تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

الهيمنة الاتصالية الفضائية وتحدياتها الثقافية والتربوية في المجتمع العربي المعاصر

محسن خضر

تتعرض بلدان العالم عموماً، وبلدان العالم الثالث خصوصاً لتأثير البث التلفازي بالأقمار الصناعية، وبالأخص البث الغربي والأمريكي، وهو البث الذي يجتاز الحواجز والحدود، ويصل إلى المواطن مباشرة في منزله، مادام يمتلك طبق الاستقبال، وبدون تحكم من قبل دولته في الغالب.

والإشكالية التي تطرحها تكنولوجيا الاتصال الفضائي هي إحداث التوازن الموضوعي بين ضرورات الانفتاح الثقافي على الآخر دون خطر الاجتياح والاستلاب، والحفاظ على خصوصية الأنا الثقافية دون تحجر أو عزلة.

وبالرغم من تسليم هذه الورقة في فرضيتها الرئيسية، بأن هذا البث الوافد والمفروض علينا، يتضمن غزواً ثقافياً يعكس موقف وتوجه الهيمنة الثقافية الغربية، إلا أن مصطلح "الغزو الثقافي" يمكن أن يكون مضللاً في تحليل إشكالية الصراع الثقافي بين الشمال والجنوب، والصراع الحضاري عموماً، لأنه يتبنى نظرية " المؤامرة " من ناحية، ويضخم قوة الآخر، مقابل تعمية الخلل في البنى الداخلية للعالم الثالث، ويبالغ في دونية "الأنا"، إلا أن هذا التحفظ لا يعنى أن المسألة الثقافية ـ والسياسية ـ في العالم لا يحكمها سعي (الآخر) المستمر للهيمنة على الأنا الثقافي في العالم الثالث، وأن هذه الهيمنة حلقة من حلقات الصراع الحضاري المستمر بين المركز والأطراف منذ الثورة الصناعية، والتي قامت في أحد مرتكزاتها على استلاب ثروات المستعمرات.

ويمثل زرع الكيان الصهيوني في منطقتنا أداة من أدوات هذه الهيمنة والتي تعتمد بشكل أساسي في سعيها لإفقار الجنوب ـ على عملية (الاختراق الثقافي)، والتي عززتها العولمة وثورة وسائل الاتصال.

وتحاول هذه الورقة الإجابة عن تساؤل رئيسي: ما التحديات الثقافية والتربوية التي تفرضها الهيمنة الاتصالية الفضائية التي تتجسد في ظاهرة البث التلفازي المباشر؟ ومن ثم فتحاول هذه الدراسة فهم تطور تكنولوجيا الاتصال التي تجتاح العالم، الوعي بجوانبها المختلفة الإيجابية والسلبية،  بناء استراتيجية مبدئية، تقاوم، وتتفاعل وتنافس هذا البث، وتحاول حفز الأنا الثقافية على مواجهة هذا التطور والتفاعل معه واستيعابه، والحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع العربي في صورتها الإيجابية المبدعة.

ومما يضاعف من خطورة الظاهرة واقع التخلف والتجزئة والأمية التي يعاني منها المجتمع العربي، وحيث يتخوف الكثيرون من تأثير هذا البث على الأطفال والأميين بشكل خاص والذين يشكلون أكثر من نصف تعداد الشعوب العربية.

ومن هنا فإن توصيف القضية بدقة يشكل شرطاً موضوعياً لفهمها والتفاعل معها من أرضية التحرر العربي ومواجهة التبعية الاستعمارية عموماً. ويطرح أحدهم القضية من منظور أن ثورة الأقمار الصناعية على البث عبر الحدود الجغرافية للدول، تفقد هذه الدول تحكمها بالأخبار والمعلومات التي تصل إلى مواطنيها، وقدرتها على ضبط ما يدخل إلى مواطنيها، ومعنى هذا أن الأقمار الصناعية تعمل على هجرة الأفكار والعقائد والصور والثقافات والسياسات والاتجاهات كافة دون رقابة أو إذن وصول، وهذا يفرض الحديث حول معنى السيادة الوطنية في العالم الثالث ،[1] (بصرف النظر عن تأثير عشرات الفضائيات العربية)، وثمة تخوف أن يصبح التلفاز الدولي أداة طيعة في أيدي القوى الصناعية المتقدمة، لتصدير الثقافة الاستهلاكية والمواد الإخبارية التي تتدفق من مصدر واحد، فتتفاقم مشكلة الديمقراطية.[2]

والملاحظ أن هذا التطور والتحدي، يأتي في ظل الاحتلال البين في الخريطة الدولية، من خلال الدعوة إلى نظام عالمي جديد، مضمونه الهيمنة الأمريكية، ويفتقد شروط التكافؤ بين الشمال والجنوب، والقائم على أشلاء تحلل الكتلة الاشتراكية السابقة، وفي ظل دخول الأقطار العربية  حالة انعدام الوزن والتمزق والتخبط واليأس، وكأن الثورة الإعلامية الحادثة هي الفضاء الثقافي للوضع الجديد، ويطرح خبير إعلامي غربي بارز القضية من منظور موضوعي متوازن: "إن التقدم التكنولوجي في مجال الاتصالات، كان السبب الرئيسي في انهيار الضوابط التي قصد بها إحلال توازن ما في الاتصال الدولي. فقد فاجأتنا التكنولوجيا بأقمار صناعية أكثر قوة، فتواتها أكثر عدداً، وبرامجها أكثر تنوعاً، وهوائيات أصغر حجماً وأرخص ثمناً. وأصبح العالم أشبه بقرية جامعة، واجتاح الإرسال التلفازي الحواجز، يغير في القيم، ويؤثر في الأحداث، ويحرك الجماهير، وبدأت التكنولوجيا ذاتها تضع الثقافة والسياسة التي تتناسب مع تطورها ومتطلباتها، وأصبحت الحقيقة ماثلة للجميع، أن برامج الإرسال بالأقمار ستطال كل بلدان العالم، وأن كل البرامج الوافدة، إلا أنها بلا مراء برامج غاز، وأتت إلينا بلا استئذان أو دعوة" [3].

إلى أي مدى تحمل هذه التطورات ملامح عصر جديد؟

·    عصر الصورة:

أصبحت الصورة قلب الثقافة المعاصرة، حيث تتحول الثقافة الإنسانية تدريجياً من ثقافة الكلمة إلى ثقافة الصورة، وأصبح التلفاز هو الماء الذي تسبح فيه أحداث هذا العالم المفتون بالدراما.

و يسمي البعض هذا التطور (انفجار الاتصال السمعي البصري)، وكذلك (ثورة البث المباشر)، كما يسمى (عصر التيليدبلوماس) أي دبلوماسية التلفاز، ومن التسميات  الأخرى (رأس المال الإدراكي الإعلامي)، حيث يشمل القوى الفكرية والاجتماعية للإنتاج المادي، بالإضافة إلى التحكم في عملية إنتاج ونقل المعارف، بمعنى أن الإعلام بصفة أساسية من عوامل الإنتاج [4].

ونلاحظ أنه ـ على سبيل المثال ـ في حرب الخليج الأولى قد طبق الإعلام الأمريكي في تغطيته الحرب النظرية الإعلامية الشهيرة " رؤية كل شيئ حالاً، وفي كل مكان". ويعزز السيد يس هذه الملاحظة حيث يذهب إلى أن حرب الخليج الأولى، قد كشفت في بعدها الإعلامي القسمات الرئيسية للمجتمع العالمي المعاصر، التي تشكلت بتأثير الثورة التقنية في مجال الاتصال، وحيث انفتح المجال أمام الأنظمة لتزييف الوعي الجماهيري وقفاً لسياسة إعلامية تابعة لتوجهات النظم السياسية، وعدم قدرة المواطن العربي العادي على معرفة الحقائق السياسية والاجتماعية والثقافية في الأقطار العربية المختلفة، نتيجة ضعف أدوات الاتصال المستقلة التي تسمح له بتكوين وجهة نظر موضوعية، وقيود الرقابة الصارمة،

(نلاحظ كيف تحكمت القوات الأمريكية في حركة المراسلين وتغطية الإعلاميين للغزو، بل ووصل الأمر إلى ضرب فندق فلسطين مقر الصحفيين للتشويش على ما حدث عند سقوط بغداد)*

·    تطور تكنولوجيا الاتصالات الفضائية:

من ملامح العصر الإعلامي الحالي سهولة انسياب المواد الاتصالية والمعرفية في العالم، بشكل لا يعرف حدوداً وحواجز. ويقوم هذا التطور على الارتباط الوثيق بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصال،  فقد جمع بينهما النظام الراقي الذي تطورت إليه نظم الاتصال، فقد أبقت شبكات الاتصال مع شبكات المعلومات (الفاكس ـ  أقمارـ الاتصالات والبث التلفازي ـ البريد الإلكتروني)، وبذلك انتهى عهد استقلال نظم المعلومات عن نظم الاتصال، ودخلنا في عهد نظام جديد للمعلومات والاتصال [5].

تكنولوجيا الاتصالات هي مصدر الشفافية الجغرافية، والتي جعلتنا لا نشعر بالفرق بين من يحاورنا ومن له القدرة على أن يحاورنا عبر آلاف أو ملايين الأميال، ويتجاوز دور تكنولوجيا الاتصالات كونها عنصراً مكملاً لتكنولوجيا الكمبيوتر إلى دور الشريك الكامل، وهي علاقة يسودها طابع تبادل المنافع، ففي حين يدين الكمبيوتر لتكنولوجيا الاتصالات بدوره الخطير الذي يلعبه الآن على مستوى العالم، والمتعاظم في المستقبل، فقد حررت الاتصالات الكمبيوتر من سجن المعامل والصالات المكيفة، لتخرج به إلى الشارع والمتجر والورشة والفصل والمنزل، تنشر خدماته عبر القارات والبحار والفضاء الخارجي. لقد غيرت تكنولوجيا الاتصالات وجه العالم [6].

وفي حين يحدد نبيل علي التوجهات الكبرى لتكنولوجيا الاتصالات في السمات التالية: "ومن الصوتي إلى الرقمي، ومن الإلكتروني إلى الفوتون، ونحو الرخيص المتاح دوماً، ومن الخاص إلى العام، ومن المتنوع إلى الكامل، ومن السلبي أحادي الاتجاه إلى التجاوب ثنائي الاتجاه، ومن الثابت إلى النقال، ومن الشفرة الانجليزية إلى الشفرة متعددة الاتجاهات" [7]. فإن لاستخدام تكنولوجيا الاتصال الحديثة خصائص يمكن تحديدها في العناصر التالية:

1 ـ تعدد قنوات الاتصال التي يتعرض لها الفرد أو يمكن أن يتعرض لها محلية وأجنبية، إذاعية وصحافة مطبوعة، وقنوات تلفازية خارجية أو قومية، والتي تصل إليه بوسائل عديدة، قد تكون الترددات العالية، أو المنخفضة أو التابعة أو شبكات الكوابل المرتبطة لها، أو عن طريق الاستقبال من أقمار البث المباشر، مما يوسع مجال الاختيار أمام المتلقي.

2 ـ التحول إلى المشروعات الخاصة Privatization في مشروعات وقنوات الاتصال، ويترتب عليه تخفيف سيطرة الدولة ورقابتها على قنوات الاتصال.

3 ـ تدني مستوى البرامج للحصول على أكبر نصيب من الجمهور المتلقي.

4 ـ الحاجة إلى  استيراد البرامج من الخارج لسد احتياجاتها من البرامج والمواد الاتصالية مما يهدد  الهوية الثفافية القومية.

5 ـ التعامل مع الإنتاج الإعلامي والثقافي باعتباره سلعة تعامل بمنطق السوق، فتقاس جودتها بحجم جمهورها ومدى الإقبال عليها، بصرف النظر عن المعايير الثقافية أو الأخلاقية، وخاصة غلبة الطابع الأمريكي بنظرته الخاصة للحياة وبمعاييره القيمية.

6 ـ تركيز إنتاج التكنولوجيا الحديثة في الدول الصناعية الكبرى في الشركات عابرة القوميات [8].

إن التلاقي بين التكنولوجيا المختلفة في مجال الاتصال (كاستخدام الفضاء، وتحسن إمكانات البيانات والأصوات والصور بفضل ذاكرات الحاسبة الإلكترونية وأسطوانات الفيديو، وتزايد طاقات المعالجات والحساب بمعدلات ضخمة جداً بفعل أجهزة المعالجة الدقيقة، وتزايد إمكانات الإرسال عبر الفضاء بفضل الأقمار الصناعية للاتصال، وعلى سطح الأرض أو تحت البحار، مع استخدام الموجات ذات التردد العالي)، كل ذلك سيؤدي إلى إنشاء شبكات معقدة، والربط بينها بما يتيح معالجة البيانات ونقلها على الفور.

وبهذا المعنى أضحى الاتصال بمثابة الجهاز العصبي للمجتمعات المعاصرة، ولصناعات الاتصال والإعلام في بعض البلاد وزن اقتصادي يصل إلى حد أنها أصبحت الصناعات الغالبة، وأخذت تحل محل الصناعات الثقيلة والتحويلية، بوصفها العنصر الرئيسي لتكوين الناتج القومي. ولذلك فإن اقتصاد الغد سيكون قائماً أساساً على المعلومات، وتصبح المعلومات المورد الرئيسي الذي يفوق في أهميته دور المواد الأولية والطاقة [9].

ولكن تكمن إشكالية التطور السابق في مضمونها السياسي، فإن تطوير تكنولوجيا الاتصالات نجحت في تعميم سطوة الثقافات الغربية، وفي نقل مجموعة القيم الغربية إلى أجزاء العالم المختلفة، فقد تم تطوير وإدراك تكنولوجيا الاتصالات الفضائية، مشبعة بمصالح الرأسمالية الأمريكية ومواصفاتها منذ الحرب العالمية الثانية. ويجب التسليم بإمكان أن تستخدم التكنولوجيا مهما كانت منابعها، على نحو بديل في حالات معينة، وبما أن التكنولوجيا الغربية لا تعد جزءاً لا يتجزأ من نظام الاستغلال فحسب، إنما تعمل على توسيع وتعميق ذلك الاستغلال [10].

ويكفينا التوقف أمام ظاهرة C,N,N الإذاعية التي تستخدم الأقمار الصناعية على مدار 24 ساعة، وتشاهد في 137 دولة، فقد أحدثت ثورة في إحساسنا بسرعة التاريخ وجمع الأخبار. ويعمل ما يسمى عامل C,N,N على تحويل أي حداثة إلى قضية عالمية في وقت واحد تقريباً، فقد أصبحت تلعب دوراً في تشكيل نتيجة الأحداث، عن طريق التغطية الفورية لدرجة الإشباع، وخلقت قالباً جديداً يتعين على الدبلوماسية أن تعمل في إطاره [11].

ويحدد البعض الجوانب السلبية لهذا الإرسال في أن الاتجاه إلى التخصص البرامجي، والتعامل مع الأخبار باعتبارها سلعة تطرح في السوق الحر يغلب عليها الإثارة والجاذبية، ومحاولة التأثير بهدف تبني اتجاهات سياسية أو ثقافية معينة، وتدني مستوى البرامج أمام زيادة الطلب. أما الجانب الإيجابي لهذا الإرسال فيتحدد فيما يلي:

1 ـ الاتجاه إلى العالمية: سيؤدي تعدد المصادر وانفجار المعلومات إلى ضعف قدرة الدولة على التحكم بمصادر المعلومات والأخبار لتحل محلها مسؤولية الفرد في الاختيار، ولجوء الدولة إلى محاولات الإقناع في سياستها بديلاً عن الإرشاد والتوجيه كما كان سائداً من قبل.

