تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

الإسلام والإصلاح الثقافي

عبد المنعم القلاف

 

[1]

الكتاب: الإسلام والإصلاح الثقافي.

المؤلف: زكي الميلاد.

عددالصفحات: 175 من القطع الوسط.

الناشر: أطياف للنشر والتوزيع - آفاق للدراسات والأبحاث.

الطبعة الأولى عام 2007م - 1428هـ.

 

طرح الباحث في هذا الكتاب فكرته عن الرؤية الإسلامية للإصلاح بشكل عام، وكيف تناول الفكر الإسلامي الإصلاح الثقافي بشكل خاص، وقد استغل بذلك توقيتاً انبعثت فيه فكرة الإصلاح، وخاصة الإصلاح الثقافي، يقول في مقدمة الكتاب: «انبعاث فكرة الإصلاح تمثل فرصة تاريخية لا ينبغي أن تفوت على الإطلاق، أو تمر علينا دون أن تشرق أو تتخلق فينا، وتفعل فعلها في تغيير أحوالنا وأوضاعنا البائسة والمتردية،... ولا خيار أمامنا إلا التمسك بهذه الفكرة، وتحويلها، لفلسفة نعتصم بحبلها. وذلك لشدة حاجتنا لهذه الفكرة».

وما قصده للدعوة للتمسك بفكرة الإصلاح، وتحويلها إلى فلسفة، إلا أن نجتهد في تطوير وتعميق الأبعاد المعرفية لهذه الفكرة، وتحويلها إلى فكرة غنية وثرية بالمعاني والدلالات الخلَّاقة.

ووضَّح اتجاهات الإصلاح الثقافي في ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الذي يعطي الإصلاح الثقافي أولوية متعاظمة، وفق هذا الاتجاه، فإن الإصلاح الثقافي أما أن يكون مدخلاً للإصلاح في مجالات الإصلاح الأخرى، أو يمثل بنية تحتية للإصلاح العام. الاتجاه الثاني هو الذي يفسر مشكلات الأمة على أنها مشكلات لها خلفية ثقافية، لا تحل إلا بالإصلاح الثقافي. والاتجاه الثالث هو الذي لا ينكر أهمية الإصلاح الثقافي لكنه لا يقدمه على مجالات الإصلاح.

وقد قسم المؤلف الكتاب إلى ثلاثة فصول:

الفصل الأول المثقفون أين هي الأزمة؟

تطرق فيه لقضية علاقة المثقفين العرب وفلاسفة الأنوار، وقسم المثقفين العرب الى ثلاثة أجيال:

فالجيل الأول جيل رفاعة طهطاوي كان يشترط ألَّا تخالف أو تعارض الإصلاحات الشريعة الإسلامية.

والجيل الثاني هو جيل فرح أنطون وطه حسين وغيرهم، فقد كان هذا الجيل شديد الحماس باتجاه الارتباط والتماهي الكلي مع الثقافة الغربية.

أما جيل المثقفين المعاصرين فعلى الرغم من اختلاف الصورة لديهم، فإنهم يعولون على فلاسفة الأنوار، ويضعون عليهم رهانهم في نهضة وتقدم العالم العربي.

كما تناول (المثقفون ومحنة التنوير العربي)، ارتبط هذا الخطاب بعصر ما يسمى التنوير في أوروبا في القرن الثامن عشر الميلادي، وما تراجع هذه النظرة عند الغرب أنفسهم إلا أنها ظلت تحتفظ بجاذبيتها عند العرب، كم ظهر في كتاب طه حسين (مستقبل الثقافة في مصر) الذي قال فيه: إننا في هذا العصر الحديث نريد أن نتصل بأوروبا اتصالاً يزداد قوة من يوم إلى يوم، حتى نصبح جزءاً منها، لفظاً ومعنى وحقيقةً وشكلاً.

وإشكالية التنوير العربي أنه لا يستند إلى فلسفات وخطابات تنويرية عربية، وإنما يستند إلى فلسفات وخطابات تنويرية أوروبية. في هذا الشأن يقول أحمد أبو زيد: «إننا حين نتكلم عن التنوير في العالم العربي، فإن ذلك لا يعني وجود فلسفات تنويرية متكاملة وواضحة لها فلاسفتها، ومذاهبها المحددة».

المثقفون والبحث عن الحداثة

يدعو المفكر الميلاد إلى الأخذ بأسباب الحداثة الغربية والاستفادة من تجارب الغرب بالانفتاح على أفكاره، الانطلاق بكل ما فيه من إيجابيات لكن ليس لحد الذوبان فيه، والتماهي معه.

لعل ما يسمى بالحداثات المتغايرة متواجدة في العالم المعاصر بصورة مميزة في مجتمعات مثل اليابان والهند والصين، وما جعل هذه المجتمعات تكون لها مثل هذه الحداثة المغايرة أنها تنتمي لحضارات ضاربة في التاريخ، وموغلة في القدم، وإلى ديانات ما زالت مؤثرة إلى هذا اليوم، وبعد وصول الغرب لهذه المجتمعات واستعماره لها حاول التأثير فيها وفرض سيطرته عليها، ومع تقبل هذه المجتمعات الانفتاح على الغرب إلا أنها بقيت متمسكة بهويتها وتاريخها، وتراثها، وكيَّفت الحداثة وفق منظوراتها وبرهنت على إمكانية اكتساب الحداثة دون التخلي عن التراث، والارتداد عن القيم.

وهذا الذي كان يفترض أن ندركه نحن وننطلق منه ونتعامل على أساسه مع الحداثة، باعتبارنا ننتمي لثقافة ثرية، ودين عظيم.

بين حداثة نجلبها وحداثة نبدعها

يتبنى المؤلف فكرة جلب الحداثة التي دعا لها المفكر زكي نجيب محفوظ في كتابه (رؤية إسلامية)، ويدعو لأن تفتح هذه الدعوة مراجعات واسعة وعميقة لتجارب المثقفين الفكرية في العالم العربي، والإسلامي.

من أجل بناء حداثة مستقلة

يقدم المؤلف نماذج من العلماء السابقين في الأمة الإسلامية فينقل عن محمد أركون قوله: إذا تفحصنا عناوين الكتب التي نشرت في اللغة العربية وجدنا شبه غياب لأي كتب في علم الأخلاق من مستوى كتاب مسكوية (تهذيب الأخلاق). ويذكر المؤلف قصة زيارة الدكتور محمد الفنجري للسيد محمد باقر الصدر عندما بادره بسؤال في أي جامعة من جامعات العالم تلقيت دراستك؟ فأجابه السيد الصدر في مساجد النجف وحوزاتها، فرد عليه الدكتور الفنجري: إن مساجد النجف أفضل من جامعات أوروبا.

أراد من هذه النماذج والشهادات لفت الأنظار إلى حقيقة ينبغي الالتفات لها وهي أن العلماء المتعمقين في العلم كانوا أكثر جدية من المثقفين في التعامل مع المعرفة، وهم أيضاً -وهو المهم- الأقدر على إنتاج حداثة مستقلة، الحداثة التي يمكن اعتبارها حداثة المسلمين. ثم ينطلق للدور المعرفي الذي ينبغي أن يتخذه المثقف في تعميق المعرفة، بعد أن يعقد مقاربة بين المثقف الغربي والمثقف العربي، ففي حين يعلن المثقف الغربي إلحاده أو تشككه، تراه يطلع على الكتاب المقدس، ولعله يقرأ القرآن والهاغا فاغيتا، والتصوف اليهودي والمسيحي، وهذا ما يُكوِّن له سعة الأفق، ويوسع اهتمامه بالفلسفة اليونانية والتقليد الفكري الغربي.

وهذا ليس من شأن المثقف العربي بل قلَّ من قرأ موطأ مالك والمنقذ للغزالي، وحتى ابن سينا وابن رشد، فالمثقف -كما يرى المؤلف- يفترض فيه أن يكون وثيق الصلة بالثقافة التي ينتسب لها، ويكسب صفته منها، والمثقف العربي اليوم لا يعتبر مشاركاً وشريكاً في إنتاج المعرفة العالمية والكونية، أو عابراً للقارات والقوميات والثقافات، ويقول: إن على المثقف العربي أن يغير هذه الصورة عن نفسه، ويبتكر لذاته طموحاً عالياً، ويجتهد في تعميق المعرفة، ويتحول إلى داعية يتمسك بنزعة إنسانية وأخلاقية.

كما دعا المثقفين لضرورة الاطلاع على علم أصول الفقه باعتباره منهج فلسفة إسلامية، وهو يعادل المنطق عند اليونان، وفلسفة القانون عند الأوروبين في العصر الحديث، وذكر اعتزاز العلماء بهذا العلم واعتبارهم إياه بأنه من أشرف العلوم، وما يؤكد قيمة هذا العلم أنه قرّب قطاع من المثقفين إلى التعاطي مع القضايا والظواهر ذات الطبيعة الإسلامية. والاقتراب من هذا العلم يساعد في تطوير مستويات الفهم ومنهجيات النظر، وما ينبغي معرفته أنه من خلال أصول الفقه، يمكن اكتشاف ملامح ومكونات النزعة العقلية في الفكر الإسلامي.

المثقفون والبحث عن الدور

المثقف اسم حاضر وفعل غائب.

عندما يكون المثفق اسماً بلا دور فهذا أقبح صورة للمثقف، اختلاف ما يؤمن به من أفكار مع ممارساته وسلوكه، والمثقف في وجهة نظر المؤلف هو الأقدر على إدراك هذه الحقيقة، فما جدوى أن يكون المرء مثقفاً؟ لعل هذا السؤال أهم سؤال يطرحه المثقف على ذاته على أمل أن يخرجها من عالمها الغائب الجامد.

المثقف والسلطة والنقد

السلطة هنا يعني بها المؤلف السلطة الاجتماعية العامة، وليس السلطة السياسية العامة، ولعل تجسير الهوة بين المثقف والسلطة قضية تحتاج لمزيد من التفصيل الذي لم يتطرق له المؤلف. ما هي طبيعة العلاقة بين السلطة (المجتمع) والمثقف؟ من يوجه الآخر: المثقف أو السلطة؟ وإن كان وضع قاعدة أن المفارقة هي الأصل حسب الأدبيات العربية المعاصرة، وانعدام دور المثقف الناقد عندما تكون العلاقة معانقة خاصة. إن هذه الأدبيات تركز على الدور الناقد للمثقف.

المثقفون والبحث عن الدين

تناول المؤلف المفكرين المصريين وطريقة تحولهم نحو الإسلاميات، فتناول اتفاق أحمد أمين، وطه حسين وعبدالحميد العبادي على إعادة كتابة التاريخ، بحيث كل يأخذ منحاه، فكونوا اتجاهاً ثقافيًّا بإصدار أحمد أمين فجر الإسلام، وأصدر طه حسين على هامش السيرة، وتعزز هذا الاهتمام بنشر محمد حسين هيكل كتابه المعروف (حياة محمد)، وأصدر العقاد مجموعة كتب بدأها بكتاب (عبقرية محمد). وكان تفسير هذا التوجه للإسلاميات يصب في اتجاهين رئيسيين هما المنحى الذاتي الذي قد يرتبط بتحولات فكرية أو إعادة اعتبار الذات، والاتجاه الثاني المنحى الموضوعي الذي يتحدد في النشاطات التبشيرية التي تزايد نفوذها في مصر. وتطرق للتحول بعد اكتمال الأطوار كما هو الحال مع المفكر الفيلسوف عبد الرحمن بدوي الذي تحول للإسلاميات بعد أن وصل لمرحلة نضج فكري فأصدر كتابين هما (الدفاع عن القران ضد منتقديه) وكتاب في الدفاع عن النبي (دفاع عن محمد ضد المنتقدين قدره).

في مفهوم المثقف الديني

بعد أن تعرض مفهوم المثقف لحالة من النقد والاهتزاز احتاج المؤلف إلى وضع مفهوم للمثقف الديني ينطلق من خلفيات هي: أن الدين هو المرجعية الفكرية والتشريعية والأخلاقية، علماً أن الدين لم يتعارض مع الثقافة من أول آية نزلت في القرآن الكريم وهي كلمة اقرأ. كما أن الدين لديه القدرة على مواكبة العصر. بهذا فإن هذا المفهوم يدعو من ينتمون للدين للانفتاح على العلوم والمعارف الحديثة والمعاصرة. كما يدعو من ينتمون للثقافة للانفتاح على علوم الدين والتواصل معها.

الفصل الثاني: الإصلاح والإصلاح الثقافي

استعرض المؤلف محاولات الإصلاح بنظرة قاتمة تدعو للتشاؤم من الإصلاح في العالم العربي بدءاً من الإصلاح في عهد طهطاوي مروراً بمحمد عبده ومن بعده جمال الدين الأفغاني، واستعرض قراءات متباينة للوضع العربي الراهن، بين قراءة تصف الوضع بأنه هزائم متكررة من قيام الدولة الحديثة في العالم العربي، وقراءة تقول: إننا أمام تأريخ من التآمر والمؤامرات، وقراءة ثالثة ترى أننا أمام تاريخ من الفرص الضائعة.

في خطاب الثورة في زمن القوميين العرب إلى خطاب النهضة في زمن الانتكاسات، قد وصلنا إلى خطاب الإصلاح، حتى نكسب الرحلة يجب الالتفات الى الحقائق التالية:

* في هذه المرحلة الحساسة، نحن بحاجة إلى مراجعة جذرية وشاملة لجميع الأحوال، تنطلق من إرادة جرئية، شجاعة.

* يجب أن يكون الإصلاح داخلي نابع من إرادة، ليس مفروضاً من الخارج.

* يبدأ الإصلاح من الإصلاح الديني والسياسي ولا ينفك أحدهما عن الآخر.

* يبدأ الإصلاح الحقيقي من مصالحة الدولة مع الأمة، فالأمة هي التي تعطي الدولة شرعيتها، ويكون التصالح بإعطاء المواطن الكرامة والحرية.

* ينبغي أن نبرهن أن الدين لا يتعارض من الديمقراطية، والتقدم.

ظاهرة العنف محاولة للفهم والتفسير

تعرض المؤلف لظاهرة العنف، وأرد لها أكثر من خمسة عشر صفحة، من غير أن يذكر علاقة العنف بالإصلاح الثقافي، وبيَّن أن هذه الظاهرة ليست متعلقة بدين، أو مذهب، فقد ارتبطت هذه الظاهرة بجميع الديانات من حيث الانتساب البشري. وفصل في علاقتها بالعلوم الاجتماعية مثل علم النفس، وعلم السياسة، وعلم الأخلاق وغيرها من العلوم ذات الصلة. وتعرض لمركب العنف، من ثلاثة مركبات منها ما يتعلق بالتفكير، وما يتعلق بالبيئة، وما يتعلق بالنشاط السلوكي.

وتعرض لأنماط العنف وتقسيمه، من حيث المجال، أو من حيث المشروعية، وتطرق لنظريات واتجاهات في تفسير وتحليل هذه الظاهرة، وأرجعها لثلاثة عوامل:

- العامل الاجتماعي والديني.

- العامل الديني والاجتماعي.

- العامل السياسي والعسكري.

وختمها بالتطرق لما أسماه بقوى التحديث في العالم الإسلامي، وتناول ثلاثة من النماذج: النموذج الماليزي، والنموذج الإيراني، والنموذج التركي، وما لها من ثقل في العالم الإسلامي.

متى يبدأ عصر النقد الفكري؟

يرجع المؤلف وصول الفكر الإسلامي المعاصر إلى أوضاع متأخرة، إلى تعطل ملكة النقد، وأكد ضرورة أن يتخذ الفكر من هذا العصر عصراً يخوض فيه التجربة النقدية، وأرجع نجاح مهمة النقد إلى إطلاق طاقة العقل فالعقل هو الطارد لأيديولوجية التعصب والتكفير. وذكر نماذج تاريخية لإعمال الفكر مثلاً التجربة النقدية بين أبي حامد الغزالي في كتابه (تهافت الفلاسفة) وابن رشد في كتابه (تهافت التهافت).

ويشير المؤلف لطريقة النقد الأكاديمي العربي المعاصر التي توجهت نحو حقل الإسلاميات التاريخية وتناولت قضايا الفكر الإسلامي، برزت أسماء في هذا المجال أمثال الدكتور محمد أركون والدكتور هشام جعيط، كما نوه للمنحى الجديد في الفكر الإسلامي وهو المنحى الذي يحاول أن يعطي الأولوية لمفهوم التقدم والتركيز عليه، وهذا يعني أن التقدم هو الفلسفة التي ينبغي أن تحرك الناس، ولا يعني هذا أن المنحى الجديد هو المنحى الوحيد بل هو مسار في قبال مسارات متعددة.

المسلمون في المجتمعات غير المسلمة نظرة إلى الذات

يفترض المؤلف في هذا الجزء من الكتاب أن نظرة المسلمين لأنفسهم -مع التغييرات الحاصلة في العالم خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي- قد تغيرت خاصة في التعامل مع الآخر، وأن روسيا صارت تتعامل مع المسملين وفق أبعاد ثلاثة: البعد الذي يمثله المسلمون قاطنو روسيا. والبعد الثاني تمثله جمهوريات الاتحاد السوفيتي. والبعد الثالث يمثله البلدان الإسلامية في الشرق الأوسط والأدنى.

الفصل الثالث: في معنى التنوير الديني وتجلياته

رغم أن مفردة التنوير مفردة غربية الدلالة إلا أننا عندما نتحدث عن التنوير الديني نجد أن التنوير جاء في القرآن الكريم، وهو من التسميات التي وردت فيه. ويمكن فهم قضية ربط النص بالتنوير من خلال الربط بين الإيمان والنور، وأن الإيمان تغيير الرؤية الإنسان للعالم، ودور الإنسان فيه، وأن منبع التنوير الديني هو الله سبحانه وتعالى حيث يقول: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}. والتنوير في القرآن هو الذي يدفع الإنسان لأن يتحرر من الركون للآباء لمجرد أنهم آباء.

في معنى التسامح الإسلامي وتجلياته

يقصد بالتسامح الإسلامي إبداء السماحة للمخالفين من جهة الدين. ويقول المؤلف: إن كل ما في الإسلام من قيم ومبادئ وأخلاقيات هي من منابع التسامح في الإسلام. فأين ذهبت هذه المنابع وتجلياتها بين المسلمين؟!. ويستجلي العلاقة بين التسامح والتنوير، فالتنوير يدعو لإعمال العقل، ولا يرى مذمة في الاختلاف، ويجعل من التعددية فضيلة، لأن الأصل في الحياة هو التعدد.

في معنى الآخر

الآخر يجب النظر إليه على أنه الذات ولا نجعل من الذات مفهوماً متعالياً، لذلك يجب أن تتغير نظرتنا للآخر، ففي العلاقة مع الآخر نحن أمام علاقة مزدوجة: قراءة من الذات وعلاقة نابعة من الآخر، وأن الآخر ليس جوهراً ثابتاً، كما أن الآخر لا يمثل حالة واحدة، متحدة لا تقبل التجزئة، وإنما يمثل حالة متنوعة تقبل التحديد والتصنيف، فهناك الآخر الذي يتفوق علينا في ميادين الصناعة والتقنية، وهناك من يتفوق نهضةً وتقدماً، وهذا يعني أن الآخر يمثل لنا حاجة حقيقية يدعونا للانفتاح عليه، والتواصل معه. كما دعا لإعادة اكتشاف الآخر ونبذ الخطاب الذي يدعو للتكفير والتآمر. واكتشاف الآخر على الوجه الصحيح يتطلب إدراك أن الخطاب الذي يلغي االآخر لا يستطيع بناء وحدة وطنية، أو صناعة أمة متمدنة. كما علينا أن ندرك أن الآخر ليس شرًّا محضاً ونحن لسنا خيراً محضاً، وعلينا مراجعة وتصحيح المفاهيم التي كرست خطابنا الديني، كما يجب التأكيد على البعد الإنساني في النظر والعلاقة مع الآخر، ويجب علينا التحول من حالة الأحادية إلى حالة التعددية.

في معنى مجتمع المعرفة

التفت العالم العربي إلى مفهوم مجتمع المعرفة عن طريق تقرير صندوق التنمية الإنسانية للعام 2003م، وقد جاء هذا المفهوم بعدما شهد العالم ثروة المعلومات، حيث أصبحت المعرفة من القوى المؤثرة في تشكيل أنماط الحياة في المجتمعات الإنسانية. وقد كشف عن تطور في مستويات النظر إلى المعرفة، كما أن مجتمع المعرفة هو المجتمع الذي تتدفق فيه المعارف والمعلومات بسهولة ويسر دون عوائق.

 



[1]      كاتب سعودي.

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة