شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
في ساحتنا الثقافية همسة عالية تقول :
لنحترس من الخطابات التعميمية التي تشكل لون لحظتنا الراهنة !
أما لماذا !.. فلأنها تقرأ الواقع المتخلف وتنوع تجلياته في ضوء قانون "الواحدية" وتنمط مجتمعنا العربي وتمركزه في حالة زمكانية تلغي تدفق اللحظات وتباعد الأمكنة..
ولأنها خطابات تختزل انساننا وتختصر أسئلته وأجوبته بسؤال وجواب واحد لا ثاني لهما.. تأكيداً على أن " التحرر " هو الجواب الرئيس على السؤال الرئيس الذي يطرحه "التخلف" ينضاف ان ثنائية السؤال/ الجواب معقدة بالواحدية وذات صيغة تجريدية، وهي تلغي الأسئلة المهيئة للسؤال الأساس والأجوبة الممهدة للجواب الأساس أيضا..
الخطاب التعميمي سمته أنه محكوم بالمطلقية ومشروط بالتجريد، لذا ليس غريباً ان يستهين بالواقع المنسوج من التعددية والتنوع فلا ينتج غير "الضلال" المعرفي والاخفاق السياسي!..
اذن .. لنحترس بالفعل من الخطابات التعميمية.
لأن قراءة الراهن ومعالجته تستلزم خطاباً يؤسس لسلطته من الواقع، يبنيها من ملامسة الجزئيات / التفاصيل التي هي الخطوة الأولى نحو خطاب مغاير لخطاب التعميم..
والخطاب التحليلي المفتقد ، هو الخطاب " التوعوي " الذي يرصد المنسي من حركة الواقع، ويهتم فيما يهتم باللامفكر فيه واللامصرح عنه ..
لذا ...
فالخطاب التحليلي لوطننا العربي بحاجة إلى قلب العديد من الأسس المنهجية المغلوطة .. بحاجة لأن ينطلق في حركته المعرفية من دائرة الجزئي إلى دائرة الكلي.. ومن التجريبي إلى النظري، رابطاً جأس حركته بأسس نظرية ما دامت كل قراءة "تدخلاً" ايديولوجيا كما يقولون!.
الخطاب التعميمي وقع أسير الاستخفاف بالأجوبة والاستهانة بالأسئلة ففقد طاقة الابداع والمساءلة المسؤولة فظل يراوح في مكانه حتى خيم عليه الجمود.. أو كاد.. لذلك فالخطاب المعاصر بحاجة إلى قلب استعجالي أيضاً يسرع نحو الجزئيات/ التفاصيل المحذوفة أو المنسية لأنها الاقدر راهناً على تقريبنا من واقع الواقع وتغيير رؤيتنا إليه .. انها المقاربة المستكهنة لواقع تتلبد فضاءاته بغيوم خطابات التعميم بل لواقع تنفلت سماته وانشباكاته وتناسلاته.. لواقع لم يتأسس خطابه بعد، وانما يراد له ذلك.
بناء على هذا القلب المدروس والمرشد يستحق هذا الخطاب شرعيته ويستعيد كفاءته، وهو خطاب خطاب لا يلغي بالتأكيد الامكنة والأزمنة الأخرى..
الخطاب المنتظر ، يمكن أن يضيء خطوط وحدته المغايرة ، يستنفر آثارها المنسية الملغاة، ويتجه بتأن وهدوء نحو الأجوبة الممكنة للأسئلة الممكنة.. فالتوجه نحو الجزئي يكشف لنا مأساة محتجبة!.
ولنحترس من الخطاب التعميمي لأنه تقليدي أيضاً.. وهي تهمه لا ينجو منها الخطاب الانتقائي الذي لا يفلت هو الآخر من الرؤية التقليدية..
الخطاب المضاد لا يمكن أن يحدد مكانه في القراءة وهي تختار مساراً أوضح عبر الانصات الواعي لأنين الواقع وملامسة حيثياته المغيبة، إلا بالاسترشاد من قانون النقد الايديولوجي والمعرفي.
لا شك أن الانتقال من التعبوي إلى التوعوي في الخطاب ومن سطحية التعميم إلى "عمقية" التفصيل الحيثي، هو المشروع المطلوب. وثنائية (المثقف/المجتمع) تلعب دوراً أساسياً في نسف أسيجة الخطاب التعميمي وانهاء امبريالية النص الذي تتأسس عليه.
الحقيقة، أن المثقف والمجتمع يواجهان ثنائيات أخرى تنسج الاشكالية الأخطر في الموضوع.. من قبيل :
- سلطة الثقافة / ثقافة السلطة .
- نفوذ الثقافة / ثقافة النفوذ .
- قوة الثقافة / ثقافة القوة .
والذي يبدو لي أن على الطرفين ، المثقف والمجتمع، أن ينتهيا بروح من المسؤولية والموضوعية والوعي، إلى تحديد موقف معرفي نهائي من هذه العناوين.
فإذا كان الخطاب العربي التعميمي راجع في جانب كبير من نشأته وتطوره إلى "ركوع" كل من المثقف والمجتمع لثقافة السلطة و "الاقرار" بثقافة النفوذ و "الخضوع" لثقافة القوة.. فإن تأسيس الخطاب الجديد يستلزم موقفاً ثقافياً ومعرفياً جديداً من المثقف والمجتمع ، بحيث يؤمن بسلطة الثقافة ونفوذها وقوتها.
فإذا ما استطاع الرحم الثقافي العربي انجاب هذا الوعي النوعي فإنه وضع الخطوة الأولى / الأهم على جادة التغيير وسكة التطور .
لذا .. لابد أن ينصب الاهتمام الثقافي على عناصر المعادلة التي تؤسس الخطاب وتسوقه.. أي " المبدع والمتلقي والموصل بينهما ، ولابد من تركيز الحركة باتجاهات :
- ترويض الحركة الابداعية لدى المثقف ومساعدته في تجاوز سقوف الكلاسيكية والركود، وتفجير الابداع واطلاقه في فضاءات لا متناهية.
- ايقاظ المتلقي من غفوة الوعي الخامل ودفعه نحو التفاعل مع المنجز الابداعي عبر تطوير الحس النقدي عنده.
- تفعيل حركة الاتصال بين المبدع ( المثقف ) والمتلقي ( المجتمع ) في جو من الحوار الواعي ومستلزماته.
والخلاصة التي يفترض أن يختزنها هذا الحل / المقترح ، هو ان انطلاقة تغيير الخطاب تبدأ من انطلاقة تغيير موقف كل من المثقف والمجتمع ودورهما في اعادة ترتيب المواقع.
* كاتب – العراق .
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.