2 ـ الاتجاه إلى اللامركزية: بتشجيع إنشاء القنوات المحلية والنوعية لإحداث توازن مع المادة الوافدة.

3 ـ التعددية بديلاً عن النمطية: بخلق تعدد في الاتجاهات والاهتمامات والمدركات والمعارف بديلاً عن النمط الواحد في التفكير والتوجه وزيادة الفروق الفردية بين الناس.

* حدود الحرية في تدفق المعلومات:

أثار ظهور البث الفضائي المباشر عبر الأقمار الصناعية، في سيال متدفق لا يعرف الحواجز أو الحدود، التعارض القانوني والسياسي بين مبدأين أساسيين: المبدأ الأول هو حماية الثقافة والهوية الوطنية، ومنع التأثيرات السلبية على المواطنين، والمبدأ الثاني هو حرية الإعلام وإلغاء جميع القيود والحواجز أمامه، والسماح له بالانتشار بكامل الحرية، وهذا مبدأ من المبادئ العامة لحقوق الإنسان، وخاصة في المادة التاسعة عشرة من حقوق الإنسان والتي تنص على "أنه لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل أو استيفاء، وتلقي وإذاعة الأنباء والأفكار بأي وسيلة كانت، دون تقييد بالحيز الجغرافي".

ويسمي هربرت شيلر هذه القضية بـ (القسمة من أعلى إلى أسفل) أي التدفق الرأسي من دول المركز إلى الأطراف.

ويدافع فيديريكو مايور ـ المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو ـ عن حق التدفق الإعلامي من منطلق "أن الذي تسعى إليه ليس الإعلام بصفته حضور المعارف ولا مجرد وجود البيانات، ولا إمكان تحصيل المعارف، وإنما بصفته وسيلة للرقي بمستوى الفرد. وضمان إمكان هذا التواصل والتوازن من العام إلى الشخص وعكسه، هو الذي تكمن فيه بالذات مشكلة الإعلام، أو مشكلة تدفق المعلومات الحقيقي، "وتكمن المشكلة في الصراع بين حقين: الحق في الاتصال وحرية التعبير والتواصل، ومن جهة أخرى حق الثقافات في حماية نفسها والحفاظ على ذاتيتها، وهما حقان يتعارضان أكثر مما يتفقان. وقد سبق لنا أن عرضنا بالتفصيل مسألة حقوق الإنسان عموماً، وحق المواطن العربي في الاتصال [12].

وتحاول دول الغرب أن تصيغ القضية ـ أو تزيفها ـ من منظور حرية تدفق المعلومات من المركز إلى الأطراف، إلا أنه يمكننا أن نناقش وجهتي النظر المتعارضتين للتوصل إلى طرح موضوعي وعادل للقضية.

أولاً:  وجهة نظر المدافعين عن حرية تدفق المعلومات:

يشير ماريو فرجاس للوسا إلى أن ضمان حرية تدفق المعلومات وتدفقها يجب أن يتصدر قائمة الإصلاحات الحكومية إذا رغبنا في تحسين وتحديث المجتمع، ويشجع الإقبال على المعلومات (بالإضافة إلى التقدم العلمي والحرية وانتشار التعليم) على الانفتاح والمشاركة، لأن تدفق المعلومات يعمل على زيادة عدد المواطنين الذين يستطيعون أن يختاروا ما يحلو لهم [13].

وتشير منظمة اليونسكو إلى أن مهمتها هي ضمان حرية تدفق المعلومات على المستوى الدولي والقومي، ونشرها على نطاق أوسع وأكثر توازناً، دون أي عائق لحرية التعبير من شأنه تدعيم مشاركة الدول النامية في عملية الاتصال [14].

ثانياً: وجهة نظر المعارضين لحرية تدفق المعلومات:

وتستند وجهة نظر التحفظ أو الرفض لحرية تدفق المعلومات من خلال تكنولوجيا الاتصال الفضائي إلى التخوف من الهيمنة والامبريالية الثقافية، فانطلاق ثورة تكنولوجيا الاتصال على المستوى العالمي، وخاصة في العالم المتقدم، تلك التي قدمت وسائل جديدة وأساليب جديدة براقة مؤثرة جذابة، ترفع شعار الانسياب الحر للمعلومات والاقتراح المتبادل للثقافات لكنها استغلت في الواقع لتعمم سيطرة الثقافة الأوروبية الأمريكية على حساب الهوية الثقافية للدول الأصغر والأفقر [15].

وأن ما تنقله الأقمار الصناعية إلى دول العالم الثالث من برامج وأخبار وأحداث وثقافة وترفيه لا تحكمها اعتبارات محايدة أو موضوعية، بل ما ترى دول المركز من خلال وكالات أنبائها المتخصصة وشبكات الإرسال المسيطرة أهمية إذاعته وتوزيعه [16].

·    الهيمنة الاتصالية:

تندرج الهيمنة الاتصالية COMMUNICATIONAL DOMINATION تحت دائرة الهيمنة الثقافية CULTURAL COMINATION إحدى ظواهر الاستعمار الثقافي، والتي يمكن  تعريفها بأنها "جماع العمليات التي تستخدم لإدخال مجتمع ما إلى النظام العالمي الحديث، وكيف تتم استمالة الطبقة المهيمنة فيه والضغط عليها وإجبارها ورشوتها أحياناً، كي تشكل المؤسسات الاجتماعية في اتساق مع قيم المركز في النظام أو حتى الترويج لها [17].

ويعترف شيلر بسعي الحضارة الغربية إلى تحقيق الاستعمار الثقافي. ويتوافر لنا في تراث الفيلسوف الفرنسي لويس ألتوسير والاقتصادي المصري سمير أمين تنظير عميق لمفهوم الهيمنة. إلا أننا نلاحظ أن المواطن العربي ـ ومواطن العالم الثالث عموماً ـ محاصر بين هيمنتين: هيمنة الخارج وهيمنة الداخل. ويتصل صراع الفضاء بصراع الأرض والبحر، الأساطيل الحربية والقواعد العسكرية، هيمنة الشركات عابرة القوميات، وهيمنة نظريات الخصخصة واقتصاد السوق في رؤوس اقتصاديي العالم الثالث، وتجريف تربة الأرض بفعل حمى الثراء، وتجريف الأسماء العربية من فوق واجهات المتاجر، وزحف المفردات الأجنبية فوق ألسن الصغار والكبار. ويمكن تحديد أهداف الإمبريالية الثقافية في الخبرة العربية من خلال: "السيطرة الكاملة على أفكار ومثل ومشاعر الشعوب العربية، وإشاعة روح الانهزامية واليأس واللامبالاة والتفسخ الاجتماعي والخلقي بينها، وتقديس ثقافة الاستهلاك وتسطيح الوعي، وتزييف الحقائق التاريخية والواقعية، وإشاعة اللاعقلانية في الفكر والممارسة. [18] وتؤدي الإمبريالية الثقافية إلى تغريب العالم، حيث تمثل الشكل الوحشي لتغريب العالم، وحركة التغريب هذه قوة مرعبة لأنها تلغي الاختلافات بين الأنواع، وتحت هراسة التغريب يبدو أن كل شيء قد تم تدميره وتسويته وسحقه بالكامل في كل مكان وفي الوقت ذاته [19].

ويفسر توفلر هذه العملية ـ تذويب العالم في أتون ثقافي أمريكي واحد ـ بقوله "فبدلاً من إعطائنا خيارات من الهويات المتماسكة لنختار منها ما يلائم، طلب منا ضم بعضها إلى البعض لتكوين الكل الكامل: الأنا الصورية أو العولمة التردد MODULATER، وهذا وضع صعب يفسر بحث ملايين الناس عن هوية" [20].

ولا تنفصل قضية الاتصالات العالمية عن قضية السيطرة الاجتماعية في نهاية الأمر، ومن ثم يمثل النضال للتغلب على كل من الهيمنة الخارجية والهيمنة الداخلية القضية المحورية فيما يتعلق بإرساء معالم السياسة الاتصالية المعاصرة، وهو أمر لا يتم التسليم به دوماً، ويجري الصراع على الصعيد الدولي القومي والمحلي بين القوى المهيمنة والقوى المناوئة لها، وترتبط جميع القضايا الأساسية في مجال الاتصال الراهن بهذه المواجهة الرئيسية الشرسة والمتصاعدة [21].

وترتبط الهيمنة الاتصالية من خلال عملية التغريب بمحاولة "أمركة العالم" AMERICAINISATION الذي يعني الامتثال لطريقة الحياة الأمريكية AMERICAN WAY OF LIFE "حيث يكمل البشر إنجاز الحلم الجامح لتيودور روزفلت "بأمركة العالم"، بل كذلك حلم كافة الإمبرياليين، وهذا التوحيد للعالم يكمل انتصار الغرب. ونحن ندرك تماماً أن قيام أخوة عالمية ليس على الإطلاق غاية هذا التوسع المسيطر، فالأمر لا يتعلق بانتصار للإنسانية، بل انتصار على الإنسانية" [22].

وفي هذا المشروع تقوم الولايات المتحدة الأمريكية، بتنظيم الذاكرة الجماعية لشعوب الأرض، تغير من ثقافتها بقيمتها ورموزها على الآخرين، فتمثل الولايات المتحدة أكبر غاز عرفه التاريخ، لأنها صاحبة حضارة الثقافة السمعية البصرية والمعلوماتية التي أوشكت على دحر الثقافة المطبوعة، ويفسر ذلك بأن التكنولوجيا" كانت البديل الذي جرى التأكيد عليه وتشجيعه لضمان مواصلة تأثير أمريكا وسيطرتها على الشؤون الدولية الثقافية والاقتصادية. ويلوح في الأفق أن التصميم الحالي للسياسة الثقافية الأمريكية يعجل بتنفيذ وتشغيل تكنولوجيا الاتصالات المتقدمة، وتشمل هذه التكنولوجيات شبكة الحاسب الإلكتروني ونظم البث عبر الأقمار الصناعية، يمكن أن تعمل جميعها عبر الأوطان" [23].

ويربط محمد عابد الجابري بين الهيمنة الاتصالية والهيمنة الثقافية، "فاليوم في أواخر القرن العشرين، والاتصال بدون المدفع ممكن، وإخضاع النفوس من بعد مسافة بعيدة أصبح ميسوراً جداً بفضل التقدم الهائل في وسائل الاتصال السمعية البصرية. إذاً فلقد انقلب الوضع انقلاباً لم يعد إخضاع الأبدان فيه شرطاً في إخضاع النفوس، بالعكس لقد غدا إخضاع النفوس طريقاً لإخضاع الأبدان" [24].

ويترتب على الهيمنة الاتصالية سقوط مفهوم السيادة التقليدي، لأن تكنولوجيا الاتصال الجديدة تغير إحدى ركائز السيادة. وهي التحكم الكامل في أرض وأجواء التراب الوطني. ولم تترك حركة الغزو الرأسي الإمبريالي رقعة على وجه الأرض إلا وحاولت الوصول إليها وترسيخ أقدامها عليها، والغزو جزء لا يتجزأ من الأيديولوجية الاستعمارية ـ قديمها وجديدها ـ وإن الغازي يستخدم كل الأساليب التدميرية لإخضاع البلدان النامية ومنها الدول العربية وإلحاقها تبعياً [25].

ولما كان الصراع اليوم صراعاً ثقافياً في الأساس، فإن الثقافة الموحدة أصبحت في العصر الراهن هي مخدر الشعوب، وذلك من خلال عدة وسائط إعلامية تعمل في إطار استراتيجي عالمي تسيطر عليها الدول الكبرى والمؤسسات التجارية والمنظمات متعددة الجنسيات، بحيث أصبح التدفق الإعلامي أداة اقتصادية وأيديولوجية تعمل من أجل السيطرة على شعوب العالم الثالث [26].

وفي المقابل فإن قدرتنا على مواجهة هذه الهيمنة لا تزال محدودة، وصحيح أن دول الغرب العريقة ـ وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا العظمى ـ تعاني من خطر الغزو الثقافي الأمريكي، أو ثقافة "الجينز والكوكاكولا والهمبورجر" حسب تخوف وزير الثقافة الفرنسي، إلا أن الأمر يختلف معنا، لأن اتساع الفجوة الحضارية التي تفصلنا عن الغرب تعمق من خطورة التبعية، ويبدو تخوف مفكر عربي بارز مثل المهدي المنجرة موضوعياً: "أما نحن فليس لنا أي تخطيط ولا أية سياسة، ولا نملك أية مفاهيم قانونية تقنن إعلامنا، وتحمي له سيادته وأهدافه من خطط الغرب، الذي عهد مشروع توسيع هيمنته الإعلامية، وساهم بكل الوسائل في غزوه الأعلى، ونحن لا نملك في العالم الثالث خطة لمواجهة هذا الغزو، لأنه لا يمكن تحقيق المواجهة بدون استراتيجية، وبدون سياسة إعلامية، وبدون تعاون إعلامي" [27].

ويحدد شيلر الأساطير الخمسة الزائفة التي تؤسس مضمون التضليل الإعلامي والوعي المعلب الذي تمارسه الهيمنة الاتصالية، وهي حسب رأيه: أسطورة الفردية والاختيار الشخصي، وأسطورة الحياد، وأسطورة الطبيعة الإنسانية الثابتة، وأسطورة غياب الصراع الاجتماعي، وأسطورة التعددية الإعلامية [28].

·    الأبعاد التربوية للبث المباشر:

إذا كنا نعي حقيقة أن تشكيل الفرد محصلة لما نسميه القوى التربوية، سواء كانت تعليمية نظامية أو غير نظامية، فإن تعقد واتساع وتفاعل الفضاء الثقافي الإعلامي الوافد سوف يترك تداعياته المختلفة على تشكيل المواطن العربي وعلى شخصيته. وعلينا أن نلاحظ أن التكنولوجيا ليست محايدة، بل هي تركيب اجتماعي يحمل سمات النظام الاجتماعي الذي أنتجها، وتتفاعل التكنولوجيا مع كل جوانب الوعي الإنساني. ويعني نقل التكنولوجيا، أو التعرض لها، نقل الأشكال والقيم والمعابر الثقافية، ويذهب أ. هويرا (المكسيك) إلى أن "هذه العملية هي الأكثر تأثيراً باتجاه التغريب في البلدان النامية" [29].

ويشير محمد عابد الجابري إلى أن الاختراق الثقافي من خلال البث الفضائي، يستهدف التعامل مع العالم حيث حل (الإدراك) محل (الوعي) في الصراع الأيديولوجي، وحيث يستهدف هذا الصراع السيطرة على الإدراك وتوجيهه. وكانت وسيلة تشكيل الوعي في مرحلة الحرب الباردة هي الأيديولوجية، أما وسيلة السيطرة على الإدراك في عالم ما بعد الحرب الباردة فهو الصورة السمعية البصرية، ويهدف تسطيح الوعي أي جعله يرتبط بما يجري على السطح من صور ومشاهدات ذات طابع إعلامي، مثير للإدراك، مستفز للانفعال، حاجب للعقل، ومع السيطرة على الإدراك، وانطلاقاً منها يتم إخضاع النفوس أي تعديل فاعلية العقل، وتكييف المنطق والقيم وتوجيه الخيال، وتنميط الذوق، وتولية السلوك. والهدف هو تكديس نوع معين من المعارف والسلع والبضائع هدفها تسطيح الوعي.

إن نمط الحياة الأمريكية وقيمه في الجانب الاستهلاكي يتم تعميمه على العالم كله، والوطن العربي في المقدمة" [30].

إن الخطورة تكمن في تعرض المتلقي للبرامج المختلفة، دون أن تتوافر لديه المقومات المهارية والمعرفية الكافية لتحليل وانتقاء الفكر والثقافة والمواد الإخبارية التي تبثها وسائل الاتصال الجماهيري المرئي والمسموع. ونشير في هذا الصدد إلى نوعين من الرموز يتكون منهما المضمون الإعلامي والثقافي للرسائل المرئية والمسموعة: الرموز الإنسانية وهي رموز مكتسبة خلال العملية الثفافية والتعليمية، والرموز التكنولوجية وهي رموز مرتبطة بالتطور التكنولوجي والعلمي في المتبع، وإذا كان المجتمع منتجاً للتكنولوجيا فيتوافر له النواة التي تهيئه للموقف الناقد القادر على التحصيل والاستنتاج الفوري لتلك الرسائل المركبة [31].

والتخوف أن يؤدي الفراغ الثقافي الإعلامي في الوطن العربي إلى أن يجد هذا المواطن نفسه في حالة اغتراب، يبحث لنفسه أمامه عن معنى وهمي للحرية يدفعه إلى الارتماء في ثقافة المتعة والتسلية والاستهلاك الفوري، من خلال البث الوافد، وهي ثقافة تصالحية ترفض كل أشكال النخبوية، وتخلق نجومية مفتعلة في أغلبها، فتخلق في النهاية إنساناً خاملاً، يساعد على ذلك تردي الواقع العربي أساساً.

ويزداد القلق عند البعض من مضمون الهجمة الإعلامية القادمة، والتي سيكون لها الأثر الكبير في توجيه الذوق العام والمزاج السائد على مدى الوطن العربي، واستغلال هذه الوسائل الإعلامية لضبط ردود عقل الجماهير العربية، وتوجيه مسيرة الأدوار في اتجاه معين.

وسوف يضاعف تكنيك الألياف الضوئية من قدرة "الشفط المعلوماتي" لموارد الدول الفقيرة بواسطة الدول الغنية، وهو أمر وثيق الصلة بمفهوم السيادة الوطنية للدول العربية، والمحافظة على خصوصية المواطن العربي [32].

وهناك شبه اتفاق حول التخوف من سيطرة الثقافة التجارية الاستهلاكية على البث الوافد، وبالتالي تهيئة المشاهدين لتلقي نمط الحياة الرأسمالية وتقليده، فيلاحظ الجابري أن وسائل الإعلام تضطلع بدور كبير بالاشتراك مع الآلة العسكرية، للسيطرة على ثقافات شعوب العالم الثالث من خلال التوزيع العالمي للثقافة الجماهيرية، التي يتضمنها هذا البرنامج لجني قدر من الأرباح المادية، وتعمل الشركات عابرة القوميات للسيطرة على الثقافات العالمية، من خلال توزيع منتجات برامج التلفاز والصحف والمجلات والإعلانات، بما تحمله من مفاهيم تعزيزية للأنماط الاستهلاكية السائدة في الدول الصناعية [33].

ويتفق المفكر اللاتيني ماريو فرجاس للوسا مع رأي الجابري في التحذير من سطوة الثقافة التجارية، حيث ينطوي نظام الإعلام الحر ـ في رأيه ـ على أخطار عديدة، أهمها خضوع اختيار البرامج ومحتواها لاعتبارات تحقيق أقصى قدر من الربح ونصيب السوق. وإذا أصبحت الكلمة العليا للمعيار التجاري البحت، وهو سيطرة السوق، كانت النتيجة تدني مستوى جودة الإعلام، وضحالة الأخبار، وهو ما يهدد الثقافة، ولا شيء يثير العاقل في المجتمع كالتشويش المنظم للحقائق، وهو طابع وسائل الإعلام التي تجنح إلى الإثارة، لأن المنتجات والخدمات الإعلامية المقدمة في وسائل الإعلام أخطر من أن تكون سلعاً استهلاكية [34].

وثمة تأثر يتعلق بالبعد الديمقراطي، حيث يساعد التلفاز عموماً على أن يكون الرأي العام رأياً فردياً في ظل الديمقراطية المتأثرة بسياسة التلفاز وانقسام المجتمع المدني، وأن يكون الرأي العام لصالح بناء الفرد المنفصل الذي غلبت عليه أثرته وأنانيته.

وإذا كان من يملك العلم والتكنولوجيا يملك السيطرة والقوة، حيث تجنّد نظم الاتصال والمعلومات والإعلام لخدمة الأهداف والنظم الاقتصادية السائدة، فإن انعكاسات السيطرة الإعلامية من خلال الوسائل التكنولوجية للاتصال، ستكون على حساب ديمقراطية الفرد وحقه في الاتصال، لأن التلفاز الدولي سيصبح قناة طبيعية في أيدي القوى العربية، والتي تحمل وجهة نظر منتجها فقط [35].

ويتخوف بعض الإعلاميين من التأثر المتوقع على الطفل العربي من التعرض لهذا السيل من الثقافات الأجنبية، وخاصة أن هذه البرامج والأفلام أنتجت في إطار بيئي مختلف عن البيئة العربية، مما يؤثر على ولاء الطفل لثقافات أجنبية على حساب الثقافة القومية، ويؤكد هذا التخوف ارتفاع نسبة مشاهدة الأغاني الأجنبية عن العربية في عينة الدراسة، وأن 93% من عينة الدراسة ـ عند الباحث ـ يفضلون مشاهدة التلفاز دائماً [36].

وتنقل الشبكات الإلكترونية الإعلامية في قنواتها لغة واحدة، ومدلولات خريطة اجتماعية سياسية إدراكية جديدة. ويتعاون ظهور تقنيات جديدة للإعلام، واستكمال الذاكرة الخارجية معاً، في تصنيع عمليات تنسيق جديدة للإنتاج والتداول صياغة المعارف واللغات وذلك على الصعيدين الفردي والجماعي، وتلك أمور بدأنا نلمح أشكالها وآثارها [37].

ويظهر الطابع التكويني للأثر الإعلامي بشكل يتدخل في تكوين التفكير والسلوك والأخلاق والعادات اليومية والخصائص الشخصية للجماعات والأفراد، ويقصد بالأثر اللا واعي إحلال بدائل وهمية مشوهة محل الوقائع، وتكوين بنى روحية للعدوى الاجتماعية في تلقي نمط الحياة الرأسمالية وتقليده، ويعمل البث الوافد ـ وخاصة الأمريكي ـ على ممارسة تأثيرات متجانسة TTOMOGENIXING تحتوي على أخطار جدية على الثقافات القومية، بحكم الطابع الكوزمولوليتي الذي يميز البرامج المرئية والمسموعة والمقروءة التي تقتحم كل يوم حياة ملايين البشر في القارات. وثمة اعتبار خاص للمستوى التعليمي للمشاهد العربي. وحيث تعم الأمية أكثر من نصف سكان الوطن العربي، بالإضافة إلى الأطفال، وهؤلاء هم أكثر الفئات تضرراً من التأثر بالبث الأجنبي، إلا أن ضعف كفاءة التعليم العربي، وسيادة التعليم الحفظي أو التلقيني، والغياب الكبير للمشاركة السياسية  الحقيقية للمواطنين في إدارة شؤونهم، وتوجيه دفة مجتمعهم، نتيجة سيادة التسلطية والاستبداد وحكم الأقلية، وضعف آليات الرقابة، وتراجع ـ أو غياب ـ الكثير من حقوق الإنسان الأساسية في المجتمعات العربية، كل ذلك من شأنه أن يعمق من ظاهرة "السلبية الثقافية" وتعني الهروب إلى التأثر بالبث الوافد، في حين تضيق هذه التأثيرات بين النخبة عموماً.

·    استراتيجية المقاومة:

من المهم التخلص من الحالة الانفعالية عند مناقشة مثل هذه القضية المتشابكة، وحتى نخرج من موقف التهويل أو التهوين أو الارتكاز إلى نظرية المؤامرة فحسب، فرب ضارة نافعة، فلعل هذا التحدي كشف عجز وتداعي الإعلام العربي، الذي هو أقرب إلى إعلام عن السلطة الحاكمة وليس إعلاماً عربياً، ومن هنا يجب الحديث عن إعادة ترتيب البيت العربي في استجابة واعية وخلاقة ترتفع إلى مستوى هذا التحدي، من موقف الثقة في الذات والسعي نحو التحرر في عالم يعزز واقع الهيمنة والتبعية للمركز.

والتغيير المستهدف لا ينشد قطاع الإعلام العربي وحده، بل يستهدف صياغة عقلية تتفاعل مع ما يقدمه البث الوافد بشجاعة، وهذا لن يتأتى إلا من خلال تغيير مثلث الثقافة ـ الإعلام ـ التربية الراهن، وإيجاد ثقافة ديمقراطية بشكل عام تتيح بناء وعي نقدي، وشخصية منفتحة واثقة من ذاتها. وبلا شك إن تطوير التعليم العربي، وتجديد منتجاته ومضامينه، يشكل ركيزة في هذا السعي. كما أننا بحاجة إلى ثورة حقيقية في أرض الواقع تتصدى لواقع الأمية المهيمن، أي أن القرار السياسي لمحو الأمية وتعليم الكبار، يعد ضرورياً لمحاولة تطوير قدرة الشخصية الاجتماعية على التقييم والمراجعة والنقد والتفاعل. ولا يمتلك العرب خيار عزل أنفسهم عن الساحة العالمية، وفي نفس الوقت فإن للتقدم العلمي والتكنولوجي طغيانه ونفوذه، ولا يجب أن ينفصل النضال ضد هذا البث الوافد، عن النضال من أجل إقامة عالم إنساني عادل ومتوازن، وسعي الجنوب لتصحيح علاقات الاستلاب والهيمنة والظلم الدولي التي يمارسها الشمال معه. إن القصة تتكرر من جديد ـ وهي بلغة جمال حمدان "استراتيجية الاستعمار والتحرير" ـ فما هي محاور الاستراتيجية المقترحة في التعامل مع التحدي الذي تثيره تكنولوجيا الاتصال الفضائي؟.

يمكن تصور محاور هذه الاستراتيجية متوزعة على ثلاثة محاور:

·    المحور الأول: السعي من أجل تصحيح اللاتوازن الإعلامي الدولي:

يجب أن يناضل الجنوب من أجل تصحيح خريطة الاتصال والإعلام الدولية ( وهو ما كان قد أثير في بداية السبعينات من خلال مجموعة عدم الانحياز، واليونسكو، ولكن أجهضه الغرب)، فإن السعي لإعادة بناء العلاقات الدولية في مجال الثقافة على أسس عادلة، وبهدف تأسيس نظام ثقافي عالمي جديد ـ رغم صعوبة المهمة ـ يشكل لب هذا المحور، حيث يحتكر الغرب حوالي 80% من حجم المعلومات المتدفقة إلى مختلف دول العالم( من خلال وكالات أنبائه الرئيسية الخمس، ومن الضروري إعادة بناء كاملة للعلاقات الدولية بحيث تشمل المجالات الأساسية للحياة الدولية، المادية منها والروحية [38].

وعلى الدول النامية أن تبدأ بنفسها وبنظام الاتصال والتعليم والتدريب عليها، وقبل ذلك تحديد الفلسفة التي تقوم عليها هويتها الثقافية، ووضع سياسات قومية شاملة ترتبط بالأطراف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعلمية، وذلك في مواجهة الخلل بالأطراف الاجتماعية في النظم القومية للاتصال في مواجهة العمل لإقامة نظام عالمي جديد للاتصال والإعلام [39].

ولا تكمن بدائل الهيمنة الثقافية الخارجية في الاكتفاء الذاتي الشامل كسياسة ثقافية، بل يطرح في المقابل الوعي بالوقائع التكنولوجية الجارية والحرص على مستوى رفيع من الانتقائية، والواعية مواصلة الجهود المبذولة في سبيل التعبئة الشعبية للأنشطة المحلية للثقافة والإعلام [40].

·    المحور الثاني: بناء تكامل إعلامي عربي:

كشف هذا التحدي صورة الضعف الكبير للواقع الاتصالي العربي، وهي صورة لا تمنحه فرصة حقيقية لمواجهة تحديات الاتصال الوافد، وفي ظل واقع يستورد العرب فيه 60% من برامج التلفاز من الغرب. ويندرج تحقيق الأمن الإعلامي تحت مظلة تحقيق الأمن القومي العربي وخاصة في شقه الثقافي.

وتصحيح الخلل الإعلامي يقتضي إدراك أهمية الاتصال في الحفاظ على الثقافة والشخصية الاجتماعية، في بناء وعي عربي متحرر يستوعب ويسهم في تطوير الواقع والمساهمة في تنميته، فكلما كان الإعلام الجماهيري أكثر ارتباطاً بثقافة الشعب واستلهاماً لتراثه وخصوصيته، كلما شجع ذلك على الإبداع، وترسيخ القيم الإيجابية للشخصية الاجتماعية، وتعزيز العلاقة الثقافية والاتصال الإعلامي بقدر الترابط بين الواقع وقضاياه، والأرضية الصحيحة لانطلاقة هذا التفاعل تكمن في تحرير الإنسان العربي للمشاركة في تقرير مصيره في إدارة مجتمعه، وهو ما تفتقده معظم المجتمعات العربية، إذا كان العرب يدخلون عصر الحداثة فليكن دخوله من بوابته الصحيحة، وهي بوابة التقدم الحضاري والحريات العامة واحترام حقوق الإنسان. ومن الملاحظ أن الإعلام العربي الحالي، هو إعلام محلي عاجز ضحل، وسلطوي لا تتجاوز مهمته تقديمها كممثلة حقيقية للمجتمع وتطلعاته، لدرجة تخلق الأوهام للدولة نفسها في العالم الثالث حول وظيفتها، ومدى قناعة الجمهور بما يقدم من مبررات أيديولوجية وسياسية لنجاحات وهمية ملماسة، ولكي يتمكن العالم العربي من مواجهة ما نسميه بالغزو الثقافي الوافد، وبالتالي تحقيق الأمن الثقافي العربي، ومواجهة التنميط الثقافي أي تسييد ثقافة واحدة على الثقافات الأخرى، فعليه أولاً مواجهة مشكلات واقع الثقافة العربية، التي تتلخص في التبعية الثقافية، والتجزئة الثقافية التي هي انعكاس للتجزئة السياسية، وغياب التفكير العلمي والمنهجية المنطقية، والثقافة الانقسامية، وانحسار روح الإبداع والاجتهاد، وغياب روح المشاركة والعمل الجماعي، والموات القومي والديمقراطي، وتباين المرجعيات وتناقضاتها [41].

وينبه الجابري إلى أن الدولة القطرية عاجزة عن مواجهة التعامل مع تحديات البث الفضائي بمفردها، ولا يمكن للتصدي لهذه الظاهرة الإمبريالية الجديدة أن يحقق الحد الأدنى من النجاح إلا إذا كانت عملية تحقيق الذات العربية تتم هي الأخرى بنفس السلاح، ولا بد من عمل مشترك في إطار برنامج (عربسات) أو برنامج آخر مماثل، ولا يكفي أن يكون للعرب قناة تلفازية خاصة تبث عبر الأقمار الصناعية، بل لا بد أن تكون برامج هذه القناة في مستوى فكري وفني، يمكنها من اجتذاب المشاهد العربي والتحول من القنوات الأجنبية لها، ليجد فيها المشاهد العربي ما يعبر عن خصوصيته القطرية وهويته العربية وطموحاته الإنسانية [42].

**المحور الثالث: بناء الإنسان:

  يتصل هذا المحور بالمحور السابق، إن إطلاق قوى الإبداع والتحرر والنقد لا ينفصل عن السعي لمواجهة تحديات البث الفضائي، وبناء حياة ديمقراطية سليمة في مواجهة استبداد السلطة، وسطوة المحرمات، وتغيير السياسة الثقافية (التعليم والثقافة والإعلام) فإن الرأي العام لجمهور ديمقراطي واع ناقد، هو خير دفاع ووقاية لوسائل الإعلام في مجتمع حر، من أن تصبح ألعوبة في يد مركز واحد أكبر من مراكز القوى وخاصة الاقتصادية، والسبيل الوحيد الذي يعينه وجود ثقافة ديمقراطية، فمن الجوهري في مجتمعات العالم الثالث ليس فقط نجاح وسائل الإعلام فينا واقتصادياً، بل أيضاً سلامة ميزانها الديمقراطي الثقافي، "إن بناء الإنسان العربي يبدأ بتحريره من كل أنواع المصادرة، فلا نصادر حقه في الحياة، ولا نصادر حقه في المشاكل السياسية، ولا نصادر حقه في المعرفة العلمية والتعليمية والمعلوماتية والصحفية والإخبارية. ولا نصادر حقه في أن يعيش حراً كريماً متمتعاً بنصيبه في الثروة القومية حسب كفاءته، ولا نصادر حقه في الكسب المشروع وفي الضروريات والخدمات. إن البوابة الحقيقية للإصلاح هي إلغاء كل أنواع المصادرات ليأخذ الإنسان العربي حقوقه كاملة [43].

لا إغلاق للنوافذ إذن في التعامل مع البث الوافد، ولكن إعادة تربية الجماهير، وصياغة شخصية تربوية اجتماعية جديدة من خلال ما نطلق عليه التحصيل الثقافي، "التي تستهدف تكوين عقلية استقلالية نافذة لا تقوم على الحفظ والتلقين والطاعة، بقدر ما تقوم على الحوار والتقدير والتساؤل، وتشكيل بنية عقلانية مقاومة للاستهلاك، والسعي باتجاه التوفيق بين حاجات الإنتاج والاستهلاك، أي أهمية المجالات الإنتاجية السياسية والاجتماعية والثقافية، لأن تحرير الثقافة يقتضي تحرير شروطها الموضوعية. ويتصل بناء الإنسان، وتحريره بتحرير المنظمات الشعبية والمهنية، وفي مقدمتها الأحزاب السياسية، وتوفير الحرية الأكاديمية للجامعات وتدويل السلطة. وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية. أي السعي لإقامة حياة ديمقراطية سليمة مرتبطة أساساً بتغير وجه المعاملة الاجتماعية المختلفة حالياً على المستوى القطري.

وعلى المستوى الإعلامي، فإنه يجب تحرير الإعلام العربي من قبضة الخضوع لسياسة الحزب الحاكم لجعله إعلاماً لكل المواطنين، ولا تحتكره القلة على حساب الأغلبية، ومن الناحية التقنية فإننا يجب أن نشارك في عصر الأقمار الصناعية بتخصيص قمر خاص (أعلن عن ذلك مؤخراً)، وتنشيط دور الإعلام التلفازي الإقليمي ليغطي جميع أنحاء البلاد، وقد قطع الإعلام المصري شوطاً طيباً في هذا الصدد. وفي هذا الصدد يجيء إطلاق أول قناة فضائية عربية من القاهرة منذ أربع أعوام للمشاركة في عصر البث الفضائي. يكمل هذا السعي رفع مستوى برامج التلفاز العربي عموماً لجذب المشاهدين في سباق المنافسة الاتصالية، وتوفير التعددية الإعلامية في وسائل الإعلام المذكورة لينهي احتكار السلطة للإعلام، أو يقلص من حجمه في حدوده الدنيا.

يلخص مسؤول عربي الموقف ـ برؤية عقلانية متوازنة، فيقول: "إن الثقافة الوطنية مدعوة ليس إلى الاحتماء بردود أفعالها التقليدية في مواجهة المثيرات الجديدة، بل هي مدعوة إلى المشاركة في صنع ثقافة المجتمع الدولي الجديد. إن مجيء الصورة مع الصوت هذه المرة، يمكن أن يدفع في ثقافتنا حمى المقابلة بين كيفية تشغيل الحضارة الغربية لآليات نموها وتقدمها، وإمكانيات تشغيل هذه الآليات في ثقافتنا كي تبدع منجزات تثري الحياة الإنسانية في المجتمع الجديد، لا أن تتخندق ضد مد الثقافة العالمية. إن ما نحن بحاجة إليه هو أن يحدث التفاعل المنتج الجدلي بين ما لدينا وما لدى الآخرين يحول الأضداد إلى مركب جديد فاعل" [44].

وربما بينت خبرات ثقافية سابقة أن التخوف من تأثير البث الأجنبي على الهوية الثقافية ـ وإن كان له ما يبرره ـ إلا أنه يجب أن يوضع في حجمه الصحيح، وأن نستجيب الاستجابة اللائقة بالتحدي، وأن ننتهز الفرصة كي نعيد النظر في حياتنا الثقافية العربية، وفي مدلولاتها السياسية من منطلق الإيمان بـ (حرية أكبر، تسلط أقل).

هوامش الدراسة

1 ـ صلاح الدين حافظ* الهوية الثقافية الوطنية وتكنولوجيا الإعلام، ندوة الهيئة العامة للاستعلامات ومركز الدراسات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية، الهوية الثقافية الوطنية وتكنولوجيا الاتصال.

2 ـ نسمة البطريق* نظرية الإعلام المرئي والمسموع لدراسة في المدخل الاجتماعي دار الفكر العربي، القاهرة 1987، ص 119.

3 ـ حمدي قنديل* البث المباشر غزو ثقافي ولكن ...، ندوة الإعلام العربي والبث المباشر (أساليب مواجهة الثورة الالكترونية الإعلامية، جامعة الدول العربية، وزارة الإعلام المصرية، ومؤسسة فريدرش ايبرت الألمانية، القاهرة 10-13 يوينو 1990.

4 ـ راجع في شرح تطورات الثورة الإعلامية على سبيل المثال:

SAPDSKY  M.  HARVEY (EDIT),  THE TELE COMMUNICATION** 

REVOLUTION,   ROUTLEDGE, LONDON, 1992

ولشرح مضمون وسمات عصر الصورة راجع:

ABRAHAM,  A. MOLES, L'  AFFICHEDANS LA SOCIELE, ARBAINE, DUNCD, PARIS, 1970, P,4.

وإن تحفظ البعض على هذه النتيجة، حيث خلصت إحدى الدراسات إلى أن الجرائد والسينما تعتبران أهم وسيلتي اتصال في المنطقة العربية، وخاصة لدى طلاب الشباب على الرغم من منافسة الوسائل البصرية الحديثة في مقابل تضاؤل مكانة الإذاعة العربية والمجلات والدوريات المتخصصة، راجع:

* عزى عبد الرحمن* ثقافة الطلبة والوعي الحضاري ووسائل الاتصال (حالة الجزائر)، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، اكتوبر 1992، وراجع أيضاً: عبد السلام بنعبد العالي* ميثولوجيا الواقع، دار تويقال للنشر، الدار البيضاء 1999.

5 ـ السيد يس* التحليل الثقافي لأزمة الخليج، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، يونيو 1991.

6 ـ سعد لبيب* الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصال، مجلة الدراسات الإعلامية، المركز العربي للدراسات الإعلامية، ع (74)، القاهرة يناير 1994.

7 ـ نبيل علي* العرب وعصر المعلومات، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ع (184)، الكويت 1994، ص. 40-42.

8 ـ المرجع السابق* ص 102، ص144.

9 ـ سعد لبيب* الإعلام الإذاعي وعالمية الاتصال، مجلة الدراسات الإعلامية المركز العربي للدراسات الإعلامية، ع (65)، القاهرة، أكتوبر 1991.

10ـ خير الدين عبد اللطيف محمد* بعض الأوجه السياسية والقانونية لثورة الاتصال الحديثة، مجلة السياسة الدولية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، ع (116) القاهرة، ابريل 1994.

11ـ هربرت شيلر* الاتصال والهيمنة الثقافية، ترجمة وجيه سمعان عبد المسيح، سلسلة الألف كتاب الثاني، ع (135)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1993، ص 67.

12ـ جوزيف فتشت* امبراطوريات وسائل الإعلام هل هي شر لا بد منه؟ مجلة رسالة اليونسكو، منظمة اليونسكو (الطبعة العربية) القاهرة سبتمبر 1990.

13ـ سعد لبيب* الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصال، مجلة دراسات إعلامية، مرجع سابق.

14ـ فريدريكو مايور ثاراجوتا* نظرة في مستقبل البشرية، ترجمة محمود علي مكي، الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، القاهرة 1990.

15ـ محسن خضر* حق المواطن العربي في الاتصال، مجلة الفكر العربي، معهد الإنماء العربي، ص (14) ع (74)، بيروت خريف 1993.

16ـ ماريو فرجاس للوسا* معركة ثقافية، مجلة رسالة اليونسكو، عدد خاص (وسائل الإعلام: سبل التواصل إلى حرية الإعلام)، القاهرة، سبتمبر 1990.

17ـ فورتن جيرسنخ* اليونسكو وحرية التعبير، المرجع السابق.

18ـ صلاح الدين حافظ* الهوية الثقافية الوطنية وتكنولوجيا الإعلام، مرجع سابق.

19ـ إبراهيم سعد الدين* النظام الدولي وآليات التبعية، مجلة المستقبل العربي، ع (90)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت أغسطس 1986.

20ـ هربرت شيلر* الاتصال والهيمنة الثقافية، مرجع سابق، ص 21.

21ـ مسعود ضاهر* مجابهة الغزو الثقافي الإمبريالي الصهيوني للمشرق العربي، سلسلة مواجهة الغزو الثقافي، منشورات المجلس القومي للثقافة العربية. الرباط 1989، ص 65.

22ـ سيرج لاتوش* تغريب العالم، ترجمة خليل كلفت، كتاب العالم الثالث، دار العالم الثالث، القاهرة 1992.

23ـ الفين توفلر* تحول السلطة بين العنف والثروة والمعرفة، ترجمة د. فتحي بن شتوان ونبيل عثمان، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، مصراته 1992، ص 429.

24ـ هربرت شيلر* الاتصال والهيمنة الثقافية، مرجع سابق، ص 83.

25ـ سيرج لارتوش* تغريب العالم. مرجع سابق، ص 30.

26ـ هربرت شيلر* الاتصال والهيمنة الثقافية، مرجع سابق، ص 95.

27ـ محمد عابد الجابري* الاختراق الثقافي: وسائله وفلسفته، صحيفة الشرق الأوسط، لندن في 22/2/1994.

28ـ مسعود ضاهر* مجابهة الغزو الثقافي الإمبريالي الصهيوني للمشرق العربي، مرجع سابق، ص 48.

29ـ مجدي أحمد حجازي، الإعلام العربي وأزمة التغريب الثقافي رؤية في سوسيولوجية الاتصال، ندوة الهوية الثقافية الوطنية وتكنولوجيا الاتصال، مرجع سابق،

30ـ المهدي المنجرة الحرب الحضارية الأولى، دار الثقافة، الرباط 1991.

31ـ هربرت شيلر* المتلاعبون بالعقول، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ع (106)، الكويت أكتوبر 1986. ص  13-33.

32_HERRARA A.O., A NEW  RCLE FOR TECHNOLOGY MAZINGIRO OXFORD , N8 ,1979 P, 35,

وراجع أيضاً: جان ريمي ديلباج (وآخرين): التلفزيون الدماغ سجيناً، ترجمة محمد قصيبات، مجلة الثقافة العالمية، عدد 89، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يوليو 1998.

33ـ محمد عابد الجابري* الصراع الأيديولوجي والثقافة القومية، صحيفة الشرق الأوسط، لندن 21/2/1994.

34ـ نسمة البطريق* نظرية الإعلام المرئي المسموع، مرجع سابق، ص 132.

35ـ نبيل علي: العرب وعصر المعلومات، مرجع سابق، ص  107-108.

36ـ محمد عابد الجابري* الاختراق الثقافي وسائله وفلسفته، مرجع سابق.

37ـ ماريو فرجاس للوسا* معركة ثقافية، مرجع سابق.

38ـ نسمة البطريق* نظرية الإعلام المرئي والمسموع، مرجع سابق ص 157.

39ـ انشراح الشال* علاقة الطفل بالوسائل المطبوعة الإلكترونية، دار الفكر العربي، القاهرة 1987، ص 93 – ص 103.

40ـ جان ماكس بونيه* تكنولوجيات الإعلام الحديثة وتكنولوجيات أجهزة المخابرات، ندوة الهوية الثقافية الوطنية وتكنولوجيا الاتصال، القاهرة 2-3 نوفمبر 1991.

41ـ معن النفري* التقدم العلمي التقني والحياة الثقافية في البلدان النامية، مجلة الفكر العربي، معهد الإنماء العربي، ع 70، بيروت 1992.

42ـ خير الدين عبد اللطيف* بعض الأوجه السياسية والقانونية لثورة الاتصال الحديثة، مرجع سابق.

43ـ هربرت شيلر* الاتصال والهيمنة الثقافية، مرجع سابق ص ص 98-99.

44ـ مجدي أحمد حجازي* الإعلام العربي وأزمة التغريب الثقافي، مرجع سابق.

45ـ خير الدين عبد اللطيف* بعض الأوجه السياسية والقانونية لثورة الاتصال الحديثة.

46ـ محمد عابد الجابري* مستقبل الفكر العربي وإشكالية التقدم والوحدة، مجلة شؤون عربية، جامعة الدول العربية، تونس سبتمبر 1987م، راجع نقد شامل للسياسة الاتصالية العربية في:

محمد مصالحة: السياسة الإعلامية الاتصالية في الوطن العربي، دار شروق، لندن 1986.

47ـ انظر ورقتنا في هذه الجزئية: محسن خضر: الدور المستقبلي لمصر ومسؤوليات المؤسسة الثقافية المصرية، مؤتمر مصر عام 2000، المؤتمر التاسع (الثروة البشرية في مصر، جمعية أصدقاء العلميين المصريين في الخارج، القاهرة 29-31 ديسمبر 1990.

48ـ أحمد صبحي منصور* في السياسة بين الممكن والمستحيل، صحيفة الأهالي، القاهرة 1/6/1994.

49ـ ممدوح البلتاجي* أزمة هوية أم عجز عن ممارسة الحرية، ندوة الهوية الثقافية الوطنية وتكنولوجيا الاتصال الهيئة العامة للاستعلامات مرجع سابق، وراجع أيضاً في هذه النقطة:

ـ ندوة صراع الحضارات أم حوار الثقافات، ندوة منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية، القاهرة (10-12 مارس 1997).

 


آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة