تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

الاحتفاء بالموت

محمد بن عثمان العامري

 

من خلال صورة الشهيد بين المسيحيّة والإسلام يسوع والحسين نموذجاً

*

ـ رسالة ماجستير في الدراسـات المقارنة في الأديــان والحضارات

ـ     إعداد الباحث: صلاح الدين العامري

ـ إشـــراف: أ. د. محمــد الحـــدّاد

ـ الجـامعــة التونســية - مـنـوبــة

  كلية الآداب والفنون والإنسانيات

  قســــم اللــغــــة الــعــربــيـة

 

تحتلّ الصورة والرمز مجالاً كبيراً في الفكر الدّيني عامة والديانات الكتابية خاصة[1]، ذلك أنّ الظاهرة الدينيّة عندما تبزغ شمسها ويحلّ ركبها في مجموعة معيّنة تفسح المجال أمام الإنسان كي يفعل في التاريخ حسبما تقتضيه حاجته في الواقع بطريقة عفويّة محدودة بتاريخ وجغرافيا. لكن أثر هذه الظاهرة لا يتوقف عند حدود واقع المجموعة المحتضنة بل يتحوّل بفضل كتّاب الوحي والسيرة النبويّة إلى ثقافة تنهل منها الأجيال اللاحقة بعد أن تُشبع دلالات لحظة تدوينها ثم تأويلها بواسطة الملكات النفسية والفكرية المتمرّسة للقصّاص الدّيني.

وتدريجيًّا تصبح الصورة المرسومة للبطل الدّيني جزءاً من كيان تلك المجموعة لا يستقيم العيش دونها أو خارجها، بل يصبح العيش في عالم بلا رموز يعني «الموت الروحي للإنسان»[2]. وفي هذا السياق يرى بعض مؤرّخي الأديان أنّ الإنسان كائن تاريخي ورمز ديني حيّ في الوقت ذاته، لذلك لم يعد من الممكن أن يبقى العقل وحده المدخل الوحيد والآلية المثلى لفهم الظاهرات الدينية ومن ورائها حضارات إنسانية، بل أصبح من الضروري للباحث في الأديان أن يتوسّل بمداخل متعدّدة لسبر أغوار الظاهرة.

وأمام هذا التلازم بين الإنسان والرمز ظهر في العصر الحديث علم قائم الذات هو علم الرموز la symbologie وهو نشاط معرفي يبحث في مكوّنات الرمز ومرجعيّاته وخصائصه ودلالاته ووظائفه، ويرى مارسيا إلياد أنّ أمرين لفتا الانتباه إلى أهميّة الرمز هما أوّلاً انتشار علم النفس التحليلي la psychanalyse من خلال عنايته البالغة بكلمات مفاتيح من قبيل الصورة والرمز، وثانياً الدّراسات الدّائرة على فهم آليّة عمل «العقلانية البدائيّة» التي أفضت إلى اكتشاف المنزلة الخطيرة للرمز[3].

وفي هذا الإطار يتنزّل البحث الجامعي «الاحتفاء بالموت من خلال صورة الشهيد بين المسيحيّة والإسلام: يسوع والحسين نموذجاً» الذي قدّمه الباحث صلاح الدّين العامري لنيل شهادة الماجستير للدراسات المقارنة في الأديان والحضارات قسم اللغة العربية من كليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة الجامعة التونسية. وقد استقرّ رأيه على ترتيب العمل على ثلاثة محاور متفاوتة حجماً وقيمة، وذلك بحسب ارتباطها بمراحل حياة البطل الدّيني وما أنيط بعهدته من فعل في التاريخ، وتتمثل المراحل فيما يلي:

الباب الأوّل: يسوع والحسين وعقيدة الطفل الإلهي.

الباب الثاني: الوعي وتحمّل المسؤوليّة.

الباب الثالث: الموت الواعي.

وفي الحقيقة لم يكن فصل صاحب البحث بين هذه المحاور إلاّ فصلاً منهجيًّا يهدف إلى الإلمام بمختلف مكوّنات صورة البطل لدى المجموعة الدّينية المعتقدة في صورته الفقهيّة.

