شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
الدكتور محمد عابد الجابري*
العولمة التي يجري الحديث عنها الآن: نظام أو نسق ذو أبعاد تتجاوز دائرة الاقتصاد. العولمة الآن نظام عالمي أو يراد لهاýأن تكون كذلك. يشمل مجال المال والتسويق والمبادلات والاتصال... الخ، كما يشمل أيضاً مجال السياسة والفكر والايديولوجيا.
أما العولمة الثقافية او في المجال الثقافي فسيف ذو حدين، هناك اختراق ثقافي موجود من الغرب. وأمريكا تستعمل وسائل الاعلام، تلفزيون إنترنت وغيرها، لتوصيل رسالتها ومن أجل أن تكرس ثقافتها. لكن وفي عصر العولمة هذه الوسائل نفسها إذا استطعنا أن نوظفها في ثقافتنا من أجل تنميتها واسماع صوتها للخارج فهذا يسهل علينا كثيراً اليوم.
مثلاً كتب الحديث النبوي التسعة المشهورة، اليوم بامكاننا في قرص الكتروني أن نطلب أي كلمة لنحصل على جميع الأحاديث التي فيها هذه الكلمة، هذا لم يكن متوفراً من قبل، ويمكنýأن يصدق على جميع العلوم القديمة والحديثة.
وماذا سيحدث لو استعملنا نحن كذلك وسائل العولمة التي هي وسائل تكنولوجية عامة. بالامكان أن نستعمل كل شيء لنتقدم بطبيعة الحال، أما إذا بقينا وحرصنا على أن نبقى على وسائلنا التي اصبحت الآن متخلفة، ففي هذه الحالة سيكون وضعنا غير مواكب للتطور وغير مواكب للعالم.
بالنسبة لوضع الثقافة، كلنا نعرف أن الثقافة العربية تعاني منذ ما يقرب من قرنين. وضعاً متوتراً نتيجة احتكاكها مع الثقافة الغربية، بتقنياتها وعلومها وقيمها الحضارية التي هي نتيجة تطور خاص قوامه التحديث والحداثة، تطور لم تعشه الثقافة العربية، بل بقيت بمعزل عنه تجتر وضعاً قديماً توقف عن النمو منذ قرون. ولكنýأنا شخصياً لاأرى الثقافة العربية والاسلامية الآن في وضع سيء كما يقال لأن الأمور كلها نسبية فلو قارنّا وضعنا الثقافي اليوم بوضعنا قبل عشرين سنة، وأخذت مثلاً طالباً جامعياً اليوم، وأخذت طالباً جامعياً مماثلاً له في نفس الكلية وفي نفس السنة منذ عشرين سنة، لربما ستلاحظ، أن الطالب اليوم أكثر مواكبة وأكثر تقدماً.
لكن هذا لايعني أننا في وضع يبعث على الرضا فجميع الشعوب من أمريكا إلى فرنسا إلى ألمانيا واليابان، هناك شكوى من الثقافة ووضعها ومشاكلها أو هذا شيء طبيعي فنحن نعيش مشاكل عصرنا، لكن ليس معنى هذا أن وضعنا الثقافي سيء للغاية، هو أقل مما نطمح وأقل مما يجبýأن يكون ولكنه في وضعه الراهن ليس عدماً.
أما بخصوص مستقبل الثقافة الاسلامية واحتياجاتها الأساسية، فمستقبل الثقافة في كل بلد مرتبط بما يفعله أهلها، الثقافة لا تصنع مصيرها بنفسها بل أهلها هم الذين يضعون هذا المصير، وهم الذين ينشرونها ويعمقونها ويعممونها، فالأمر متوقف على المسلمين وعلى العرب دولاً وأفراداً ومثقفين. بطبيعة الحال هناك مشاكل على صعيد التعليم، هناك آفاق مغلقة أمام الشباب ومع ذلك فليس هذا هو نهاية العالم، وأنا شخصياً عندما اتصل في جميع انحاء العالم مع الشباب مع الطلاب أرى أن نخبة تتكون أوسع وأعمق من النخب الماضية وهذا بيشر بالخير.
أما الاحتياجات الأساسية لكي تأخذ هذه الثقافة مكانها ضمن العولمة الثقافية، فالثقافة دائماً في حاجة إلى عقل منفتح غير متعصب، ونقدي يقبل الاختلاف وينتج الاختلاف، ويسعى للاتفاق علىýاسس مقبولة عقلية وعقلانية، فنحن إذاً محتاجون إلى تفتح فكري، محتاجون إلى روح نقدية، ومحتاجون إلى فكر يحارب الاحباط الذي في أنفسنا أو الذي في نفوس بعضنا. الحاجات الأداتية أساس لأن الفكر كله أداة، أما موضوعات التحليل فهي كثيرة. نحن في حاجة إلى التحديث أي الانخراط في عصر العلم والثقافة كفاعلين مساهمين، ولكننا في حاجة كذلك إلى مقاومة الاختراق وحماية هويتنا القومية وخصوصيتنا الثقافية من الانحلال والتلاشي تحت تأثير موجات الغزو الذي يمارس علينا وعلى العالم أجمع بوسائل العلم والثقافة. والوسيلة في كل ذلك واحدة، اعتماد الامكانات اللامحدودة التي توفرها العولمة نفسها، أعني الجوانب الايجابية منها وفي مقدمتها العلم والثقافة.
* أستاذ الفلسفة، جامعة محمد الخامس بالرباط، ورئيس تحرير مجلة فكر ونقد ـ المغرب.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.