، لا بد من الإشارة إلى أن أفق هذا الحوار ينبغي أن يمتد ليشمل كل ألوان الطيف الإسلامي، والقوى الفاعلة في المجتمع كلاً من موقعه وإمكاناته.

وفي مجال تشخيص هذا اللون، نلحظ مجالين ينطلق فيهما الحوار، فتارة نعني الحوار الإسلامي - الإسلامي في مناخه المطلق، من خلال الرقعة الجغرافية لخريطة الدول الإسلامية. وبذلك تكون بيئة الخطاب تعني كل هذه المساحة الجغرافية للدول الإسلامية، والذي يمكن حصره مرة بدول العالم العربي تحت مظلة جامعة الدول العربية، وأخرى بكل تلك الدول المنضوية تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي.

وتارة أخرى نطلق هذه المفردة الحوار الإسلامي - الإسلامي من خلال الأفق القطري المحلي، بمعنى آخر، إنها تتحرك في خطابها في بيئة محلية قطرية، ذات جغرافية وحدود سياسية معترف بها دولياً. بالتالي فحراكها يتمحور في النطاق البيئي المحلي القُطري، الذي يوظف كل أدوات الخطاب وعناصره في إشاعة هذا المناخ، في سبيل السلم الأهلي الاجتماعي.

وبحسب هذين الأفقين، فإننا وبحكم الواقع السياسي والاجتماعي، لا بد لنا من العمل على هاتين الجبهتين، إذ ليس في الواقع المعاش -كما نشاهد ونرى- كيان واحد لدولة إسلامية تضم بين حدودها هذه الكيانات المتعددة، وإنما هناك دول إسلامية لكل منها حدودها السياسية، ولغتها القومية، وقوانينها ودساتيرها التي تحتكم إليها في إدارة الدولة والنظام، وإن كانت من حيث الهوية إسلامية.

ونحن هنا لا نعالج الأمر من حيث الوجهة الفقهية التي تنطلق من مصطلح (دار الإسلام)، والتي تجد لها انعكاسات ومصاديق كثيرة على مستوى العديد من موضوعات الحكم الشرعي، وإنما في صدد بيان الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي لهذه الدول، "فباستثناء الدين الإسلامي لا يجمع بين تلك الدول لغة أو ثقافة مشتركة، فبينما تتحدث الدول العربية اللغة العربية، فإن الدول الإفريقية الإسلامية غير العربية تتحدث الإنجليزية والفرنسية والسواحلية، بينما دول أخرى الأردية، والفارسية، والإندونيسية، هذا بخلاف تعدد القوميات القائمة في تلك الدول... أضف إلى ذلك أنه لا توجد وحدة عرقية سواء بين الدول الإسلامية أو داخل معظم الدول الإسلامية"(19).

وللجمع بين هاتين النظرتين، فقد تبنت المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، (اسيسكو) استراتيجية للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وهي الاستراتيجية التي اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامية العاشر بماليزيا 2003م، والتي تحتوي على نقاط في غاية الأهمية، ومن موقع عملية تدوير الأفكار، عبر العرض والتقديم لتأخذ صداها ومفعولها المرجو، نطرح بنود هذه الأهداف لتكون محل قراءة ونظر، بوصفها إطاراً يستحق التركيز وإعادة تدويره وإنتاجه، وهي كما جاءت في هذه الاستراتيجية:

1- جعل التقريب بين المذاهب الإسلامية هدفاً إسلامياً متجدداً، تُعنى بتحقيقه الدول الإسلامية كافة.

2- تحديد الطرق العلمية والعملية والمسالك المستنيرة لفهم أبعاد الرسالة الإسلامية، وضبط مفهوم ما يسمى بالاختلافات المذهبية، الفقهية منها والأصولية، والإسهام في التعريف بأن التفرقة المذهبية المفتعلة التي أدخلتها النزاعات المشبوهة، والصراعات الفكرية غير المشروعة، والتي تجاوزت حدود الاختلافات المحمودة والمقبولة إسلامياً، ليس لها جذور إسلامية، ولا مرجعية تشريعية، ليتجنبها المسلم، حفاظاً على اللحمة الإسلامية، والتأكيد على أن ما عداها من الاختلافات الفقهية، لا يعدو كونه اجتهادات فكرية وآراء ظنية، تنمو بنمو الوعي الإسلامي الصحيح، وتتعدد بتعدّد نوعية الحياة، وتتجلى أبعادها ومقاصدها في إطار تطبيق أهداف هذه الاستراتيجية وتحقيقها.