وقد تعرّض الباحث في المدخل العام إلى تاريخيّة مفهوم الموت وذكر أنه لم يكن خاصيّة ملازمة للوضع البشري بالنسبة لإنسان العصور البدائيّة الذي كان يعتقد أنّه وُلد خالداً، لكنّ الآلهة أخذتها الغيرة منه حين طردها من الأرض فبعثت إليه بالموت عقاباً له. لكنّ الإنسان باعتباره كائناً مفكّراً استطاع أن يتجاوز هذه الضّبابيّة والسطحيّة في تناول ظاهرة الموت، وبدأ يُدرك تدريجيًّا أنّ لحياته بداية ونهاية، وتطوّر وعيه مع تطور التاريخ البشري فزاد انكبابه على معرفة كنه الموت. ومع ظهور الكتابة أصبح الإنسان أكثر حرصاً على تدوين مشاغله وهمومه، ومع هذه المرحلة ترّقّى وعيه أكثر وتضاعفت الأسئلة المطروحة عليه وأهمّها على الإطلاق ما مصير الذي يموت؟[4] وقد وجد الإنسان في الظاهرة الدينيّة عبر تاريخها خير سند له في التصدّي لفزع الموت. لكنّ الظاهرة الدينيّة ذات المصدر «الإلهي» لم تفلح في الاستقلال بذاتها كنسق فكري متكامل أثناء مراحل التدوين، ووجدت في الفكر الأسطوري أحد المنطلقات الأساسيّة لرسم تمثّلها للإنسان ومصيره. وعندما نتحدّث عن موت الإنسان الدّيني في المنظومتين المسيحية والإسلامية يطفح على السطح مفهوم الشهادة والشهيد اللّذين جسّدهما يسوع المسيح والحسين بن علي.

ويطرح الحديث عن صورة الشهيد حسب الباحث عدّة أسئلة، أهمّها كيف تشكّلت صورة الشهيد في المجالين المسيحي والإسلامي الشيعي؟ وما هي الأبعاد الوظيفيّة والدلاليّة لصورته؟ وهذا ما حاول البحث الإجابة عنه أو السعي إلى ذلك من خلال ضبط المدوّنة حتى لا يتشعّب الأمر ويعجز على محاصرة موضوع متجدّد متطوّر يأبى الانغلاق والمحاصرة. وتتمثّل المدوّنة في الكتاب المقدّس[5] وبالتحديد الأناجيل. أمّا القسم المتعلّق بالحسين فمصدره الأساس أعلام الورى[6] للطّبرسي (ت 548هـ) وهو من أعلام القرن السادس هجري، ويمسح هذا التناول فترة هامة من الحضارتين الإسلاميّة والمسيحيّة بالاستناد إلى تفاوت تاريخَيْ تدوين الخطابين (الكتاب المقدّس وأعلام الورى)، ويوفّر لنا الاطَّلاع على هذه الفترة التاريخيّة ورشة عمل لمفهوم التاريخيّة في دراسة تطوّر الخطاب والفكر.

ووظّف صلاح الدين العامري مداخل مختلفة في تناول هذا الموضوع:

المدخل المقارن

تعني عبارة البحث الدّيني وفق دلالتها اللّغويّة تلك الدراسات ذات الصلة بالدّين، ويُطلق وصف الأبحاث الدينيّة بنحو عام على الدّراسات التي تُعنى بالأديان والتعاليم الدينيّة، والأبحاث التي تتناول السلوك والطقوس والظّواهر الدّينيّة[7] ولا يمكن في نظره للأبحاث الدينيّة عامة والأبحاث المقارنة خاصة أنْ تستغني عن الأدوات والمناهج التي يوفّرها علم التاريخ وبقيّة العلوم الإنسانيّة. وقد اكتسبت هذه الدراسات أهميّة بالغة في حقل البحث الدّيني، فمثلاً يمكن استقراء العديد من المسائل في حقل الأبحاث الدينيّة من خلال الاستعانة بعلم التاريخ وأدواته.

المدخل الأدبي

ويذكر أنّه استفاد في هذا المدخل من كتاب حمّادي المسعودي «متخيّل النصوص المقدّسة في التراث العربي الإسلامي»[8] الذي اعتمد فيه مصطلحات تحليل الخطاب الخرافي عند فلاديمير بروب، مثل المقاطع والوظائف، وكذلك الاستعانة بمفهوم «التناص»L’intertextualité كما تناوله جينات G.Genette لأنّ التناص يمثّل الاستراتيجيا العليا لكلّ نص متعدّد المتون.

المدخل النفسي الاجتماعي

تمثّل المقاربة النفسيّة الاجتماعية الآلية الأمثل لتناول الظاهرة الدينيّة، وذلك من خلال تحليل رأسمالها الرمزي المشترك الذي يتجلّى في الصور والطقوس، لذلك توجّهه علم الاجتماع عبر المقارنة الأنثروبولوجيّة لدراسة الخطاب الأسطوري وعلاقته بالخطاب الدّيني وقد جاء كلود ليفي شتراوس C-Levi-Strauss ليراجع مفهوم الأسطورة من خلال إحياء شبكة المفاهيم التي تدور في فلكها من قبيل الرموز والعلامات والنموذج الأصلي لأنّ الأسطورة «بناء أيديولوجي ينهض على أنقاض خطاب اجتماعي متقادم»[9].

