تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

من هو المثقف ؟

صبحي غندور

 

          قد يتبادر للذهن فوراً حينما نتحدث عن المثقف لوحة قد تعني للبعض أنه هذا الإنسان المتعلم صاحب الدكتوراه أو الشهادة العليا، أو قد ترتسم صورة أخرى عند البعض أنه ذلك الرجل وليس المرأة، وقد ترتسم عند البعض الآخر ذلك المثقف الذي يكون في موقف المعارض دائماً.

          والحقيقة أن المثقف ليس هو فقط الباحث أو الكاتب أو المتعلم، وليس هو فقط الرجل دون المرأة، وليس هو فقط الانسان المثقف في موقع المعارضة..

          حسب قناعتي هو المثقف الذي تتجاوز اهتماماته حدود مصلحته الخاصة لتشمل بقدر ما يستطيع مصلحة المجتمع ككل وقضايا المجتمع ككل، وهو من قد يجمع بين العلم والكفاءة المهنية وأيضاً الثقافة والادراك بما يعيش فيه المجتمع من قضايا ومشاكل، وبالتالي محاولة تصور الحلول المناسبة لهذه المشاكل ولهذه القضايا.. هو عملياً الذي يجمع عقول الانسان بهذا المعنى هو الانسان الرجل، هو الانسان المرأة.. هو المرأة التي قد تكون لم تسمح لها الفرصة الكاملة للتعلم نتيجة ظروف معينة، ولكنها في إطار منزلها تمارس عملية الثقافة الذاتية، تمارس عملية الاطلاع والمعرفة بما يحدث حولها في المجتمع ، وبالتالي قد تكون هذه المرأة صاحبة دور أهم بكثير ربما من دور الرجل في كيفية تربية أطفالها، في كيفية تناول ما يحدث من قضايا في المجتمع مع جيرانها وأقاربها، هي تقوم بشكل غير مباشر بالدور الطليعي المطلوب في تقديري من الانسان المثقف الرجل الذي عليه ليس فقط أن يتصور مشاكل المجتمع وإنما الحلول لها أيضاً، عليه أن يسعى للحديث عنها، ومن ثم أن يسعى للتغيير والاصلاح قدر ما يستطيع.

          وأزمة المثقف قد تكون عند البعض هي أزمة الظروف حولهم، وليس أزمة أنفسهم.. يعني هناك تساءل ما زال مطروحاً على نطاق واسع : هل أزمة المثقف ناشئة منه ، أو بفعل الظروف المحيطة به ؟

          في تقديري أنها مزيج الاثنين خصوصاً في ظروف محدودية الكلام والمطالعة الحرة وغياب الحريات، وبالتالي فإن مشكلة المثقف أنه محدود الاحتكاك والتفاعل مع الناس.. فهو قادر على كتابة كتاب أو مقال لكن في ظل انتشار الأمية فإن قراءة هذا الكتاب أو هذا المقال يكون على نطاق محدود جداً، حيث أن غالبية الناس وفي المنطقة العربية بالذات سماعية، أو تعتمد على الرؤية ومشاهدة التلفاز.

          وحتى ما يكتبه المثقف قد يحاصر ويمنع، وهذا يترك أثره على محدودية تأثير المثقف على المجتمع ..

          والنتيجة أن يتحول حديث المثقف المهم في مضمونه إلى حديث مغلق لا يحتك ولا يتفاعل مع الناس لأنه غير قادر على ايصاله إلى الناس بسبب نوعية الخطاب، وهذا بدوره يكرس انقطاع المثقف عن المجتمع الذي يجعل من هؤلاء المثقفين طبقة فوقية، في حين أنه لا يصح أن يتحول المثقف إلى طبقة في المجتمع ، بل ينبغي عليه أن يكون منتشراً في كل أجزاء المجتمع وطبقاته المختلفة حتى يكون قادراً على الدفاع عن مصالح الأمة.

فالمطلوب من المثقف إن كان رجلاً أو امرأة أن يتجاوز حدود اهتماماته ومصلحته الخاصة سواء كان داخل السلطة أو خارجها وهذا لا يتحقق إلا بالاحتكاك بالناس والتداخل معهم.

مشكلة أخرى أساسية تواجه المثقف هي هوية المثقف ذاته، هوية ثقافية ، هوية المجتمع الذي يتحرك فيه، وهذا يعني أن يتساءل المثقف من نحن ؟ ويخاطب من ؟ ولماذا ؟

وللأسف الشديد فإن هذه التساؤلات لم تحسم بعد، من هنا كانت الضرورة لحسم القضايا الأساسية للخروج من قوس المشكلة ليكون المثقف قادراً على توجيه المجتمع إلى طريق الصواب.

 

 

 

* المحرر الناشر لمجلة الحوار – الولايات المتحدة الامريكية .

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة