شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
لا أحسب أني بحاجة إلى ديباجة توضح أهمية تدوين وقراءة تجربة الشخصيات العلمية والفكرية والإصلاحية. لأن هذه التجربة بكل مراحلها وأطوارها مليئة بالدروس والعبر، وقادرة على تقديم إجابات مناسبة للكثير من الأسئلة والإشكاليات والاستفسارات. والمجتمعات التي لا تدون تجارب علمائها ومفكريها، هي مجتمعات تمنع عن نفسها الكثير من الخيرات والبركات على المستويات المعرفية والثقافية والاجتماعية.
وانطلاقاً من إيماننا العميق، بأهمية قراءة تجارب العلماء ودراسة مسيرة المصلحين، وتكريماً لأحد أعلام العلم والإصلاح في وطننا والأمة؛ يأتي هذا العدد الذي خُصِّص بالكامل للتعريف بالعلامة الدكتور عبد الهادي الفضلي، ولتعريف قراء المجلة بتجربة فكرية وثقافية إصلاحية معاصرة. وهي تجربة متعددة الجوانب والأبعاد، وثرية على الصعد المنهجية والتربوية.
وكلنا أمل أن يكون هذا العدد محفزاً لجميع المؤسسات الثقافية في الوطن والأمة، للعمل على تدوين تجارب العلماء والمفكرين، وتوثيق تجارب الإصلاح التربوي والعلمي والثقافي في الأمة. لأنها تجارب أساسية وثرية، وتشكل حجر الأساس في مشروعات الإصلاح في الجوانب الأخرى للحياة.
وهذا العدد الذي يخصص لقراءة العطاء العلمي والجهد الإصلاحي لأحد أعلامنا، هو في جوهره دعوة مباشرة لتدوين تجارب المصلحين وقراءة العطاءات العلمية والثقافية التي قدمها علماء ومفكرو الأمة. لأن هذه القراءة، هي أحد سبلنا للتواصل الفعَّال مع هذه التجارب، واستيعاب أهم الدروس منها.
ولقد شارك في قراءة تجربة العلامة الشيخ الفضلي نخبة من المشايخ والمثقفين، الذي تواصلوا عبر سنين عديدة مع شخص العلامة وعطاءاته العلمية والثقافية، واطلعوا عن كثب عن بعض خصوصيات هذه التجربة في أطوارها المتعددة.
ولقد تم ترتيب وتنظيم الدراسات والمقالات، وفق وحدتها الموضوعية. بحيث أصبحت الدراسات والأبحاث متكاملة، وتقدم رؤية واسعة عن العطاء العلمي والجهد الإصلاحي للعلامة الفضلي.
وكلنا أمل أن يساهم هذا العدد في تعريف القارئ العربي بتجربة علمية - فكرية - إصلاحية لأحد أعلامنا المعاصرين.
ونسأل الباري عز وجل التوفيق والسداد.
والله الموفق.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.