الباب الأوّل

خصّص صلاح الدين العامري الفصل الأوّل لعيسى التّاريخي كما رسمه المخيال المسيحي الناشئ بين أحضان ديانة سماويّة (اليهوديّة) ينتظر أتباعها منقذاً إلهيًّا من الشتات والفرقة وعدم الاستقرار، وهو ما ساهم في سرعة انتشار الحدث المسيحي. فكان من المجدي التعرّض إلى الطريقة التي حصل بها الحمل المقدّس الذي استمدّ قوّته من القطع مع الطريقة العاديّة للحمل الذي يشترط وجوباً الزوج امرأة/ رجل، لكنّ حدوث الحمل بطريقة طبيعيّة لا يفيد المخيال في رسم صورة بطل يساعد على تجاوز مرحلة الانتظار التي يعيشها المجتمع اليهودي خاصة وأنّ عيسى من عائلة داود. فكان التدخّل الإلهي حاجة وضرورة لضمان الرجّة الضامنة بدورها للإغراء بجمال الصّورة.

وحاول المخيال المسيحي التفنّن في رسم صورة مريم التي جعلها «وعاء» أمثل لحمل الرسالة الإلهية المباركة، فركّز على مسألة تسْليمها بأهميّة الطالب المطلوب منها. فرسمها مطيعة متجاوبة مع الإرادة الإلهية، وحتّى التحفظ الذي أبدته في البداية بدا ضروريًّا لرسم الصورة النقيّة لها كابنة لصهيون مخلصة ووفيّة لتعاليم الشريعة الموسوية التي تحرّم الزنا. ولأنّه كان من الضروري استيعاب الموجود وتمثلّه وتجاوزه كانت صورة مريم تجاوزاً لصورة حوّاء غير الممتثلة لأمر الرب والمتسببة في ارتكاب الخطيئة، وتجاوزت مريم بذلك الطفلة البريئة المتديّنة لتعيد لنا خلق حوّاء جديدة ممتثلة لأمر الربّ أمينة على الرّسالة التي طُولبت بحملها وحملتها.

أمّا الفصل الثاني الذي لم يختلف في شكله ومضمونه إلاّ بالقدر الذي تفرضه المعطيات التاريخية فخصّصه لـ«الإمام» الحسين الطرف الثاني للدراسة المقارنة لصورة الشهيد. وقد حاول أن يبحث أكثر في نقاط الالتقاء بين الصورتين وذلك تماشياً والأهداف التي أراد الوصول إليها، وذلك بمحاولة تبيّن ولو جزءاً من الخيط النّاظم للظاهرة الدينيّة عامة والكتابيّة خاصّة. لذلك تركّز اهتمامه على صورة فاطمة «الوعاء» المقدّس الذي سيحمل وارث الأنبياء. وسبب هذا التركيز هو المكانة المخصوصة التي توليها لها المنظومة الإسلامية إذ كانت امرأة تقيّة من جهة أفعالها وصفاتها ومقدّسة من  جهة انتمائها إلى آل بيت النبي محمد، وهذا يمثّل في حدّ ذاته تشريفاً وتكليفاً من الله. كيف لا وهي سيّدة نساء العالمين، وسيّدة نساء الجنّة في المخيال الإسلامي عامّة. وأفضل من مريم بنت عمران في المخيال الشيعي ذي الأسس الثقافيّة «العرفانيّة» والذي عانى الاضطهاد السنّي في العصرين الأموي والعبّاسي، وكان يحتاج مشروعيّة دينيّة تعيد له هيبته السياسيّة والأخلاقيّة والدينيّة التي بحث عنها منذ سقيفة بني سعده بعد وفاة الرّسول.

الباب الثاني:

وقد حاول في الفصل الأوّل منه أن يستعرض مفهوم الخروج كظاهرة مشتركة بين الأديان الكتابيّة أسّست لها اليهوديّة بخروج أبرام، وسيتأكّد الخروج كمرحلة أساسيّة وضروريّة لكلّ دعوة بعد أن أخرج موسى بني إسرائيل من مصر. فكان خروجه بمثابة البعث والحياة لليهود. ولم تحد المسيحيّة الناشئة في أحضان اليهوديّة عن ذلك إذ لم يباشر يسوع دعوته إلاّ بعد توجهه إلى الهيكل. كذلك حافظ الإسلام على هذا التقليد فانتقل النبي محمّد من مكّة إلى يثرب. وخرج «الإمام علي» و «الإمام الحسين» من الحجاز إلى العراق.

أمّا الفصل الثاني فخصّصه للمرحلة التي تلي «الخروج المقدّس» الذي أراده «الله» وباركه وهي مرحلة المواجهة أو مرحلة العنف المقدّس التي انتهت بنموذجَيْ الشهادة في المسيحيّة والإسلام الشّيعي (يسوع والحسين) إلى النهاية المأساويّة نفسها التي مثّلت البداية الحقيقيّة لدعوتَيْهما.

الباب الثالث:

وهو الأهم في البحث، وتعرّض فيه صاحبه إلى مفهوم الموت في الأسطورة والفلسفة وفي الديانات الكتابية. وتعرض أيضاً لمفهوم الوحي في المنظومتين المسيحية والإسلامية الشيعية، ومفهوم الخلاص في الأديان.

وأنهى بحثه بخاتمة أكّد فيها أنّ الظاهرة الدينيّة ظاهرة اجتماعيّة، وإنّه لا يمكن أن تُدرس إلاّ في الإطار الذي نشأت فيه، وبالاعتماد على أثر التحوّلات الاجتماعيّة والشروط التاريخيّة، التي أسهمت في ولادة النصوص التي نمت مقترنةً بصيرورة الوعي ونشوء علاقات اقتصاديّة جديدة بفعل حراك المجتمع المحتضن للنصوص، «لأنّ العلاقة بين الفنيّ والاجتماعيّ ليست موسومة بالجمود أو الثبات أو الانعكاس الآلي، بل هي قائمة على لون من التأثير المتبادل»[10].

ويدرج الباحث عمله هذا ضمن سلسلة الجهود العلمية السابقة التي شهدتها الجامعة التونسية على يد أساتذة كبار، والتي تركّزت حول إعادة النظر في السائد والمتداول من عناصر التراث الديني والثقافي الإنساني من جهة، وتبيّن ملامح منظومة المخيال الاجتماعي والدّيني من جهة أخرى انطلاقاً من منظور علم الأديان المقارن والأنثروبولوجيا الدينية، وهو ما يؤسس للحديث عن مفهوم للتراث الإنساني ليس فقط داخل الساحة الإسلامية وإنما ليشمل المفهوم كل التراث الكتابي الخاص بالأديان الثلاثة.

وبقي أن نشير أنّ هذا البحث أشرف عليه الأستاذ الباحث الدكتور محمّد الحدّاد الذي يشرف على شهادة الدراسات المقارنة في الأديان والحضارات بالجامعة التونسية، ويشغل خطة مدير كرسي اليونسكو لحوار الأديان، وله عديد من الأنشطة وعديد من المؤلّفات. وترأَّس لجنة المناقشة الدكتور الباجي القمرتي أستاذ الحضارة بالجامعة التونسية، والدكتورة زهيّة جويرو أستاذة الحضارة بالجامعة التونسية أيضاً كعضو، وأسندت اللّجنة ملاحظة حسن جدًّا للعمل.

 



[1] يطلق محمّد أركون تسمية «مجتمعات الكتاب» على المجتمعات التي تدين باليهودية والمسيحية والإسلام انظر كتابه:

The notion of révélation, In lecture de coran, Edition alif  Tunis 1991 pp.257 - 258.

[2] Jean chevalier et Alain gheerbrant, Dictionnaire des symboles, Edition robert Laffont .Paris 1982  p XIX introduction.

 

[3] Marcia Eliade, Image et symbole : Essais sur le symbolisme magico-religieux. Editions Gallimard, Paris 1992 p 43.

- Gilbert Durand, limagination symbolique, quadrige, presses universitaires de France ?4e Edition 1984 p18.

- بسّام الجمل: من الرمز إلى الرمز الدّيني بحث في المعنى والوظائف والمقاربات، كليّة الآداب والعلوم والإنسانيات بصفاقس وحدة البحث في المتخيّل، ص 8 - 9.

 

[4] ورد ذلك بين ص ص 3 - 6.

[5] الكتاب المقدّس الطبعة 4 / 1988.

[6] الطبرسي، أعلام الورى بأعلام الهدى، منشورات المكتبة الحيدريّة ومطبعتها في النجف1390هـ/1970م، قدّم له محمّد مهدي السيد حسن الخرسان.

 

[7] أحد فرارزقرامكلي، مناهج البحث في الدّراسات الدّينيّة، معهد المعارف الحكميّة للدراسات الدّينيّة والفلسفيّة، تهران ط1 / 2001 ص  73 وعنوان الكتاب بالفارسية: روش شناسي مطالعات ديني.

[8] حمّادي المسعودي، متخيّل النصوص المقدّسة في التراث العربي الإسلامي، دار المعرفة للنشر، سلسلة مقام مقال، ط1/ 2007.

 

[9] C-Levi-strauss: La Pensée sauvage, Ed Plan Paris 1962. P. 32.

 

[10] رضا بن حميد، الخطاب النقدي وأسئلة النص، مجلة الموقف الأدبي مجلة أدبية شهرية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العدد 434 حزيران 2007.

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة