شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يتناول هذا الملف جانباً فكريًّا من تراث الراحل سماحة السيد فضل الله لهذا الجيل وللأجيال الآتية، من المؤكد أنه سيصبح رافداً ملهماً ومحلّ نقاش داخل الأوساط العلمية والثقافية. فلقد شاءت سنة الله أن موت الكبار يمنح فكرهم اهتماماً فائقاً. فحينما يغيب الجسد يتكثّف حضور المعنى. كان سماحته رائداً من رواد الفكر، شكَّلت أفكاره في مجال النهضة والحركة الإسلامية نقلة كبيرة تحوَّل بموجبها الفكر الحركي إلى كثير من العقلانية والإيجابية والواقعية. معه تعمّق المعنى لكنه صاغه في قالب من السهل الممتنع. لكن يظل أهم ما طبع مسيرة الرجل في أواخر عمره تفجيره لكثير من التساؤلات والأسئلة التي شاء لها أن تتعدى كل الحلول وتخترق كافة الطابوهات، إيماناً راسخاً منه بأن ذلك ضرورة لتحريك ماكينة الفكر والتفكير في أوساط غلب عليها الاكتفاء وتراخت عندها عزيمة الاجتهاد. في اعتقادنا أن الاجتهاد مطلوب والنظر مطلوب والنظّر بدل الاكتفاء هو علّة بقاء الدين وتكيّفه مع مشكلات واستشكالات الناس في كل العصور والأجيال. لا خطر على الدين إلَّا من الجمود والاكتفاء وقمع السؤال. وفي اعتقادنا أن المسألة هنا لا تكمن فقط في المكتسبات الفكرية والنتائج العلمية التي خلص إليها سماحته، بل الأهم في كل ذلك هو التدريب المستمر للعقل الاسلامي لكي يتجرّأ على السؤال ويصبر على الاستشكال والخلاف. لقد زجّ الراحل (رحمه الله) بالفقهين الأكبر والأصغر في دنيا الناس، معتبراً شروط واقعهم وجاسًّا نبض معيشهم ومراقباً للتطور الذهني للمجتمعات العربية والإسلامية والعالمية. لقد كان واقعيًّا جدًّا بقدر ما كان عالميًّا جدًّا. ومن هنا بات واضحاً أنه حتى الذين اختلفوا معه عزّ عليهم أن يعدموا حضوره بين الناس ويمنعوا صوته من الاستمرارية. ذلك لأنه كان إيجابيًّا في ممارسة المغايرة، متسامحاً مع المختلف، أخلاقيًّا في تدبير خلافه مع الآخر، ومتمسكاً برساليته التي منعته من أن يتصاغر عنده الخلاف ويخضع للاستفزاز. كان نهجه أن نطرح الإسلام كبيراً؛ كبيراً حتى يفهمه العالم. إن مداه لا يتحدد بحارة أو قطر أو إقليم أو طائفة، بل اختار الفضاء الأوسع والمدى الأبعد في أطاريحه؛ فكان لهذا السبب تحديداً عالميًّا ومستقبليًّا، وهما قوام الواقعية ومصدر نجاح ونفوذ خطابه. اتضح بعد ذلك أن الذين نعوه لم ينحصروا في اتجاه ولا في بيئة ولا في قوم، فلقد نعاه المسلمون بكل طوائفهم والعرب بكل مكوّناتهم وكذلك الكثير من الشخصيات العالمية التي منحته التقدير والاحترام.
هذا الذي بين أيدينا لا يعدو أن يكون ملفًّا متواضعاً لا يفي بكل الغرض؛ حيث تراث السيد فضل الله أوسع وأكبر. لكننا نتشرف بهذا الصنيع المتواضع تكريماً وعزاءً في حق شخص ربّى وعلّم، وارتقى بالعمل الإسلامي والفكر الإسلامي المعاصر إلى مدارك أخرجته من كثير من مظاهر الانسداد. ولا يسعنا إلَّا أن نشكر من ساهم من الإخوة الذين تعاونوا معنا لتحقيق هذا الملف.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.