3- الارتقاء بثقافة التقريب المذهبي والفقهي لدى الأجيال الإسلامية، وتهيئتهم لفهم ما برز على الساحة العلمية، وما يستجد فيها، في إطار تصحيح فهم مقاصد ما أطلق عليه اختلافات فكرية وفقهية، وتذويب النزاعات الجدلية، بالقدر الممكن، والاستفادة من التعددية الفكرية في إطار الشريعة الإسلامية.

4- إبراز أسس العلاقات المتينة التكاملية القائمة بين المذاهب الفقهية الإسلامية القائمة، وتفعيل مبدأ العمل الاجتهادي وفتح آفاقه وعلومه، وفق الأصول والقواعد المقررة فقهياً.

5- حصر المسائل الخلافية في المسائل والقضايا الظنية، وردّها إلى مصادرها الصحيحة، بغرض إزالة أنواع الشك حول نوازع الاختلاف العقدي، بما يوضح الصحيح من العقائد الإيمانية والقواعد الإسلامية الجليلة.

6- العمل على تذويب الغلوّ والتعصب المذهبي، أينما وجد، والارتقاء بمفهوم الاختلافات الفقهية إلى مقاصدها، وإعادتها إلى جذورها الإسلامية الصحيحة، دون حيف أو تشنج أو تعصب، بغرض إيجاد أرضية إسلامية صلبة للتبادل المعرفي، وتكوين وحدات فكرية إسلامية تتفاعل مع المستجدات الحياتية، وتعي التحديات الجديدة التي تحدق بالعالم الإسلامي.

7- السعي إلى مضاعفة الجهود الإسلامية الهادفة، بغرض الوقوف -بفعالية إيجابية- أمام التيارات المعادية للإسلام، والتصدّي لها بعزيمة إسلامية موحدة، وبالذات هيئات التنصير التي تستهدف هدم البنية الإسلامية، أو التشكيك فيها، وللتمكّن من صد الغزو الفكري المعادي للإسلام والمسلمين، ومواجهة الانحلال المعرفي الذي يروج له عبر مغريات العصر، والعمل على تسخير التقنيات العلمية والآليات المتطورة ووسائل الاتصال الجماهيري ذات الأثر الإيجابي، لمصلحة المسلمين جميعاً، حفاظاً على عقيدتهم السمحة، وهويتهم الإسلامية التي عليها عماد حياتهم. في إطار تنفيذ استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية، تبرز أهميتها من خلال اتخاذ إجراءات متكاملة متماسكة، على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، ويأتي في مقدمتها ما يلي:

أولاً:  على المستوى الوطني

1- وضع سياسة وطنية تستهدف التقريب بين المذاهب الإسلامية، تتضمن خططاً عملية، من شأنها أن تساعد المعنيين على إبراز حقيقة الاختلافات الفقهية من منظور إسلامي، باعتباره ظاهرة فكرية، نابعة من منطلقات غير منافية للتشريع الإسلامي، لها جذور إسلامية صحيحة مبررة، وبالذات منها ما كان في المسائل والقضايا الاجتهادية المستنبطة من الأدلة الظنية.

2- إدماج مادة (ثقافة التقريب بين المذاهب الإسلامية) في كل مناهج المراحل التعليمية، وبصورة أخص في المعاهد والمدارس والجامعات الدينية ذات الطابع المتخصص في العلوم الشرعية، ووفق أسس تربوية، والتركيز عليها، في كل مسارات العملية التعليمية، والعناية بها كمادة تطبيقية صفِّية ولا صفِّية أساس، يحصل الطالب عند تفوقه فيها على تقدير أعلى في علامات النجاح التعليمي.

3- تكثيف المحاضرات الدورية عن التقريب وثقافته السلوكية، في مختلف المراكز المعنية بالقضايا الثقافية، وفي المعاهد والمؤسسات التعليمية، مع التركيز بشكل أكثر عمقاً على الوحدة الإسلامية، وشرح أسباب الاختلافات الفكرية والفقهية بين المذاهب، والعمل على تبسيط مبرراتها وتوضيح مقاصدها.

4- استغلال المناسبات الوطنية والتجمعات الشبابية المتكررة لتناول مسائل التقريب، والعمل بشتى السبل والوسائل، على نشر ثقافته، والتعريف بأن اختلافات المذاهب لا تعني التباين والتضاد والتفرق، وإنما هي اختلافات اجتهادية ظنية، تدور حول أحكام فروع مسائل وقضايا الفقه الإسلامي، وأنها لا تمت إلى جوهر الإسلام وثوابته.

5- الربط بين أصول الدعوة الإسلامية ومحتوى اختلاف المذاهب والفتاوى الإسلامية وتعدّدها، والدعوة إلى ضرورة انسجام فتاوى العصر مع جوهر الإسلام، وإسنادها إلى مصادر التشريع، لا إلى أقوال ليس لها مرجع من الدين، وخصوصاً حول قضايا الساعة الملحة، الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية.

6- دعوة الكليات والجامعات الإسلامية، لتطوير مناهجها ومقرراتها وفتح آفاق معرفية جديدة، تتمثل في توسيع الدراسات الإسلامية العليا وتطويرها، في إطار التقريب، وتشجيعها على فتح باب الاجتهادات الفقهية، وفق أسسه المعروفة في علم أصول الفقه، بحيث يتسنى لها تخريج المجتهدين والعلماء المبرزين، المتعمقين في الشؤون والقضايا الإسلامية، ومساعدتها على تطوير البحث العلمي المتخصص وتعميقه، وخصوصاً في جوانب الدراسة التي تخدم وتحقق أهداف التقريب بين المذاهب، مع إيلاء مناهج ثقافة التقريب أهمية خاصة في الدراسات الدينية والجامعية، وبحوث الدراسات العليا، ورسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه، وفي جميع إصداراتها.

7- إيلاء دور خطباء المساجد والوعاظ ورجال الدعوة اهتماماً خاصاً، والعمل على تشجيعهم على حمل رسالة التقريب، وتوحيد رؤيتهم الإسلامية نحو المذاهب، ودعوتهم للحدّ من تناول المسائل الخلافية، إلا بما يجعل منها منطلقاً للثراء الفكري والتوسع المعرفي، وبما يخدم مقاصد التشريع، ويؤكد الوحدة الإسلامية.

ثانياً:  على المستويين الإقليمي والدولي

إذا كان التعاون الإقليمي والدولي في كل مجالات الحياة يعتبر من أهم ركائز العلاقات الدولية، وضرورة من ضروريات نموّ هذه العلاقات واستقرارها، فإنه في ميادين العمل العقدي والتماسك الديني، أكثر ضرورة، وأشد تأكيداً واحتياجاً، وخصوصاً فيما يتعلق بأمور لها دورها في التكامل والتنسيق والتشاور والتناصح، لمصلحة الاستقرار الفكري والأمني وترسيخ الاعتقاد القلبي، وما يمت بصلة إلى تحسين العلاقات الأخوية، التي فرضتها العقيدة الواحدة، عقيدة الإسلام الحنيف. وللوصول إلى الغايات التي استهدفتها هذه الاستراتيجية، فإن الأمر في مجالات التعاون الإقليمي والدولي يرتكز على ما يلي:

1- العمل وبشكل محكم ومتكامل، لتنمية كل أشكال التعاون فيما بين المؤسسات الوطنية، وبين المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية العاملة في إطار الدعوة والتعليم الإسلاميين.

2- تسهيل تبادل الخبرات والمعلومات، وخطط العمل الإسلامي الموحد وفق أهداف التقريب، وبذل الوسع لتشجيع تبادل المطبوعات والإصدارات التي تستهدف تحقيق التقريب بين أبناء العالم الإسلامي.

3- تبادل العلماء والوعاظ والمرشدين وأصحاب الرأي المستنيرين، والباحثين والمحاضرين في مختلف جوانب الدعوة الإسلامية، وبالأخص الضالعين في مسائل التقريب بين المذاهب.

4- تشجيع تبادل وزيادة عدد المنح الدراسية، واستقبال الدارسين والباحثين، في رحاب الدراسات الإسلامية، وخصوصاً منهم المهتمين بميادين التقريب، والعمل على تأمين إمكانات إجراءات البحوث الميدانية، واستطلاع الرأي بما يساعد الطالب الباحث على الوصول واكتساب المعلومة الصحيحة، ويسهل له مهمته البحثية، ويمكنه من إنجاح دراسته، لتعميم النفع منها، بقصد تحقيق أهداف التقريب والإسهام في تنفيذ استراتيجيته"(20).

* خاتمة

ختاماً، أشير إلى مجموعة من النقاط أوجزها في الآتي:

(1) إن فتح هذا الملف، يعبر عن ضرورة ملحة تستدعي تآزر جميع القوى الفاعلة في الأمة، وهي تجربة جديرة بالمزيد من الفعل المستمر والمتواصل.

لم يشر في مقدمة الكتاب لتاريخ صدور هذه المحاور التي ضمها الملف، مما يولد لدى القارئ تصوراً بأن هذا الموضوع، جاء نتيجة لردة فعل لما هو مطروح في بعض الفضائيات، بينما الحال يشير إلى غير ذلك، وبأن هذه الموضوعات قد تمّت معالجتها وطرح الحديث حولها قبل وقت طويل من طرح تلك الفضائيات.

أغفل الكتاب أن يظهر التجارب الميدانية للحوار الإسلامي - الإسلامي، عبر تزويد القارئ بببلوجرافيا عن تلك المساهمات الفكرية المنشورة في هذا الصعيد. كما وأنه أغفل كذلك دعم هذا الجهد المبارك بأسماء المؤسسات ذات العلاقة.

تميز الكتاب بتنوع المشاركين فيه، مما أعطاه زخماً عالياً من التنوع في عمليات الطرح والمعالجة، ترتب على ذلك المزيد من الإضاءات اللامعة الجديرة بالتوقف معها وعندها طويلاً.

ختاماًً أقول، بأن عملية تنشئة الجيل على ثقافة الحوار، وتربيته على تقبل الآخر المسلم وقبوله، لهي من الأولويات الأساسية التي ينبغي أن تصاغ كاستراتيجية كبرى في كل الخطط التنموية، باعتبارها تربية مستديمة ينبغي أن تجد لها مصاديق في السياسة الإعلامية، والتعليمية، كما في المؤسسات الاجتماعية المختلفة، باعتبارها حواضن طبيعية لتشكيل ذهنية الفرد، بالتالي هي ثقافة وسلوك تصبغ المجتمع بلونها وتأثيراتها إن سلباً أو إيجاباً، وليختزن العقل الجمعي الإسلامي، بأن الحوار الإسلامي الإسلامي ضرورة لا تكتيك.

 

الهوامش:

(1) الحركات الإسلامية المعاصرة في الوطن العربي. مركز دراسات الوحدة العربية.  بيروت - لبنان. الطبعة الثانية. 1989م. (مستقبل الصحوة الإسلامية - د: عبدالله النفيسي ص 330 - 331).

(2) أدب الاختلاف في الإسلام. من إصدارات: المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة. سنة 1421هـ - 2000م. أبحاث  الندوة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة. بالتعاون مع جامعة الزيتونة.  تونس، 20 - 18 من شعبان 1419 هـ /  من 10 - 8 ديسمبر 1998م. (من خلال موقع المنظمة على شبكة الإنترنت مقالة: أدب الحوار في الإسلام لمحمد القدوري. www.isesco.org.ma).

(3) ثقافة الحوار في الإسلام. د: عبد القادر الشيخلي. سلسلة كتاب الرياض. عدد 117. أغسطس 2003م ص 18.

(4) ثقافة الحوار في الإسلام. (مصدر سابق). ص 20 - ص 21 .

(5) الحوار في القرآن. (قواعده. أساليبه . معطياته). محمد حسين فضل الله. مطبعة الدار الإسلامية . بيروت - لبنان. الطبعة الأولى. سنة 1399هـ - 1979م. ص 18.

(6) أدب الاختلاف في الإسلام (مصدر سابق).

(7) مجلة الكلمة  (مجلة فكرية ثقافية إسلامية) - بيروت - لبنان .  العدد (23) السنة السادسة - ربيع 1999م - 1420 هـ . ص 148.

(8) مع مؤتمرات مجمع الفقه الإسلامي. (مصدر سابق)  ج 3 ص 250.

(9) مع مؤتمرات مجمع الفقه الإسلامي. (مصدر سابق)  ج 1 ص 9 ص 10.

(10) استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية (مصدر سابق)

(11) موقع المركز على شبكة الإنترنت.

(12) استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية . من إصدارات: المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة. سنة 1425هـ - 2004م.

(13) مستقبل الحوار  الإسلامي - الإسلامي. السيد محمد حسين فضل الله. ص 16.

(14) إصلاح الفكر الإسلامي (مدخل إلى نظم خطاب الفكر الإسلامي المعاصر) د: طه جابر العلواني. الناشر: الدار العالمية للكتاب الإسلامي. الرياض - السعودية. الطبعة الثالثة سنة 1416 هـ 1995م. ص 113.

(15) مع مؤتمرات مجمع الفقه الإسلامي (المؤتمرات الفقهية) ، محمد علي التسخيري، الناشر دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان. الطبعة الأولى سنة 1424هـ - 2003م . ج4 ص 351.

(16) العلاقات بين الدول الإسلامية. الدكتور: محمد السيد سليم. الناشر عمادة شؤون المكتبات - جامعة الملك سعود. الرياض - السعودية. الطبعة الأولى سنة 1412هـ - 1991م. ص 1.

(17) الجغرافية السياسية (منظور معاصر). د: محمد محمود إبراهيم الديب. الناشر مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة. سنة النشر 1989م. ص 398.

(18) مجلة عالم الفكر (الكويت) المجلد السابع والعشرون - العدد الثالث. يناير / مارس 1999م. (إعادة الاعتبار لمفهوم المجتمع المدني، د: كريم أبو حلاوة ص 16 ص 17).

(19) العلاقات بين الدول الإسلامية (مصدر سابق) ص 28 ص 29.

(20) استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية (مصدر سابق).

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة