تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

ثلاثة عشر عاماً بعد نظرية نهاية التاريخ

فرانسيس فوكوياما

 

ترجمة: هشام الميلوي***

سأحاول في هذه الورقة تناول ثلاث قضايا أثارتها نظرية نهاية التاريخ خلال العشرية الأخيرة والانتقادات التي أعقبت النظرية.

المسألة الأولى تتعلق بإشكالية الإسلام الراديكالي بشكل خاص والذي تم اعتباره بمثابة إيديولوجيا بديلة.

أما المسألة الثانية فهي تتعلق بمشكلة برزت خلال السنتين أو السنوات الثلاث التي تلت الحرب الأخيرة على العراق والخلاف بين أوروبا والولايات المتحدة على مستوى العلاقات بين الدول وليس داخل الأمم المتحدة.

وأخيراً مسألة أسميتها باستقلالية السياسات المرتبطة بالتنمية في الدول الأكثر فقراً. وكيفية ولوجها إلى العملية التاريخية خاصة من طرف دول جنوب الصحراء وكذا باقي دول العالم.

أود العودة إلى الأطروحة الأولى لنظرية التاريخ.

إن نظرية نهاية التاريخ كانت تتعلق أساساً بمسألة التحديث ولم تكن تعني التوقع بأن الديموقراطية ستنتصر في كل مكان من العالم، وأشير هنا إلى أن التحديث يمثل عملية منسجمة تستدعي مجموعة من العناصر والآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في كل بقعة من العالم تشهد مثل هذه العملية، وهذه ليست بالفكرة الجديدة وإنما تعود إلى هيغل وماركس، بل إن جميع أشكال الفكر التقدمي يعتقد بصورة ما في الصيغة الماركسية، أي وجود تاريخ عالمي يمكن اكتشاف قوانينه وفهمه أيضاً نظراً لخضوعه لمنحى خطي ولتوفره على بداية ونهاية. ولكن ليست تلك النهاية الطوباوية الاشتراكية أو الشيوعية. وكان من جملة الملاحظات التي سبق أن أشرت إليها بخصوص هذه النظرية هو الاحتمال الضعيف لوجود مثل هذه النهايات، ويكفي إلقاء نظرة سريعة على التطورات السريعة التي يشهدها العالم لتخلص إلى أن الأمور لا تسير في هذا الاتجاه. بل إن هناك عملية واسعة للتحديث لن تؤدي إلى مثل هذه الطوباويات. وهكذا فإن البديل لهذه الديموقراطية البرجوازية -كما يسميها الماركسيون والتي كانت شكلاً من أشكال الحداثة الممكنة والتي جعلت الناس في مناطق من العالم أكثر سعادة، كما هو شأن أمريكا الشمالية واليابان وأوروبا، وفي ديموقراطيات أخرى- لا يعني أن الحياة في مثل هذه المجتمعات هي مثالية أو أنها لا تعرف مشاكل اجتماعية وتناقضات إلا أنه لم توجد مؤسسات بديلة قادرة على فعل التجاوز التاريخي.

ونجد أيضاً خطاب ما بعد الحداثة الذي ينفي فلسفة التحديث، كما ينفي أن محور التحديث أوروبي ويقر بوجود إمكانات مختلفة للحداثة وأن التحديث لم يقم بشكل صحيح. وأعتقد أن مثل هذه الأفكار لا يتقاسمها سوى المثقفين، لأن الواقع والطموحات السياسية للشعوب عبر العالم هي العيش في المجتمعات الحديثة وليس ما قبل الحديثة. وهو الواقع الذي نعبر عنه بالتساؤل التالي: وهو كيف يصوت الناس بأقدامهم عندما ينتقل الأشخاص من المجتمعات القديمة إلى الأخرى الحديثة ويرغبون في التعليم والصحة ومستويات عيش أعلى مع عدم وجود الرغبة نفسها في الاتجاه الآخر المعاكس؟

هناك من أشار إلى ثورة هاييتي واعتبرها نوعاً من أنواع الثورة الفرنسية التي برهنت على وجود أشكال مختلفة من الثورات، وبعد مرور مائتي سنة على هذه الثورة فإن النتيجة كانت كارثية، فهاييتي هي من أضعف الدول التي تتوفر على أسوء الحكومات وأغلب سكان هاييتي ينتظرون فرصة الانتقال إلى فلوريدا القريبة منهم. وأعتقد أن الدول التي لم تستطع ركوب مصعد التحديث تعاني أزمة حقيقية. وأظن أن الشخص الذي دافع عن هذا التطور بشكل قوي ومنتظم هو أستاذي السابق صامويل هانتنغتون، والذي يرى بأن المؤسسات الغربية المرتبطة بصيرورة التحديث ليست مؤسسات أو قيم كونية، وإنما هي منتجات ومشتقات ثقافية أفرزتها الحضارة المسيحية والتي كانت قوية ومنتصرة في لحظة ما من لحظات التاريخ، وإنني أتفق مع هانتنغتون حول بعض عناصر تحليله، مثلاً في أن الثقافة تكتسي أهمية بالغة ولكي تنجح الليبرالية الديموقراطية تتطلب بعض التقاليد والدعم غير العقلاني، وأن النظرية الهيغلية للكون تهيمن عليها العلوم والحكمة العقلية وهو ما لن يحدث، بل سيكون هناك طرح غير عقلاني لإنجاح المؤسسات السياسية والاقتصادية كما أنني متفق معه كذلك فيما يخص الفعل التاريخي الذي ساهم في إخراج الديموقراطية عن المنظومة المسيحية بحيث إن هناك انتشاراً لمفهوم عالمي لكرامة الإنسان وبالتالي عدم الربط بالضرورة بين الديموقراطية الحديثة والمسيحية الغربية. إلا أن ما يجعل نظريتي تختلف عن هانتنغتون هو أن هذه الأفكار التي أنتجتها منطقة جزء ما من العالم وأفرزتها ملابسات تاريخية معينة قد تم اجتثاها من جذورها التاريخية وأخذت دلالات كونية أوسع. كما هو شأن المنتجات العملية التي ظهرت في أوروبا المسيحية في لحظة ما ولكن بعد اتساعها أصبحت نوعاً من الملكية الإنسانية وهي لا تختلف من طوكيو ودكار وموسكو.

وهكذا الأفكار المتعلقة بحقوق الإنسان وكرامة الإنسان هي أساس النظم التي تُعنى بالحرية وإن كان المصدر التاريخي مختلفاً، وليس من المعقول القول: إن هناك تطبيقاً عقلانياً لها، وإنما تخضع لعملية تنموية مرتبطة بالتحديث، وأرى أن هناك منطقاً معيناً يربط بين العلوم الطبيعية الحديثة مع التنمية الاقتصادية وبشكل أقل مع التنمية السياسية والتغيير الثقافي. إن العملية شبيهة بمحرك مرتبط بآلة عبر موصلات مما يؤدي إلى المرحلة السياسية. سأحاول شرح هذه الروابط.

إن المحرك الأساسي الذي يدفع بهذه الآلة والذي يمكّننا من القول بوجود تاريخ كوني وفي الوقت ذاته لا يعني ذلك حتميته، يتعلق بالعلوم الطبيعية والتكنولوجيا. وبالتالي لا وجود لنمط دوري Periodique علينا ألَّا ننسى دور الاكتشافات العلمية، والصراعات والباخرات، مع السمات المشتركة التي يسميها البعض حدود الإنتاجات العلمية والتكنولوجية. وهنا يكمن البعد الكوني فأسامة بن لادن لابد أن يستعمل الإنترنت للتواصل، لأن الإنترنت هو أسرع وسائل الاتصال حالياً. لذا فهذا المحرك الأساسي يدفع بمكون التنمية الاقتصادية وإن كانت غير كونية، وإن كانت عملية التصنيع لا تختلف من مجتمع إلى آخر، فالصين تعرف تصنيعاً سريعاً وتقوم بإنتاج الثقافة نفسها تقريباً والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية نفسها. مثل تفكك الأسرة ومشكلات البروليتارية التي عرفتها إنكلترا في القرن التاسع عشر مع اختلاف الوتيرة السريعة التي تعرفها الصين. وهكذا فإن لهذه العملية آثاراً متعلقة بالتمدن ومستويات عليا من التعليم، وظهور مجتمع مدني معقد وأكثر تطوراً.

أما المجموعة الثانية من عدة الروابط في هذه الآلة، فتربط بين الجانب السياسي والجانب الاقتصادي، وهي روابط أضعف إلا أنها مقبولة بشكل عام في تخصصي والذي هو العلوم السياسية. وهذه الأخيرة لا تتمتع بطابع العلوم الطبيعية لأن هناك القليل من القوانين السياسية المقبولة كونياً. إلا أن الرابط نسبياً هو الذي يوجد ما بين مستوى معين من التنمية ومدى احتمال بروز ديموقراطية ليبرالية مستقرة.

وهذا الربط لاحظه الزميل السابق لوشين باك في الخمسينات، واعتقدت أن هذه الفكرة صمدت مع مرور الوقت، هناك القليل من الدول الغنية غير الديموقراطية وإن كانت هناك أخرى فقيرة مثل الهند وكوستاريكا والتي تمثل ديموقراطيات ناجحة، لكن أغلب دولة العالم التي تعاني من مشكلات هي دول غير ديموقراطية. وأظن أن ستة آلاف دولار كدخل فردي هو الرقم السحري، إذن كلما ارتفع الدخل انتقلت الدولة من مجتمع فلاحي إلى مجتمع صناعي مع ما يرافق ذلك من ارتفاع في نسبة المشاركة والمطالبة بنظام سياسي مختلف عما هو قائم في الدول الفقيرة جداً.

أما الفئة الأخيرة من الروابط فهي تلك التي تربط ما بين الاقتصاد والسياسة من جهة والثقافة من جهة أخرى. وأعتقد أن الآليات تتعثر على هذا المستوى، بحيث إن الأشكال الثقافية التي يمكن أن تفرزها عملية التحديث هي أضعف وأكثر تنوعاً، ويمكنني القول بوجود رأي انتقده هانتنغتون سماه (رأي التدارس في إطار متعدد الثقافات واللغات ومتسامح)، ويقول بأنه نموذج للتلاقي الثقافي الذي يأتي نتيجة لنمط ثقافي موحد.

وقد نتساءل عن المتغيرات الثقافية التي يفرزها للتحديث، فإنني أتفق مع هانتنغتون في أن الهوية الدينية لن تتغير، وبأن المجتمع الحديث عليه أن يفصل بين الدين والسياسة ولا أعني هنا ذلك الفصل العلماني كالذي يوجد في فرنسا، لكنني أعتقد أن ما يعرفه المجتمع الحديث من تعقيدات قد لا تسمح باختلاط الدين والسياسة، وهو أمر بدهي إلى حد ما، لأننا لازلنا نذكر الحروب التي عرفتها أوروبا نهاية القرون الوسطى عندما كان الرعايا يرتبطون بالأمير مما أدى إلى حروب دينية دامية. وهكذا فإن فكرة الدولة الحديثة العلمانية التي أفرزها عصر الأنوار جاءت نتيجة تجربة مريرة واقعية لهذا السياسات الدينية، ومن السمات التي يجب أن تتعلمها المجتمعات السائرة في طريق الحداثة هو هذا التحدي الذي يطرحه المجتمع الإسلامي وهل سيصل إلى الاستنتاجات نفسها؟

هناك أفكار في المجتمعات الحديثة تتعلق بدور النساء، هل النموذج الغربي لتمكين النساء وخروج المرأة للعمل مع كل ما لذلك من آثار متعلقة بتفكك الأسرة ومشكلات التعليم والعلاقات الجديدة بين المجموعات حتى الحميمة منها. هل هذه المشاكل نتيجة فقط لتطبيق القيم الفردية الغربية، أم أنها نتائج لتحديث اقتصادي واسع؟ وإذا أخذنا تغيّر دور النساء في آسيا وفي اليابان وكوريا والصين، فهذه المجتمعات تمر بظروف المجتمعات الغربية نفسها فيما يتعلق بوضع النساء والمشاكل الأسرية. هناك عامل ثقافي لكن لا أرى أنه راجع للقيم الغربية بقدر ارتباطه بعملية التحديث ذاتها.

لنبدأ بالشرق الأوسط والإسلام والديموقراطية. كان هناك حالة استثنائية إسلامية مقارنة مع ما حدث في أمريكا اللاتينية وفي شرق وجنوب آسيا. والسؤال هو: هل هذه الظاهرة دائمة تعكس سمات ثقافية لهذه المنطقة عن العالم، وذلك لارتباطها بالإسلام، أم أن الأمر يتعلق بمجرد "حادثة تاريخية" إن صح التعبير؟ فظهرت الجهادية والإسلامية الراديكالية كظاهرة غير غربية وإنما إيديولوجيا معادية، يصعب الجمع بينها وبين مشروع الحداثة الأوسع. أنا أشكك إن كانت للأمر علاقة بالإسلام كديانة في حد ذاته. هناك العديد من الدول الإسلامية التي عرفت عمليات تحديث اقتصادية جيدة أو أنها أنشأت مؤسسات ديموقراطية ناجحة نسبياً. هناك العديد من التفسيرات للإسلام موجودة في العالم الإسلامي وأعتقد أن هناك سوء فهم للثقافة في حد ذاتها وكيفية تعامل النظم الثقافية المعقدة، وكيفية فهم تأويل بعض التقاليد الثقافية. هذا الأمر سيؤدي بالضرورة إلى بروز نوع معين من السياسات بل سأقول: إنه -في نظري- الطريقة المناسبة لفهم ظاهرة أسامة بن لادن والجهادية التي يمثلها، هي عدم النظر إليها كظاهرة دينية وإنما إيديولوجيا سياسية تستعمل الدين. وإذا ما عدنا إلى فكر الإخوان المسلمين وأفكار سيد قطب وحسن البنا، سنجد أنهم يأخذون الكثير من أفكارهم من الراديكاليين الأوروبيين في العشرينات والثلاثينات من أوروبا الفاشية وتدويل العنف، وهي مسائل لا علاقة لها بالإيديولوجيا الإسلامية بل هي أفكار غربية. وبالتالي نكون بصدد فكر يقوم بتجميع الأفكار من العالم ويقدم لها تأويلاً معيناً وخاصاً.

أما لماذا توجد هذه الظاهرة بشكل قوي في الشرق الأوسط، فلسنا بحاجة إلى تفسيرات ثقافية عميقة وإنما مباشرة.. تتعلق بدور بعض الدول لتوفرها على المال اللازم لنصرة هذا النوع من الإسلام وهناك أسباب اقتصادية وسياسية للاستيلاء على الشرق الأوسط وبالتالي فالأسباب مباشرة كما قلت، ولهذا أتفق مع إوليفيه روي والذين يقولون بأن هذا الإسلام يمثل حركة سياسية ضعيفة وأن الأداء السياسي الذي أبداه نحو الأماكن التي وصل فيها إلى السلطة كان ضعيفاً. وبالتالي فإن المخاطر على المدى البعيد لهذا الإسلام الراديكالي هي مخاطر أقل أهمية مقارنة مع الحركات الراديكالية كالشيوعية والماركسية والفاشية في بداية القرن الماضي.

الآن أصل إلى الانتقاد الثاني، وأظن أنه من بين المفاجآت بالنسبة لي هو ذلك الشرخ بين الأوروبيين والولايات المتحدة الأمريكية بعد حرب العراق. عندما كتبت عن نهاية التاريخ كنت أعتقد بوجود مجموعة من القيم والمؤسسات المشتركة في الغرب من خلال الحلف الأطلنطي بما في ذلك اليابان وتركيا وباقي الدول الأخرى، وكان مذهلاً رؤية التباعد الحاصل بين الطرح الأوروبي والأمريكي خلال السنوات الأخيرة، ولا أتوقع أن ذلك سيؤدي إلى صدام حضاري. لا أعتقد أن الفرنسيين أو الألمان سيقررون محاربة الولايات المتحدة. ولكن أظن أن ضعف التوافق السياسي لا يتجاوز سقف الاختلاف حول سياسة معينة وحرب بعينها. وقد ظهر ذلك جلياً فيما يخص مجموعة من القضايا. خلال حرب الخليج أعلن جاك دريدا عن تلك الاختلافات المتعلقة بالدولة الراعية ومفهوم السيادة والنظم البديلة لاستعمال القوة والموقف إزاء الدين، وهو ما يلخص بالفعل الخلافات الموجودة بين المجتمعين، ومن ثم فإن الأرضية المشتركة يكاد يمثلها الحزب الديموقراطي في أمريكا والوسط في أوروبا. وهناك أيضاً قضايا نظرية تم طرحها على أساس هذا الصراع وهي مسألة الديموقراطية على المستوى الدولي. أي أنه نتيجة لمائتي سنة من التنمية والمؤسسات الديموقراطية مند الثورتين الفرنسية والأمريكية، بدأنا نفهم بشكل أوضح كيف تقوم ببناء آليات للمحاسبة والمسألة السياسية وكذلك المشاركة في هياكل عمودية تسميها بالدول - الأمم، وما لا نتوفر عليه هو آليات المحاسبة والمسألة داخل الدول – الأمة، وهذا ما يطرح مشكلة كبيرة، وهناك التداخل الاقتصادي إلى درجة لم يعرفها العالم من قبل، والهيمنة الأمريكية وهذا له آثار اقتصادية، مما خلق انطباعاً لدى الأمريكيين بأنه ليست هناك علاقة تبادلية حقيقية وتأثير متبادل.

إني من ناحية المبدأ أوافق إلى حد ما على هذا الطرح، غير أنني أشكك في وجود مؤسسات مناسبة لتقديم مثل هذه المسألة على المستوى الدولي، وفي أن الأمم المتحدة غير مناسبة لمثل هذه المهمة، ولهذا الغرض هناك مشروع تاريخي ينبغي له ألَّا يقتصر على الديموقراطية في داخل الدولة - الأمة فقط، بل ينبغي له توسيع نطاقه إلى المستوى الدولي، كذلك المسألة المتعلقة بالتنمية في الدول الفقيرة.

إن الآليات التي ذُكرت سابقاً حول ربط العلوم والتكنولوجيا بالاقتصاد والسياسة، فإنها تعمل بشكل جيد في تلك الدول التي بدأت تنمية اقتصادية ووصلت إلى تحقيق دخل متوسط للفرد، أو في طور التحديث، تايوان - كوريا الجنوبية، الصين، هذه الدولة استفادت من هذه الآليات التي ستفرز معالمها الخاصة.

المشكلة تطرح بالنسبة للدول الفقيرة واعتقد أنه أصبح واضحاً الحاجة إلى نوع من السياسات لتحقيق هذه التنمية السياسية والاقتصادية، والأحداث التي عرفتها دول جنوب شرق آسيا هو أنها كانت تتمتع بدول عملت بشكل جيد في الفترة ما قبل الحداثة مما أعطاها نوع من الدفعة الاقتصادية مقارنة مع دول جنوب الصحراء، المشكلة القائمة حالياً هي وجود جزء كبير من العالم لا يستطيع ركوب وصعود هذا السلم الحداثي، نظراً لمشاكل مؤسسات سياسية كبيرة، وجزء من هذه المشاكل في الغرب هو كيفية نقل هذه المؤسسات، وإن كنت أرى أن المشكل لا يكمن في كيفية النقل وإنما يجب تنمية المؤسسات المحلية وإلا فلن تعمل بشكل جيد، إذن المشكلة مرتبطة بعمل المنظومة التربوية ككل، إذا لم نتمكن من إطلاق عمليات التحديث الاقتصادي، فإن العديد من الفرص ستضيع ولن تتاح من جديد سواء كانت سياسية، ثقافية أو اقتصادية في إطار الديموقراطية الليبرالية وسيكون من الصعب ضمان استمراريتها.

 

الهوامش:

* الورقة التي قدمها فوكوياما في الندوة التي نظمتها مؤسسة آل سعود بالدار البيضاء تحت عنوان : "العقل ووجهة التاريخ" وذلك يومي 7 و 8 إبريل 2005.

** مفكر أمريكي من أصل ياباني.

*** كاتب ومترجم - المغرب.

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة